أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1633

جلسة 28 من مايو سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ حسن السنباطي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، أحمد ضياء عبد الرازق، وسعد حسين بدر وعلي عبد الفتاح.

(295)
الطعن رقم 844 لسنة 48 القضائية

(1) ري. حجز "حجز إداري".
التعدي على منافع الري والصرف. لوزارة الري رجوع بمقابل ما عاد على المستفيد دون انتظار صدور قرار بإدانته. ق 74 لسنة 71 المعدل. حقها في توقيع الحجز الإداري لتحصيل مقابل الانتفاع.
(2) حكم "حجية الحكم".
ارتباط القاضي المدني بالحكم الجنائي. شرطه. أن يكون الحكم الجنائي نهائياً صدر في الواقعة المعروضة على القاضي المدني.
1 - مفاد المواد 69 من القانون رقم 74 لسنة 1971 بشأن الري والصرف والمادة 80 من ذات القانون المعدلة بالقانون رقم 68 لسنة 1975 أن يكون لوزارة الري الرجوع على من استفاد من التعدي على منافع الري والصرف بمقابل ما عاد عليه من منفعة نتيجة هذا التعدي دون انتظار لصدور قرار بإدانته عن مخالفته أي حكم من أحكام قانون الري والصرف سالف الذكر من اللجنة المختصة التي نصت عليها المادة 79 من ذات القانون، كما يكون لذات الوزارة بالتالي تحصيل المقابل المذكور بطريق الحجز الإداري، يؤكد ذلك أن المادة 80 من القانون ذاته قبل تعديلها بالقانون رقم 68 لسنة 1975 كانت تستلزم صدور قرار اللجنة المختصة بإدانة المخالف لأحكام هذا القانون قبل أن ترجع وزارة الري عليه بنفقات إعادة الشيء إلى أصله، وكان من الصعب إثبات جرائم التعدي على المخالفين، وهذا ما حدا بالمشرع إلى أن يقوم بتعديل نص المادة المذكورة لسد الثغرة التي أظهرها تطبيق هذه المادة قبل تعديلها فألزم من استفاد من التعدي على منافع الري والصرف بنفقات إعادة الشيء إلى أصله وبمقابل ما عاد عليه من منفعة، ولا تعتبر هذه المبالغ عقوبة بل هي استرداد الدولة للنفقات الفعلية التي تكبدها مقابل إعادة الشيء إلى أصله يتحملها المنتفع لقاء ما عاد عليه من منفعة نتيجة التعدي على مرافق الري والصرف.
2 - من المقرر أن قاعدة ارتباط القاضي المدني بالحكم الجنائي لا يعمل بها إلا إذا كان هناك حكم جنائي نهائي صدر في الواقعة المعروضة على القاضي المدني حسبما هو مفهوم نص المادة 102 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1868.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما الدعوى رقم 479 سنة 1976 تنفيذ بلقاس ضد الطاعن (وزير الري بصفته) وآخر طالبين الحكم بعدم الاعتداد بالحجز الإداري الموقع لصالح الطاعن وكذا كافة الإجراءات المترتبة عليه، وقالا بياناً لها إن حجزاً إدارياً توقع ضدهما بتاريخ 20 - 10 - 1976 وفاء لمبلغ 392.700 جنيهاً بحجة أنهما استوليا على أتربة من أحد الجسور العامة وقدرت وزارة الري قيمتها بالمبلغ المذكور، وإذ كان هذا الحجز قد وقع باطلاً فقد أقاما الدعوى بطلباتهما سالفة البيان، وبتاريخ 26 - 3 - 1977 حكمت المحكمة في منازعة تنفيذ برفض الدعوى والاستمرار في تنفيذ الحجز الإداري الموقع. استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 320 سنة 29 ق المنصورة، وفي 7 - 3 - 1978 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم الاعتداد بالحجز الإداري الموقع في 10 - 10 - 1976 والإجراءات المترتبة عليه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض أحكام الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن الحكم ذهب إلى أن الدين المحجوز من أجله غير محقق الوجود طالما لم يصدر قرار بإدانة المطعون عليهما - وهما المستفيدان من التعدي على منافع الري والصرف - من اللجنة المختصة، وأنه لا يحق للطاعن مطالبتهما بمقابل ما عاد عليهما من منفعة وذلك طبقاً للقاعدة العامة التي تقضي بارتباط القاضي المدني بالحكم الجنائي وإذ كان نص المادة 80 من القانون رقم 74 لسنة 1971 بعد تعديله بالقانون رقم 68 سنة 1975 جاء مطلقاً من أي قيد يقيده بوجوب صدور قرار من اللجنة المختصة بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون، وكانت قاعدة ارتباط القاضي المدني بالحكم الجنائي لا يعمل بها إلا حيث يكون قد صدر حكم جنائي نهائي في الواقعة المعروضة على القاضي المدني، ومن ثم فلا على المضرور - في حالة عدم رفع الدعوى الجنائية - إن لم ينتظر رفعها ويكون له أن يقيم دعواه المدنية بالتعويض أمام المحكمة المدنية التي يتعين عليها البحث في مدى نسبة الفعل إلى مرتكبه، ولما كان من أحكام الحجز الإداري أن الجهة الإدارية الدائنة تقوم بتحقيق الدين المستحق لها وتعيين مقداره على أن يكون للمدين المنازعة في ذلك أمام القضاء وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك لأن المشرع حظر في المادة 69 من القانون رقم 74 لسنة 1971 بشأن الري والصرف القيام ببعض الأفعال ومنها "أخذ أتربة أو أحجار أو غير ذلك من المواد والمهمات الأخرى من جسور النيل أو من جسور الترع العامة والمصارف العامة أو من الأعمال الصناعية أو أي عمل آخر داخل في الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف".
وإذ كانت المادة 80 من ذات القانون المعدلة بالقانون رقم 68 سنة 1975 والمعمول به في تاريخ نشره في 31 - 7 - 1975 قد نصت على أن "لمهندس الري المختص عند وقوع تعد على منافع الري والصرف أن يكلف من استفاد من هذا التعدي إعادة الشيء إلى أصله في ميعاد يحدده وإلا قام بذلك على نفقته ويتم التكليف بإخطار المستفيد شخصياً أو بكتاب موصى عليه أو بإثبات ذلك في المحضر الذي يحرره مهندس الري وفي هذه الحالة يلتزم المستفيد بأداء مبلغ عشرين جنيهاً فوراً يجوز تحصيلها بطريق الحجز الإداري تحت حساب إعادة الشيء إلى أصله، وفي جميع الأحوال يلزم المستفيد بأداء مقابل ما عاد عليه من منفعة طبقاً للفئات التي يصدر بها قرار من وزير الري" وكانت المادة 84 من القانون ذاته قد نصت على أن "جميع المبالغ التي تستحق للدولة بمقتضى أحكام هذا القانون يكون لها امتياز على أموال المدين وفقاً لأحكام المادة 1139 من القانون المدني على أن تأتي في الترتيب بعد المصروفات القضائية وتحصل بطريق الحجز الإداري" فإنه يكون لوزارة الري الرجوع على من استفاد من التعدي على منافع الري والصرف بمقابل ما عاد عليه من منفعة نتيجة هذا التعدي دون انتظار لصدور قرار بإدانته عن مخالفته أي حكم من أحكام قانون الري والصرف سالف الذكر من اللجنة المختصة التي نصت عليها المادة 71 من ذات القانون، كما يكون لذات الوزارة بالتالي تحصيل المقابل المذكور بطريق الحجز الإداري، يؤكد ذلك أن المادة 80 من القانون ذاته قبل تعديلها بالقانون رقم 68 سنة 1975 كانت تستلزم صدور قرار اللجنة المختصة بإدانة المخالف لأحكام القانون قبل أن ترجع وزارة الري عليه بنفقات إعادة الشيء إلى أصله، وكان من الصعب إثبات جرائم التعدي على المخالفين لأنها - حسبما جاء بتقرير لجنة الزراعة والري عن مشروع القانون رقم 68 سنة 1975 - "تقع في أغلب الأحوال في ظلمة الليل بعيد عن أعين رجال الأمن والري ومن شأن ذلك تشجيع البعض على التعدي على منافع الري والصرف غير مراعين إلا منفعتهم الشخصية دون مراعاة للمصلحة العامة ومصلحة غيرهم من المواطنين الأمر الذي أدى إلى زيادة الشكوى في السنوات الأخيرة من سوء حالة شبكة الري والصرف بدرجة أعجزتها عن التشغيل بالكفاءة المطلوبة، وقد تكبدت الدولة مبالغ طائلة لإزالة هذه التعديات وإعادة الشيء إلى أصله لأن المادة 80 قبل تعديلها لا تجيز لوزارة الري الرجوع بهذه النفقات إلا على من ثبت إدانته". وهذا ما حدا بالمشرع إلى أن يقوم بتعديل نص المادة المذكور لسد الثغرة التي أظهرها تطبيق هذه المادة قبل تعديلها فألزم من استفاد من التعدي على منافع الري والصرف بنفقات إعادة الشيء إلى أصله وبمقابل ما عاد عليه من منفعة، ولا تعتبر هذه المبالغ عقوبة بل هي استرداد الدولة للنفقات الفعلية التي تكبدتها مقابل إعادة الشيء إلى أصله يتحملها المنتفع لقاء ما عاد عليه من منفعة نتيجة التعدي على مرافق الري والصرف. ولما كان البين من المحضرين المحررين بمعرفة مهندس الري والمودعين ملف الطعن - أن وزارة الري قدرت مبلغ مائة قرش عن كل متر مكعب من الأتربة التي أخذت من أحد الجسور العامة دون ترخيص وألزمت المطعون عليهما به - باعتبار أنهما المستفيدان من التعدي على منافع الري والصرف - كنفقة إعادة الشيء إلى أصله ومقابل ما عاد عليهما من منفعة، حسبما نصت عليه المادة الرابعة من قرار وزير الري رقم 13597 سنة 1976 في شأن ثمن الأتربة والرمال والطمي التي تؤخذ من مجرى النيل، فإن أمر الحجز الذي أصدرته وزارة الري، وقد تم وفقاً لأحكام قانون الحجز الإداري، يكون قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون، لما كان ذلك وكان من المقرر أن قاعدة ارتباط القاضي المدني بالحكم الجنائي لا يعمل بها إلا إذا كان هناك حكم جنائي نهائي صدر في الواقعة المعروضة على القاضي المدني حسبما هو مفهوم نص المادة 102 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 سنة 1968 من أن "لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً" وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وذهب إلى أن "المشرع بتعديله نص المادة 80 من قانون الري والصرف ترك الأمر للقاعدة العامة التي تقضي بارتباط القاضي المدني بالحكم الجنائي، وطالما أن الطاعن لم ينازع في أن اللجنة المنصوص عليها في المادة 79 من القانون المذكور لم تفصل في جريمة أخذ الأتربة بعد على النحو الذي دفع به المطعون عليها، وأن المنفذ به هو ثمن الأتربة فإن الدين يكون ما زال غير محقق الوجود ويكون الحجز به لذلك سابقاً لأوانه" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.