أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1419

جلسة 12 من مايو سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد العزيز الجندي، مصطفى قرطام، جلال الدين أنس وأحمد كمال سالم.

(257)
الطعن رقم 41 لسنة 49 القضائية

(1) أحوال شخصية. محكمة الموضوع.
(1) تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها، استقلال محكمة الموضوع بتقديره. خلو أقوال الشهود مما يفيد أن ما شهدوا به كان بطريق التسامع. النعي على شهادتهم بعدم استيفائها شروط الصحة. خطأ.
(2) استئناف. أحوال شخصية. إثبات. محكمة الموضوع.
(2) الأثر الناقل للاستئناف. م 317 من اللائحة، إحالة محكمة الاستئناف الدعوى إلى التحقيق لتكوين عقيدتها، لا يحول دون استنادها إلى أقوال الشهود أمام محكمة أول درجة دون أقوالهم أمامها. عله ذلك.
(3) أحوال شخصية. إثبات "إجراءات الإثبات". قانون. تزوير. محكمة الموضوع.
(3) إجراءات الطعن في صحة الأدلة الخطية، وجوب الرجوع في شأنها إلى قانون الإثبات بعد إلغائها في اللائحة. للمحكمة من تلقاء نفسها أن تقضي برد وبطلان أية ورقة ولو لم يدع أمامها بالتزوير. م 58 إثبات.
1 - المقرر في قضاء محكمة النقض أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها وسلطة الترجيح بين البينات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيها هو ما تستقل به محكمة الموضوع طالما لم تخرج عن مدلولها، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتد في قضائه بشهادة شهود المطعون ضدها الأولى أمام محكمة أول درجة الذين أجمعوا على أن المتوفى لم يترك ورثة سوى شقيقته المذكورة وزوجته المطعون ضدها الثانية وأن الطاعن وباقي من يدعون العصبة لا يمتون إلى المتوفى بأية قرابة، وبذلك تكون شهادتهم قد طابقت الدعوى، وإذ خلت أقوالهم مما يفيد علمهم أن ما شهدوا به كان بطريق السماع ممن استشهدت بهم، فإن النعي على شهادتهم بعدم استيقائها شروط الصحة يكون على غير أساس.
2 - إذ كان الاستئناف - وعلى ما يجري به نص المادة 317 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية - يعيد الدعوى إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف، فإن إحالة المحكمة الاستئنافية الدعوى إلى التحقيق لا يحول دون حقها في الأخذ بأقوال الشهود الذين سمعت شهادتهم أمام محكمة أول درجة باعتبار أنها تبقى مطروحة عليها ضمن سائر البينات المقدمة في الدعوى، لا يغير من ذلك أن تكون قد أوردت في حكمها بالإحالة إلى التحقيق أن أوراق الدعوى ومستنداتها لا تكفي لتكوين عقيدتها لأنه فضلاً عما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن القاضي لا يتقيد بما يكون قد شف عنه حكم التحقيق من اتجاه في الرأي فإن مقصود هذا البيان قد ينصرف إلى تهيئة فرصة جديدة للطاعن ليثبت ما يدعيه من صلة قرابة بالمتوفى، فلا يمنعها ذلك متي استكملت الدعوى عناصرها من أن تعدد الأدلة المقدمة فيها في كافة مراحلها وأن ترجح منها ما يطمئن إليه وجدانها لتخلص إلى وجه الحق في الدعوى.
3 - إذا كانت المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية توجب اتباع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص هذه المحاكم عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها، وكانت المواد الواردة بهذه اللائحة وتنظيم إجراءات الطعن في صحة الأدلة الخطية ألغيت بالمادة 13 من هذا القانون فيتعين الرجوع في شان تلك الإجراءات إلى القواعد المقررة في قانون الإثبات الذي حل فيها محل قانون المرافعات، لما كان ذلك وكان مؤدى نص المادة 58 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أنه لا يشترط لاستعمال المحكمة الرخصة المخولة لها في هذه المادة أن يكون قد ادعى أمامها بتزوير الورقة التي قضت بتزويرها إذ أن نصها صريح في تخويلها الحق في أن تحكم برد أية ورقة وبطلانها إذا ظهر لها بجلاء من حالها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة ولو لم يدع أمامها بالتزوير وفق الإجراءات المرسومة لها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 19 لسنة 1975 أحوال شخصية نفس أمام محكمة الزقازيق الابتدائية طالبة الحكم بثبوت وفاة المرحوم....... في 6/ 1/ 1974وانحصار إرثه في زوجته المطعون ضدها الثانية وتستحق ربع تركته فرضاً وفيها هي بصفتها أخته الشقيقة وتستحق باقي تركته فرضاً ورداً، وبعدم الاعتداد بالإعلام الشرعي الصادر بتاريخ 26/ 1/ 1974 في مادة الوراثة رقم 103 لسنة 1974 بلبيس.
وقالت شرحاً لدعواها إن المرحوم...... توفى بتاريخ
6/ 1/ 1974 وترك العقارات الموضحة بالصحيفة وانحصر إرثه في زوجته المطعون ضدها الثانية وفيها دون شريك ولا وارث له سواهما. وإذ استصدر الطاعن وباقي المدعى عليهم الإعلام الشرعي السالف الذكر بأنهم بصفتهم أبناء عم المتوفى الشقيق يستحقون ربع تركته تعصيباً بالسوية بينهم، مع أنهم ليسوا من قرابته، فقد أقامت الدعوى بطلباتها. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماعها شهود الطرفين حكمت بتاريخ 4/ 2/ 1978 بإبطال الإعلام الشرعي رقم 203 لسنة 1974 وراثات بلبيس، وبإثبات وفاة المرحوم...... وانحصار إرثه الشرعي في زوجته المطعون ضدها الثانية وتستحق ربع تركته فرضاً وفي أخته الشقيقة المطعون ضدها الأولى وتستحق نصف تركته فرضاً والباقي رداً. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 5 سنة 21 ق المنصورة "مأمورية الزقازيق". وبتاريخ 14/ 6/ 1978 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماعها أقوال الشهود عادت فحكمت بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأبدت النيابة الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم رجح بينة تنفي قرابته رغم أنها سماعية وقاصرة وأن بينة إثباتها هي الأولى بالترجيح لما هو مقرر شرعاً من أن البينة المثبتة للزيادة تتقدم على البينة النافية لها، وأن المحكمة الاستئنافية قررت في حكمها القاضي بالإحالة إلى التحقيق بأن هذه البينة النافية لا تكفي لتكوين عقيدتها، وأما ما قدم من بينة بعد ذلك فغير جائز القبول شرعاً لكذب الشاهد الأول في نفيه الارتباط بالمطعون ضدها الأولى بأية صلة بينما ثبت أنه زوج ابنتها، لأن شهادة الثاني جاءت نقلاً عنها، وبذلك يكون الحكم قد خالف القانون بقصره حق الإرث على زوجة المتوفى وشقيقته رغم أنه وباقي أولاد عمومه المتوفى يستحقون باقي تركته تعصيباً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها وسلطة الترجيح بين البيانات واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيما هو مما تستقل به محكمة الموضوع طالما لم تخرج عن مدلولها، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتد في قضائه بشهادة شهود المطعون ضدها الأولى أمام محكمة أول درجة الذين أجمعوا على أن المتوفى لم يترك ورثة سوى شقيقته المذكورة وزوجته المطعون ضدها الثانية وأن الطاعن وباقي من يدعون العصبة لا يمتون إلى المتوفى بأية قرابة، وبذلك تكون شهادتهم قد طابقت الدعوى، وإذ خلت أقوالهم مما يفيد علمهم أن ما شهدوا به كان بطريق السماع ممن استشهدت بهم، فإن النعي على شهادتهم بعدم استيفائها شروط الصحة يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان الاستئناف - وعلى ما يجري به نص المادة 317 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية - يعيد الدعوى إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فإن إحالة المحكمة الاستئنافية الدعوى إلى التحقيق لا يحول دون الأخذ بأقوال الشهود الذين سمعت شهادتهم أمام محكمة أول درجة باعتبار أنها تبقى مطروحة عليها ضمن سائر البيانات المقدمة في الدعوى، ولا يغير من ذلك أن تكون قد أوردت في حكمها بالإحالة إلى التحقيق أن أوراق الدعوى ومستنداتها لا تكفي لتكوين عقيدتها لأنه فضلاً عما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن القاضي لا يقيد بما يكون قد شف عنه حكم التحقيق من اتجاه في الرأي فإن مقصود هذا البيان قد ينصرف إلى تهيئة فرصة جديدة للطاعن ليثبت ما يدعيه من صفة قرابة بالمتوفى، فلا يمنعها ذلك متى استكملت الدعوى عناصرها من أن تقدر الأدلة المقدمة فيها في كافة مراحلها وأن ترجح منها ما يطمئن إليه وجدانها لتخلص إلى وجه الحق في الدعوى، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه لم يعتمد في قضائه على ما شهد به شاهدا المطعون ضدها الأولى أمام محكمة الدرجة الثانية فإن مجادلة الطاعن في عدم استيفاء شهادتهما شروط الصحة شرعاً تكون واردة على غير مورد ويكون النعي عليه في هذا السبب على غير أساس.@
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضدهما صادقتا عند ضبط إعلام الوراثة على وراثته وآخرين للمتوفى وهو إقرار قضائي ثبت بورقة رسمية فلا يبطل إلا بالطعن فيه بالتزوير، إذ لم يعتد به الحكم رغم عدم اتباع إجراءات الادعاء بالتزوير، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة الخامسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية توجب اتباع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص هذه المحكمة عدا الأحوال التي وردت بشأنها قواعد خاصة في لائحة ترتيب المحاكم الشرعية أو القوانين الأخرى المكملة لها، وكانت المواد الواردة بهذه اللائحة وتنظيم إجراءات الطعن في صحة الأدلة الخطية ألغيت بالمادة 13 من هذا القانون فيتعين الرجوع في شأن تلك الإجراءات إلى القواعد المقررة في قانون الإثبات الذي حل فيها محل قانون المرافعات، لما كان ذلك، وكانت المادة 58 من قانون الإثبات الصادر به القانون رقم 25 لسنة 1968 تنص على أنه "يجوز للمحكمة - ولو لم يدع أمامها بالتزوير بالإجراءات المتقدمة - أن تحكم برد أي محرر وبطلانه إذا ظهر لها بجلاء من حالته أو من ظروف الدعوى أنه مزور، ويجب عليها في هذه الحالة أن تبين في حكمها الظروف والقرائن التي تبينت منها ذلك" وهو ما مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا يشترط لاستعمال المحكمة الرخصة المخولة لها في هذه المادة أن يكون قد ادعى أمامها بتزوير الورقة التي قضت بتزويرها إذ أن نصها صريح في تخويلها الحق في أن تحكم برد أية ورقة وبطلانها إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة ولو لم يدع أمامها بالتزوير وفق الإجراءات المرسومة لها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى ضمناً برد وبطلان ما اثبت في محضر إشهاد الوفاة والوراثة موضوع الدعوى من مصادقة المطعون ضدها الأولى على وراثة الطاعن وآخرين للمتوفى واستدل على ذلك بمبادرتها فور علمها بصدور هذا الإشهاد إلى تقديم شكوى تنكر فيها حضورها إجراءاته وإقامتها دعوى مباشرة عن دعوى شهادة الزور ضد الطالب وشاهديه وإقرار أحد هذين الشاهدين بعدم إدلائه بالشهادة وأن اسمه اثبت في المحضر زوراً وما ثبت للمحكمة من شهادة شهود الدعوى من انتفاء القرابة المدعى بها، وهي أسباب سائغة تكفي لحمل قضائها فإنه يكون مصيباً في القانون ويضحى النعي ولا سند له.
ولما تقدم يكون الطعن بكافة أسبابه متعين الرفض.