أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1448

جلسة 12 من مايو سنة 1981

برئاسة المستشار/ محمود عثمان درويش نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فوده، منير عبد المجيد، محمد إبراهيم خليل؛ علي السعدني.

(261)
الطعن رقم 385 لسنة 48 القضائية

(1) حكم "إصداره". بطلان "بطلان الأحكام".
تعجيل النطق بالحكم. شرطه عدم المساس بحق الخصوم في الدفاع. صدور قرار التعجيل بعد إبداء الخصوم دفاعهم وإنهاء الأجل المصرح فيه بتقديم المذكرات. لا بطلان.
(2) استئناف "نطاقه" "ما لا يعد طلباً جديداً".
الاستئناف. نطاقه. للخصوم في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغير سببه والإضافة إليه، مثال.
(3) نقض "السبب المجهل".
عدم بيان وجه المسخ في أقوال الشهود، ونعي مجهل غير مقبول.
(4) استئناف "الحكم في الاستئناف".
ضم استئنافين لا ينفي ما لكل من استقلال عن الأخر.
1 - من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لا تثريب على المحكمة إذا ما قررت تعجيل النطق بالحكم وحددت لذلك جلسة تسبق تلك التي كانت قد حددتها من قبل ما دامت لم تمس حقاً من حقوق الخصوم في الدفاع، ولما كان الثابت أن قرار تعجيل النطق بالحكم صدر بعد إبداء الخصوم دفاعهم وقفل باب المرافعة في الدعوى بانتهاء الأجل المصرح بتقديم المذكرات فيه، فلم يترتب عليه إخلال بحق الطاعنة في الدفاع، ومن ثم فإن النعي - ببطلان الحكم لتعجيل النطق به دون إعلان الطاعنة - يكون على غير أساس.
2 - إذ جرى نص المادة 233 من قانون المرافعات على أنه يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى، ونصت الفقرة الأولى من المادة 235 من ذات القانون على أنه لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها، وكان الأصل أن الطلب الجديد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي يختلف عن الطلب المقدم أمام محكمة أول درجة من حيث موضوعه أو سببه أو الخصم الموجه إليه، وإذ أورد المشرع على هذا الأصل استثناء بما نصت عليه الفقرة الثالثة من تلك المادة من أنه يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغيير سببه والإضافة إليه، لما كان ذلك وكان المطعون عليه الأول المشتري - قد طلب أمام محكمة الدرجة الأولى الحكم ببطلان الحكم بالتصديق على صلح تضمن إقرار المطعون عليه الثاني - البائع - بصحة البيع الصادر منه للطاعنة - المشترية الأخرى - عن ذات القدر لصورية البيع الأول صورية مطلقة فإن استناد المطعون عليه الأول أمام محكمة الاستئناف في تأييد طلبه - الذي بقى على حاله - إلى أن عقد الطاعنة يعتبر معدوماً - بعد القضاء بحكم نهائي بصحة عقده يكون - أياً كان وجه الرأي فيه تمسكاً من المطعون عليه الأول بوجه دفاع يؤكد طلبه.
3 - عدم بيان الطاعنة بصحيفة الطعن وجه المسخ في أقوال شاهدي المطعون عليه، يجعل نعيها في هذا الخصوص مجهلاً وغير مقبول.
4 - ضم المحكمة لاستئنافين، لا ينفي ما لكل من استقلال عن الآخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 450 سنة 1970 مدني دمياط الابتدائية ضد الطاعنة والمطعون عليهما الثاني والثالث بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 10 - 3 - 1970 والمتضمن بيع المطعون عليه الثاني له حصة مقدارها 16 س، 2 ط شائعة في العقار المبين بصحيفة الدعوى نظير ثمن مقبوض قدره 1192 ج وبطلان الحكم الصادر بتاريخ 28 - 6 - 1970 في الدعوى رقم 1683 سنة 1970 مدني طنطا الابتدائية بإلحاق محضر الصلح بين الطاعنة والمطعون عليه الثاني بمحضر الجلسة ومحو التأشيرات والتسجيلات المترتبة عليه، وقال شرحاً للدعوى أن المطعون عليه الثاني تواطأ مع زوجته الطاعنة وحررا عقد بيع صوري صورية مطلقة مؤرخ 3 - 2 - 1970 تضمن بيعه لها ذات الحصة التي باعها له، وأقامت الطاعنة الدعوى رقم 1683 سنة 1970 مدني طنطا الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر لها وتصالحاً، وأقر المطعون عليه الثاني في محضر الصلح بصحة البيع، وبتاريخ 30 - 3 - 1972 حكمت المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 10 - 3 - 1970 وبرفض طلب بطلان الحكم الصادر في الدعوى رقم 1683 سنة 1970 مدني طنطا الابتدائية، استأنف المطعون عليه الثاني الشق الأول من هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 62 سنة 4 ق "مأمورية دمياط" وادعى بتزوير عقد البيع المؤرخ 10 - 3 - 1960، كما استأنف المطعون عليه الأول الشق الثاني من الحكم بالاستئناف رقم 69 سنة 4 ق مدني "مأمورية دمياط" وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول حكمت بتاريخ 10 - 2 - 1973 بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لمضاهاة التوقيع المدعي بتزويره على توقيعات للمطعون عليه الثاني، وبعد أن قدم الخبير المنتدب تقريره حكمت بتاريخ 4 - 11 - 1975 برفض الادعاء بالتزوير وبصحة المحرر المؤرخ 10 - 3 - 1970، وبتاريخ 3 - 2 - 1976 حكمت برفض الاستئناف رقم 62 سنة 4 ق وأحالت الدعوى إلى التحقيق بالنسبة إلى الاستئناف رقم 69 سنة 4 ق ليثبت المطعون عليه الأول صورية عقد البيع المؤرخ 3 - 2 - 1970 وبعد سماع الشهود حكمت بتاريخ 10 - 12 - 1977 في الاستئناف المذكور بإلغاء الحكم المستأنف وصورية المحرر المؤرخ 3 - 2 - 1970 واعتباره كأن لم يكن ومحو كافة التأشيرات والتسجيلات التي اتخذت بموجبة، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض - وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب، تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه بالبطلان، وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الاستئناف عجلت النطق بالحكم لجلسة 10 - 12 - 1977 وكان محدداً له جلسة 11 - 12 - 1977 التي وافقت عطلة رسمية، وأصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه دون أن تعلن الطاعنة بهذا التعجيل فيكون إجراء باطلاً يترتب عليه بطلان الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تثريب على المحكمة إذا ما قررت تعجيل النطق بالحكم وحددت لذلك جلسة تسبق تلك التي كانت قد حددتها من قبل ما دامت لم تمس حقاً من حقوق الخصوم في الدفاع، لما كان ذلك وكان الثابت أن قرار تعجيل النطق بالحكم صدر بعد إبداء الخصوم دفاعهم وقفل باب المرافعة في الدعوى بانتهاء الأجل المصرح بتقديم المذكرات فيه فلم يترتب عليه إخلال بحق الطاعنة في الدفاع ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن المطعون عليه الأول طلب أمام محكمة أول درجة القضاء ببطلان الحكم الصادر في الدعوى رقم 1683 سنة 1970 مدني طنطا الابتدائية وأضاف أمام محكمة الاستئناف طلباً جديداً هو الحكم باعتبار عقد البيع الصادر لها من المطعون عليه الثاني معدوماً فلا يجوز قبول هذا الطلب غير أن الحكم المطعون فيه فصل فيه وفوت بذلك إحدى درجتي التقاضي مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن المادة 233 من قانون المرافعات قد جرى نصها على أنه "يجب على المحكمة أن تنظر الاستئناف على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك إلى محكمة الدرجة الأولى" وقد نصت الفقرة الأولى من المادة 235 من ذات القانون على أنه "لا تقبل الطلبات الجديدة في الاستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها" وكان الأصل أن الطلب الجديد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو الذي يختلف عن طلب المقدم أمام محكمة أول درجة من حيث موضوعه أو سببه أو الخصم الموجه إليه، وإذ أورد المشرع على هذا الأصل استثناء بما نصت عليه الفقرة الثالثة من تلك المادة من أنه "يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغيير سببه والإضافة إليه"، لما كان ذلك وكان المطعون عليه الأول قد طلب أمام محكمة الدرجة الأولى الحكم ببطلان تصديق على صلح تضمن إقرار المطعون عليه الثاني بصحة البيع الذي صدر منه للطاعنة عن ذات القدر الذي باعه له لصورية البيع الأول صورية مطلقة، فإن استناد المطعون عليه الأول أمام محكمة الاستئناف في تأييد طلبه - الذي بقي على حاله - إلى أن عقد الطاعنة يعتبر معدوماً بعد القضاء بحكم نهائي في الاستئناف رقم 62 سنة 4 ق بصحة عقده - يكون - أياً كان وجه الرأي فيه - تمسكاً من المطعون عليه الأول بوجه دفاع يؤكد طلبه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون هذا النعي في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب، إذ قام قضاءه بصورية العقد الصادر للطاعنة، على سند من أقوال شاهدي المطعون عليه الأول وعدة قرائن أوردها، غير أنه مسخ أقوال هذين الشاهدين وكانت القرائن التي أوردها لا تؤدي إلى ما انتهى إليه، إذ أن علاقة الزوجية بين الطاعنة والمطعون عليه الثاني وعدم قدرتها على دفع الثمن لا يدل على صورية العقد الصادر لها، هذا إلى أنها قدمت مستنداً يدل على ملاءتها وأيدها شاهداها، غير أن الحكم المطعون فيه، أطرح دفاعها مما يعيب الحكم القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن تقدير كفاية أدلة الصورية هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مما تستقل به محكمة الموضوع، لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى، كما أن تقدير أقوال الشهود مرهون بها يطمئن إليه وجدانها، فلها أن تأخذ بأقوال شاهد دون آخر، طالما أنها لا تخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها، ولها كذلك تقدير القرائن ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستنبطه منها، متى كان استنباطها سائغاً، وحسبما أن تقيم قضاءها على ما يكفي لحمله، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن سرد وقائع النزاع ودفاع الخصوم وأقوال الشهود أقام قضاءه بصورية عقد البيع الصادر للطاعنة على أن "المحكمة تطمئن إلى شاهدي المستأنف (المطعون عليه الأول) وتعتد بشهادتهما لتناسقها واتفاقها مع ظروف الحال والملابسات التي عقد فيها العقد..... وتطرح شهادة شهود المستأنف عليها الثانية (الطاعنة) لتعارضها فيما بينها وللتجهيل بالمعقود عليه، وتأخذ من القرائن المحيطة بعقدها أنه صادر لها من زوجها المستأنف عليه الأول (المطعون عليه الثاني) الذي سبق أن تصرف في المبيع للمستأنف وأنها لم تكن في حال تسمح لها بدفع الثمن المسمى في العقد المطعون فيه لأنها كانت حديثة العهد بالوظيفة ولم تقدم دليلاً...... على ملاءتها وقت انعقاد ذلك العقد، وأن الإجراءات التي سارعت وزوجها إليها تمت في محكمة نائية وبإعلانات عاجلة..... وتمت صلحاً وقدر الثمن في صحيفة الدعوى بمبلغ 292 ج فقط دون الثمن المسمى في عقد الصلح.... كل تلك القرائن تؤكد صدق ما قال به شاهدا المستأنف بما يحمل على اليقين بصورية ذلك العقد صورية مطلقة...." وهي أسباب تكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه، لما كان ما تقدم وكانت الطاعنة لم تبين بصحيفة الطعن وجه المسخ في أقوال شاهدي المطعون عليه الأول فإن نعيها في هذا الخصوص يكون مجهلاً وغير مقبول، وما تتحدى به في باقي سبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم الصادر بتاريخ 4 - 11 - 1975 الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أنها خلف خاص للمطعون عليه الثاني الذي كان قد تمسك أمام محكمة الموضوع ببطلان تقرير الخبير، غير أن هذا الحكم قضي برفض الادعاء بالتزوير وعول على تقرير الخبير المذكور مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه - وعلى ما جري به قضاء هذه المحكمة - فإن ضم المحكمة لاستئنافين لا ينفي ما لكل من الاستئنافين من استقلال عن الآخر، لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تطعن في الحكم الصادر بتاريخ 30 - 3 - 1972 بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 10 - 3 - 1970 وكان هذا النعي موجهاً إلى الحكم الصادر بتاريخ 4 - 11 - 1975 في الاستئناف رقم 62 سنة 4 ق الذي رفع عن هذا الحكم من المطعون عليه الثاني وقضي برفضه بتاريخ 3 - 2 - 1976 ومن ثم يكون هذا النعي غير مقبول.
وحيث إنه لما يتعين رفض الطعن.