أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1430

جلسة 12 من مايو سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد العزيز الجندي، مصطفى قرطام، جلال الدين أنس وأحمد كمال سالم.

(259)
الطعن رقم 27 لسنة 48 القضائية

(1) أحوال شخصية. قانون.
(1) وجوب صدور الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف طبقاً لللائحة ولأرجح أقوال المذهب الحنفي.
(2) أحوال شخصية. دعوى "سماع الدعوى". تقادم.
(2) المدة المقررة لسماع الدعوى. م 375 من اللائحة، ليست مدة تقادم، لا يقف سريانها إلا بقيام عذر شرعي بالمدعي يحول بينة وبين رفع الدعوى، المقصود بالعذر الشرعي، اللجوء إلى اللجنة المشكلة بموجب القانون 44 لسنة 1962 بطلب الاستحقاق في وقف أهلي، لا يعد عذراً. علة ذلك.
(3) وقف.
الأوقاف الأهلية التي لها مستحقون غير معلومين. عدم تقديمهم ما يثبت حقوقهم خلال الميعاد القانوني، أثره، اعتبارها أوقافاً خيرية.
(4) بطلان "بطلان الأحكام". نيابة عامة. حكم "حجية الحكم" أحوال شخصية.
(4) إغفال الحكم الصادر في الدعوى بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي، أثره. بطلانه، م 349 مرافعات سابق، بقاء الحكم حائزاً لحجيته ما دام لم يطعن فيه بالطريق المناسب ويقضي بإلغائه.
1 - أوجبت المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 أن تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية الوقف التي كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية طبقاً لما هو مقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم المذكورة والتي تقضي بأن "تصدر الأحكام طبقاً للمدون في هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة".
2 - مفاد المادة 375 من اللائحة أن المدة المقررة لسماع الدعوى ليست مدة تقادم يعمل في شأنها بقواعد التقادم الواردة في القانون المدني، وإنما مبناها مجرد نهي المشرع للقضاة عن سماع الدعوى بمجرد انقضاء المدة المقررة لسماعها ولا يقف سريانها إلا بقيام عذر شرعي بالمدعي يحول بينه وبين رفع الدعوى ما بقى هذا العذر قائماً، وأن المراد في اعتبار المدعي معذوراً - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يكون في وضع لا يتمكن معه من رفع الدعوى إن حقيقة أو حكماً، وإذ كان الثابت أن المطعون ضدهم الأحد عشر الأول قد ادعوا الاستحقاق في الوقف موضوع النزاع قبل الطاعنة بالدعوى رقم 147 لسنة 1958 كلي بني سويف وذلك في تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 44 لسنة 1962 فلا تخضع لأحكامه كافة المنازعات التي تثور حول الاستحقاق في هذا الوقف ولا تكون اللجان المشكلة وفقاً للمادة 26 منه أي اختصاص بنظرها، وبالتالي لا يعد تقديم الطلب من المطعون ضده الثاني عشر ومورث المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين إلى وزارة الأوقاف لمعاملتهما معاملة من حكم له بالاستحقاق في الوقف في الدعوى سالفة الإشارة من قبيل التداعي المانع من سريان مدة عدم السماع، ولا تعد إحالته إلى إحدى تلك اللجان من قبيل الأعذار الشرعية التي تحول دونهما والالتجاء إلى القضاء.
3 - المادتان 25، 26 من القانون رقم 44 لسنة 1962 في شأن تسليم - الأعيان التي تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمجالس المحلية أن المشرع أراد أن يصفي الأوضاع في الأوقاف الأهلية التي تديرها وزارة الأوقاف دون أن يظهر لها مستحقون فأوجبت عليها اتخاذ إجراءات النشر واللصق عنها حتى إذا ما تقدم من يدعي استحقاقه فيها بطلبه خلال الستة أشهر التالية أحالته إلى اللجنة المشكلة وفقاً للمادة 26 سالفة البيان لفحصه وإصدار قرراها في شأنه وإلا اعتبر نصيبه وقفاً خيرياً، ومن ثم فإن هذه الأحكام لا تسري على الأوقاف الأهلية التي كان قد تقدم من يدعي الاستحقاق فيها لأنها في هذه الحالة لا تعتبر من الأوقاف التي لم يظهر لها مستحقون ويقتضي الأمر اتخاذ إجراءات النشر واللصق بشأنها.
4 - إذا كان المشرع قد حصر طرق الطعن في الأحكام ووضع لها آجالاً محددة وإجراءات معينة فإنه - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - يمتنع بحث أسباب الحوار الذي يلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن المناسبة لها بحيث إذا كان الطعن فيها غير جائز أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهدار حجيتها تقديراً لهذه الحجية باعتبارها عنوان الحقيقة في ذاتها، وأنه وإن جاز استثناء من هذا الأصل العام - في بعض الصور - القول بإمكان رفع دعوى بطلان أصلية أو التمسك بانعدام الحكم عند الاحتجاج به، غير أن ذلك لا يتأتى إلا في حالة تجرد الحكم من أركانه الأساسية. لما كان ذلك وكان إغفال الحكم الصادر في الدعوى رقم 147 لسنة 1958 كلي بني سويف بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي في الدعوى وإن ترتب عليه بطلانه وفقاً لنص المادة 349 من قانون المرافعات السابق الذي صدر في ظله إلا أنه لا يفقده أياً من مقوماته الأساسية ومن ثم يبقى حائزاً لحجيته ما دام لم يطعن فيه بالطريق المناسب ويقضي بإلغائه، فإن الحكم المطعون فيه إذ أهدر هذه الحجية على سند خاطئ من أن توافر هذا العيب فيه يفقده ركناً من أركانه الأساسية يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن...... مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين أقام الدعوى رقم 658 لسنة 1965 كلي أحوال شخصية القاهرة (التي قيدت برقم 266 لسنة 72 كلي جنوب القاهرة) ضد الطاعنة وباقي المطعون ضدهم ووزير الإصلاح الزراعي..... الأبيض طالباً الحكم باستحقاقه حصة قدرها 6 ط من 24 تنقسم إليها أعيان وقف المرحوم خليل......... - المبينة بالصحيفة، كما أقام باقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 1195 لسنة 1966 كلي أحوال شخصية القاهرة ضد الطاعنة طلباً للحكم باستحقاقهم في أعيان هذا الوقف الحصص المبينة بالصحيفة. وقالوا في بيان الدعويين أنه بموجب إشهاد صادر من محكمة نزفت الزوايا ببني سويف في 19 محرم سنة 1291 هـ وقف المرحوم......... فبودان الأراضي الزراعية المبينة بكتاب الوقف وأنشأ الوقف على نفسه مدة حياته ومن بعده على والدته ثم ذريته إلى حين انقراضهم فيكون وقفاً على زوجته ووالدتها مدة حياتهما ثم على عتقائه وعتقاء والدته وذريته ثم على ذريته العتقاء إلى حين انقراضهم فيكون وقفاً على جهات البر المبينة بالإشهاد، وإذ توفيت والدة الواقف حال حياته وتوفى هو عن ولده الوحيد إسماعيل الذي مات عقيماً كما توفيت زوجة الواقف ووالدتها فقد آل استحقاق الوقف جمعيه إلى عتقائه وانحصر في عتيقه....... الذي توفى سنة 1895 م فآل الاستحقاق إلى ذريته بحق 6 من 24 ط لكل من........ المطعون ضده الثاني عشر و....... مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين وبحق 3 من 24 ط لكل من المطعون ضدهما العاشر........ والحادي عشر عوض عبد العال عثمان وبحق 6 ط للمرحوم....... الذي آل استحقاقه إلى ورثته ومنهم أولاده المطعون ضدهم التسعة الأول، وإذ أقام المطعون ضده العاشر..... الدعوى رقم 147 لسنة 1958 كلي أحوال شخصية بني سويف طالباً للحكم باستحقاقه لحصته في الوقف كما طلب ورثة المرحوم......... بدعوى فرعية الحكم باستحقاقهم لحصة مورثهم. قضى ابتدائياً برفض الدعويين، ولما استأنف أحدهم وهو محمد محمد سعد محمد علي الأبيض هذا الحكم بالاستئناف رقم 82 لسنة 78 ق القاهرة وقضت محكمة الاستئناف ببطلان الحكم وباستحقاقه حصة في الوقف قدرها 21/ 26 من القيراط، تقدم المطعون ضدهم إلى وزارة الأوقاف (الطاعنة) - وكانت قد طعنت في الحكم بطريق النقض - بطلب استلام حصصهم في الاستحقاق أسوة بالمحكوم له، ولكنها لم تستجيب لهم وتمسكت بما للحكم من نسبية الأثر لصالح المحكوم له وحده، وبعرض النزاع على لجنة التصالح بالوزارة قررت حفظه إلى أن يفصل في الطعن بالنقض، وإذ استمرت المنازعة رغم القضاء برفض الطعن فقد أقاموا الدعويين. دفعت الطاعنة بعدم سماع أولاهما لمضي المدة المحددة بالمادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وبعدم جواز نظر الثانية لسابقة الفصل في الدعوى رقم 147 لسنة 1958 كلي بني سويف، وبتاريخ 8 - 4 - 1967 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم سماع الدعوى رقم 658 لسنة 1965، وبعد أن أمرت بضم الدعوى الثانية إليها ليصدر فيهما حكم واحد عادت فقضت بتاريخ 20 - 11 - 1972 في الدعوى رقم 658 لسنة 965 باستحقاق مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين لحصة قدرها 6 من 24 ط من ريع الوقف وفي الدعوى رقم 1195 لسنة 1966 بعدم جواز نظرها بالنسبة لجميع المدعين - عدا المطعون ضده الثاني عشر - لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 147 لسنة 1958 كلي بني سويف وباستحقاق المطعون ضده المذكور حصة قدرها 6 - من 24 ط من ريع الوقف. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 173 لسنة 89 ق القاهرة، كما استأنفه المطعون ضدهم الأحد عشر الأول بالاستئناف رقم 147 لسنة 89 ق القاهرة. وفي 20 - 3 - 1978 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف الأول، وفي الاستئناف الثاني بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم جواز نظر الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهم الأحد عشر الأول وباستحقاقهم في الوقف للحصص المبينة بمنطوق الحكم - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها - التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أنه قضى برفض الدفع بعدم سماع دعوى كل من المطعون ضده الثاني عشر مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين وسماعها على سند من تقديمهما طلباً بالاستحقاق في الوقف إلى لجنة التصالح بوزارة الأوقاف قبل انقضاء المدة المقررة لسماع دعوى الاستحقاق طبقاً للمادة 375 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية،
وأن من شأن تقديم الطلب قطع مدة التقادم هذه، في حين أنها ليست مدة تقادم حتى ترد عليها أحكام الوقف والانقضاء المقررة في القانون المدني وإنما مدة سقوط نهى المشرع عن سماع الدعوى بمجرد انقضائها.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 وقد أوجبت أن تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والوقف التي كانت أصلاً من اختصاص المحاكم الشرعية طبقاً لما هو مقرر في المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم المذكورة والتي تقضي بأن تصدر الأحكام طبقاً للمدون في هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة". وإذ تنص المادة 375 من اللائحة على أن "القضاة ممنوعون من سماع الدعوى التي مضى عليها خمس عشرة سنة مع تمكن المدعي من رفعها وعدم العذر الشرعي في عدم إقامتها، وهذا كله مع إنكار الحق في تلك المدة" وهو ما مفاده أن المدة المقررة لسماع الدعوى ليست مدة تقادم يعمل في شأنها بقواعد التقادم الواردة في القانون المدني - وإنما مبناها مجرد نهي المشرع للقضاة عن سماع الدعوى بمجرد انقضاء المدة المقررة لسماعها ولا يقف سريانها إلا بقيام عذر شرعي يحول بينه وبين رفع الدعوى ما بقى هذا العذر قائماً، وأن المراد في اعتبار المدعي معذوراً - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون في وضع لا يتمكن معه من رفع الدعوى إن حقيقة أو حكماً وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم سماع الدعوى رقم 658 لسنة 1965 وبسماعها على قوله "ولما كانت لجنة التصالح هذه مشكلة بوزارة الأوقاف بناء على القرار الوزاري رقم 207 بالتطبيق لما تقضي به المادة 26 من القانون رقم 44 لسنة 1962 للفصل في الخصومات التي بين الوزارة وأصحاب الحقوق...... ومن ثم فإن طلب المدعي لاستحقاقه أمامها قاطع لسريان التقادم، وبناء على ذلك لا تكون المدة قد مضت على وفاة من تلقى المدعي عنها الاستحقاق لأنه لم تمض خمس عشرة سنة من تاريخ وفاة من تلقى المدعى عنها الاستحقاق حتى تاريخ الالتجاء إلى اللجنة آنفة الذكر للفصل في النزاع، وعليه فشرط مضي المدة المانعة من سماع الدعوى قد تخلف ويغدو الدفع بعد السماع وللتقادم في غير محله ويتعين رفضه لما كان ذلك وكان مؤدى النص في المادة 25 من القانون رقم 44 لسنة 1962 في شأن تسليم الأعيان التي تديرها وزارة الأوقاف إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي والمجالس المحلية على أن "تقوم وزارة الأوقاف بحصر الأوقاف المقيدة - بسجلاتها باعتبارها أوقافاً أهلية لها مستحقون غير معلومين وتعد كشوفاً بهذه الأوقاف يوضح بها اسم الوقف وأعيانه ومقرها... وتنشر هذه الكشوف في جريدتين يوميتين كما تلصق لمدة ثلاثة أشهر.... ويكون لكل ذي شأن أن يطالب باستحقاقه في هذه الأوقاف وذلك بموجب طلب يقدم لوزارة الأوقاف خلال ستة أشهر من تاريخ النشر، وإذا مضت هذه المدة دون أن يتقدم ذوو الشأن بهذا الطلب اعتبر نصيب كل من لم يتقدم وقفاً خيرياً وفي المادة 26 منه على أن "تتولى فحص الطلبات المقدمة من ذوي الشأن طبقاً لأحكام المادة السابقة لجنة أو أكثر يرأسها قاضي تعينه وزارة العدل ويصدر بتشكيلها وتحديد مكان انعقادها قرار من وزير الأوقاف، وتكون قرارات هذه اللجنة نهائية ولا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن، ويصدر وزير الأوقاف قراراً بإجراءات تقديم الطلبات المشار إليها ونظام العمل باللجان المذكورة. أن المشرع أراد أن يصفي الأوضاع في الأوقاف الأهلية التي تديرها وزارة الأوقاف دون أن يظهر لها مستحقون فأوجبت عليها اتخاذ إجراءات النشر واللصق عنها حتى إذا ما تقدم من يدعي استحقاقه فيها بطلبه خلال الستة أشهر التالية إحالته إلى اللجنة المشكلة وفقاً للمادة 26 سالفة البيان لفحصه وإصدار قرارها في شأنه وإلا اعتبر نصيبه وقفاً خيرياً، ومن ثم فإن هذه الأحكام لا تسري على الأوقاف الأهلية التي كان قد تقدم من يدعي الاستحقاق فيها لأنها في هذه الحالة لا تعتبر من الأوقاف التي لم يظهر لها مستحقون ويقتضي الأمر اتخاذ إجراءات النشر واللصق بشأنها، وإذ كان الثابت أن المطعون ضدهم الأحد عشر الأول قد ادعوا الاستحقاق في الوقت موضوع النزاع قبل الطاعنة بالدعوى رقم 147 لسنة 1158 كلي بني سويف وذلك في تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 44 لسنة 1962 فلا تخضع لأحكامه كافة المنازعات التي تثور حول الاستحقاق في هذا الوقف ولا تكون للجان المشكلة وفقاً للمادة 26 منه أي اختصاص ينظرها وبالتالي لا يعد تقديم الطلب من المطعون ضده الثاني عشر ومورث المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين إلى وزارة الأوقاف لمعاملتهما معاملة من حكم له بالاستحقاق في الوقف في الدعوى سالفة الإشارة من قبل التداعي المانع من سريان مدة عدم السماع، ولا تعد إحالته إلى إحدى تلك اللجان من قبيل الأعذار الشرعية التي تحول دونها والالتجاء إلى القضاء، لما كان ما تقدم، وكانت دعواهما تقوم على أن - الاستحقاق آل إليهما بعد وفاة والدتهما نبيهة علي محمد رضوان الحلبي في سنة 1948 وبذلك يكون قد انقضى على هذه الأيلولة وقت رفع الدعوى أكثر من خمس عشرة سنة وهي المدة التي يمتنع بانقضائها سماع الدعوى فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى لهما بهذا الاستحقاق على سند خاطئ من أن المدة المقررة لسماع الدعوى به مدة تقادم وأن تقديم الطلب إلى لجنة التصالح بوزارة الأوقاف من شأنه قطع سريانها وذلك دون أن يبين أن عذراً شرعياً قام لديهما وحال دونهما ورفع الدعوى وهو ما يقف به وحده سريان المدة المقررة لسماعها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم جواز نظر الدعوى رقم 1195 لسنة 1966 المرفوعة من المطعون ضدهم الأحد عشر الأول لسابقة الفصل فيها الدعوى رقم 147 لسنة 1958 كلي بني سويف على أن الحكم في هذه الدعوى إذ لم يتضمن بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي فيها يعتبر معدوماً ولا حجية له في الدعوى الراهنة، في حين أن خلو الحكم من هذا البيان لا ينحدر به إلى مرتبة الانعدام وإنما يكون سبباً لطلب إلغائه للبطلان بإحدى طرق الطعن المناسبة وما لم يقض بإلغائه فإنه يبقى حائزاً لقوة الأمر المقضي، وإذ حاز الحكم في الدعوى رقم 147 لسنة 1958 كلي بني سويف قوة الأمر المقضي فيما فصل فيه من رفض دعوى المطعون ضدهم الأحد عشر الأول بالاستحقاق في الوقف، فإن الحكم المطعون فيه إذ أهدر حجيته في الدعوى الراهنة فقضى لهم فيها بالاستحقاق يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي صحيح، ذلك أنه وقد حصر المشرع طرق الطعن في الأحكام ووضع لها آجالاً محددة وإجراءات معينة فإنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يمتنع بحث أسباب العوار الذي يلحق بالأحكام إلا عن طريق التظلم منها بطريق الطعن المناسبة لها بحيث إذا كان الطعن فيها غير جائز أو كان قد استغلق فلا سبيل لإهدار حجيتها تقديراً لهذه الحجية باعتبارها عنوان الحقيقة في ذاتها، وأنه وإن جاز استثناء من هذا الأصل العام - في بعض الصور - القول بإمكان رفع دعوى بطلان أصلية أو التمسك بانعدام الحكم عند الاحتجاج به، غير أن ذلك لا يتأتى إلا في حالة تجرد الحكم من أركانه الأساسية، لما كان ذلك، وكان إغفال الحكم الصادر في الدعوى رقم 147 لسنة 1958 كلي بني سويف بيان اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي في الدعوى وإن ترتب عليه بطلانه وفقاً لنص المادة 349 من قانون المرافعات السابق الذي صدر في ظله إلا أنه لا يفقده أياً من مقوماته الأساسية ومن ثم يبقى حائزاً لحجيته ما دام لم يطعن فيه بالطريق المناسب ويقضي بإلغائه، فإن الحكم المطعون فيه أهدر هذه الحجية على سند خاطئ من أن توافر هذا العيب فيه يفقده ركناً من أركانه الأساسية يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه في هذا الخصوص، ومتى انتهت المحكمة لما تقدم إلى نقض الحكم فلم تعد ثمة حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.