أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1470

جلسة 14 من مايو سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ حسن السنباطي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد ضياء عبد الرزاق، سعد حسين بدر، وليم رزق بدوي ومحمد مختار منصور.

(265)
الطعن رقم 45 لسنة 48 القضائية

(1) صورية "إثبات الصورية". إثبات.
تمسك أحد المتعاقدين بالعقد الحقيقي دون الصوري، عليه عبء إثبات وجود العقد الحقيقي طبقاً للقواعد العامة، وقوع غش أو تحايل من أحدهما ضد الآخر. جواز إثبات وجود العقد الحقيقي بكافة الطرق.
(2) إرث. صورية. إثبات "طرق الإثبات".
للورثة الحق في إثبات صورية تصرف مورثهم بكافة طرق الإثبات.
(3) إثبات "مبدأ الثبوت بالكتابة".
مبدأ الثبوت بالكتابة. ماهيته. مثال لاستدلال فاسد.
1 - من المقرر طبقاً لنص المادة 245 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا استر المتعاقدان عقداً حقيقياً بعقد ظاهر فالعقد النافذ بين المتعاقدين والخلف العام هو العقد الحقيقي والعبرة بينهما بهذا العقد وحده، وأي من الطرفين يريد أن يتمسك بالعقد المستتر في مواجهة العقد الظاهر يجب عليه أن يثبت وجود العقد الحقيقي وفقاً للقواعد العامة في الإثبات التي توجب الإثبات بالكتابة إذا جاوزت قيمة التصرف عشرين جنيهاً وفيما يجاوز أو يخالف ما اشتمل عليه دليل كتابي ولو لم تزد القيمة على عشرين جنيهاً ما لم يكن هناك غش أو احتيال على القانون فيجوز هذه الحالة الإثبات بجميع الطرق بشرط أن يكون الغش أو التحايل لمصلحة أحد المتعاقدين ضد مصلحة المتعاقد الآخر، أما إذا تم التحايل على القانون دون أن يكون هذا التحايل ضد مصلحة أحد المتعاقدين فلا يجوز لأي منهما أن يثبت العقد الحقيقي إلا وفقاً للقواعد العامة في الإثبات السالف الإشارة إليها.
2 - إذا كان التعاقد فيه مساس بمصلحة أولاد المطعون ضده من الزوجة الثانية فإن هؤلاء وحدهم يكون لهم الحق في الطعن على التصرف بالصورية بعد وفاة مورثهم وافتتاح حقهم في الإرث وباعتبارهم من الورثة الذين يحق لهم إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات القانونية.
3 - مفاد الفقرة الثانية من المادة 62 من قانون الإثبات أن كل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة، وإذ كان المطعون ضده قد جرى دفاعه على أن التاريخ الثابت بالعقد المؤرخ 1 - 1 - 1968 ليس التاريخ الحقيقي لإبرامه وأنه أبرم تهرباً من تنفيذ حكم نفقة، فإنه إذ اتخذ الحكم مع ذلك من أقوال الطاعنين في محضر حرر بتاريخ 12 - 5 - 1969 بعدم سابقة صدور بيع لهما من المطعون ضده - دليلاً يجعل الادعاء بصورية العقد الظاهر قريب الاحتمال فإنه يكون قد شابه فساد في الاستدلال ومن ثم لا يصلح أساساً لمبدأ ثبوت بالكتابة يجيز الإثبات بالنية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 696 سنة 974. مدني كلي قنا ضد أولاده الطاعنين طالباً الحكم ببطلان عقد البيع المؤرخ 1 - 1 - 1968 الصادر منه إليهم والمتضمن بيعه لهم أرضاً زراعية وثلاثة منازل بزمام مركز دشنا لصوريته صورية مطلقة وبطلان الصلح المؤرخ 22 - 2 - 1973 المصدق عليه في دعوى صحة التعاقد المرفوعة من الطاعنين ضد المطعون عليه عن هذا العقد والمقيدة برقم 1218 سنة 1972 مدني كلي قنا وقال بياناً لدعواه إنه عندما رفعت ضده زوجته الثانية دعوى نفقة برقم 435 لسنة 1972 أحوال شخصية دشنا تواطأ مع الطاعنين - وهم أولاده من زوجته الأولى وحرر لهم عقد البيع الصوري سالف الذكر وأعطاه تاريخاً صورياً سابقاً على رفع دعوى النفقة بقصد حرمان زوجته الثانية وولديها من التنفيذ على أملاكه بالنفقة الشرعية المستحقة لهم عليه وركن في إثبات دعواه إلى كافة طرق الإثبات القانونية - دفع الطاعنون الدعوى أمام محكمة أول درجة بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها في القضية رقم 1218 سنة 1972 مدني كلي قنا وبعدم جواز إثبات الصورية بين المتعاقدين إلا بالكتابة، وحكمت تلك المحكمة بتاريخ 24 - 11 - 1975 برفض هذين الدفعين وبإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه أن عقد البيع موضوع النزاع صوري صورية مطلقة، وبعد سماع أقوال شهود الطرفين قضت في 19 - 4 - 1976 للمطعون عليه بطلباته واستأنف الطاعنون هذا الحكم وقيد استئنافهم برقم 85 لسنة 51 ق - أسيوط وحكم فيه بتاريخ 20 - 12 - 1977 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 24 - 11 - 1975 الذي انبنى عليه الحكم الابتدائي القطعي - المؤيد بالحكم المطعون فيه - الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون أن هذا الحكم أجاز إثبات صورية عقد البيع موضوع النزاع بين الطرفين بالبينة - رغم الدفع من جانبهم بعدم جواز إثباتها إلا - بالكتابة وقد أقام ذلك الحكم قضاءه في هذا الشأن على دعامتين: الأولى أن التصرف وقع احتيالاً على قواعد الإرث وفاته أنه لا يجوز ذلك إلا بالنسبة لوارث في مواجهة وارث آخر مما يشوبه بالخطأ في تطبيق القانون، والدعامة الثانية اعتباره أقوال الطاعنين بصورة المحضر رقم 2308 سنة 1969 إداري دشنا إقراراً من جانبهم بعدم صدور بيع حقيقي إليهم من والدهم المطعون ضده مما يعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة ويبيح له إثبات الصورية بكافه طرق الإثبات القانونية في حين أن صورة المحضر المذكور لا تحمل توقيعهم ولا يحاجون بها وطلبوا ضم أصلها للطعن عليه بالتزوير هذا فضلاً على أن دفاع المطعون عليه الذي أسس عليه دعواه الحالية قد جرى على أن عقد البيع المعطى له تاريخاً 1 - 1 - 1968 تم بقصد تفادي التنفيذ عليه بحكم نفقة صدر في الدعوى رقم 425 سنة 1972 أحوال شخصية دشنا للزوجة الثانية وولديها منه ومن ثم يكون الإقرار المنسوب إليهم - سابقاً على التصرف إليهم بالبيع وإذ اتخذ الحكم من ذلك الإقرار مبدأ ثبوت بالكتابة يكون فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون قد بني في هذا الشأن على استدلال فاسد.
وحيث إن هذا النعي في جملته سديد ذلك أنه من المقرر طبقاً لنص المادة 245 من القانون المدني. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا ستر المتعاقدان عقداً حقيقياً بعقد ظاهر فالعقد النافذ بين المتعاقدين والخلف العام هو العقد الحقيقي والعبرة بينهما بهذا العقد وحده وأي من الطرفين يريد أن يتمسك بالعقد المستمر في مواجهة العقد الظاهر يجب عليه أن يثبت وجود العقد الحقيقي وفقاً للقواعد العامة في الإثبات التي توجب الإثبات بالكتابة إذا تجاوزت قيمة التصرف عشرين جنيهاً وفيما يجاوز أو يخالف ما اشتمل عليه دليل كتابي ولو لم تزد القيمة على عشرين جنيهاً ما لم يكن هناك غش أو احتيال على القانون فيجوز في هذه الحالة الإثبات بجميع الطرق بشرط أن يكون الغش أو التحايل لمصلحة أحد المتعاقدين ضد مصلحة المتعاقد الآخر، أما إذا تم التحايل على القانون دون أن يكون هذا التحايل ضد مصلحة أحد المتعاقدين فلا يجوز لأي منهما أن يثبت العقد الحقيقي إلا وفقاً للقواعد العامة في الإثبات السالف الإشارة إليها، وإذ كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 24 - 11 - 1975 والقاضي برفض الدفع بعدم جواز الإثبات بالبينة قد أقام قضاءه في هذا الصدد على "أن العقد يحتوي على تقسيم للمبيع بين المدعى عليهم "الطاعنين" كمشترين حددت حصة كل منهم بموجبه وفقاً للشريعة الإسلامية للذكر مثل حظ الأنثيين فإن المحكمة تنتهي إلى أن تصرف المدعي (المطعون ضده) لأولاده فيه احتيال على القانون بتواطئ المتعاقدين على مخالفة قواعد الإرث المعتبرة من النظام العام بقصد حرمان ولديه من الزوجة الأخرى من الميراث وإخفاء ذلك التحايل تحت تصرف مشروع هو البيع كما ينطوي على تصرف في حق الإرث قبل افتتاحه للطاعنين واستحقاقهم إياه ومساس بباقي ورثة المطعون ضده - البائع - وحجبهم عن الميراث، وهذا التحايل على قواعد الإرث يبيح للمطعون ضده إثباته بكافة الطرق ولو أنه طرف فيه" فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق قاعدة جواز الإثبات بكافة الطرق في حالة التحايل على القانون إذ لم يثر المطعون عليه في دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها أن القصد من البيع هو المساس بحق ولديه من زوجته الثانية في الميراث أو التحايل على أحكامه ولا يتوافر بالتالي شرط أن يكون التحايل على القانون ضد مصلحة أحد المتعاقدين، وإذا كان هذا التعاقد قد يكون فيه مساس بمصلحة أولاده من الزوجة الثانية فإن هؤلاء وحدهم يكون لهم الحق في الطعن على التصرف بالصورية بعد وفاة مورثهم وافتتاح حقهم في الإرث وباعتبارهم من الورثة الذين يحق لهم إثبات ذلك بكافة طرق الإثبات القانونية، لما كان ذلك وكان الحكم المذكور قد شابه أيضاً خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال حين اعتبر ما نسب إلى الطاعنين من إنكار صدور بيع إليهم من أبيهم المطعون ضده بصورة محضر الشكوى رقم 2308 سنة 1969 إداري دشنا مبدأ ثبوت بالكتابة يجيز الإثبات بشهادة الشهود وفقاً للمادة 62 من قانون الإثبات ذلك أنه طبقاً للفقرة الثانية من تلك المادة فإن كل كتابة تصدر من الخصم ويكون من شأنها أن تجعل وجود التصرف المدعى به قريب الاحتمال تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة وإذ كان الحكم سالف البيان قد أورد في هذا الصدد قوله "وحيث إن المحكمة تشير ابتداء إلى أن الثابت بالأوراق أن للمدعي (المطعون ضده) ولدين من زوجة أخرى خلاف والدة المدعى عليهم (الطاعنين) وهما خالد وهويدا صدر لصالحهما حكم على المدعي بفرض نفقة بتاريخ 26 - 11 - 1962 والبادي من الشكوى رقم 2308 سنة 1969 إداري دشنا أن المدعي اتهم ولديه المدعى عليهما الأولين بتزويرهما عقد بيع أرضه ومنزله وبشروعهما في تسجيل العقد المزور عليه ولما سئلا بتاريخ 12 - 5 - 1969 عما نسب إليهما أنكرا ذلك مقررين بعدم سابقة صدور بيع لهما منه وإقرارهما هذا لاحق للتاريخ المعطى لعقد البيع المؤرخ 1 - 1 - 1968 وهو إقرار غير قضائي للمحكمة السلطة التامة في تقدير قوته في الإثبات وتجزئته وتفسيره وتعتد به المحكمة وتعتبره مبدأ ثبوت بالكتابة يعزز بالبينة" وكان المطعون ضده قد جرى دفاعه حسبما سلف البيان على أن التاريخ الثابت بالعقد ليس التاريخ الحقيقي لإبرامه وأنه أبرم تهرباً من تنفيذ حكم نفقة رفعت الدعوى بها سنة 1972 فإنه إذ اتخذ مع ذلك من أقوال الطاعنين في محضر حرر بتاريخ 12 - 5 - 1969 دليلاً يجعل الادعاء بصورية العقد الظاهر قريب الاحتمال فإنه يكون قد شابه فساد في الاستدلال ومن ثم لا يصلح أساساً لمبدأ ثبوت بالكتابة يجيز الإثبات بالبينة - ولما كان الطاعنون قد دفعوا أمام محكمة أول درجة بعدم جواز الإثبات بغير الكتابة قبل صدور الحكم القاضي برفض هذا الدفع في 24 - 11 - 1975 فإن هذا الحكم برفضه ذلك الدفع يكون قد خالف صحيح القانون، ولما كان ذلك وكان الحكم القطعي الصادر من محكمة أول درجة والمؤيد بالحكم المطعون فيه مترتباً على هذه الحكم المعيب فإنه يتعين لما تقدم نقض الحكم المطعون فيه والإحالة دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.