أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1856

جلسة 20 من يونيه سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد كمال عباس - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم محمد هاشم، محمود حسن رمضان، صبحي رزق داود ومحمود شوقي أحمد.

(334)
الطعن رقم 909 لسنة 48 القضائية

(1) محكمة الموضوع. عقد "تفسير العقد".
تفسير العقد لا يجوز للقاضي الانحراف عن عباراته الواضحة. المقصود بالوضوح. حمل عبارات العقد على معنى يخالف ظاهرها دون تبرير. خطأ.
(2) قانون. ضرائب. نقض.
قوانين الضرائب آمرة فيما يتعلق بفرض الضريبة. جواز الاتفاق على مخالفتها فيما يتعلق بشخص الملزم بأدائها.
1 - النص في المادة 150/ 1 من القانون المدني على أنه "إذا كان عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين..." يدل على أن القاضي ملزم بأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هي فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر ولئن كان المقصود بالوضوح هو وضوح الإرادة لا اللفظ إلا أن المفروض في الأصل أن اللفظ يعبر بصدق عما تقصده الإرادة، وعلى القاضي إذا ما أراد حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر هذا المسلك، وما تقضي به المادة المشار إليها يعد من القواعد التي وصفها المشرع على سبيل الإلزام وينطوي الخروج عليها على مخالفة القانون لما فيه من تحريف ومسخ، وتشويه لعبارة العقد الواضحة وتخضع بهذه المثابة لرقابة محكمة النقض.
2 - ولئن كان القانون الذي يفرض ضريبة معينة يعتبر قانوناً آمراً فيما يتعلق بفرضها، إلا أنه لا يعتبر كذلك فيما يتعلق بتعيينه الشخص الذي يلزم بها فيجوز الاتفاق بين المؤجر والمستأجر على مخالفة هذا التعيين - وهو المستفاد من المادة 567 من القانون المدني - طالما أن هذا الاتفاق لا يتعارض مع نص القانون أو قاعدة تعيين حد أقصى للأجرة القانونية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 3996 لسنة 1975 المنصورة الابتدائية قبل المطعون ضدهما بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 20 - 4 - 1969 وإخلاء العين المؤجرة وقال شرحاً لدعواه أن المطعون ضدهما استأجرا الفندق بمشتملاته والتزماً في البند الرابع من العقد بسداد ما يطلب من ضرائب وتأمينات اجتماعية ونحوها علاوة على الأجرة المتفق عليها، وإذ استحق مبلغ 194.832 ج. قيمة رسوم العوايد والنظافة في المدة من 1 - 5 - 1969 حتى إبريل سنة 1975 ولم يسدداه رغم إنذارهما فقد أقام الدعوى بتاريخ 29 - 3 - 1976. حكمت المحكمة بفسخ عقد الإيجار وإخلاء الفندق فأستأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 237 لسنة 28 قضائية المنصورة - دفع الطاعن باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه به إعلاناً صحيحاً في الميعاد القانوني. وبتاريخ 19 - 1 - 1977 حكمت المحكمة برفض الدفع وقبول الاستئناف شكلاً ثم حكمت بتاريخ 27 - 2 - 1978 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعن بصفته في هذين الحكمين بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه دفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانه بصحيفته إعلاناً صحيحاً خلال ثلاثة أشهر من تقديمها إلى قلم الكتاب لخلو الورقة المسلمة له من بيان الجلسة المحددة للاستئناف وأن حضوره كان في جلسة تالية بعد ميعاد الثلاثة أشهر بناء على إعادة إعلانه فلا يزيل حضوره ذلك البطلان ويجب الحكم به لانتهاء ميعاد الثلاثة أشهر قبل العمل بالقانون رقم 75 لسنة 1976، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع - استناداً إلى القول بأن حضوره بناء على إعلان تال صحيح يحقق الغاية من الإجراء الأول فلا يحكم بالبطلان وأن القضاء باعتبار الاستئناف كأن لم يكن بات أمراً جوازياً بصدور القانون رقم 75 لسنة 1976 فقد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير مقبول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المشرع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض - عملاً بنص المادة 255 من قانون المرافعات التي رفع الطعن في ظلها - أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإذ كان لا يبين من مدونات الحكم المطعون فيه تاريخ إعادة إعلان الطاعن إعلاناً صحيحاً وكان الطاعن لم يقدم رفق طعنه صورة رسمية من إعادة الإعلان حتى تستطيع المحكمة التحقيق من أنه لم يصح إعلانه بالاستئناف حتى فوات ثلاثة أشهر من تاريخ إيداع صحيفته بقلم الكتاب فإن النعي يصبح عارياً عن دليله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أن عقد الإيجار سند الدعوى تضمن في البند الثالث الاتفاق على أجرة الفندق ومشتملاته ونص في البند الرابع على التزام المطعون ضدهما بكافة الضرائب التي تستحق علاوة على الأجرة مما يفيد صراحة التزامهما بتلك الضرائب ومنها العوايد ورسم النظافة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انحرف عن المعنى الظاهر للعقد ولم يأخذ بعبارة المتعاقدين الواضحة فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة 150/ 1 من القانون المدني على أنه "إذا كانت عبارة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين..." يدل على أن القاضي ملزم بأن يأخذ عبارة المتعاقدين الواضحة كما هي فلا يجوز له تحت ستار التفسير الانحراف عن مؤداها الواضح إلى معنى آخر، ولئن كان المقصود بالوضوح هو وضوح الإرادة لا اللفظ إلا أن المفروض في الأصل أن اللفظ يعبر بصدق عما تقصده الإرادة، وعلى القاضي إذا ما أراد حمل العبارة على معنى مغاير لظاهرها أن يبين في حكمه الأسباب المقبولة التي تبرر هذا المسلك، لما كان ما تقتضي به المادة المشار إليها يعد من القواعد التي وضعها المشرع على سبيل الإلزام وينطوي الخروج عنها على مخالفة القانون لما فيه من تحريف ومسخ وتشويه لعبارة العقد الواضحة وتخضع بهذه المثابة لرقابة محكمة النقض. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أسس دعواه بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار على تخلف المطعون ضدهما عن الوفاء له بقيمة الضرائب العقارية المفروضة بالقانون رقم 56 لسنة 1954 ورسم النظافة المقرر بالقانون رقم 38 لسنة 1967 واستند إلى ما اتفق عليه في البند الرابع من أن المطلوبات من ضرائب وتأمينات اجتماعية ونحوها يلتزم بأدائها المطعون ضدهما - المستأجران - علاوة على الأجرة المتفق عليها، وكان ظاهر عبارة هذا البند تفيد أن نية المتعاقدين انصرفت إلى التزام المطعون ضدهما بهذه الضرائب علاوة على الأجرة المتفق عليها، وأنه ولئن كان القانون الذي يفرض ضريبة معينة يعتبر قانوناً آمراً فيما يتعلق بفرضها، إلا أنه لا يعتبر كذلك فيما يتعلق بتعيينه الشخص الذي يلزم بها فيجوز الاتفاق بين المؤجر والمستأجر على مخالفة هذا التعيين - وهو المستفاد من حكم المادة 567 من القانون المدني - طالما أن هذا الاتفاق لا يتعارض مع نص القانون أو قاعدة تعيين حد أقصى للأجرة القانونية، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى أن "المستأنفين - المطعون ضدهما - هما الشاغلان للفندق المؤجر بصفتهما مستأجرين - وأنهما الملزمان بالضريبة المفروضة بالقانون رقم 56 لسنة 54 ورسم النظافة المقرر بالقانون رقم 38 لسنة 1967 وقرار محافظ الدقهلية" ورغم ذلك قضى بإلزام الطاعن بها استناداً إلى أن الأجرة المتفق عليها تشملها وخرج بذلك عن المعنى الظاهر لما نص عليه بالبند الرابع من العقد فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.