أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1508

جلسة 17 من مايو سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد فاضل المرجوشي نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: محمد حسب الله، محمد محمود راسم، عبد الرشيد نوفل وسعيد صقر.

(272)
الطعن رقم 1971 لسنة 50 قضائية

(1) استئناف "الأحكام غير الحائز استئنافها". حكم. خبرة.
الحكم الابتدائي الصادر بندب خبير. تكييفه للعقود موضوع الدعوى. قضاء غير منه للخصومة وغير قابل للتنفيذ الجبري. أثره عدم جواز استئنافه على استقلال. م 212 مرافعات.
(2) استئناف. حكم.
استئناف الحكم المنهي للخصومة. أثره. اعتبار الأحكام السابقة عليه مستأنفة. شرطه. م 229 مرافعات.
المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات، أن المشرع وضع قاعدة عامة مقتضاها أن الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم المنهي للخصومة، سواء كانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات ولم يستثن من ذلك إلا الأحكام التي بينها حصراً، وهي الأحكام الوقتية والمستعجلة والقابلة للتنفيذ الجبري، وأن رائده في ذلك على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وما يترتب على ذلك أحياناً من تعويق الفصل في الدعوى مع ما يستتبع ذلك حتما من زيادة نفقات التقاضي، ولما كان البين من الأوراق أن كلاً من الدعويين أقيمت بطلب أحقية المطعون ضدهم لفئات مالية معنية وما يترتب على ذلك من آثار، فضلاً عن إلزام الطاعنة بالتعويض، وكان الحكم الصادر بتاريخ..... - بإعادة المأمورية للخبير، لم يفصل في أي من هذه الطلبات وإنما اقتصر على تفسير عقود عمل المطعون ضدهم بأنها عقود تلمذة صناعية وتعتبر معادلة لشهادة التدريب المهني التابع لمصلحة الكفاية الإنتاجية، وكان الحكم غير منه للخصومة ويخرج عن نطاق الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، وكان الحكم المنهي للخصومة لم يصدر إلا في تاريخ لاحق، فإن الطعن في ذلك الحكم على استقلال يكون غير جائز وفقاً لنص المادة المشار إليها.
2 - مفاد نص المادتين 229/ 1، 232 من قانون المرافعات مرتبطتين وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه تعتبر مستأنفة مع استئناف الحكم المنهي للخصومة جميع الأحكام الصادرة قبله، بشرط ألا تكون هذه الأحكام قد قبلت ممن استأنفها صراحة وأن يقتصر نظر الاستئناف على الحدود التي يقررها الأثر الناقل للاستئناف فلا يطرح على المحكمة الاستئنافية إلا ما رفع عنه الاستئناف فقط.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم من الثامن للأخير أقاموا الدعوى رقم 1492 سنة 1974 كلي قنا على الطاعنة - شركة السكر والتقطير المصرية وطلبوا الحكم بأحقية كل منهم للفئة التاسعة اعتباراً من
5 - 8 - 1970 وللفئة الثامنة اعتباراً من 5 - 8 - 1973، وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الطاعنة بأن تدفع لكل منهم تعويضاً قدره مائة جنيه، كما أقام المطعون ضدهم السبعة الأول الدعوى رقم 1493 سنة 1974 كلي قنا على الطاعنة، وطلبوا الحكم بأحقية الستة الأول منهم للفئة التاسعة اعتباراً من 16 - 8 - 1970، وللفئة الثامنة من 16 - 8 - 1973 وبأحقية المطعون ضده السابع للفئة الثامنة اعتباراً من 2 - 7 - 1972 وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلزام الطاعنة بأن تدفع لكل منهم تعويضاً قدره مائة جنيه، وقالوا بياناً لهم، إنهم حاصلون على شهادة الإعدادية وما يعادلها وهي الإعدادية الصناعية، ثم تدرجوا على نظام التلمذة الصناعية ومراكز التدريب المهني لمدة ثلاث سنوات، وقامت الطاعنة فور تخرجهم من مركز التدريب لديها، بتعيين كل منهم بالفئة العاشرة وإذ كان كل منهم يستحق الفئة التاسعة منذ تعيينه وفقاً لمؤهله والجداول المعتمدة وأسوة بأقران له، فقد أقاموا الدعويين بطلباتهم آنفة البيان، قررت المحكمة ضم الدعويين، وبتاريخ
19 - 3 - 1975 قضت بندب مكتب الخبراء الحكومي لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن أودع الخبير تقريره، حكمت بتاريخ 28 - 6 - 1977 بإعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لمباشرتها على ضوء اعتراضات المطعون ضدهم بتفسير العقود المبرمة بينهم وبين الطاعنة بأنها عقود تلمذة صناعية وأنها تعتبر معادلة لشهادة التدريب المهني التابع لمصلحة الكفاية الإنتاجية - وبعد أن أودع الخبير تقريره التكميلي، وحكمت في 24 - 2 - 1979 في الدعويين: باستحقاق كل من المطعون ضدهم للفئة الثامنة اعتباراً من التاريخ المبين قرين كل منهم بمنطوق الحكم وبإلزام الطاعنة بأن تدفع لكل منهم المبلغ الموضح به، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 2 - 10 سنة 54 ق أسيوط (مأمورية قنا) وبتاريخ 17 - 6 - 1980 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن في غرفة المشورة، وتحدد لنظره جلسة 25 - 1 - 1981 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه برفض الاستئناف على أن الحكم الابتدائي الصادر في 28 - 6 - 1977 صار نهائياً فيما قطع فيه من تفسير عقود عمل المطعون ضدهم بأنها عقود تلمذة صناعية واعتبارها معادلة لشهادة التدريب المهني التابع لمصلحة الكفاية الإنتاجية استناداً إلى عدم الطعن فيه على استقلال، وهو ما لم يكن جائزاً إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة والصادر بتاريخ 24 - 2 - 1979 إعمالاً للمادة 212 من قانون المرافعات وإذ كان استئناف الطاعنة لهذا الحكم، إنما - يستتبع استئناف الأحكام السابق صدورها في القضية وفقاً للمادة 229 من قانون المرافعات، كما ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع الاستئناف عنه تطبيقاً للمادة 232 من قانون المرافعات وكانت الطاعنة قد أسست موضوع استئنافها على عدم وجود معادلة عقود العمل مثار النزاع بشهادة دراسية، مما تحجب الحكم المطعون فيه عن بحثه، فإنه يكون قد شابه القصور فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك لأنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادة 212 من قانون المرافعات أن المشرع وضع قاعدة عامة مقتضاها أن الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم المنهي للخصومة سواء أكانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات، ولم يستثن من ذلك إلا الأحكام التي بينها حصراً، وهي الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والقابلة للتنفيذ الجبري، وأن رائده في ذلك - على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية - هو الرغبة في منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين مختلف المحاكم وما يترتب على ذلك أحياناً من تعويق الفصل في موضوع الدعوى، مع ما يستتبع ذلك حتماً من زيادة نفقات التقاضي، ولما كان البين من الأوراق أن كلاً من الدعويين أقيمت بطلب أحقية المطعون ضدهم لفئات مالية معينة وما يترتب على ذلك من آثار فضلاً عن إلزام الطاعنة، وكان الحكم الصادر بتاريخ 28 - 6 - 1977 - بإعادة المأمورية للخبير - لم يفصل في أي من هذه الطلبات وإنما اقتصر على تفسير عقود عمل المطعون ضدهم بأنها عقود تلمذة صناعية وتعتبر معادلة لشهادة التدريب المهني التابع لمصلحة الكفاية الإنتاجية، وكان هذا الحكم قطعياً غير منه للخصومة - ويخرج عن نطاق الأحكام القابلة للتنفيذ الجبري، وكان الحكم المنهي للخصومة لم يصدر إلا في تاريخ لاحق، فإن الطعن في ذلك الحكم على استقلال يكون غير جائز وفقاً لنص المادة المشار إليها، وإذ كان مفاد المادتين 229 - 1 و232 من قانون المرافعات مرتبطتين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه تعتبر مستأنفة مع استئناف الحكم المنهي للخصومة جميع الأحكام الصادرة قبله، بشرط ألا تكون هذه الأحكام قد قبلت ممن استأنفها صراحة، وأن يقتصر نظر الاستئناف على الحدود التي يقرها الأثر الناقل للاستئناف فلا يطرح على المحكمة الاستئنافية إلا ما رفع الاستئناف عنه فقط، لما كان ذلك، وكان البين من صحيفة الاستئناف أنها تناولت طلب إلغاء القضاء الصادر من محكمة أول درجة بتاريخ 28 - 6 - 1977، كما عرضت لأوجه منازعة - الطاعنة فيما انتهى إليه بشأن تفسيره عقود عمل المطعون ضدهم ومعادلتها بشهادة دراسية، مما يعتبر مطروحاً على محكمة الاستئناف، ويتعين عليها أن تقول كلمتها فيها، وإذ حجب الحكم المطعون فيه نفسه عن بحث ما تثيره الطاعنة بشأن تفسير تلك العقود وتكييفها، وهو دفاع جوهري، على سند من القول بصيرورة ذلك القضاء نهائياً لعدم الطعن عليه استقلالاً بالاستئناف. فإنه يكون معيباً بالقصور فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون، بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.