أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1698

جلسة 4 من يونيه سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد فاروق راتب - نائب رئيس المحكمة، وعضوية كل من السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد المرسي فتح الله، سعد حسين بدر وعلي محمد عبد الفتاح.

(304)
الطعن رقم 332 لسنة 47 القضائية

الموطن في معنى المادة 40 مدني. المقصود منه. لمحكمة الموضوع تقدير توافر عنصر الاستقرار ونية الاستيطان.
(2) إعلان "الإعلان في الموطن الأصلي". موطن.
اختلاف الخصوم على الموطن الواجب الإعلان فيه، استدلال المحضر على إقامة الخصم في الموطن من عدمه، عدم التزامه ببيان سبيله.
1 - الموطن وفقاً لنص المادة 40 من القانون المدني هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة. ويجوز أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن. وأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقدير قيام عنصر الاستقرار ونية الاستيطان اللازم توافرها في الموطن من الأمور الواقعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع.
2 - إذ يبين من مطالعة الصورة الرسمية المطابقة للأصل من صحيفة الدعوى المودعة بالملف - أن المحضر قد أثبت فيها أنه قد قام بإعلان الطاعنة الثالثة بشارع....... "مخاطباً مع السيد مأمور القسم لغيابها ولرفض والدها الاستلام حيث إنها لا تقيم معه ولإصرار الطالب على إعلانها بهذا العنوان" فإن مفاد ذلك أن المحضر قد استوفى بالصحيفة البيان الخاص بعدم وجود المطلوب إعلانها وكذا البيان الخاص بإقامتها مع المخاطب معه على مسئولية طالب الإعلان. وهو غير ملزم قانوناً في حالة اختلاف الخصوم أمامه على الموطن الواجب الإعلان فيه أن يبين في الإعلان كيفية استدلاله على إقامة المطلوب إعلانه في الموطن الذي تم الإعلان فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن وبالقدر اللازم للفصل فيه - تتحصل في أن المطعون عليهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 1286 لسنة 1974 مدني كلي الإسكندرية طالبين الحكم بأحقيتهم في أخذ العقار رقم 12 بميدان الجمهورية قسم العطارين بالإسكندرية بالشفعة مع كل ما يترتب على ذلك قانوناً من آثار وقالوا شرحاً لدعواهم أن المطعون عليهم الرابع والخامسة والسادسة باعوا للطاعنين العقار المذكور بموجب عقد مشهر برقم 4568 الإسكندرية بتاريخ 29 - 11 - 1973 نظير ثمن إجمالي قدره 6647.550 جنيهاً وإذ كانوا - أي المطعون عليهم الثلاثة الأول - يملكون العقار رقم 10 بميدان الجمهورية المجاور للعقار المبيع من الناحية القبلية الشرقية فقد أعلنوا رغبتهم في أخذ هذا العقار بالشفعة بموجب إنذار رسمي مؤرخ 23 - 3 - 1974 ومسجل برقم 985 في 25 - 3 - 1974 وأودعوا كامل الثمن الحقيقي والمصروفات خزانة محكمة الإسكندرية الابتدائية وأقاموا دعواهم أمام تلك المحكمة بصحيفة أودعت بتاريخ 20 - 4 - 1974 بالطلبات السالفة البيان، وبجلسة 26 - 11 - 1974 دفع الطاعن الأول بسقوط حق المطعون عليهم الثلاثة الأول في الأخذ بالشفعة لبطلان إعلان الطاعنة الثالثة....... - وبذات الجلسة تدخل المطعون عليه الأخير في الدعوى منضماً للطاعن الأول في طلب رفضها، وبتاريخ 18 - 3 - 1975 حكمت المحكمة أولاًً - بقبول تدخل المطعون عليه الأخير خصماً في الدعوى.
ثانياً - بأحقية المطعون عليهم الثلاثة الأول في أخذ عقار النزاع بالشفعة مقابل الثمن الذي تم إيداعه والملحقات وقدره 6850 ج وتسليمه لهم. استأنف الطاعنون هذا الحكم وقيد استئنافهم برقم 370 لسنة 31 ق إسكندرية وبتاريخ 7 - 1 - 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون بطريق النقض في هذا الحكم وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه القصور والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قد ذهب في قضائه إلى أن الطاعنة الثالثة قد اختارت العنوان المبين بالعقد على أنه موطنها ورتب على ذلك صحة إعلانها به في حين أنها قد طعنت على ذلك الموطن باعتبار أنه موطن الأسرة التي تنتمي إليها ودللت على ذلك بالمستندات المقدمة منها وبعضها رسمي فكان يتعين على الحكم أن يقول كلمته في تلك المستندات لتحديد موطن الطاعنة المذكورة ثم ينزل حكم القانون على ضوء ما يظهر، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه بحث هذه المستندات وأخطأ في فهم دلالتها فإنه يكون قد أخل بدفاع جوهري للطاعنين قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى مما يشوبه بالقصور والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن الموطن وفقاً لنص المادة 40 من القانون المدني هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة.... ويجوز أن يكون للشخص في وقت واحد أكثر من موطن وأن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تقدير قيام عنصر الاستقرار ونية الاستيطان اللازم توافرها في الموطن من الأمور الواقعية التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع ولما كان البين من مطالعة الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه في هذا الخصوص بالحكم المطعون فيه أنه اعتبر المكان الذي أعلنت فيه الطاعنة الثالثة موطناً قانونياً لها بما أورده في أسبابه من أن "أخذ القانون المصري بالتصور الواقعي للموطن ومناطه الإقامة المعتادة ورتب على ذلك وفقاً لما جرى عليه نص المادة 40/ 2 من التقنين المدني إمكان تعدده مع ما تدل عليه ظواهر الحال من نية الاستقرار في الإقامة....... فإذا كان المدعى عليه الأول (الطاعن الأول) قد اكتفى بإطلاق القول بأن ابنته المدعى عليها الثانية (الطاعنة الثالثة) لا تقيم بذات المسكن الذي تم إعلانها فيه بصحيفة الدعوى وقدم شهادة إدارية بهذا المعنى وخصمها المدعي بشهادة أخرى... وكان الثابت بعقد البيع موضوع الدعوى إقامتها بهذا العنوان الذي تم إعلانها عليه بإنذار الشفعة وتسلمه عنها والدها وقد رفض زوجها بعد ذلك الذي تواجد بذات العنوان استلام إعلان إيداع الثمن كما رفض والدها أن يتسلم عنها صحيفة افتتاح الدعوى إلا أن المحضر خاطبها شخصياً عند إعادة إعلانها بالصحيفة، ذلك مما يحق معه القول بأن الإعلانات التي تمت في هذه الدعوى كانت في الموطن القانوني للمدعى عليها الثانية" مما مفاده أن الحكم ناقش مستندات طرفي الطعن، ووازن بينها وانتهى في حدود سلطته الموضوعية بتلك الأسباب السائغة إلى أن - المكان الذي أعلنت فيه الطاعنة الثالثة هو موطن قانوني لها، فإن النعي عليه بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير المحكمة للدليل ابتغاء الوصول إلى نتيجة غير التي انتهى إليها مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات وحسبها أن تقيم حكمها على ما يصلح من الأدلة لحمله فإن النعي على الحكم بالقصور والفساد في الاستدلال يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون - والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وذلك من وجهين (أولهما) أنه أثبت في إعلان صحيفة الدعوى أنه أعلن هذه الطاعنة في مواجهة الإدارة لغيابها ورفض والدها الاستلام بحجة أنها لا تقيم معه وأن هذه البيانات التي أثبتها المحضر لا تتضمن ما إذا كان قد توجه إلى الموطن المذكور بالإعلان ومصدر علمه بغياب الطاعنة الثالثة وقت الإعلان أم أنه استقى ذلك من والدها الذي يقيم معها حتى يحق له تسليم صورة الإعلان لجهة الإدارة خاصة وقد تأكد له من إجابة الطاعن الأول أنها تقيم مع زوجها وهي إجابة مدعمة بالمستندات - كما أنه لو صح جدلاً أن الموطن الطاعنة الثالثة كان بالمحل الذي تم فيه الإعلان فلا عليها إن هي غيرت هذا الموطن أن تخطر الشفعاء بذلك إذ عليهم التحري عن كل تغيير يطرأ على موطنها ولكن الحكم المطعون فيه لم يرد على مواطن البطلان هذه واكتفى بقوله أنه يفترض وصول الورقة إلى المعلن بتسليمها إلى أحد هؤلاء الذين عددتهم المادة العاشرة من قانون المرافعات كما لا يحق القول بتعدد الموطن تبريراً لصحة الإعلان لأن التعدد لا يبرر ما صاحب ذلك من بطلان الإعلان.
وحيث إن النعي في وجهه الأول غير مقبول لأن الطاعنين لم يقدموا صورة من إعلان إنذار الرغبة في أخذ العقار بالشفعة التي يقولون إن الحكم أخطأ في تطبيق القانون فيها ومن ثم يكون نعيهم في هذا الخصوص مجرداً عن الدليل، والنعي مردود في وجهه الثاني بأن الحكم المطعون فيه قد اعتبر محل الطاعنة الثالثة المذكور بعقد البيع والذي أعلنت فيه موطناً قانونياً لها بناء على استخلاص سائغ على نحو ما سلف بيانه في الرد على السبب الثاني ومن ثم فإنه لا يكون ثمة إلزام على المطعون عليهم الثلاثة الأول بالتحري عن كل تغير يطرأ على موطنها إذ تنص المادة 12/ 2 من قانون المرافعات على أنه "إذا ألغى الخصم موطنه الأصلي أو المختار ولم يخبر خصمه بذلك صح إعلانه فيه وتسلم الصورة عند الاقتضاء إلى جهة الإدارة طبقاً للمادة السابقة وإذ يبين من مطالعة الصورة الرسمية المطابقة للأصل من صحيفة الدعوى المودعة الملف أن المحضر قد أثبت فيها أنه قد قام بإعلان الطاعنة الثالثة بشارع الصالحي نمرة 35 مخاطباً مع السيد/ مأمور القسم لغيابها ولرفض والدها الاستلام حيث إنها لا تقيم معه ولإصرار الطالب على إعلانها بهذا العنوان "فإن مفاد ذلك أن المحضر قد استوفى بالصحيفة البيان الخاص بعدم وجود المطلوب إعلانها وكذا البيان الخاص بإقامتها مع المخاطب معه على مسئولية طالب الإعلان وهو غير ملزم قانوناً في حالة اختلاف الخصوم أمامه على الموطن الواجب الإعلان فيه أن يبين في الإعلان كيفية استدلاله على إقامة المطلوب إعلانه في الموطن الذي تم الإعلان فيه، لما كان ذلك فإن دفاع الطاعنين في هذا الخصوص لا يكون مستنداً إلى أساس قانوني صحيح فضلاً عن أنه غير جوهري فلا على الحكم المطعون فيه إن أغفل ذكر هذا الدفاع والرد عليه إذ لا يترتب على ذلك بطلانه، ذلك أن المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن البطلان لا يترتب إلا إذا كان الدفاع الذي أغفله الحكم جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها بمعنى أن المحكمة لو كانت قد بحثته لما انتهت إلى هذه النتيجة إذ يعتبر عدم بحث مثل هذا الدفاع قصوراً في أسباب الحكم الواقعية يترتب عليه البطلان طبقاً للقفرة الثانية من المادة 128 من قانون المرافعات لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم قدر أن ما يلحق صحيفة الدعوى من بطلان هو بطلان نسبي لا يجوز لأي من المستأنفين التمسك به إذا تعلق بغيره في حين أن دعوى الشفعة من الدعاوى التي يوجب القانون اختصام أشخاص معينين فيها في كافة مراحلها فضلاً عن أنه يتعين على المحكمة التحقق من صحة إعلانات الدعوى من تلقاء نفسها ولو لم يدفع أمامها من الخصم المدعي ببطلان إعلانه باعتبار أن مؤدى ذلك عدم تمثيل ذلك الخصم مع وجوب ذلك في دعوى الشفعة وبالتالي فللخصم الحاضر التمسك بهذا البطلان متى كانت الدعوى لا تقوم لها قائمة إلا بإعلان الخصوم إعلاناً صحيحاً.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وإن كانت المادة 85 من قانون المرافعات توجب على المحكمة إذا تبينت بطلان إعلان المدعى عليه الغائب تأجيل الدعوى لجلسة تالية يعاد إعلانه بها إعلاناً صحيحاً، وكانت دعوى الشفعة من الدعاوى التي لا تقوم لها قائمة إلا باختصام أشخاص معينين فيها، وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب في هذا الصدد إلى صحة إعلان الطاعنة الثالثة في موطن قانوني لها حسبما جاء في الرد على السببين الثاني والثالث مما مفاده أن الحكم رد على دفاع الطاعنين ببطلان إعلان الطاعنة الثالثة وقرر أنه إعلان صحيح في القانون فإذا ما استطرد بعد ذلك إلى القول بأن الدعوى المستأنف حكمها قد رفعت وانعقدت الخصومة فيها بإيداع صحيفتها قلم الكتاب، أما إعلان صحيفتها فهو إجراء لاحق وما يكون بذلك الإعلان من بطلان إنما هو نسبي لا يجوز التمسك به لغير من شرع لمصلحته وترتيباً على ذلك لا يجوز لأي من المستأنفين أن يتمسك بأي عيب يراه في إعلانات الدعوى الخاصة بغيره" فإن ذلك يعد من قبيل التزيد الذي يستقيم الحكم بدونه إذ من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقيم الحكم على ما يكفي لحمل قضائه فإن النعي عليه فيما استطرد إليه تزيداً يكون من قبيل السبب الغير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.