أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 362

جلسة 31 من يناير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد وليد الجارحي، محمد محمد طيطه، محمد بدر الدين توفيق وشكري جمعه حسين.

(60)
الطعن رقم 2270 لسنة 55 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن، الامتداد القانوني لعقد الإيجار".
1 - عقد الإيجار ذو طابع عائلي. الغرض منه. انتفاع المستأجر الأصلي وأفراد أسرته بالعين المؤجرة.
2 - إقامة الزوجة بمسكن الزوجية. رهين باستمرار علاقة الزوجية مع زوجها. انفصام عراها. أثره.
3 - حق الزوجة في الانتفاع مع زوجها بالمسكن استئجار والده. مستمد من انتفاع زوجها دون المستأجر الأصلي وتابعاً له باستمراره في شغل العين. عدم أحقيتها في استمرار عقد الإيجار لصالحها بعد وفاة والد زوجها حال قيام الزوجية.
(4) أحوال شخصية "نفقة" "أجر ومسكن الحضانة".
نفقة الابن. وجوبها بأنواعها على والده شرعاً. شمولها أجر الحاضنة وسكن الحضانة. حق الولد. وقبل صدور القانون 44 لسنة 1979 - في توفير مسكن لابنه وحاضنته ودون إلزام قانوني بذلك.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لعقد إيجار المسكن طابع عائلي يتعاقد فيه رب الأسرة ليقيم مع باقي أفراد أسرته وأن إقامتهم معه من قبيل الانتفاع بالعين المؤجرة ومن بين هذه الفئات زوجة المستأجر وأولاده.
2 - إقامة الزوجة بمسكن الزوجية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مقرونة بعلتها وهي استمرار رابطة الزوجية - بينها وبين زوجها - بحيث إذا انفصمت عراها أصبحت أجنبية عنه ولا يتبقي لها من سبيل على هذا المسكن.
3 - إذ كانت إقامة أولاد المستأجر بالعين المؤجرة مرتبطة بانتفاع والدهم المستأجر الأصلي ورهن مشيئته فإذا تزوج أحد الأولاد بالعين المؤجرة فإن انتفاع زوجته لا يعدو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون انتفاعاً متفرعاً عن حقه هو في الانتفاع بالمسكن وتابعاً له فيدور معه وجوداً وعدماً، إذ تستمد هذا الحق من زواجها دون المستأجر الأصلي. ومن ثم فلا ترتب لها تلك الإقامة أي حق في استمرار عقد الإيجار لصالحها بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه للعين المؤجرة، لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعنة تزوجت بالمطعون ضده الأول وأقامت معه بالشقة محل النزاع استئجار والده. فإن انتفاعها بالسكنى يكون انتفاعاً متفرعاً عن حق زوجها وتابعاً له في استمراره في شغل العين ولا يرتب بالتالي لها حقاً في استمرار عقد الإيجار لصالحها بعد وفاة والد زوجها المستأجر الأصلي حال قيام الزوجية.
4 - المقرر شرعاًًً - وحتى قبل صدور القانون 44 لسنة 1979 - بتعديل بعض أحكام القوانين الأحوال الشخصية - أن نفقة الابن واجبة على والده شرعاً بأنواعها وتشمل أجر الحاضنة ومسكن الحضانة - ومن ثم فليس هناك ما يمنع من أن يوفر الوالد مسكناً لابنه ومن يقوم على حضانته ولو لم يلزمه قانون بهذا الأمر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنة الدعوى رقم 3693 سنة 1981 مدني أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها له خالية وقال في بيانها أنه تزوج بالطاعنة وأقاما بالشقة المشار إليها والمؤجرة لوالده بعقد مؤرخ 1/ 5/ 1958 وبعد أن رزق منها بمولودة دب الخلاف بينهما فطلقها بتاريخ 14/ 8/ 1973 وترك لها الشقة لتقيم فيها بصفتها حاضنة لابنته، وظل يوفيها النفقة وأجرة الشقة إلى أن تزوجت بآخر فتنازلت له بتاريخ 28/ 9/ 1980 عن حضانة ابنتهما وتسلمها بالمحضر رقم 693 سنة 1980 إداري التبين إلا أنها لم تترك له الشقة محل النزاع واستعملتها مخزناً للمنقولات فأقام الدعوى. أقامت الطاعنة على المطعون ضده الثاني أمام ذات المحكمة الدعوى رقم 11177 سنة 1981 مدني بطلب الحكم بإثبات العلاقة الإيجارية بينهما عن ذات الشقة محل النزاع وإلزامه بتحرير عقد إيجار لها عنها، على سند من أنها أقامت بعد زواجها بتلك الشقة مع والد زوجها المستأجر الأصلي حتى وفاته ومن ثم فإن عقد الإيجار يستمر لصالحها عملاً بنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولا يغير من ذلك طلاقها من زوجها فيما بعد إذ أنه قد ترك لها الشقة وانتقل لمسكن آخر بعد زواجه من أخرى أمرت المحكمة بضم الدعويين وندبت خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت برفض دعوى الطاعنة وفي دعوى المطعون ضده الأول بإخلاء الشقة محل النزاع وتسليمها له. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 778 سنة 102 ق القاهرة وبتاريخ 5/ 6/ 1985 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب تنعى الطاعنة بالأسباب الأول والثاني والرابع والسادس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض وفي بيان ذلك تقول أن الحكم استند في قضائه بالإخلاء إلى عدم أحقيتها في استمرار عقد الإيجار لصالحها طبقاً لنص المادة 29 من القانون رقم 49 سنة 1977 لطلاقها من زوجها المطعون ضده الأول حال حياة والده المستأجر الأصلي وهو ما يخالف الثابت بالأوراق من أنها طلقت بعد وفاته ولو فطن الحكم لذلك لتغير وجه الرأي في الدعوى إعمالاً للنص الذي اعتنق تطبيقه، هذا إلى أن الحكم عابه التناقض بتأييده الحكم الابتدائي بمقولة إنه التزم هذا النظر في حين أن هذا الحكم عول في قضائه بالإخلاء على أنها ليست حاضنة في حكم المادة 4 من القانون رقم 44 سنة 1979 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لعقد إيجار المسكن طابع عائلي يتعاقد فيه رب الأسرة ليقيم مع باقي أفراد أسرته وأن إقامتهم معه من قبيل الانتفاع بالعين المؤجرة ومن بين هذه الفئات زوجة المستأجر وأولاده وإقامة الزوجة بمسكن الزوجية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مقرونة بعلتها وهي استمرار رابطة الزوجية بينهما بحيث إذا انفصمت عراها أصبحت أجنبية عنه ولا يتبقى لها من سبيل على هذا المسكن كما أن إقامة أولاد المستأجر بالعين المؤجرة مرتبطة بانتفاع والدهم المستأجر الأصلي ورهن مشيئته فإذا تزوج أحد الأولاد بالعين المؤجرة فإن انتفاع زوجته لا يعدو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون انتفاعاً متفرعاً عن حقه هو في الانتفاع بالمسكن وتابعاً له فيدور معه وجوداً وعدماً إذ تستمد هذا الحق من زوجها دون المستأجر الأصلي ومن ثم فلا ترتب لها تلك الإقامة أي حق في استمرار عقد الإيجار لصالحها بعد وفاة المستأجر الأصلي أو تركه للعين المؤجرة لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعنة تزوجت بالمطعون ضده الأول وأقامت معه بالشقة محل النزاع استئجار والده فإن انتفاعها بالسكنى يكون انتفاعاً متفرعاً عن حق زوجها وتابعاً له في استمراره في شغل العين ولا يرتب بالتالي لها حقاً في استمرار عقد الإيجار لصالحها بعد وفاة والد زوجها المستأجر الأصلي حال قيام الزوجية وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى هذه النتيجة الصحيحة فإن تعييب الطاعنة له فيما أورده خطأ بمدوناته من عدم أحقيتها في استمرار عقد الإيجار لصالحها لوفاة والد زوجها المستأجر الأصلي بعد طلاقها من ابنه المطعون ضده الأول غير مؤثر في قضاء الحكم وغير منتج لما هو مقرر من أن لمحكمة النقض أن تصحح الأسباب الخاطئة للحكم المطعون فيه متى كان قد انتهى في قضائه إلى نتيجة صحيحة في القانون ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالأسباب الثالث والخامس والثامن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بالإخلاء على انتهاء حضانتها لابنتها من المطعون ضده الأول بتنازلها له عن حضانتها في حين أن ترك المطعون ضده الأول الشقة محل النزاع لها كان بمحض اختياره بعد طلاقه لها في سنة 1974 ودون التزام منه بأحكام القانون رقم 44 سنة 1979 ببعض قواعد الأحوال الشخصية لحصول الترك قبل العمل بأحكامه كما أنه لا وجه في القانون لبحث علة تركه الشقة لها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر شرعاً - وحتى قبل صدور القانون رقم 44 سنة 1979 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية - أن نفقة الابن واجبة على والده شرعاً بأنواعها وتشمل أجر الحضانة ومسكن الحضانة ومن ثم فليس هناك ما يمنع من أن يوفر الوالد مسكناً لابنه ومن يقوم على حضانته ولو لم يلزمه قانون بهذا الأمر لما كان ذلك فإن ما أورده الحكم المطعون فيه بمدوناته من أن ترك المستأنف عليه (المطعون ضده الأول) الشقة والإقامة على سبيل الاستضافة في مسكن آخر حسبما جاء بتقرير مكتب الخبراء الذي تطمئن المحكمة إليه ذلك أن الترك كان الهدف منه توفير المكان لابنته الصغيرة... من المستأنفة (الطاعنة) القائمة على حضانتها، لا يدل بذاته على أن الحكم المطعون فيه قد طبق أحكام القانون رقم 44 سنة 1979 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية مخالفاً بذلك الحكم الابتدائي والذي لم يؤيده في أسبابه وإنما قصد الحكم أن المطعون ضده الأول قد ترك الشقة محل النزاع كمسكن لحضانة ابنته وهو ما يدخل في سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها ولا يدل على ترك المطعون ضده الأول الشقة للطاعنة وإذا كان ما أورده الحكم له أصله الثابت بتقرير الخبير المقدم في الدعوى فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بالإخلاء حالة أن المطعون ضده الأول يحتجز مسكناً آخر بذات البلدة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته وعلى نحو ما سلف بيانه في الرد على الأسباب الثالث والخامس والثامن أن الثابت من تقرير الخبير المقدم في الدعوى والذي اطمأن الحكم إليه وأخذ به أن المطعون ضده الأول أقام بمسكن آخر على سبيل الاستضافة ومن ثم ينتفي الاحتجاز المنصوص عليه في المادة الثامنة من القانون رقم 49 سنة 1977 خاصة وأن الطاعنة لم تعترض أمام محكمة الموضوع على ما جاء بتقرير الخبير في هذا الشأن ولم تقدم ما ينقضه فلا تثريب على الحكم المطعون فيه أن اعتمد في قضائه على ما بهذا التقرير محمولاً على أسبابه ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.