أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1770

جلسة 10 من يونيه سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ حسن السنباطي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري سعد، أحمد ضياء عبد الرازق، سيد حسين بدر وعلي عبد الفتاح.

(318)
الطعن رقم 246 لسنة 48 القضائية

1 - إثبات "تفسير الاتفاقات والمحررات".
تفسير الاتفاقات والمحررات من سلطة محكمة الموضوع. العدول عن المعنى الظاهر لصيغ المحررات. شرطه.
2 - بيع "حق الانتفاع". "حق الرقبة". ملكية.
شراء الخصم حق الانتفاع لنفسه وحق الرقبة لقاصرين مشمولين بوصايته ومنعهما من التصرف فيه مدى الحياة، بيع صحيح، ناقل لملكية الرقبة فوراً. تكييف العقد بأنه وصية. خطأ.
1 - تفسير الاتفاقات والمحررات لتعرف حقيقة القصد منها من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها فيه ما لم يكن في التفسير خروج عما تحتمله عبارات الاتفاق أو تشوبه لحقيقة معناها - ولئن كان للمحكمة بهذه السلطة المخولة لها - أن تعدل عن المعنى الظاهر لصيغ المحررات إلا أنه يتعين عليها في هذه الحالة أن تبين في حكمها الأسباب التي أقنعتها بأن المعنى الذي أخذت به هو المقصود، فإذا اتضح من هذا البيان أنها قد اعتمدت على اعتبارات مقبولة مؤدية عقلاً إلى ما ارتأته فلا شأن لمحكمة النقض بها.
2 - لما كان من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي تطبيقه من أحكام القانون وكان من المقرر أيضاً أن طلب إعادة الدعوى إلى المرافعة وإن كان أمره متروكاً لمحكمة الموضوع بحيث تستقل بتقدير مدى الجد فيه ويكون لها الحق في أن تستجيب له أو تقضي برفضه إلا أنها مع ذلك تلتزم إذا ما تناولته في حكمها بقضاء صريح أن تورد في أسبابه ما يبرر هذا القضاء وإذ كانت عبارات العقد المسجل برقم 6212 في 27 - 9 - 1973 - والمختلف على تفسيره - صريحة في أن الطاعنة اشترت لولديها القاصرين.... و.... حق الرقبة بالنسبة لحصة في العقار موضوع النزاع، متبرعة لهما بالثمن من مالها الخاص، فاعتبرت المحكمة أن ذلك العقد ينطوي على وصية وكان سندها في ذلك أن شرط العقد تتضمن أن ملكية الرقبة فقط للقاصرين بينما حق الانتفاع للطاعنة مدى حياتها، وأن القاصرين ممنوعان من التصرف في حق الملكية طوال حياة والدتهما الطاعنة، وأن هذه الأسباب التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه لا تبرر قانوناً التكييف الذي كيفت به ذلك العقد بأنه وصية، لأن شراء الطاعنة حق الانتفاع لها ومنع قاصريها من التصرف في حق الرقبة مدى حياتها لا يمنع من اعتبار التصرف بيعاً صحيحاً ناقلاً لملكية الرقبة فوراً للقاصرين، وإذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بمخالفة القانون ويتعين نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما الدعوى رقم 1183 مدني كلي شمال القاهرة ضد الطاعنة بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 2 - 11 - 1974 وقالا بياناً لذلك أن الطاعنة باعت لهما حصة قدرها 10 س 11 ط في كامل أرض وبناء العقار المبين بصحيفة الدعوى نظير ثمن قدره 2500 جنيه، دفع منه عند التعاقد مبلغ 2000 جنيه، واتفق على سداد الباقي وقدره 500 جنيه عند التوقيع على عقد البيع النهائي خلال ستين يوماً من تاريخ تحرير العقد، وإذ لم تحضر الطاعنة للتصديق على العقد النهائي، فقد أنذراها على يد محضر ولكن بلا جدوى فأقاما الدعوى بطلبهما سالف البيان، دفعت الطاعنة بأن محكمة الأحوال الشخصية لم توافق على عقد البيع بالنسبة لحصة ولديها القاصرين عصام وعزة المشمولين بوصايتها، وبتاريخ 9 - 11 - 1976 قضت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بعدم قبول الدعوى، استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 3694 س 93 ق القاهرة، وبتاريخ 18 - 12 - 77 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 2 - 11 - 1974. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أخطأ في تكييف عقد البيع المشهر برقم 6212 بتاريخ 27 - 9 - 1973، والذي اشترت بموجبه حق المنفعة لنفسها في حصة قدرها 10 و1/ 11 س 10 ط في كامل أرض وبناء المنزل المبين بصحيفة الدعوى، وحق الرقبة في تلك الحصة لولديها القاصرين..... و..... مناصفة بينهما، وتبرعت لهما بنصيبهما في الثمن من مالها الخاص، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر هذا العقد منطوياً على تصرفين: أولهما شراء الحصة المبيعة من مالكها، وثانيهماً إيصاء الطاعنة بالحصة المشتراة إلى ولديها القاصرين، وأن من حقها الرجوع عن الوصية صراحة أو دلالة طبقاً للمادة 18 من القانون رقم 71 لسنة 1946، كما اعتبر تصرفها للمطعون عليهما بالعقد المؤرخ 2 - 11 - 1974 رجوعاً عن الوصية وبالتالي تعود الملكية إليها ولا يخضع تصرفها فيها لأية إجراءات، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن تفسير الاتفاقات والمحررات لتعرف حقيقة القصد منها من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها فيه ما لم يكن في التفسير خروج عما تحتمله عبارات الاتفاق أو تشويه لحقيقة معناها، ولئن كان للمحكمة بهذه السلطة المخولة لها - أن تعدل عن المعنى الظاهر لصيغ المحررات إلا أنه يتعين عليها في هذه الحالة أن تبين في حكمها الأسباب التي أقنعتها بأن المعنى الذي أخذت به هو المقصود، فإذا اتضح من هذا البيان أنها قد اعتمدت على اعتبارات مقبولة مؤدية عقلاً إلى ما ارتأته فلا شأن لمحكمة النقض بها، وإذ كانت عبارات العقد المسجل برقم 6212 في 27 - 9 - 1973 - والمختلف على تفسيره - صريحة في أن الطاعنة اشترت لولديها القاصرين..... و..... حق الرقبة بالنسبة لحصة في العقار موضوع النزاع متبرعة لهما بالثمن من مالها الخاص، فاعتبرت المحكمة أن ذلك العقد ينطوي على وصية وكان سندها في ذلك أن شروط العقد تتضمن أن ملكية الرقبة فقط للقاصرين بينما حق الانتفاع للطاعنة مدى حياتها وأن القاصرين ممنوعان من التصرف في حق الملكية طوال حياة والدتهما الطاعنة، وأن هذه الأسباب التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه لا تبرر قانوناً التكييف الذي كيفت به ذلك العقد بأنه وصية، لأن شراء الطاعنة حق الانتفاع لها ومنع قاصريها من التصرف في حق الرقبة مدى حياتها لا يمنع من اعتبار التصرف بيعاً صحيحاً ناقلاً لملكية الرقبة فوراً للقاصرين، وإذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بمخالفة القانون ويتعين نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.