أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1790

جلسة 13 من يونيه سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ الدكتور إبراهيم علي صالح - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، صبحي رزق داود، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل ورابح لطفي جمعه.

(321)
الطعن رقم 2064 لسنة 50 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن". دفوع "الدفع بعدم القبول والدفوع الشكلية". استئناف "نطاق الاستئناف".
الدفع بعدم سماع الدعوى لعدم قيد عقد الإيجار بالوحدة المحلية، م 42 ق لسنة 1977. دفع شكلي لا تستنفذ به محكمة أول درجة ولايتها بالحكم بقبوله. عله ذلك. إلغاء محكمة الاستئناف للحكم، وجوب إعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل فيها من جديد.
لئن كان النص في المادة 115 من قانون المرافعات على أن الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى "يدل على أن المناط في قبول هذا الدفع هو عدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى وهي الصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوى باعتباره حقاً مستقلاً عن ذات الحق الذي ترفع الدعوى بطلب تقريره، وكان تقدير توافر الشروط الثلاثة اللازمة لسماع الدعوى يقتضي من المحكمة أن تطرق موضوع الدعوى وتنظر فيه إلى عنصر أو أكثر من عناصرها الثلاثة وهي الخصوم والمحل والسبب ومن أجل ذلك فإنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من شأن الحكم بعدم قبول الدعوى أن تستنفذ به المحكمة التي أصدرته ولايتها في الفصل في موضوعها مما ينتقل معه الحق في الفصل فيها من جديد إلى محكمة الاستئناف والتي يمتنع عليها - إذا ما انتهت إلى إلغاء قضاء محكمة أول درجة - أن تعيدها إليها، بل يتعين عليها التصدي للفصل في الموضوع، إلا أن ذلك الدفع يغاير في الجوهر والأثر الدفوع الإجرائية المتعلقة بالإجراءات والتي عددتها المادة 108 من قانون المرافعات. ذلك لأن الفصل فيها لا يتطلب من قاضي الدعوى مساساً بموضوعها أو بحثاً في شروط سماعها، فإذا هو قضى بقبول دفع من الدفوع الإجرائية فإنه لا يكون قد اتصل بموضوعها مما يوجب على محكمة الاستئناف عندما يطرح عليها الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى بعدم قبول الدعوى. استجلاء حقيقة الدفع وصولاً للوقوف على مدى اتصاله بخصائص المصلحة في الدعوى وتحديداً لمدى استنفاذ محكمة الدرجة الأولى لولايتها على الدعوى أو بقاء حقها في استكمال نظرها في حالة قضاء محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم بعدم قبول الدعوى وبقبولها ولما كان البين من مدونات الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى بعدم سماع دعوى المطعون عليه أن المحكمة لم تجاوز النظر في ورقة عقد الإيجار المقدم من المطعون عليه للتعرف عما إذا كان قد قيد لدى الوحدة المحلية المختصة طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فلما لم تجده مقيداً حكمت بعدم سماع الدعوى إعمالاً للمادة 42 من القانون سالف البيان. لما كان ذلك فإنها بهذا القضاء لا تكون قد اتصلت بشيء من خصائص المصلحة في الدعوى أو تطرقت لأي عنصر من عناصرها وقوفاً منها عند حد عدم استيفاء سند الدعوى لإجراء شكلي فحسب مما ينأى بالدفع المبدى أمامها عن وصف الدفع بعدم القبول الذي يقتضي تطرقاً إلى موضوع الدعوى والذي تستنفذ بقبوله ولايتها في الفصل فيها الأمر الذي كان يوجب على محكمة الاستئناف - بعد إلغائها الحكم المستأنف أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها لأنها إذا تصدت لها فإنها تفوت على الخصوم درجة من درجتي التقاضي وهو أحد الأصول التي يقوم عليها نظام التقاضي وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الموضوع فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 3597 لسنة 1978 مدني كلي إسكندرية ضد الطاعن للحكم بطرده من الشقة المبينة بصحيفتها وقال بياناً لذلك أنه بعقد إيجار مؤرخ 31 - 5 - 1975 استأجر الطاعن منه تلك الشقة مفروشة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ العقد حتى آخر مايو سنة 1978، وإذ أنذره باعتبار العقد مفسوخاً عند انتهاء مدته ولم يقم بتسليم العين المؤجرة إليه فقد أقام دعواه، قضت المحكمة بعدم سماع الدعوى، استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 199 سنة 35 قضائية إسكندرية. قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق وبعد إجرائه حكمت بتاريخ 24/ 5/ 1980 بإلغاء الحكم المستأنف وبفسخ عقد الإيجار وطرد الطاعن من العين وتسليمها مع المنقولات للمطعون عليه، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن محكمة أول درجة - وقد قضت بعدم سماع الدعوى لعدم قيد عقد الإيجار بالوحدة المحلية المختصة - لم تفصل في موضوع الدعوى وإذ ألغت محكمة الدرجة الثانية هذا القضاء، فقد كان يتعين عليها إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها، وإذ فصلت في الموضوع فإنها تكون بذلك قد حرمت الطاعن من إحدى درجتي التقاضي.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه ولئن كان النص في المادة 115 من قانون المرافعات على أن "الدفع بعدم قبول الدعوى يجوز إبداؤه في أية حالة تكون عليها الدعوى" - يدل على أن المناط في قبول هذا الدفع هو عدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى وهي الصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوى باعتباره حقاً مستقلاً عن ذات الحق الذي ترفع الدعوى بطلب تقريره، وكان تقدير توافر الشروط الثلاثة اللازمة لسماع الدعوى يقتضي من المحكمة أن تطرق موضوع الدعوى وتنظر فيه إلى عنصر أو أكثر من عناصرها الثلاثة وهي الخصوم والمحل والسبب، ومن أجل ذلك فإنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه من شان الحكم بعدم قبول الدعوى أن تستنفذ به المحكمة التي أصدرته ولايتها في الفصل في موضوعها مما ينتقل معه الحق في الفصل فيها من جديد إلى محكمة الاستئناف والتي يمتنع عليها - إذا ما انتهت إلى إلغاء قضاء محكمة أول درجة - أن تعيدها إليها، بل يتعين عليها التصدي للفصل في الموضوع - إلا أن ذلك الدفع يغاير في الجوهر والأثر الدفوع الإجرائية المتعلقة بالإجراءات والتي عددتها المادة 108 من قانون المرافعات بقولها "الدفع بعدم الاختصاص المحلي والدفع بإحالة الدعوى إلى محكمة أخرى لقيام ذات النزاع أمامها أو للارتباط والدفع بالبطلان وسائر الدفوع المتعلقة بالإجراءات يجب إبداؤها معاً قبل إبداء أي طلب أو دفاع في الدعاوى أو دفع بعدم القبول وإلا سقط الحق فيما لم يبد منها"، ذلك لأن الفصل فيها لا يتطلب من قاضي الدعوى مساساً بموضوعها أو بحثاً في شروط سماعها، فإذا هو قضى بقبول دفع من الدفوع الإجرائية فإنه لا يكون قد اتصل بموضوعها مما يوجب على محكمة الاستئناف عندما طرح عليها الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى بعدم قبول الدعوى - استجلاء حقيقة الدفع وصولاً للوقوف على مدى اتصاله بخصائص المصلحة في الدعوى وتحديداً لمدى استنفاذ محكمة الدرجة الأولى لولايتها على الدعوى أو بقاء حقها في استكمال نظرها في حالة قضاء محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم بعدم قبول الدعوى وبقبولها، ولما كان البين من مدونات الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى بعدم سماع دعوى المطعون عليه قد أقام قضاءه على أن ".... الثابت أن المدعي قد أجر عين النزاع مفروشة للمدعى عليه وأنه باشر التداعي في الدعوى الماثلة بعد سريان أحكام القانون 49 لسنة 1977 دون أن يقيد عقد الإيجار المفروش هذا وفقاً لأحكام المادة 42 من القانون سالف الذكر؛ وقد دفع المدعى عليه بعدم سماع الدعوى لعدم قيد العقد، وكانت المحكمة على نحو ما تقدم بيانه تملك أن تتصدى لذلك من تلقاء نفسها لتعلق ذلك بالنظام العام ومن ثم بات متعيناً القضاء بتطبيق هذا الجزاء وبعدم سماع الدعوى..." - مما مؤداه أن المحكمة لم تتجاوز النظر في ورقة عقد الإيجار المقدم من المطعون عليه للتعرف عما إذا كان قد قيد لدى الوحدة المحلية المختصة طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 49 لسنة 1977، فلما لم تجده مقيداً حكمت بعدم سماع الدعوى إعمالاً للمادة 43 من القانون سالف البيان، لما كان ذلك فإنها بهذا القضاء لا تكون قد اتصلت بشيء من خصائص المصلحة في الدعوى أو تطرقت لأي عنصر من عناصرها ووقفت منها عند حد عدم استيفاء سند الدعوى لإجراء شكلي فحسب، مما ينأى بالدفع المبدى أمامها عن وصف الدفع بعدم القبول الذي يقتضي تطرقاً إلى موضوع الدعوى والذي تستنفذ بقبوله ولايتها في الفصل فيها، الأمر الذي كان يوجب على محكمة الاستئناف بعد إلغائها الحكم المستأنف - أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها لأنها إذا تصدت لها فإنها تفوت على الخصوم درجة من درجتي التقاضي وهو أحد الأصول التي يقوم عليها نظام التقاضي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في الموضوع فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن. ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في موضوع الدعوى من فسخ عقد الإيجار المؤرخ 31 - 5 - 1975 وطرد المستأنف عليه (الطاعن) من العين الموضحة بهذا العقد وبصحيفة الاستئناف وتسليمها للمستأنف (المطعون عليه) بمنقولاتها الموضحة بالقائمة المرفقة وإحالة القضية إلى محكمة الدرجة الأولى للفصل في موضوعها.