أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1513

جلسة 17 من مايو سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد فاضل المرجوشي نائب رئيس المحكمة. وعضوية السادة المستشارين: محمد حسب الله، محمد محمود راسم، محمود صدقي خليل وسعيد صقر.

(273)
الطعن رقم 1798 لسنة 50 القضائية

(1) عمل "علاقة العمل". بنوك.
(1) العاملون ببنك مصر. علاقتهم به اعتباراً من 20 - 4 - 1965 علاقة عقدية. القرار الجمهوري 872 لسنة 1965.
(3،2) عمل "العاملون بالقطاع العام". شركات "اختصاص ولائي".
(2) شركات القطاع العام، لا تمثل جهازاً إدارياً. اعتبارها من أشخاص القانون الخاص: اختصاص القضاء العادي بنظر دعاوى العاملين للمطالبة بحقوقهم قبلها.
(3) قرار الوزير المختص لتعيين وترقية العاملين في وظائف الإدارة العليا بشركات القطاع العام. ق 61 لسنة 1971. قرار صادر في نطاق العلاقة العقدية وفي غير مجال الوظائف العامة. المنازعة المتعلقة بهذا القرار. اختصاص القضاء العادي بالفصل فيه.
(4) عمل "الترقية" شركات "شركات القطاع".
(4) ترقية العاملين بشركات القطاع العام إلى المستويين الأول والثاني، أساسه الاختيار على أساس الكفاية دون اعتداد بالأقدمية. اختصاص جهة العمل بوضع ضوابط ومعايير الترقية ق 61 لسنة 1971.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن بنك مصر منذ أن تحول من مؤسسة عامة إلى شركة مساهمة بصدور القرار الجمهوري رقم 872 لسنة 1965 في 20 - 4 - 65 فقد أصبحت علاقته بموظفيه اعتباراً من هذا التاريخ علاقة تعاقدية تخضع لأحكام قانون العمل كما تخضع لأحكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القانون رقم 61 لسنة 1971.
2 - إذ كانت شركات القطاع العام لا تدار عن طريق الدولة وإنما تدار عن طريق مجلس إدارتها ومن ثم فهي لا تمثل جهازاً إدارياً ولا تعتبر من أشخاص القانون العام بل تظل رغم ملكية الدولة لها شخصاً من أشخاص القانون الخاص ولا يعتبر العاملين بها من الموظفين العموميين مما مقتضاه أن تكون جهة القضاء العادي هي المختصة بنظر الدعاوى التي يرفعها العاملون بهذه الشركات للمطالبة بحقوقهم قبلها.
3 - التعيين والترقية في وظائف الإدارة العليا ومنها الفئة الأولي بقرار من الوزير المختص تطبيقاً لحكم المادتين الخامسة والتاسعة من القانون رقم 61 لسنة 1971 لا يعدو أن يكون في حقيقته تنظيماً للعلاقة التعاقدية القائمة بين الشركات والعاملين بها يمنح الوزير المختص سلطة التعيين والترقية في تلك الوظائف ضماناً لحسن سير العمل في القطاع العام، ويكون هذا القرار بحسب طبيعة الموضوع المتعلق به ليس قراراً صادراً في المجال الإداري لصدوره في نطاق العلاقة العقدية الخاصة وإذ كانت محاكم مجلس الدولة تطبيقاً لحكم المادة العاشرة من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 تختص بنظر "الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العامة أو الترقية أو بمنح العلاوات، وكان قرار الترقية محل النزاع الصادر من وزير المالية لم يصدر في مجال الوظائف العامة باعتبار أن المطعون ضده ليس موظفاً عمومياً على ما سلف بيانه ومن ثم فلا ينعقد الاختصاص بنظر هذه المنازعة لجهة القضاء الإداري.
4 - مفاد نص المادة الثامنة من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون 61 لسنة 1971 المنطبق على واقعة الدعوى أن المشرع جعل الترقية إلى المستويين الأول والثاني بالاختيار على أساس الكفاية دون اعتداد بالأقدمية على خلاف ما كانت تنص عليه اللائحتان السابقتان لنظام العاملين بالقطاع العام رقم 3546 لسنة 1962، 3309 لسنة 1966 إذ كان المشرع يعتد بالأقدمية عند تساوي المرشحين في الكفاية فخول القانون السلف الذكر جهة العمل وضع الضوابط والمعايير اللازمة للترقية وفق ظروف وطبيعة نشاط المؤسسة أو الوحدة الاقتصادية ومنح جهة العمل وحدها حق اختيار الأصلح من العاملين لديها للترقية إلى المستويين الأول والثاني ملتزمة في ذلك بما تضعه من ضوابط ومعايير وفق وما تقتضيه مصلحة العمل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 552 لسنة 1978 عمال كلي جنوب القاهرة طالباً أحقيته للترقية إلى الفئة الأولى اعتباراً من 23 - 9 - 1975 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذكر بياناً لها إنه التحق بالعمل لدى البنك الطاعن في سنة 1943 وظل يتدرج في وظائفه حتى وصل إلى وظيفة وكيل مكتب من الدرجة الرابعة وإذ تخطاه البنك في الترقية إلى الفئة الثانية لجأ إلى القضاء وقضي بأحقيته للفئة الثالثة اعتباراً من 26 - 6 - 1965 وبأحقيته للفئة الثانية اعتباراً من 1 - 11 - 1973 وبتاريخ 23 - 9 - 1975 رقى عدد من زملائه كما رقى آخرين من بعدهم إلى الفئة الأولى متخطياً إياه في الترقية وإذ كان يسبقهم جميعاً في الأقدمية فقد أقام دعواه بطلباته السالفة البيان، وبتاريخ 27 - 11 - 1978 قضت المحكمة بندب خبير لمباشرة المهمة المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت في 24 - 12 - 1976 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 166 لسنة 97 ق. وبتاريخ 17 - 6 - 1980 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون ضده في الترقية إلى الفئة الأول في وظيفة مدير إدارة عامة اعتباراً من 23 - 9 - 1975 وبإلزام البنك الطاعن بأن يؤدي إليه مبلغ 290.566 جنيه جملة الفروق المالية المستحقة له عن المدة من 1 - 10 - 1975 حتى 3 - 4 - 1978. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن في غرفة المشورة وتحدد لنظره أخيراً جلسة اليوم وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول من أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون لمخالفته قواعد الاختصاص الولائي، وفي بيان ذلك يقول إن الدعوى في حقيقتها تتضمن طعناً في قرار وزير المالية رقم 335 لسنة 1975 بشأن تعيين بعض العاملين بالبنك في مستوى الإدارة العلياً، والصادر تطبيقاً لحكم المادة الخامسة من القانون رقم 61 لسنة 1971، وإذ كان طلب إلغاء هذا القرار الإداري فيما تضمنه من عدم ترقية المطعون ضده إلى هذا المستوى مما تختص بنظره، محكمة القضاء الإداري، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذه القواعد فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن بنك مصر منذ أن تحول من مؤسسة عامة إلى شركة مساهمة بصدور القرار الجمهوري رقم 872 لسنة 1965 في 20 - 4 - 1965 فقد أصبحت علاقته بموظفيه اعتباراً من هذا التاريخ علاقة تعاقدية تخضع لأحكام قانون العمل كما تخضع لأحكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر به القانون رقم 61 لسنة 1971، وكانت شركات القطاع العام لا تدار عن طريق الدولة وإنما تدار عن طريق مجلس إدارتها ومن ثم لا تمثل جهازاً إدارياً ولا تعتبر من أشخاص القانون العام بل تظل رغم ملكيته الدولة لها شخصاً من أشخاص القانون الخاص، ولا يعتبر العاملون بها من الموظفين العموميين، مما مقتضاه أن تكون جهة القضاء العادي هي المختصة بنظر الدعاوى التي يدفعها العاملون بهذه الشركات للمطالبة بحقوقهم قبلهم، لما كان ذلك وكان المطعون ضده من العاملين لدى بنك مصر الطاعن وقد أقام دعواه بطلب أحقيته في الترقية إلى الفئة الأولى استناداً لأحكام القانون رقم 61 لسنة 1971، فإن الفصل في هذه المنازعة يكون منعقداً لجهة القضاء العادي ولا يغير من ذلك أن يكون التعيين والترقية في وظائف الإدارة العليا ومنها الفئة الأولى بقرار من الوزير المختص تطبيقاً لأحكام المادتين الخامسة والتاسعة من القانون المذكور، لأن ذلك لا يعدو أن يكون في حقيقته تنظيماً للعلاقة التعاقدية القائمة بين الشركات والعاملين بها، بمنح الوزير المختص سلطة التعيين والترقية في تلك الوظائف ضماناً لحسن سير العمل في القطاع العام، ويكون هذا القرار بحسب طبيعة الموضوع المتعلق به ليس قراراً صادراً في المجال الإداري، لصدوره في نطاق العلاقة العقدية الخاصة، وإذ كانت محاكم مجلس الدولة تطبيقاً لحكم المادة العاشرة من القرار رقم 47 لسنة 1972 تختص بنظر "الطلبات التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن في القرارات الإدارية النهائية الصادرة بالتعيين في الوظائف العاملة أو بمنح العلاوات، وكان قرار الترقية محل النزاع الصادر من وزير المالية، لم يصدر في مجال الوظائف باعتبار أن المطعون ضده ليس موظفاً عمومياً على ما سلف بيانه ومن ثم فلا ينعقد الاختصاص بنظر هذه المنازعة لجهة القضاء الإداري، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وفصل في موضوع الدعوى المطروحة عليه، فإنه لا يكون قد خالف قواعد الاختصاص الولائي، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني من أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون وتأويله، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن المطعون ضده وقت صدور قرار الترقية في 23 - 9 - 1975 لم يكن يشغل وظيفة مدير إدارة ثم شغلها فعلاً في 17 - 5 - 1977. ولما كان مناط الترقية للفئة الأولى بحسب الضوابط التي وضعها البنك، أن يكون الموظف شاغلاً وظيفة مدير إدارة من الفئة الثانية، وكانت الترقية للفئة المذكورة تتم بالاختيار وبحسب الكفاية، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتد في هذا المجال بأقدمية المطعون ضده رغم أن المادة الثامنة من القانون رقم 61 لسنة 1971 لم يعتد بأقدمية العامل في هذا الخصوص ودون أن يقوم ثمة دليل في جانب البنك على إساءة استعمال السلطة في الاختيار، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك لأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة الثامنة من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 المنطبق على واقعة الدعوى تنص على أنه "لا تجوز الترقية إلا لوظيفة خالية بالهيكل التنظيمي للمؤسسة أو الوحدة الاقتصادية وفي الوظيفة الأعلى مباشرة، وبشرط أن يكون المرشح للترقية مستوفياً لاشتراطات شغل الوظيفة، وتكون الترقية إلى وظائف المستوى الأول والثاني بالاختيار على أساس الكفاية كما تنص الفقرة الثامنة من ذات المادة على أنه "ويضع مجلس الإدارة الضوابط والمعايير اللازمة للترقية بحسب ظروف وطبيعة نشاط المؤسسة أو الوحدة الاقتصادية". مما مفاده أن المشرع جعل الترقية إلى المستويين الأول والثاني بالاختيار على أساس الكفاية دون اعتداد بالأقدمية على خلاف ما كانت تنص عليه اللائحتان السابقتان لنظام العاملين بالقطاع العام رقم 3546 لسنة 1962، 3309 لسنة 1966 إذ كان المشرع يعتد بالأقدمية عند تساوي المرشحين للترقية في الكفاية، فخول القانون السالف الذكر جهة العمل وضع الضوابط والمعايير اللازمة للترقية وفق ظروف وطبيعة نشاط المؤسسة أو الوحدة الاقتصادية ومنح جهة العمل وحدها حق اختيار الأصلح من العاملين لديها للترقية إلى المستويين الأول والثاني، وملتزمة في ذلك بما تضعه من ضوابط ومعايير وفق ما تقتضيه مصلحة العمل، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من سلطة رب العمل التنظيمية تقدير كفاية العامل ووضعه في المكان الذي يصلح له، ولا يحده في ذلك إلا عيب إساءة استعمال السلطة إذ قام الدليل عليه متنكباً وجه المصلحة العامة التي يجب أن لا يتغياها في اختياره إلى باعث آخر لا يمت لها بصلة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أحقية المطعون ضده للترقية إلى الفئة الأولى في وظيفة مدير إدارة عامة على ما قرره من أن "الثابت للمحكمة أن البنك المستأنف عليه قد تخطى المستأنف في الترقية للفئة الأولى اعتباراً من 23 - 9 - 1965 في وظيفة من وظائف مستوى الإدارة العليا وذلك بترقية..... الأحدث منه والذي لا يفوقه في تقدير الكفاية، ومن المقرر أنه في الترقية بالاختيار لا يجوز تخطي الأقدم بالأحدث إلا إذا كان الأخير أكفأ أما عند التساوي في الكفاية فيجب ترقية الأقدام، وبغير ذلك تكون الترقية بالاختيار عرضه للتحكم والأهواء...... مما مفاده أن الحكم اعتد بالأقدمية كعنصر مرجح للترقية عند تساوي المرشحين لها في الكفاية مضيفاً بذلك قيداً جديداً لم يرد به نص في قانون رقم 61 لسنة 1971، ودون أن يتحقق من توافر الضوابط والمعايير التي وضعها البنك الطاعن كشرط للترقية للفئة الأولى ودون أن يكشف عن دليل يستبين منه توافر عيب إساءة استعمال السلطة عند تخطي المطعون ضده في الترقية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.