أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1795

جلسة 13 من يونيه سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم علي صالح - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر، صبحي رزق داود وعبد العزيز عبد العاطي إسماعيل.

(322)
الطعن رقم 1932 لسنة 50 القضائية

ملكية "نطاق حق الملكية".
(1) الملكية وظيفة اجتماعية. تعارض حق الملكية مع المصلحة العامة. وجوب الاعتداد بالمصلحة العامة.
قانون "إصدار القانون". لوائح "سريانها".
(2) حق السلطة التنفيذية في إصدار اللوائح التشريعية اللازمة لتنفيذ القوانين، نطاقه. عله تقريره.
قانون. قرار إداري. إيجار "إيجار الأماكن".
(3) قرار رئيس الوزراء رقم 110 لسنة 1978 بوضع القواعد والشروط لتمليك المساكن الشعبية والاقتصادية، عدم تجاوزه التفويض الوارد بالمادة 72 ق 49 لسنة 1977.
1 - لئن كان مفاد المادة 802 من القانون المدني أن لمالك الشيء حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، إلا أنه لما كان مؤدى المادتين 806، 823 من القانون المدني - وعلى ما أفصح عنه المشرع في الأعمال التحضيرية للقانون المدني - أن الملكية ليست حقاً مطلقاً لا حد له. بل هي وظيفة اجتماعية يطلب إلى المالك القيام بها ويحميه القانون ما دام يعمل في الحدود المرسومة لمباشرة هذه الوظيفة، أما إذا خرج على هذه الحدود فلا يعتبره القانون مستحقاً لحمايته، ويترتب على ذلك أنه حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة فالمصلحة العامة هي التي تقدم.
2 - مفاد المادة 144 من الدستور يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن من حق السلطة التنفيذية إصدار اللوائح التشريعية اللازمة لتنفيذ القوانين، وكان يقصد بالقانون معناه الأعم، فيدخل في هذا المجال أي تشريع سواء كان صادراً من السلطة التشريعية أو من السلطة التنفيذية، وسواء أصدرته السلطة الأخيرة على سند من تفويضها من السلطة التشريعية طبقاً للمادة 108 من الدستور أو استناداً إلى المادة 144 سالفة البيان، ورائد المشرع الدستوري إذ يولي السلطة التنفيذية إصدار قواعد تشريعية تنفيذاً للقوانين الصادرة من السلطة التشريعية أنها وهي السلطة المكلفة بتنفيذ هذه القوانين تكون أقدر من السلطة التشريعية على تنظيم هذا التنفيذ في دقائقه وفقاً لضرورات العمل، فضلاً عما في ذلك من تخليص القوانين من كثير من التفصيلات الجزئية ومن التخفيف بالتالي من أعباء السلطة التشريعية المتزايدة.
3 - إذ كانت المادة 72 من القانون رقم 49 لسنة 1977 تنص على أنه "تملك المساكن الشعبية والاقتصادية التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل تاريخ العمل بهذا القانون نظير أجرة تقل عن الأجرة المخصصة لمدة خمسة عشرة سنة وذلك وفقاً للقواعد والشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من رئيس مجلس الوزراء" وكان القرار رقم 110 لسنة 1978 الذي أصدره رئيس مجلس الوزراء تنفيذاً لهذا النص قد نظم تلك القواعد والشروط والأوضاع التي أولاه المشرع سلطة إصدارها والتي يقتضيها تنفيذ هذا النص، والتي تقتضيها طبيعة هذه المساكن وظروف إنشائها وتملكها والحكمة من تمليكها لمستأجريها فجعل الملكية لا تمتد إلى الأرض المقامة عليها، وأن يكون التصرف فيها بالبيع أو التنازل بموافقة المحافظ المختص، مما تعتبر معه هذه الشروط والقيود مفروضة بالقانون بمعناه العام ويلزم إعمالها، وإذ خالف الحكم هذا النظر على سند من قوله بأن قرار مجلس الوزراء سالف الذكر قد تجاوز حدود التفويض المنصوص عليه في المادة 72 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والذي اقتصر على الإجراءات التنظيمية وحدها ورتب على ذلك قضاءه بإلغاء القيود الواردة على حق تملك المطعون ضده، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 4022/ 1979 مدني كلي قنا ضد الطاعنين يطلب الحكم بتثبيت ملكيته للشقة المبينة بصحيفة الدعوى وقال بياناً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 21 - 8 - 1976 استأجر تلك الشقة من الطاعن الثاني وأنه إذ سدد كامل الأجرة المخفضة عنها عن مدة خمسة عشر عاماً فقد أصبح مالكاً لها طبقاً لنص المادة 72 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وحكمت المحكمة بتثبيت ملكية المطعون ضده لشقة النزاع في الحدود والشروط التي تضمنها القانون 49 لسنة 77 وقرار رئيس الوزراء رقم 110 لسنة 78، استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 155 لسنة 50 ق أسيوط - مأمورية قنا - واستأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 123/ 50 ق - قررت المحكمة ضم الاستئنافين ليصدر فيها حكم واحد وحكمت بتاريخ 27 - 6 - 1980 برفض الاستئناف الأول، وقضت في الاستئناف الثاني بتعديل الحكم المستأنف بحذف القيود الواردة على ملكية المطعون ضده للشقة وتأييده فيما عدا ذلك، طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان بأن الحكم أقام قضاءه بحذف القيود الواردة بالقرار الوزاري رقم 110 لسنة 1978 وملحقه بمنع مشتري الشقة المبينة وفق أحكام القانون 49 لسنة 1977 على سند من القول بأن هذا القرار قد تجاوز نطاق القواعد التنظيمية والإجرائية التي فوض فيها بمقتضى المادة 72 من هذا القانون وأن هذه المادة إنما فرضت رئيس مجلس الوزراء في إصدار القواعد التنظيمية والإجرائية ولا يتعداها إلى فرض القيود على الملكية بمنع المشتري من التصرف بالبيع في المسكن الذي اشتراه، ولما كان التفويض الوارد بالمادة المشار إليها هو تفويض تشريعي بفرض القواعد الموضوعية التي تتضمن الشروط والقيود التي تستلزمها المصلحة العامة، فيكون لهذا القرار قوة القانون الذي يجيز فرض تلك القيود على الملكية تحقيقاً لمصلحة مشروعة ارتآها المشرع وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء القيود الواردة بقرار مجلس الوزراء سالف الذكر وملحقاته يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك لأنه ولئن كان مفاد المادة 802 من القانون المدني أن لمالك الشيء حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، إلا أنه لما كان النص في المادة 823 مدني على "أنه إذا تضمن العقد أو الوصية شرطاً يقضي بمنع التصرف في مال، فلا يصح هذا الشرط ما لم يكن مبنياً على باعث مشروع ومقصوراً على مدة معقولة ويكون الباعث مشروعاً متى كان المراد بالمنع من التصرف حماية مصلحة مشروعة للمتصرف أو المتصرف إليه أو الغير" والنص في المادة 806 مدني على أنه "على المالك أن يراعي في استعمال حقه ما تقضي به القوانين والمراسيم واللوائح المتعلقة بالمصلحة العامة أو بالمصلحة الخاصة..." - يدل وعلى ما أفصح عنه المشرع في الأعمال التحضيرية للقانون المدني على أن الملكية ليست حقاً مطلقاً لا حد له بل هي وظيفة اجتماعية يطلب إلى المالك القيام بها، ويحميه القانون ما دام يعمل في الحدود المرسومة لمباشرة هذه الوظيفة أما إذا خرج على هذه الحدود فلا يعتبره القانون مستحقاً لحمايته، ويترتب على ذلك أنه حيث يتعارض حق الملكية مع مصلحة عامة فالمصلحة العامة هي التي تقدم، وكان النص في المادة 144 من الدستور على أنه "يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل أو تعطيل أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره في إصدارها ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن من حق السلطة التنفيذية إصدار اللوائح التشريعية اللازمة لتنفيذ القوانين، وكان يقصد بالقانون معناه الأعم فيدخل في هذا المجال أي تشريع سواء كان صادراً من السلطة التشريعية أو من السلطة التنفيذية وسواء أصدرته السلطة الأخيرة على سند من تفويضها من السلطة التشريعية طبقاً للمادة 108 من الدستور أو استناداً إلى المادة 144 سالفة البيان ورائد المشرع الدستوري إذ يولي السلطة التنفيذية إصدار قواعد تشريعية تنفيذاً للقوانين الصادرة من السلطة التشريعية على تنظيم هذا التنفيذ في دقائقه وفقاً لضرورات العمل، فضلاً عما في ذلك من تخليص القوانين من كثير من التفصيلات الجزئية ومن التخفيف بالتالي من أعباء السلطة التشريعية المتزايدة، وكانت المادة 72 من القانون رقم 49 لسنة 1977 تنص على أنه "تملك المساكن الشعبية والاقتصادية التي أقامتها المحافظات وتم شغلها قبل تاريخ العمل بهذا القانون نظير أجرة تقل عن الأجرة المخفضة لمدة خمس عشرة سنة وذلك وفقاً للقواعد والشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من رئيس الوزراء" وكان القرار رقم 110 لسنة 1978 الذي أصدره رئيس مجلس الوزراء تنفيذاً لهذا النص قد نظم تلك القواعد والشروط والأوضاع التي أولاه المشرع سلطة إصدارها والتي يقتضيها تنفيذ هذا النص، والتي تقتضيها طبيعة هذه المساكن وظروف إنشائها وتملكها والحكمة من تمليكها لمستأجريها فجعل الملكية لا تمتد إلى الأرض المقامة عليها وأن يكون التصرف فيها بالبيع أو التنازل بموافقة المحافظ المختص، مما تعتبر معه هذه الشروط والقيود مفروضة بالقانون بمعناه العام يلزم إعمالها وإذ خالف الحكم هذا النظر على سند من قوله بأن قرار مجلس الوزراء سالف الذكر قد تجاوز حدود التفويض المنصوص عليه في المادة 72 من القانون رقم 49 لسنة 1977 والذي اقتصر على الإجراءات التنظيمية وحدها ورتب على ذلك قضاءه بإلغاء القيود الواردة فيه على حق تملك المطعون ضده فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين نقضه.