أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1873

جلسة 20 من يونيه سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد كمال عباس - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد إبراهيم الدسوقي، إبراهيم محمد هاشم، محمد طه سنجر ومحمد علي هاشم.

(337)
الطعن رقم 906 لسنة 47 قضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن". شيوع. محكمة الموضوع "مسائل الواقع". وكالة "الوكالة الضمنية".
تأجير المال الشائع. حق للشركاء مجتمعين ما لم يتفق على غير ذلك. تولي أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض. عد وكيلاً عنهم. لمحكمة الموضوع استخلاص الوكالة الضمنية من القرائن وظروف الأحوال.
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل أن إدارة الأموال الشائعة تكون من حق الشركاء مجتمعين ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك، فإذا تولى أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من الباقين عد وكيلا عنهم، ولمحكمة الموضوع أن تستخلص من المستندات المقدمة لها في الدعوى ومن القرائن وظروف الأحوال قيام وكالة ضمنية من الشركاء لأحدهم في إدارة المال الشائع، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استخلص من انفراد الطاعنة الأولى - دون باقي الورثة - بالتوقيع على عقدي الإيجار المؤرخين....... وقبضها وحدها للأجرة وإدارتها للعقار الكائن به عين النزاع دون اعتراض من باقي الورثة دليلاً على وكالتها الضمنية عنهم فإنه يكون قد أقيم على ما يحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع الطعن - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين والمطعون عليه الثاني أقاموا الدعوى رقم 290 لسنة 1975 مدني كلي بنها ضد المطعون عليه الأول - بطلب إخلائه من الشقة والدكان المبينين بالصحيفة، وقالوا بياناً لدعواهم أنه بموجب عقدين مؤرخين 1 - 8 - 1964 استأجر منهم المطعون عليه الأول دكاناً لاستعماله محل ترزي وشقة لسكنه الخاص بالعقار المبينة بالعقد والصحيفة وقد أحدث المستأجر بهما تعديلات بأن هدم الحائط الفاصل بين المكانين وجعل منهما مكاناً واحداً يديره في أعمال الحياكة بماكينات تدار بمحركات كهربائية بالمخالفة لشروط العقد وإذ لحقتهم أضرار من ذلك فقد أقاموا دعواهم. حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 64 لسنة 9 ق طنطا مأمورية بنها وبتاريخ 12/ 4/ 77 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالأسباب الأول والثاني والرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على أن الطاعنين قد عهدوا للطاعنة الأولى بإدارة العقار وأنها أقرت التعديلات التي أجراها المطعون عليه الأول بعين النزاع، واستدلت محكمة الموضوع على وكالة الطاعنة الأولى الضمنية عن باقي الورثة بأنها وحدها التي وقعت على عقدي الإيجار المؤرخين 1 - 8 - 1964 في حين أن الثابت بهذين العقدين أنهما محرران بين كل الورثة بما فيهم (الطاعنة) الأولى وبين المطعون عليه الأول مما ينفي أنهم عهدوا إليها وحدها بإدارة هذا العقار ومن ثم فإن استشهاد محكمة الموضوع بتوقيع الطاعنة الأولى على هذين العقدين وتحريرها عقد 1/ 7/ 1973 وتصالحها مع المطعون عليه وإقرارها للتعديلات التي أجراها بالعين، كدليل على توكيلهم إياها في إدارة العين المؤجرة غير سديد، حيث أن نفاذ إقرارهما للتعديلات التي أجراها المطعون عليه في حق باقي الشركاء يقتضي وكالة خاصة منهم، وإذا أقام الحكم قضاءه على سند من إقرار الطاعنة الأولى كوكيلة عن باقي الورثة - للتعديلات التي أجريت بالعين المؤجرة، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي بهذه الأسباب مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل أن إدارة الأموال الشائعة يكون من حق الشركاء مجتمعين ما لم يوجد اتفاق يخالف ذلك، فإذا تولى أحد الشركاء الإدارة دون اعتراض من الباقين عد وكيلاً عنهم، ولمحكمة الموضوع أن تستخلص من المستندات المقدمة لها في الدعوى من القرائن وظروف الأحوال قيام وكالة ضمنية من الشركاء لأحدهم في إدارة لمال الشائع، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه استخلص من انفراد الطاعنة الأولى - دون باقي الورثة بالتوقيع على عقدي الإيجار المؤرخين 1 - 8 - 1964 وقبضها وحدها للأجرة وإدارتها للعقار الكائن به عين النزاع دون اعتراض من باقي الورثة دليلاً على وكالتها الضمنية عنهم، فإنه يكون قد أقيم على ما يحمله، ويكون النعي على هذه الأسباب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون أنه على فرض وجود وكالة ضمنية للطاعنة الأولى من باقي الطاعنين في إدارة العقار سنة 1964 إلا أن هذه الوكالة انتهت بالاعتراض على عقد الصلح وعقد الإيجار المؤرخ 1 - 7 - 1973 وثبت هذا الاعتراض في تحقيقات الشكوى رقم 478 لسنة 1975 إداري مركز الخانكة، وقد تمسكوا بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف التي أطرحته تأسيساً على أن الأوراق خلت مما يؤيده، ولم عنيت المحكمة بالاطلاع على هذه الشكوى لتغير وجه الرأي في الدعوى، هذا إلى أن هدم المطعون عليه الأول لحوائط العين المؤجرة وتغيير معالمها لا تدخل ضمن أعمال الإدارة المعتادة ومن ثم فإن إقرار الطاعنة الأولى لهذه الأعمال يعد تجاوزاً منها لحدود الإدارة المعتادة ويلزم موافقة باقي الشركاء عليها موافقة صريحة لينفذ تصرفها في حقهم، ولا يكفي السكوت، لإثبات هذه الموافقة وفي كل ذلك ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير مقبول، ذلك أن أوراق الطعن ومدونات الحكم المطعون فيه، خلت مما يفيد أن الطاعنين قدموا لمحكمة الموضوع صورة من تحقيقات الشكوى رقم 478 لسنة 1975 إداري الخانكة فإن النعي بهذا الشق يكون عار عن الدليل، لما كان ذلك وكان إقرار الموكل وإجازته تصرفات الوكيل التي تجاوز بها حدود وكالته، يصحح تلك الأعمال ويجعلها نافذة في حق الموكل. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن باقي الشركاء قد أقروا تصرف الطاعنة الأولى في عقد الإيجار المؤرخ 1 - 7 - 1973 بما تضمنه من تغيير وتعديل في العين المؤجرة، مستدلاً على ذلك بأنهم يقيمون بالعقار الكائن به عين التداعي حسبما هو ثابت من صحيفة الدعوى وسكتوا ولم يعترضوا على التعديلات التي أجراها المطعون عليه وأقرته عليها والدتهم الطاعنة الأولى رغم علمهم بها، وهو استخلاص موضوعي سائغ له أصله الثابت بالأوراق. ولما كانت محكمة الموضوع قد أقامت هذه الحقيقة وأوردت دليلها، فإنها لا تكون من بعد ملزمة بتتبع كل حجج الخصوم أو بالرد على كل ما يقدمونه من مستندات وبحسبها أن تقيم حكمها على ما يصلح من الأدلة لحمله.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن المطعون ضده - على فرض ثبوت حقه في تغيير معالم العين، فإنه بوضعه آلات بالعين تضر بسلامة المبنى وتؤذي الملاك يكون قد استعمل العين استعمالاً ألحق بها أضراراً، إذ قامت محكمة الموضوع ببحث تلك الأضرار والموازنة بينها وبين المصالح التي يرمي المطعون عليه إلى تحقيقها رغم ما لهذه الموازنة من أثر في التحقق من عدم مشروعية استعمال حقه في إجراء تعديلات بالعين، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي بهذا السبب غير مقبول، ذلك أن الأوراق خلت مما يفيد أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الموضوع بعدم مشروعية استعمال المطعون عليه للعين استعمالاً ألحق بها وبالطاعنين أضراراً، وهو دفاع يختلط فيه الواقع بالقانون، فلا يجوز إثارته والتحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.