أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 237

جلسة 17 من يناير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: نائب رئيس المحكمة عبد المنصف أحمد هاشم وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة وعبد العال السمان.

(41)
الطعن رقم 902 لسنة 60 القضائية

(1) التزام، تنفيذ الالتزام. مقاولة.
حق الجهة الإدارية في توقيع غرامات تأخير على المقاول في حالة التأخير في تنفيذ الأعمال المتعاقد عليها. احتساب نسبة الغرامة من قيمة أعمال المقاولة المتعاقد عليها جميعاً. شرطه. أن يكون التأخير ذا أثر على الانتفاع الكامل بهذه الأعمال. تخلف ذلك. أثره. احتساب هذه النسبة على قيمة الجزء المتأخر من الأعمال وحده.
(2) حكم. الطعن في الحكم، الخطأ المادي. نقض ما لا يندرج تحت أسباب الطعن: أسباب متنوعة.
الخطأ المادي في الحكم. سبيل تصحيحه. م 191 مرافعات عدم صلاحيته سبباً للطعن بالنقض.
1 - النص في المادة 26 من قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 وفي المادة 81 من اللائحة التنفيذية الصادر بها قرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 يدل على أن المشرع أجاز للجهة الإدارية المتعاقدة في حالة تأخير المقاول في تنفيذ الأعمال المتعاقد عليها عن موعدها المحدد أن توقع عليه غرامات تصل نسبتها إلى 15% من قيمة المقاولة كلها أو من قيمة الأعمال المتأخرة فقط، بمجرد وقوع المخالفة التي تقررت الغرامة جزاء لها، إلا أن ذلك ليس معناه أن المشرع أطلق يد الجهة الإدارية في تحديد أساس الغرامة وتقدير قيمتها بحيث يكون لها في جميع الأحوال السلطة في احتساب نسبة الغرامة التي تقدرها من قيمة أعمال المقاولة المتعاقد عليها جميعاً وإن شاءت قصرتها على الأعمال المتأخرة وحدها. وإنما سلطتها في ذلك مقيدة بما يفيده نص المادة 81 من اللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر من ضرورة مراعاة أثر التأخير الجزئي في الانتفاع بالأعمال التي تمت على الوجه الأكمل عند تقدير قيمة الغرامة، فإن كان ذلك التأخير ذا أثر على الانتفاع الكامل بهذه الأعمال فتحتسب نسبة الغرامة التي تقدرها الجهة الإدارية - بما لا يجاوز 15% من قيمة أعمال المقاولة جميعها وإن لم يكن الأمر كذلك اقتصرت هذه النسبة على قيمة الجزء المتأخر من الأعمال وحده.
2 - ما وقعت فيه محكمة الاستئناف من خطأ حسابي ترتب على خطأ الخبيرة المنتدبة في عملية طرح قيمة غرامة التأخير التي قدرتها بمبلغ 320 مليماً 768 جنيهاً من مستحقات المطعون ضدها البالغة 2436.926 جنيهاً بما أسفر عن زيادة المبلغ المحكوم به بمقدار 200 جنيه، لا يصلح سبباً للطعن بالنقض إنما السبيل إلى تصحيح هذا الخطأ طبقاً لما نصت عليه المادة 191 من قانون المرافعات يكون بقرار تصدره المحكمة التي أصدرت الحكم من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 2039 لسنة 1986 مدني أسيوط الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنين بصفتيهما متضامنين بأن يؤديا مبلغ 926 مليماً و2436 جنيهاً، وقالا بياناً لذلك أن مديرية الإسكان بأسيوط قد أسندت إليهما عمليتي إنشاء دورتي المياه وخزانات الصرف الخاصة بالمسجدين المبينين بالصحيفة على أن يتم التنفيذ بالنسبة لأعمال دورتي المياه خلال أربعة أشهر وبالنسبة لخزانات الصرف خلال ستة أشهر طبقاً لشروط التعاقد وقد تم تسليم أعمال دورتي المياه في الموعد المحدد وتأخر التسليم بالنسبة لأعمال خزانات الصرف عن موعده لأسباب خارجة عن إرادتيهما دون أن ينجم عن هذا التأخير ضرر ما ثم فوجئا بخصم مبلغ 926 مليماً و2436 جنيهاً كغرامات تأخيرية عن القيمة الإجمالية المستحقة لهما عن أعمال المقاولة، وهذا ما حدا بهما إلى إقامة الدعوى بطلبهما سالف البيان. دفع الطاعنان بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى لتعلق النزاع بعقد إداري. وبتاريخ 18 من فبراير سنة 1987 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع وبندب خبير، وبعد أن قدمت الخبيرة المنتدبة تقريرها عادت فحكمت بتاريخ 29 من مارس سنة 1989 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 351 لسنة 64 قضائية. وبتاريخ 9/ 1/ 1990 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى وبإلزام الطاعنين بصفتيهما بأن يؤديا للمطعون ضدهما مبلغ 60 مليماً و1868 جنيهاً. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة ورأت أنه جدير بالنظر حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان أنه قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى لتعلق النزاع بعقد إداري - واستند في ذلك إلى أن العقد المبرم بين الطرفين لا يتصل بتسيير مرفق عام أو تنظيمه لأنه يتعلق بإنشاء دورتي مياه لمسجدين فتعتبر المنازعة الناشئة عنه من المنازعات المدنية التي تختص بها المحاكم العادية، هذا في حين أن دور العبادة والمساجد تعتبر من المرافق العامة وبالتالي فإن عملية إنشاء دورتي مياه المسجدين التي انصب عليها العقد تتصل بتسيير وتنظيم مرفق عام وقد اتجهت إرادة جهة الإدارة إلى الأخذ بأسلوب القانون العام في العقد بإجرائه عن طريق مناقصة عامة طبقاً لأحكام قانون المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية وضمنته شروطاً استثنائية وغير مألوفة بما تتوافر معه مقومات العقد الإداري خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من تكيفه له بأنه عقد مدني الذي رتب عليه قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي، وفي ذلك ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأنه لما كان الثابت أن الطاعنين قد سبق لهم سحب العقدين محل النزاع من ملف الدعوى بعد صدور الحكم المطعون فيه ولم يقدماهما في الطعن لتحقق محكمة النقض من صحة ما يدعيانه من احتوائه على شروط استثنائية وغير مألوفة تتوافر بها فيه مقومات العقد الإداري، فإن نعيهما بهذا السبب يكون مفتقراً إلى الدليل وغير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أنه احتسب غرامة التأخير بنسبة 10% من قيمة أعمال خزانات الصرف التي تأخر المطعون ضدهما في تنفيذها وقدرها بمبلغ 320 مليماً و768 جنيهاً استناداً إلى تقرير الخبيرة المنتدبة الذي أخذ به في حين أنه كان يتعين احتساب هذه النسبة من القيمة الإجمالية لأعمال المقاولة كلها ومقدار ذلك 926 مليماً و2436 جنيهاً وهو المبلغ الذي استقطعته جهة الإدارة من مستحقات المطعون ضدهما طبقاً لنص المادة 29 من قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 والمادة 81 من لائحته التنفيذية الصادر بها قرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 اللتان تخولانها حق توقيع غرامات عن مدة التأخير في عقود المقاولات تصل نسبتها إلى 15% من القيمة الإجمالية أو قيمة الأعمال المتأخرة حسبما تراه ولو لم يترتب على التأخير أي ضرر، هذا إلى أن الخبيرة قد وقعت في خطأ حسابي عند استنزالها قيمة الغرامة التي قدرتها من المبلغ الذي استقطعته جهة الإدارة مما أدى إلى زيادة مستحقات المطعون ضدهما بمقدار 200 جنيه ولم يفطن الحكم المطعون فيه إلى هذا الخطأ حين قضى لهما بمبلغ 326 مليماً و1868 جنيهاً بما اشتمل عليه زيادة، وفي هذا ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول ذلك بأن النص في المادة 26 من قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 على أن إذا تأخر المتعاقد في تنفيذ العقد عن الميعاد المحدد له للسلطة المختصة إذا اقتضت المصلحة العامة إعطاء المتعاقد مهلة إضافية لإتمام التنفيذ على أن توقع عليه غرامة عن مدة التأخير بالنسب وطبقاً للأسس التي تبينها اللائحة التنفيذية وينص عليها في العقد بحيث لا يجاوز مجموع الغرامة 15% بالنسبة لعقود المقاولات و4% بالنسبة لعقود التوريد وتوقع الغرامة بمجرد حصول التأخير.. وفي المادة 81 من اللائحة التنفيذية الصادر بها قرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 على أن.. وتحسب الغرامة من قيمة ختامي العملية جميعها إذا رأت جهة الإدارة أن الجزء المتأخر يمنع الانتفاع بما تم من العمل بطريق مباشر أو غير مباشر على الوجه الأكمل في المواعيد المحددة. أما إذا رأت جهة الإدارة أن الجزء المتأخر لا يسبب شيئاً من ذلك فيكون حساب الغرامة بالنسب، والأوضاع السابقة من قيمة الأعمال المتأخرة فقط... يدل على أن المشرع أجاز للجهة الإدارية المتعاقدة في حالة تأخير المقاول في تنفيذ الأعمال المتعاقد عليها عن موعدها المحدد أن توقع عليه غرامات تصل نسبتها إلى 15% من قيمة المقاولة كلها أو من قيمة الأعمال المتأخرة فقط، بمجرد وقوع المخالفة التي تقررت الغرامة جزاء لها، إلا أن ذلك ليس معناه أن المشرع أطلق يد الجهة الإدارية في تحديد أساس الغرامة وتقدير قيمتها بحيث يكون لها في جميع الأحوال السلطة في احتساب نسبة الغرامة التي تقدرها من قيمة أعمال المقاولة المتعاقد عليها جميعاً وإن شاءت قصرتها على الأعمال المتأخرة وحدها. وإنما سلطتها في ذلك مقيدة بما يفيده نص المادة 81 من اللائحة التنفيذية للقانون سالف الذكر من ضرورة مراعاة أثر التأخير الجزئي في الانتفاع بالأعمال التي تمت على الوجه الأكمل عند تقدير قيمة الغرامة، فإن كان ذلك التأخير ذا أثر على الانتفاع الكامل بهذه الأعمال فتحتسب نسبة الغرامة التي تقدرها الجهة الإدارية - لا يجاوز 15% من قيمة أعمال المقاولة جميعها وإن لم يكن الأمر كذلك اقتصرت هذه النسبة على قيمة الجزء المتأخر من الأعمال وحده. لما كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبيرة المنتدبة الذي يعول عليه الحكم المطعون فيه أن التأخير في أعمال المقاولة انحصر في عملية خزانات الصرف لدورتي المياه (البيارات) وإنه لم يترتب على ذلك إخلال بالانتفاع بالأعمال التي تمت حيث قام المقاول بإنشاء خزانات تحليل لتصريف مياه هاتين الدورتين إلى حين إتمام الأعمال المتأخرة وانتهى هذا التقرير إلى أن غرامة التأخير التي قدرتها الجهة الإدارية بنسبة 10% يجب احتسابها من قيمة الأعمال المتأخرة فقط وليس من القيمة الإجمالية لعملية المقاولة كلها كما فعلت تلك الجهة، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بما جاء بالتقرير المذكور في هذا الخصوص فإنه أصاب صحيح القانون ومن ثم يكون النعي عليه بهذا الشق على غير أساس. والشق الثاني من هذا النعي غير مقبول ذلك بأن ما وقعت فيه محكمة الاستئناف من خطأ حسابي ترتب على خطأ الخبيرة المنتدبة في عملية طرح قيمة غرامة التأخير التي قدرتها بمبلغ 320 مليماً و768 جنيهاً من مستحقات المطعون ضدهما البالغة 926 مليماً و2436 جنيهاً بما أسفر عن زيادة المبلغ المحكوم به بمقدار 200 جنيه فإنه لا يصلح سبباً للطعن بالنقض إنما السبيل إلى تصحيح هذا الخطأ طبقاً لما نصت عليه المادة 191 من قانون المرافعات يكون بقرار تصدره المحكمة التي أصدرت الحكم من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.