أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1501

جلسة 16 من مايو سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم محمد هاشم، محمود حسن رمضان، محمد علي هاشم ومحمود شوقي أحمد.

(271)
الطعن رقم 89 لسنة 47 قضائية

(1) دعوى "الخصوم في الدعوى". إيجار.
دعوى الطرد للغصب. اختصام غير المغتصب لا موجب له.
(2) حراسة "حراسة قضائية".
سلطة الحارس القضائي، نطاقها. الدعاوى المتعلقة بأعمال حفظ وصيانة الأموال محل الحراسة وجوب رفعها من الحارس أو عليه دون المالك.
(3 و4) إيجار "إيجار الأماكن" "بيع الجدك" محكمة الموضوع.
(3) المتجر في معنى المادة 549 مدني. بيع المتجر. للمتعاقدين حرية تحديد العناصر التي يتركب منها. لمحكمة الموضوع سلطة تقديرها. شرطه أن يكون استخلاصها سائغاً.
(4) بيع المتجر. شرطه. أن يكون الشراء بقصد ممارسة ذات النشاط الذي كان يزاوله البائع.
1 - دعوى الطرد المؤسسة على الغصب لا تستوجب اختصام غير المغتصب المطلوب طرده من العين المغتصبة.
2 - سلطة الحارس القضائي وفقاً لنص المادة 734 من القانون المدني تلزمه المحافظة على الأموال التي يتسلمها بمراعاة طبيعتها والظروف المحيطة بها وما تتطلبه من أعمال لرعايتها، باذلاً في ذلك عناية الرجل المعتاد، ولا يكتفي بالعناية التي يتوخاها عادة في شئون الشخصية، وكان هذا الالتزام الملقى على عاتق الحارس لا يقتصر على حفظ الأموال مما قد يصيبها من أعمال مادية، بل يوجب عليه أيضاً أن يتفادى بشأنها ما قد يعتريها من أضرار باتخاذ ما تستدعيه من إجراءات إدارية أو قضائية في صددها، وكانت طبيعة هذا الالتزام وانصبابه على مال مشمول بالحراسة وموجود حكماً أو فعلاً في حوزة الحارس يقتضي أن ترفع منه أو عليه - دون المالك للمال - كافة الدعاوى المتعلقة بأعمال الحفظ والصيانة الداخلة في سلطته.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المتجر في معنى المادة 594 من القانون المدني يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية، وأن المقومات المعنوية هي عماد فكرته وأهم عناصره ولا يلزم توافرها جميعاً لتكوينه ويتوقف تحديد العناصر التي لا غنى عنها لوجود المحل التجاري على نوع التجارة التي يزاولها المحل - ولئن كان للمتعاقدين حرية تحديد العناصر التي يتركب منها المتجر الذي يجريان عليه التعاقد، إلا أن لمحكمة الموضوع سلطة الفصل فيما إذا كانت العناصر المعروضة عليها كافية لوجود المتجر، غير متقيدة في هذا الشأن بما يقدرانه أو بالوصف الذي يضفيانه على التعاقد ولها - وهي بسبيل التعرف على حقيقة العقد، والتحري عن قصد المتصرف من تصرفه - تقدير الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى واستخلاص ما تقتنع به، متى كان استخلاصها سائغاً متفقاً مع الثابت بالأوراق.
4 - الحكمة من الاستثناء المقرر بالمادة 594/ 1 سالفة البيان هي - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - رغبة المشرع في البقاء على الرواج المالي والتجاري في البلاد بتسهيل بيع المتجر عندما يضطر صاحبه إلى بيعه وتمكين مشتريه من الاستمرار في استغلاله، وكان مفاد استلزام توافر العنصر المعنوي الخاص بالاتصال بالعملاء وجوب أن يكون الشراء بقصد ممارسة ذات النشاط وأنه هو الذي كان يزاوله بائع المتجر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام الدعوى رقم 4098/ 75 مدني شمال القاهرة الابتدائية على الطاعنين الأول والثاني طالباً الحكم بطردهما من الشقة المبينة بصحيفة الدعوى، وقال بياناً لها إن الشقة آنفة الذكر كانت تستأجرها المرحومة...... لاستعمالها مخزناً تجارياً، وكانت تقيم فيها إلى أن توفيت، وإذ شغل الطاعنان الشقة بغير سند فقد أقام الدعوى وفي 19 - 5 - 1976 قضت المحكمة بعدم قبول تدخل الطاعن الثالث وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة المبدى من الطاعن الأول وبطرد الطاعنين، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 2882 لسنة 93 قضائية القاهرة وفي 23 - 6 - 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب ينعى الطاعنون فيها بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا في دفاعهم بأنهم يشغلون شقة النزاع بشرائها بالجدك من المستأجرة لها قبل وفاتها، ودفعوا بعدم قبول الدعوى لرفعها عليهم دون اختصام المستأجرة التي باعت لهم الشقة، وإذ قضى الحكم بطردهم بدون هذا الاختصام فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كانت دعوى الطرد المؤسسة على الغصب لا تستوجب اختصام غير المغتصب المطلوب طرده من العين المغتصبة، وكان الثابت أن المطعون ضده أقام دعواه ضد الطاعنين الأول والثاني طالباً طردهما لغصبهما شقته بعد وفاة المستأجرة لها عن غير وارث وانتفاء صلتهما بها، ورد الحكم على دفاع الطاعنين من عدم قبول الدعوى لعدم اختصام المستأجرة الشقة بقوله: "حيث إنه بالنسبة للسبب الأول من أسباب الاستئناف وهو الخاص بعدم قبول الدعوى لعدم اختصام المستأجرة الأصلية فإنه مردود عليه بأن الدعوى رفعت أصلاً بطلب الحكم بطرد المستأنفين الأولين لاغتصابهما عين النزاع بعد وفاة المستأجرة الأصلية عن غير وارث ولم تكن مرفوعة بسبب التأجير من الباطن حتى يتعين مخاصمة تلك المستأجرة..... أو ورثتها ومن ثم يكون هذا السبب من الاستئناف على غير أساس ويتعين رفضه"... فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو عابه القصور في التسبيب.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إنهم دفعوا بعدم قبول الدعوى استناداً إلى أن المطعون ضده أقامها بصفته حارساً قضائياً على العقار الكائن به شقة النزاع، وإذ قضى الحكم برفض هذا الدفع رغم أن إقامة الدعوى يعتبر من أعمال التصرف التي لا يجوز للحارس القضائي إقامتها عن المالكين للعقار، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت سلطة الحارس القضائي وفقاً لنص المادة 734 من القانون المدني تلزمه المحافظة على الأموال التي يتسلمها بمراعاة طبيعتها والظروف المحيطة بها، وما تتطلبه من أعمال لرعايتها باذلاً في ذلك عناية الرجل المعتاد، ولا يكتفي بالعناية التي يتوخاها عادة في شئونه الشخصية وكان هذا الالتزام الملقى على عاتق الحارس لا يقتصر على حفظ الأموال مما قد يصيبها من أعمال مادية، بل يوجب عليه أيضاً أن يتفادى بشأنها ما قد يعتريها من أضرار باتخاذ ما تستدعيه من إجراءات إدارية أو قضائية في صددها، وكانت طبيعة هذا الالتزام وانصبابه على مال مشمول بالحراسة وموجود حكماً أو فعلاً في حوزة الحارس. يقتضي أن ترفع منه أو عليه - دون المالك للمال - كافة الدعاوى المتعلقة بأعمال الحفظ والصيانة الداخلة في سلطته، لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن المطعون ضده طلب طرد الطاعنين الأول والثاني على سند من شغلهما شقة النزاع بغير سند وبطريق الغصب، فإن ما سلكه بوصفه حارساً قضائياً بمن أقامة الدعوى وتحديد الطلبات فيها - أياً كان وجه الرأي في سددها - يندرج ضمن سلطة الحارس القضائي في تأدية التزامه بالحفاظ على الأموال المشمولة بحراسته، وهي بذلك تدخل في أعمال الإدارة، لما كان ما سلف وكان الحكم المطعون فيه قد ساير هذا النظر فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا بأنهم شغلوا شقة النزاع بشرائها بالجدك من المستأجرة لها قبل وفاتها، ولما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض هذا الدفاع على سند من أن المستأجرة كانت تستعملها مخزناً تجارياً وأن الطاعنين الأول والثاني اتخذاه سكناً لهما، واستدل الحكم على ذلك بإعلانها بصحيفة الدعوى لاستلام ابنة الطاعن الأول الإعلان بالشقة وهو ما لا يؤدي إلى ذلك كما استلزم الحكم توافر جميع العناصر المادية والمعنوية لتوافر بيع الجدك على خلاف القانون، مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المتجر في معنى المادة 594 من القانون المدني يشمل جميع عناصر من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية وأن المقومات المعنوية هي عماد فكرته وأهم عناصره ولا يلزم توافرها جميعاً لتكوينه، ويتوقف تحديد العناصر التي لا غنى عنها لوجود المحل التجاري على نوع التجارة التي يزاولها المحل - ولئن كان للمتعاقدين حرية تحديد العناصر التي يتركب منها المتجر الذي يجريان عليه التعاقد، وإلا فإن - لمحكمة الموضوع سلطة الفصل فيما إذا كانت العناصر المعروضة عليها كافية لوجود المتجر، غير متقيدة في هذا الشأن بما يقدرانه، أو بالوصف الذي يضيفانه على التعاقد ولها - وهي بسبيل التعرف على حقيقة العقد، والتحري عن قصد المتصرف من تصرفه - تقدير الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى واستخلاص ما تقتنع به متى كان استخلاصها سائغاً، متفقاً مع الثابت بالأوراق ولما كان الحكم الابتدائي الذي أحال عليه الحكم المطعون فيه في أسبابه، قد خلص إلى أن التصرف المنسوب صدوره من المستأجرة قبل وفاتها إلى الطاعن الأول لا تتوافر فيه شروط تطبيق المادة 549 - 2 من القانون المدني سالفة البيان، مستنداً إلى قوله: "وكانت عين النزاع مؤجرة بقصد استعمالها مخزناً تجارياً للسيدة سالفة الذكر وكان المدعى عليه الأول - الطاعن الأول - قد استعملها لسكنه وعائلته الأمر الثابت بإعلان صحيفة الدعوى وقد تسلمت ابنته جانيت الإعلان بعين النزاع بالبناء على ما تقدم لا تعد جدكاً لافتقارها إلى المقومات المعنوية على النحو السالف بيانه وكان المحل مجرد عنصر ثانوي ومن ثم لا يخضع هذا البيع للاستثناء الوارد بالمادة 594 - 2..، كما ورد بالحكم المطعون فيه في هذا الصدد: وقد قرر المستأنف ضده أن المستأجرة كانت تباشر عملها بالمخزن دون الإقامة به للسكنى أما إقامة المستأنفين الأولين - الطاعنين الأول والثاني - بعين النزاع بدليل عدم وجود بضائع مخزونة بها وفقاً لشروط الانتفاع الخاص منها، ووفقاً لعقد بيع الجدك الذي زعمه المستأنفان، ويؤيد ذلك أنهما لم يقدما ما يفيد صفتهما التجارية كمستغلين لعين النزاع. فإن هذا الذي أورده الحكم لا ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون أو الفساد في الاستدلال ذلك أنه لما كانت الحكمة من الاستثناء المقرر بالمادة 594 - 1 سالفة البيان هي - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - رغبة المشرع في البقاء وعلى الرواج المالي والتجاري في البلاد بتسهيل بيع المتجر عندما يضطر صاحبه إلى بيعه وتمكين مشتريه من الاستمرار في استغلاله، وكان مفاد استلزم توافر العنصر المعنوي الخاص بالاتصال بالعملاء وجوب أن يكون الشراء بقصد ممارسة ذات النشاط وأنه هو الذي كان يزاوله بائع المتجر، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قد خلص إلى انتفاء توافر شروط لبيع شقة النزاع بالجدك إلى الطاعن الأول، لما تبين من استعمالها محلاً لسكنه، ودلل على ذلك بقرائن صحيحة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وبني على أسباب سائغة، لها أصلها الثابت بالأوراق وكافية لحمله، فإن ما يثيره الطاعنون من إطراح الحكم دفاعهم من أنهم يشغلون العين ببيع الجدك لا يعدوا أن يكون جدلاً موضوعياً مما يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون النعي على الحكم بهذين السببين غير سديد.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.