أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1484

جلسة 16 من مايو سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة، عضوية السادة المستشارين: إبراهيم محمد هاشم، محمود حسن رمضان، محمد علي هاشم ومحمود شوقي أحمد.

(268)
الطعن رقم 1069 لسنة 50 قضائية

(1 - 2) اختصاص "اختصاص ولائي". جنسية.
(1) منازعات الجنسية. اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل فيها. إثارة المنازعة أمام القضاء العادي. وجوب إيقاف الدعوى وتكليف الخصم باللجوء للجهة المختصة. لجهة القضاء العادي للقضاء في الدعوى بحالتها إذ قعد الخصم عما كلف به أو إذا كان وجه المسألة في الجنسية ظاهراً.
(2) الدفع بعدم الاختصاص الولائي. اعتباره مطروحاً على محكمة الموضوع ولو لم يبد أمامها لتعلقه بالنظام العام. جواز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض ولها إثارته من تلقاء نفسها "مثال لدفع متعلق بالجنسية".
1 - النص في المادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن تنظيم مجلس الدولة على أنه "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية:....... سابعاً: دعاوى الجنسية" يدل على أن محاكم مجلس الدولة تختص دون غيرها بالفصل في كافة منازعات الجنسية أياً كانت صورتها أي سواء كانت في صورة دعوى أصلية بالجنسية، أم في صورة طعن في قرار إداري صادر في الجنسية، أم في صورة مسألة أولية في دعوى أصلية يتوقف الفصل فيها على الفصل في تلك المسألة ولو كانت الدعوى الأصلية قائمة أمام القضاء العادي في حدود اختصاصه وأثير النزاع في الجنسية، وكان الفصل فيها يتوقف عليه الفصل في الدعوى، إذ يتعين على المحكمة في هذه الحالة أن توقف الدعوى وتحدد للخصم ميعاداً يستصدر فيه حكماً نهائياً من مجلس الدولة في مسألة الجنسية، وإذا قصر الخصم في استصدار حكم نهائي في هذه المسألة في المدة المحددة كان للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها، أما إذا رأت أن وجه المسألة في الجنسية ظاهر بحيث لا يحتاج الأمر للفصل فيه بمعرفة مجلس الدولة أغفلت المسألة وحكمت في موضوع الدعوى على أساس ما ثبت لديها من وقائع في شأن الجنسية، وذلك عملاً بالمادة 16 من القانون رقم 346 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية والمادة 129 من قانون المرافعات.
2 - المقرر أن الدفع بعدم الاختصاص الولائي يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها، فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به حتى ولو تنازل عنه الخصوم، ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، كما يجوز لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها، لما كان ذلك وكان الفصل في جنسية الطاعن مسألة أولية تخرج عن نطاق الاختصاص الولائي للمحاكم، وتدخل في اختصاص مجلس الدولة وحده طبقاً للمادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972، وكان النزاع على جنسية الطاعن نزاعاً جدياً يتوقف على الفصل فيه الفصل في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ فصل في هذه المسألة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وخرج بقضائه عن الاختصاص الولائي للمحكمة، ولما كان هذا الاختصاص يتعلق بالنظام العام فإن لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها عملاً بالحق المخول لها في المادة 254/ 2 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 3605 لسنة 1978 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعن للحكم بإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 11 - 8 - 1967 وتسليم العين بمفروشاتها، تأسيساً على أنها أجرت مفروشة، وقد نبهت على الطاعن بعدم رغبتها في تجديد العقد، ولما لم يمتثل أقامت الدعوى. كما أقام الطاعن الدعوى رقم 9075 لسنة 1978 مدني كلي جنوب القاهرة ضد المطعون عليها للحكم بتعديل وصف عقد الإيجار المفروش عن عين النزاع إلى عقد إيجار عين خالية، تأسيساً على صورية هذا العقد لرفع الأجرة أحالت المحكمة دعوى الطاعن إلى خبير لبيان حالة شقة النزاع وقيمة المنقولات التي كانت بها وقت بدء عقد الإيجار إن وجدت ومقابل استعمالها، بعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 25 - 1 - 1979 في دعوى المطعون عليها بإنهاء عقد الإيجار وإلزام الطاعن بتسليم العين المؤجرة بمفروشاتها. بالحالة التي استلمها عليها، وفي دعوى الطاعن برفضها، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2016 لسنة 96 ق القاهرة، وطعن على عقد الإيجار المقدم من المطعون عليها بالتزوير، وبتاريخ 4 - 3 - 1980 قضت المحكمة بعدم قبول دعوى التزوير وبتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره. وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن تمسك في رده على مذكرة المطعون عليها بسبب رابع للطعن حاصله أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ اعتبره أجنبياً، في حين أنه يعمل ضابطاً بالقوات المسلحة المصرية ويتمتع بجنسية جمهورية مصر العربية ويحمل جواز سفر مصري، ويحق له تبعاً لذلك الاستفادة من حكم المادتين 46 و48 من القانون رقم 49 لسنة 1977، والبقاء في العين ولو انتهت المدة المتفق عليها وبالشروط المنصوص عليها في العقد، إذ أنه أمضى في العين مدة تزيد على عشر سنوات متصلة سابقة على تاريخ العمل بالقانون سالف الذكر، وقد تمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع ولم تأخذ به، ويجوز له التمسك به أمام محكمة النقض في أي وقت لأنه يتعلق بالنظام العام.
وحيث إن النص في المادة 253 من قانون المرافعات على أنه "يرفع الطعن بصحيفة تودع قلم كتاب النقض..... وتشتمل الصحيفة علاوة على البيانات بيان الأسباب التي بني عليها الطعن...... ولا يجوز التمسك بسبب من أسباب الطعن غير التي ذكرت في الصحيفة ومع ذلك فالأسباب المبنية على النظام العام يمكن التمسك بها في أي وقت، وتأخذ المحكمة بها من تلقاء نفسها، يدل على أن الأسباب المتعلقة بالنظام العام يمكن التمسك بها في أي وقت، وتأخذ بها المحكمة من تلقاء نفسها، لما كان ذلك، وكان مفاد المادتين 46، 48/ 1 من القانون 49/ 77 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر أن للمصري الذي يسكن في عين استأجرها مفروشة من مالكها لمدة خمس سنوات متصلة سابقة على 9 - 9 - 1977 تاريخ العمل بالقانون سالف الذكر، أو استأجرها من مستأجرها الأصلي وأمضى فيها مدة عشر سنوات متصلة سابقة على العمل بذلك القانون الحق في البقاء في العين ولو انتهت المدة المتفق عليها، وذلك بالشروط المنصوص عليها في العقد، وأنه لا يجوز للمؤجر في هذه الحالة إخلاءه إلا إذ كان قد أجرها بسبب إقامته في الخارج وثبت عودته نهائياً أو إذا أخل المستأجر بأحد التزاماته وفقاً لأحكام البنود (أ، ب، جـ، د) من المادة 31 من ذلك القانون، وكان النص في المادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1971 في شأن تنظيم مجلس الدولة على أنه "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: سابعاً: دعاوى الجنسية"، يدل على أن محاكم مجلس الدولة تختص دون غيرها بالفصل في كافة منازعات الجنسية أياً كانت صورتها، أي سواء أكانت في صورة دعوى أصلية بالجنسية، أم في صورة طعن في قرار إداري صادر في الجنسية، أم في صورة مسألة أولية في دعوى أصلية يتوقف الفصل فيها على الفصل في تلك المسألة ولو كانت الدعوى الأصلية قائمة أمام القضاء العادي في حدود اختصاصه وأثير النزاع في الجنسية وكان الفصل فيها يتوقف عليه الفصل في الدعوى، إذ يتعين على المحكمة في هذه الحالة أن توقف الدعوى وتحدد للخصم ميعاداً يستصدر فيه حكماً نهائياً من مجلس الدولة في مسألة الجنسية، وإذا قصر الخصم في استصدار حكم نهائي في هذه المسألة في المدة المحددة كان للمحكمة أن تفصل في الدعوى بحالتها، أما إذا رأت المحكمة أن وجه المسألة في الجنسية ظاهر بحيث لا يحتاج الأمر للفصل فيه بمعرفة مجلس الدولة أغفلت المسألة وحكمت في موضوع الدعوى على أساس ما ثبت لديها من وقائعها في شأن الجنسية، وذلك عملاً بالمادة 16 من القانون رقم 46 لسنة 1972 في شأن السلطة القضائية والمادة 129 من قانون المرافعات، لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن تمسك في دفاعه بأنه يعمل ضابطاً بالقوات الجوية المصرية، ويتمتع بجنسية جمهورية مصر العربية، ويحق له تبعاً لذلك الاستفادة من حكم المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والبقاء في العين المؤجرة إذ أنه أمضى فيها مدة تزيد على عشر سنوات متصلة سابقة 9 - 9 - 1977 تاريخ العمل بذلك القانون، وقدم تأييداً لذلك الدفاع بطاقة تحقيق شخصية خاصة بضباط القوات الجوية المصرية وجواز سفر مصري، وكانت محكمة الموضوع قد بحثت دفاع الطاعن ورفضته على أساس أنه سوري الجنسية فلا يحق له الاستفادة من حكم المادة 46 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وكان الدفع بعدم الاختصاص الولائي يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام ولو لم يدفع به أمامها، فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به حتى لو تنازل عنه الخصوم، ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، كما يجوز لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها، لما كان ذلك، وكان الفصل في جنسية الطاعن مسألة أولية تخرج عن نطاق الاختصاص الولائي للمحاكم، وتدخل في اختصاص مجلس الدولة وحده طبقاً للمادة 10 من القانون رقم 47 لسنة 1972 على ما سلف بيانه وكان النزاع على جنسية الطاعن نزاعاً جدياً بتوقف على الفصل فيه الفصل في الدعوى، فإن الحكم المطعون فيه إذ فصل في هذه المسألة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وخرج بقضائه عن الاختصاص الولائي للمحكمة، ولما كان هذا الاختصاص يتعلق بالنظام العام فإن لمحكمة النقض أن تثيره من تلقاء نفسها، عملاً بالحق المخول لها في المادة 253/ 2 من قانون المرافعات. ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.