أحكام النقص - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1761

جلسة 9 من يونيه سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد جلال الدين رافع - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فوده، عبد الحميد المنفلوطي، يحيى العموري وعبد المنعم بركة.

(316)
الطعن رقم 469 لسنة 48 القضائية

(1) وصية. تركة.
(1) وجوب تقدير الثلث الذي تخرج منه الوصية بقيمته وقت القسمة والقبض. تقدير التركة لحساب ضريبة التركات. لا محل للاستناد إليه.
(2) خبرة. نقض "السبب الجديد".
(2) عدم التمسك أمام محكمة الموضوع بعدم انتقال الخبير للمعاينة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3، 4) خبرة. محكمة الموضوع.
(3) تقدير عمل الخبير. من سلطة محكمة الموضوع.
(4) عدم التزام محكمة الموضوع بإجابة طلب ندب خبير آخر، متى وجدت من عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن يكون تقدير الثلث الذي تخرج منه الوصية بقيمته وقت القسمة والقبض، لأنه هو وقت استقرار الملك وتنفيذ الوصية وإعطاء كل ذي حق حقه، وإذ كان المشرع قد وضع أسساً معينة لتقدير التركة في تاريخ وفاة المورث بصدد تقدير ضريبة التركات ورسم الأيلولة فحسب، فلا يكون هناك محل للاستناد إلى هذا التقدير فيما بعد حين تنفيذ الوصية وقت القسمة والقبض.
2 - إذ كانت الطاعنة لم تتمسك بدفاعها - كون الخبير الذي أخذت بتقريره محكمة الموضوع لم ينتقل إلى عقار النزاع لمعاينته على الطبيعة - مما يعتبر معه سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - اطمئنان المحكمة للأسس التي أقام عليها الخبير تقديره لأعيان التركة، هو مما يدخل في سلطتها التقديرية، ولا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دام قضاؤها قد بني على أسباب سائغة تكفي لحمله.
4 - محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة الخصم إلى طلب ندب خبير آخر، إذ أن ذلك ليس حقاً له يتحتم إجابته بل يخضع لتقديرها ما دامت قد رأت في عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها والفصل في موضوعها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 447 سنة 1953 مدني قنا الابتدائية ضد المطعون عليهما وأخرى بطلب إبطال عقد البيع الابتدائي المسجل بتاريخ 26 - 4 – 1950 واعتباره وصية وثبوت ملكيتها إلى حصة مقدارها قيراطين وعشر القيراط من أربعة وعشرين قيراطاً في العقارات المبينة بصحيفة الدعوى وإلزام المطعون عليهما بأن يدفعا لها مبلغ 918.750 جنيه، وقالت بياناً للدعوى بأن والدها - مورثها ومورث المطعون عليهما - توفى بتاريخ 15 - 8 - 1952 وخلف محل تجارة ومنزلاً وورشة ميكانيكية وقطعة أرض تستعمل مخزناً يحتوي على آلات ميكانيكية واستأثر المطعون عليهما بالمنزل والورشة والمخزن مستندين في ذلك إلى عقد بيع صادر إليهما من المورث بتاريخ 11 - 4 - 1950 ومسجل في 26 - 4 - 1950، ولما كان هذا التصرف في حقيقته وصية مضافة إلى ما بعد الموت فقد أقامت الطاعنة الدعوى بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 19 - 1 - 1957 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق، وبعد أن سمعت أقوال الشهود إثباتاً ونفياً حكمت بتاريخ 7 - 4 - 1958 ببطلان العقد المؤرخ 11 - 4 - 1950 الصادر من المورث إلى المطعون عليهما باعتباره بيعاً واعتبرته وصية وبندب مكتب الخبراء بقنا لتقدير قيمة التركة والأعيان المتصرف فيها وبتاريخ 29/ 11/ 1958 استبدلت خبير الجدول بمكتب الخبراء لتنفيذ المأمورية السابق ندب هذا الأخير لها، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 3 - 5 - 1977 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط - مأمورية قنا - بالاستئناف رقم 139 سنة 52 ق، مدني وبتاريخ 17 - 1 - 1978 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة "بالوجهين الثالث والرابع من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن مصلحة الضرائب قدرت أعيان التركة المخلفة عن المورث بمبلغ 16369.984 جنيه بما فيها الورشة التي قدرتها بمبلغ 3973 جنيه وأخطرت المطعون عليهما بهذا التقدير فلم يطعنا عليه بل أقرا بصحته، في حين أن تقدير الخبير الذي جعلته المحكمة أساساً لقضائها قدر قيمة التركة كلها بمبلغ 19437.877 جنيه بما فيها الورشة التي قدرها بمبلغ 4231.767 وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن العقار موضوع عقد الوصية في حدود ثلث التركة وأهدرت التقدير النهائي لمصلحة الضرائب الملزم للمطعون عليهما لعدم الطعن عليه في الميعاد القانوني، ولو أخذ الحكم المطعون فيه بهذا التقدير النهائي لتبين أن الوصية تجاوز ثلث التركة، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن يكون تقدير الثلث الذي تخرج منه الوصية بقيمته وقت القسمة والقبض لأنه هو وقت استقرار الملك وتنفيذ الوصية وإعطاء كل ذي حق حقه، لما كان ذلك وكان المشرع قد وضع أسساً معينه لتقدير التركة في تاريخ وفاة المورث بصدد تقدير ضريبة التركات ورسم الأيلولة فحسب، فلا يكون هناك محل للاستناد إلى هذا التقدير فيما بعد حين تنفيذ الوصية وقت القسمة والقبض، وإذ أطرح الحكم المطعون فيه تقدير مصلحة الضرائب للتركة وأخذ في تقديرها بتقرير الخبير الذي ندبته المحكمة وللأسباب السائغة التي بنى عليها قضاءه، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالوجهين الثاني والأول من السبب الأول وبالسببين الثالث والرابع الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول أن الخبير الذي أخذت بتقريره محكمة الموضوع لم ينتقل إلى العقار الكائن بشبرا بالقاهرة لمعاينة على الطبيعة، كما أنه لم يبين أسس تقدير عناصر التركة والأعيان محل التصرف واعتمد في تقديرها على الثمن الوارد بعقد البيع وذلك في حين أن المحكمة اعتبرت العقد وصية ولزوم ذلك أن الثمن الوارد به لا يمثل الحقيقة لأن الوصية من التبرعات، وإذ رفضت محكمة الموضوع ندب مهندس ميكانيكي لتقدير قيمة الآلات الميكانيكية لعدم جدواه لمضي ما يقرب من خمسة وعشرين عاماً على تاريخ وفاة المورث، ولأن القدر الأكبر من التركة عقارات ثابتة وليست الآلات والمخازن والورشة عناصر جوهرية في تقديرها ولم تجب طلبها ندب خبير واعتمدت في قضائها على تقرير الخبير المنتدب رغم ما وجهته إليه من مطاعن فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن الوجه الثاني من السبب الأول غير مقبول ذلك أن الطاعنة لم تتمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع مما يعتبر معه سبباً جديداً لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض - والنعي فيما عدا ذلك مردود، ذلك أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن "تقدير الخبير ثم على أسس فنية سليمة ولا ينال منه القول بأن الخبير الذي باشر المأمورية ميكانيكياً لأن الأدوات الميكانيكية ليست جوهرية في عناصر التركة، ولا ترى المحكمة جدوى ندب خبير آخر بعد مضي أكثر من خمسة وعشرين عاماً على وفاة المورث مما يتعذر معه مباشرة المأمورية وخاصة أن الخبير قد بنى تقديره على أسس سليمة تعذر على المستأنفة (الطاعنة) أن تنال من سلامتها" مما مفاده أن المحكمة قد اطمأنت للأسس التي أقام عليها الخبير تقديره لأعيان التركة وهو مما يدخل في سلطتها التقديرية ولا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دام قضاؤها قد بني على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة الخصم إلى طلب ندب خبير آخر إذن أن ذلك ليس حقاً له يتحتم إجابته بل يخضع لتقديرها ما دامت قد رأت في عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها والفصل في موضوعها فلا تثريب عليها إن هي التفتت عن طلب الطاعنة ندب خبير آخر، لما كان ذلك وكان لا صحة لما نعته الطاعنة من أن تقرير الخبير الذي أخذ به الحكم المطعون فيه قد اعتمد الثمن الوارد بالعقد أساساً لتقديره، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.