أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1673

جلسة 2 من يونيه سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد صدقي العصار - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين. إبراهيم فوده، منير عبد المجيد، محمد إبراهيم خليل وعلي السعدني.

(299)
الطعن رقم 570 لسنة 46 القضائية

(1) إثبات "الإقرار غير القضائي". حكم "عيوب التدليل". محكمة الموضوع "تفسير المحررات". عمل.
خروج الحكم المطعون فيه في تفسيره للإقرار عما تحتمله عبارته. يعيبه. مثال في عمل.
(2) مسئولية "المسئولية الشيئية". حكم "ما يعد قصوراً".
الحراسة الموجبة للمسئولية عن الأشياء. مناطها. إقامة الحكم قضاءه بمسئولية الطاعنة على قواعد المسئولية الشيئية دون بحث دفاعها بأن الحراسة قد انتقلت إلى مرتكب الحادث، خطأ وقصور.
1 - إذ كان البين من المحرر الذي أشار إليه الحكم المطعون فيه أنه إقرار مأخوذ على المقر الموصوف فيه بأنه تاجر باستلامه من الطاعنة الأدوات المدونة به على سبيل العارية لاستعمالها في الغرض المعارة من أجله، وكانت عبارات المحرر المذكور لا تفيد المعنى الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن مرتكب الحادث يعمل لحساب الشركة الطاعنة بائعاً متجولاً، فإن الحكم يكون قد خرج في تفسيره عما تحتمله عباراته وجاوز المعنى الظاهر لها مما يعيبه بمخالفة الثابت بالأوراق وفساد الاستدلال.
2 - الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض طبقاً لنص المادة 178 من القانون المدني إنما تتحقق بسيطرة الشخص الطبيعي أو المعنوي على الشيء سيطرة فعلية في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمسئولية الشركة الطاعنة على قواعد المسئولية الشيئية تأسيساً على أنها هي المالكة للعربة التي اقترفت الحادث وأن حيازة السابق لها كانت حيازة عرضية، دون أن يعن بتحقيق دفاع الطاعنة بأن الحراسة قد انتقلت إلى مرتكب الحادث الذي يعمل لحساب نفسه كتاجر دون رقابة أو توجيه منها، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه بصفته ولياً على ابنه القاصر.... أقام الدعوى رقم 1094 سنة 1974 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعن وآخرين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 40000 ج وقال بياناً للدعوى إن عربة الكيروسين بقيادة المدعى عليه الأول - ...... صدمت ابنه..... فأحدثت به إصابة أدت إلى بتر ساقه اليسرى وقضي نهائياً في الجنحة رقم 1355 سنة 1971 الساحل بإدانته، ولما كان الطاعن مسئولاً معه مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة الذكر تعويضاً عما أصابه من ضرر، وبتاريخ 3 - 2 - 1975 حكمت المحكمة برفض الدعوى بالنسبة للطاعن. استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1240 سنة 92 مدني، وبتاريخ 18 - 4 - 1976 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع له 2000 ج، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق وفساد الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بنفي التبعية بين الشركة التي يمثلها وبين باعة الكيروسين الجائلين ومنهم - ........ - مرتكب الحادث الذي سبب الضرر لابن المطعون عليه وبأن المذكور تاجر يعمل لحساب نفسه وحيازته للعربة حيازة كاملة توجب مسئوليته وحده كحارس لها، وأن نصوص العقد المبرم بين الشركة والمذكور صريحة في أنه تاجر وأن الأدوات المسلمة له إنما تسلمها على سبيل العارية لاستغلالها في نشاطه التجاري، غير أن الحكم المطعون فيه دون أن يحقق دفاعه ذهب إلى افتراض أن بائع الكيروسين الجائل - مرتكب الحادث - عامل لدى الشركة الطاعنة وصادر الطاعن على مطلوبه عندما أورد أن هؤلاء العمال ليسوا من الطوائف المستثناة في معنى المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي ورتب على ذلك أن علاقة التبعية تقوم بينهم وبين الشركة الطاعنة التي تكون مسئولة معهم مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة، ومسخ عبارات العقد المبرم بينهما وحرف نصوصه عندما انتهى على أنها تفيد أن مرتكب الحادث يعمل لحساب الطاعنة وأقام قضاءه من باب الاحتياط على المسئولية الشيئية باعتبار أن حيازة مرتكب الحادث للعربة التي تسلمها من الشركة الطاعنة كانت حيازة عارضة ورفض طلب الطاعنة بندب خبير أو إحالة الدعوى إلى التحقيق لاستجلاء حقيقة العلاقة بينهما فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المناط في تكييف رابطة العمل هو بتوفر عنصر التبعية التي تتمثل في خضوع العامل لرب العمل وإشرافه ورقابته وهو ما نصت عليه المادة 674 من القانون المدني وكذا المادة 42 من القانون رقم 91 لسنة 1959 بشأن عقد العمل الفردي، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على "... أن هؤلاء العمال ليسوا من الطوائف المستثناة في نص المادة الأولى من المرسوم بقانون 317 لسنة 1952.. ومتى انتفى وجه الاستثناء... سرى في حقهم عقد العمل... وهنا تقوم علاقة التبعية أو مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه.... ومتى خلصت المحكمة من وجود علاقة التبعية بين شركات البترول ومنها "شركة موبل أويل" تعين البحث في توفر هذه العلاقة بين من اقترف الحادث وهو..... وبين الشركة وثابت من عقد الشركة ذاته أنه يعمل لحسابها بائعاً متجولاً للغاز ونص في العقد على كيفية وشروط تسلمه للأدوات وسبيل ردها ومنها عربة الغاز المسلمة إليه..."، مما مفاده أن الحكم أسبغ على بائع الكيروسين مرتكب الحادث وصف العامل دون تحقيق دفاع الطاعنة الذي تمسكت به أمام محكمة الاستئناف بنفي علاقة العمل بينهما وبين مرتكب الحادث - ...... - تأسيساً على أنه تاجر يعمل لحساب نفسه وليس للطاعنة عليه حق الرقابة أو الإشراف، وهو دفاع جوهري قد يتغير بتحقيقه وجه الرأي في الحكم في الدعوى مما يعيب الحكم بالقصور هذا إلى أن البين من المحرر الذي أشار إليه الحكم المطعون فيه أنه إقرار مأخوذ على من يدعي - ......... - الموصف في المحرر المذكور بأنه تاجر، باستلامه من الطاعنة الأدوات المدونة به على سبيل العارية لاستعمالها في الغرض المعارة من أجله، ولما كانت عبارات المحرر المذكور لا تفيد المعنى الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن مرتكب الحادث يعمل لحساب الشركة الطاعنة بائعاً متجولاً فإن الحكم يكون قد خرج في تفسيره عما تحتمله عباراته وجاوز المعنى الظاهر لها مما يعيبه بمخالفة الثابت بالأوراق وفساد الاستدلال، لما كان ذلك وكانت الحراسة الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض طبقاً لنص المادة 178 من القانون المدني إنما تتحقق بسيطرة الشخص الطبيعي أو المعنوي على الشيء سيطرة فعلية في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه، فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بمسئولية الشركة الطاعنة على دعامة أخرى هي قواعد المسئولية الشيئية تأسيساً على أنها هي المالكة للعربة التي اقترفت الحادث وأن حيازة السائق لها كانت حيازة عرضية دون أن يعن بتحقيق دفاع الطاعنة بأن الحراسة قد انتقلت إلى مرتكب الحادث الذي يعمل لحساب نفسه كتاجر دون رقابة أو توجيه منها يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.