أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1714

جلسة 4 من يونيه سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد فاروق راتب - رئيس المحكمة... وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد المرسي فتح الله، وليم رزق بدوي وعلي محمد عبد الفتاح.

(307)
الطعن رقم 1325 لسنة 50 القضائية

(1) إعلان "الإعلان في الموطن الأصلي".
المحضر غير مكلف بالتحقق من صفة من يتقدم إليه لاستلام الإعلان في موطن المعلن إليه. م 10 مرافعات.
(2) حكم "إصدار الحكم".
حجز الدعوى للحكم. أثره. انقطاع صلة الخصوم بها إلا بالقدر الذي تصرح به المحكمة.
(3) إعلان "بطلان الإعلان". بطلان. نقض "أسباب الطعن".
التمسك أمام محكمة النقض لأول مرة ببطلان إعادة الإعلان بصحيفة الاستئناف غير مقبول.
(4) إثبات.
التزام الخصم بإقامة الدليل على ما يدعيه سواء كان مدعياً في الدعوى أو مدعى عليه فيها.
1 - علقت المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات على نص المادة العاشرة فيه بقولها إنه تضمن الإجراءات الواجب على المحضر اتباعها في حالة عدم وجود شخص المطلوب إعلانه في موطنه فنص على أن الورقة تسلم إلى من يقرر بأنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته...... وليس على المحضر أن يتحقق من صحة صفة من يتقدم إليه في موطن المعلن إليه لتسلم الورقة، وقد جاء هذا النص تقنيناً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة.
2 - متى انعقدت الخصومة أمام المحكمة بإعلان الخصوم على الوجه المنصوص عليه في قانون المرافعات واستوفى كل خصم دفاعه وحجزت المحكمة الدعوى للحكم انقطعت صلة الخصوم بها ولم يبق لهم اتصال بها إلا بالقدر الذي تصرح به المحكمة، وتصبح القضية في هذه المرحلة - مرحلة المداولة وإصدار الحكم - بين يدي المحكمة لبحثها والمداولة ويمتنع على الخصوم إبداء أي دفاع كما يحرم الاستماع إلى أحد منهم في غيبة الآخر.
3 - إذا كانت الطاعنة لم تقدم ما يدل على أنها قد تمسكت أمام محكمة الموضوع ببطلان إعادة الإعلان بصحيفة الاستئناف - استناداً إلى عدم كشف المحضر عن اسمه فيه والتوقيع عليه فإن النعي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض يكون غير مقبول.
4 - المدعي ملزم بإقامة الدليل على ما يدعيه سواء كان مدعى عليه أصلاً في الدعوى أم مدعياً فيها، أو إذ كانت الطاعنة مدعى عليها في الدعوى، إلا أنها تعتبر في منزلة المدعي بالنسبة للدفاع المبدى منها بأن عقد البيع مثار النزاع كان وليد إكراه وقع عليها، فإنها تكون مكلفة قانوناً بإثبات ما تدعيه لأنها تدعي خلاف الظاهر وهو أن العقد المذكور وقع صحيحاً نتيجة تراضي طرفيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 336 سنة 1979 مدني كلي دمنهور ضد الطاعنة طالبة الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 23 - 12 - 1978 المتضمن بيع هذه الأخيرة لها 12 ط شائعة في العقار المبين بصحيفة الدعوى والعقد مقابل ثمن مقبوض قدره ألف جنيه وبتاريخ 17 - 5 - 1978 أجابت المحكمة المطعون عليها إلى طلبها، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 698 سنة 35 ق الإسكندرية (مأمورية دمنهور). وفي 25 - 3 - 1980 حكمت بتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأنها لم تعلن أمام محكمة أول درجة إعلاناً صحيحاً، إذ أن شقيقها....... - نجل المطعون عليها - هو الذي تسلم الإعلان وإعادة الإعلان نيابة عنها بحجة أنه يقيم معها، وذلك على خلاف الحقيقة، في وقت اشتدت فيه الخصومة بينها وبين والدتها المطعون عليها بسبب عقد البيع موضوع الدعوى الماثلة، وعلى أثر لجوء شقيقها المذكور إلى الشرطة متهماً إياها بسرقة مبلغ 400 جنيه منه ومدعياً أنها طردته من المسكن الذي تم إعلانه به بما يفيد إقراره بعدم إقامته في هذا المسكن، ولما كانت محكمة الاستئناف قد أصدرت قراراً بتأجيل نظر الدعوى يوماً واحداً لاتخاذ طريق الطعن بالتزوير على إعلان صحيفة الدعوى في حين أن الدفع ببطلان هذا الإعلان ظاهر الصحة دون حاجة إلى اتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير، ثم حجزت الدعوى في اليوم التالي للحكم حيث قضت برفض الدفع وبصحة الإعلان تأسيساً على أن المحضر قد أثبت انتقاله إلى عين النزاع ومقابلته شقيق الطاعنة الذي قرر له أنه يساكنها مع أن الفقه يذهب إلى أنه لا يصح تسليم صورة الإعلان لشخص تتعارض مصلحته ومصلحة المعلن إليه أو تتفق مع مصلحة طالب الإعلان - ولو كان من أقارب المعلن إليه أو أصهاره، وإذ كانت تقدمت لمحكمة الاستئناف بطلب إعادة الدعوى إلى المرافعة، أرفقت به شكوى إدارية يبين فيها مدى شدة الخصومة بينها وبين شقيقها سالف الذكر بعد أن اعترف بها بأنه لا يقيم معها في عين النزاع، وكان البين من ورقة إعادة إعلانها أن المحضر لم يكشف عن اسمه ولم يوقع عليها، وكان الحكم المطعون فيه لم يواجه كل هذه المطاعن المبطلة للإعلان لا إيراداً ولا رداً فإنه فضلاً عن مخالفة القانون يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، بأن الفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون المرافعات قد نصت على أنه "إذا لم يجد المحضر الشخص المطلوب إعلانه في موطنه كان عليه أن يسلم الورقة إلى من يقرر أنه وكيله وأنه يعمل في خدمته من الساكنين معه من الأزواج والأقارب والأصهار" وقد علقت المذكرة الإيضاحية على هذا النص بقولها أنه تضمن الإجراءات الواجب على المحضر اتباعها في حالة عدم وجود شخص المطلوب إعلانه في موطنه فنص على أن الورقة تسلم إلى من يقرر بأنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته... وليس على المحضر أن يتحقق من صحة صفة من يتقدم إليه في موطن المعلن إليه لتسلم الورقة، وقد جاء هذا النص تقنيناً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - وإذا كان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله "إن الثابت أن المحضر انتقل إلى موطن الطاعنة التي لم تنازع في ذلك، ولا يجديها القول بأن أخاها الذي تسلم الإعلان لا يقيم معها وإنما في مكان آخر طالما أن الثابت أن المحضر قد انتقل إلى موطنها ووجد المخاطب معه هناك وتسلم منه الإعلان بوصف أنه أخوها، وقد بينت المادة العاشرة من قانون المرافعات الإجراءات الواجب على المحضر اتباعها في حالة عدم وجود الشخص المطلوب إعلانه في موطنه فنص على أن الورقة تسلم إلى من يقرر أنه وكيله أو أنه يعمل في خدمته أو أنه من الساكنين معه من أقاربه أو أصهاره" ومقتضى ذلك هو صحة الإعلان ولو تبين عدم توصيله إياه إلى المعلن إليها وكان هذا الذي قرره الحكم سائغاً وكافياً لحمل النتيجة التي انتهى إليها ويصادف صحيح القانون في حدود المقدم لمحكمة الموضوع من مستندات تقديماً صحيحاً. ولا يغير من ذلك ما أثارته الطاعنة من وجود خصومة بينها وبين شقيقها الذي تسلم الإعلان نيابة عنها، ذلك لأنه وإن كان لا يصح تسليم صورة الإعلان لشخص تتعارض مصلحته مع مصلحة المعلن إليه، أو تتفق مع مصلحة طالب الإعلان ولو كان من أقارب المعلن إليه أو أصهاره المقيمين معه أو كان خادماً عنده أو وكيلاً عنه، إلا أن الثابت من أوراق الطعن أن الطاعنة لم تتقدم لمحكمة الاستئناف بالشكوى الإدارية التي تدعي أنها تؤيد وجود تلك الخصومة بينها وبين شقيقها، إلا برفقة طلبها إعادة الدعوى إلى المرافعة في 28 - 2 - 80 بعد قفل باب المرافعة وحجز الدعوى للحكم، وبعد انتهاء الأجل الذي كان ممنوحاً لها لتقديم مذكرات ومستندات ودون إعلان المطعون عليها بها. لما كان ذلك وكانت الخصومة متى انعقدت أمام المحكمة بإعلان الخصوم على الوجه المنصوص عليه في قانون المرافعات، واستوفى كل خصم دفاعه وحجزت المحكمة الدعوى للحكم انقطعت صلة الخصوم بها ولم يبق لهم اتصال بها إلا بالقدر الذي تصرح به المحكمة، وتصبح القضية في هذه المرحلة - مرحلة المداولة وإصدار الحكم - بين يدي المحكمة لبحثها والمداولة فيها ويمتنع على الخصوم إبداء أي دفاع كما يحرم - الاستماع إلى أحد منهم في غيبة الآخر وكان حسب محكمة الموضوع أن تقيم قضاءها وفقاً للمستندات والأدلة المطروحة عليها بما يكفي لحمله دون أن تلزم بتكليف الخصوم تقديم الدليل على دفاعهم أو لفت نظرهم إلى مقتضياته فإنه لا عليها إذا هي طرحت ما قيل من وجود مستند يفيد وجود الخصومة بين الطاعنة وبين شقيقها مستلم الإعلان لما كان ما تقدم وكانت الطاعنة لم تقدم ما يدل على أنها قد تمسكت أمام محكمة الموضوع ببطلان الإعلان استناداً إلى عدم كشف المحضر عن اسمه فيه والتوقيع عليه وكان النعي بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض غير مقبول فإن النعي بكل ما ورد بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني من سببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الاستئناف حجزت الدعوى للحكم دون أن تمكنها من إيداع مستنداتها التي كانت مودعة وقتذاك في دعوى استرداد حيازة إقامتها المطعون عليها ضدها وإذ كانت قد تمسكت أمام المحكمة المذكورة بأن إكراهاً وقع عليها أدى بها إلى التوقيع على عقد البيع موضوع التداعي وأن تحقيقاً أجري بشأن ذلك في شكوى إدارية قدمت صورة منها للمحكمة وطلبت إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات واقعة الإكراه، وكان الحكم المطعون فيه - بعد أن نسب إليها أنها لم تلجأ إلى جهة الإدارة للشكوى بعد زوال الإكراه عنها وأنها أقامت دعواها الماثلة بعد مضي سنة من تاريخ تحرير عقد البيع - قد رفض طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق بمقولة أنها لم تبين ماهية الإكراه المدعى به وذلك على خلاف الثابت بأوراق الدعوى إذ أن الدعوى رفعت في يناير سنة 1979 بينما حرر عقد البيع 23 - 12 - 1977، فإن الحكم فضلاً عن خطئه في القانون يكون قد أخل بحقها في الدفاع وشابه القصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو ثابت بمحضر جلسة محكمة الاستئناف المودع صورته الرسمية ملف الطعن، من أن المحكمة قررت بجلسة 27 - 12 - 79 حجز الدعوى للحكم بجلسة 25 - 3 - 1980 وصرحت لطرفي الدعوى بتقديم مذكرات ومستندات في ثمانية أسابيع على أن تكون المدة مناصفة بينها، بما ينفي معه قول الطاعنة أن المحكمة لم تمكنها من تقديم مستنداتها، لما كان المدعي ملزماً بإقامة الدليل على ما يدعيه سواء أكان مدعى عليه أصلاً في الدعوى أم مدعياً فيها، وكانت الطاعنة مدعى عليها في الدعوى، إلا أنها تعتبر في منزلة المدعي بالنسبة للدفاع المبدى منها بأن عقد البيع مثار النزاع كان وليد إكراه وقع عليها، وتكون مكلفة قانوناً بإثبات ما تدعيه لأنها تدعي خلاف الظاهر وهو أن العقد المذكور وقع صحيحاً نتيجة تراضي طرفيه ولما كانت الطاعنة لم تطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما تدعيه في هذا الشأن، وكان الحق المخول للمحكمة في المادة 70 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية رقم 25 سنة 1968 من أن لها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباتها بشهادة الشهود متروكاً لمطلق رأيها وتقديرها لا تخضع فيه لرقابة محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في هذا الخصوص قوله. إن دفاع الطاعنة بالقول بأن العقد كان وليد إكراه وقع عليها من أخويها هو قول مرسل ليس ثمة ما يدل على جديته إذ لم تبين ماهية ذلك لإكراه المقول به. وكان ما قرره الحكم في هذا الشأن سائغاً وكافياً لحمل النتيجة التي انتهى إليها، فإنه إذا التفت عن دفاع الطاعنة استناداً إلى أنها لم تقدم دليلاً على جدية وقوع الإكراه المدعى به عليها يكون قد التزم صحيح القانون. ولا يغير من هذا النظر أن الطاعنة أوردت بصحيفة استئنافها (أن العقد موضوع الحكم المستأنف صدر وليد إكراه إذ هددها شقيقاها...... للتوقيع على العقد المذكور ومن المسلم قانوناً أن الإكراه يثبت بكافة الطرق ومنها البينة وشهادة الشهود) ذلك لأن الطلب الذي تلتزم المحكمة ببيان سبب رفضها له هو الطلب الذي يقدم إليها في صيغة صريحة جازمة تدل على تصميم صاحبه عليه. وإذ كانت الطاعنة قد اكتفت في صحيفة استئنافها بالقول بأن الإكراه الذب وقع عليها يثبت بكافة الطرق ومنها البينة وشهادة الشهود دون أن تطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق بصورة صريحة جازمة، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يرد على هذا الطلب لما كان ما تقدم وكانت الشكوى الإدارية التي قدمتها الطاعنة لمحكمة الاستئناف لم تقدم إلا بعد انتهاء الأجل الذي كان ممنوحاً لها في فترة حجز الدعوى للحكم ودون إعلان المطعون عليها بها، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الطاعنة لم تتقدم بدليل على جدية وقوع الإكراه المدعى به عليها، وكان في ذلك ما يكفي لحمل قضاء الحكم فليس من المنتج النعي على ما استطرد إليه تزيداً بشأن رفع الدعوى بعد قرابة السنة من تاريخ تحرير عقد البيع موضوع الدعوى.
وحيث إنه لما تقدم الطعن يكون الطعن منه على غير أساس مما يتعين معه رفضه.