أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 530

جلسة 20 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد أمين طموم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد جمال الدين شلقاني، صلاح محمود عويس نائبي رئيس المحكمة، محمد رشاد مبروك والسيد خلف.

(87)
الطعن رقم 321 لسنة 53 القضائية

(1، 2) حراسة "الحراسة القضائية".
(1) الحراسة. ماهيتها.
(2) الحارس القضائي. يستمد سلطته من الحكم الذي يقيمه. ثبوت صفته. بمجرد صدور الحكم دون حاجة إلى إجراء آخر. اعتباره وحده هو صاحب الصفة في كل ما يتعلق بإدارة العقار محل الحراسة وغل يد ملاكه عن إدارته. ثبوت الصفة القضائية للحراسة بمجرد وضع المال تحت الحراسة ولو تراخى تحديد شخص الحارس. علة ذلك.
(3 - 5) دعوى "الطلبات في الدعوى" "سبب الدعوى". إيجار. حكم.
(3) سبب الدعوى. هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب.
(4) تضمين صحيفة الدعوى طلبين مختلفين موضوعاً وسبباً. القضاء برفض أحدهما أو قبوله. لا يعني بطريق اللزوم رفض أو قبول الآخر. لا يغير من ذلك تماثل السبب في كليهما.
(5) دعوى المطعون عليه الأول بطلب طرد الطاعن من غير النزاع لحيازته لها بموجب عقد إيجار صادر من غير ذي صفة وطلب إزالة ما عليها من مباني لغصبه الحيز المقامة عليه تلك المباني. قضاء الحكم المطعون فيه بقبول الطلب الأول ورفض الطلب الثاني. لا خطأ.
1 - الحراسة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إجراء تحفظي والحكم الصادر فيها ليس قضاء بإجراء التنفيذ المادي في ذاته وإنما هو تقرير بتوافر صفة قانونية للحارس لأداء المهمة التي تناط به في الحد الذي نص عليه الحكم.
2 - الحارس القضائي يستمد سلطته من الحكم الذي يقيمه وتثبت له صفته بمجرد صدور الحكم دون حاجة إلى أي إجراء آخر ومتى قضى بفرض الحراسة على العقار وناط الحكم بالحارس إدارة هذا العقار فإنه يكون وحده صاحب الصفة في كل ما يتعلق بتلك الإدارة ويترتب على مجرد صدور الحكم في مواجهة ملاك العقار. وغل يد كل منهم عن إدارته وهذا الأثر يترتب بمجرد وضع المال تحت الحراسة حتى إذا تراخى تحديد شخص الحارس لأنهما مسألتان منفصلتان والمسألة الأولى هي التي تسبغ على الحراسة صفتها القضائية وترتب آثرها وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على عدم الاعتداد بعقد الإيجار الصادر للطاعن بعد فرض الحراسة على العقار لصدوره من غير الحارس القضائي فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب.
4 - إذ كانت الدعوى قد تضمنت طلبين يختلف أحدهم عن الآخر موضوعاً وسبباً - حتى إذا اتحد خصوماً - فإن هذين الطلبين يعتبران دعويان مستقليان جمعتهما بصحيفة واحدة والقضاء برفض أحدهما أو قبوله لا يعني بطريق اللزوم رفض أو قبول الآخر لا يغير من ذلك أن يكون السبب في كليهما متماثلاً.
5 - إذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأول ركن في طلب إزالة مباني العين محل النزاع إلى غصب الطاعن للحيز الذي أقيمت عليه تلك المباني بينما ركن في طلب طرد الطاعن من تلك العين إلى أنه يحوزها بموجب عقد إيجار صادر من غير ذي صفة فإن الدعوى تكون قد تضمنت خصومتين مستقلتين جمعتهما صحيفة واحدة وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض طلب الإزالة تأسيساً على أن الذي أقام مباني العين محل النزاع هو أحد ملاك العقار - المطعون عليه الثالث بينما قضى الطاعن من تلك العين استناداً إلى أنه يضع اليد عليها بدون سند لما خلص إليه من عدم نفاذ عقد الإيجار الصادر له بعد تاريخ فرض الحراسة على العقار ومن ثم يكون النعي على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الأول بصفته حارساً قضائياً أقام الدعوى رقم 4265 لسنة 1977 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بإزالة مباني الحانوت المبين بصحيفة الدعوى وطرده منه. وقال بياناً لذلك أن الطاعن وضع يده على مدخل العقار محل العقار محل حراسته وأقام به حانوتاً لاستعماله ورشة ميكانيكية بدون سند. فأقام الدعوى بطلبيه سالفي البيان. وبتاريخ 16/ 12/ 1980 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 512 لسنة 98 ق مدني لدى محكمة استئناف القاهرة التي حكمت بتاريخ 27/ 1/ 1983 بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الطرد وبطرد الطاعن من العين محل النزاع وتأييده فيما قضى به من رفض طلب الإزالة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأول والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه. وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بطرده من العين محل النزاع على أنه استأجرها من المطعون عليه الثاني - أحد ملاك العقار - في تاريخ لاحق لفرض الحراسة على ذلك العقار ورتب على ذلك عدم نفاذ عقد الإيجار في حق الحارس حالة أنه استأجرها من المطعون عليه الثاني بموجب العقد المؤرخ 1/ 12/ 1976 وهو الذي كان يدير العقار وأن حكم الحراسة وتعيين حارس الجدول الصادر بتاريخ 25/ 11/ 1976 قضى بتعديله في الاستئناف بتاريخ 22/ 2/ 1987 وذلك بتعيين المطعون عليه الأول حارساً ونفذ هذا الحكم بتاريخ 23/ 3/ 1987. ومن ثم يكون عقد إجارته سابقاً على صدور وتنفيذ الحكم الاستئنافي مما مؤداه نفاذ ذلك العقد في حق الحارس.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الحراسة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إجراء تحفظي والحكم الصادر فيها ليس قضاء بإجراء يحتمل التنفيذ المادي في ذاته، وإنما هو تقرير بتوافر صفة قانونية للحارس لأداء المهمة التي تناط به في الحد الذي نص عليه الحكم. والحارس القضائي يستمد سلطته من الحكم الذي يقيمه وتثبت له صفته بمجرد صدور الحكم دون حاجة إلى أي إجراء آخر ومتى قضى بفرض الحراسة على العقار وناط الحكم إدارة هذا العقار فإنه يكون وحده صاحب الصفة في كل ما يتعلق بتلك الإدارة ويترتب على مجرد صدور الحكم في مواجهة ملاك العقار غل يد كل منهم عن إدارته وهذا الأثر يترتب بمجرد وضع المال تحت الحراسة حتى إذا تراخى تحديد شخص الحارس لأنهما مسألتان منفصلتان والمسألة الأولى هي التي تسبغ على الحراسة صفتها القضائية وترتب أثرها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى في قضائه على عدم الاعتداد بعقد الإيجار الصادر للطاعن بعد فرض الحراسة على العقار لصدوره من غير الحارس القضائي فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك يقول إن طلب طرده من العين محل النزاع يدور وجوداً وعدماً مع طلب إزالة مباني تلك العين لأنهما - حسبما ذهب المطعون عليه الأول - أقيما على سبب واحد وهو الغصب وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض طلب الإزالة وبقبول إدخال المطعون عليه الثالث خصماً في الدعوى تأسيساً على أنه هو الذي أقام تلك المباني وأجرها للطاعن مما مؤداه نفي واقعة الغصب عن الطاعن واعتباره مستأجراً فلا يجوز طرده من تلك العين إلا لسبب من الأسباب المبينة بنص المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب. وإذا تضمنت الدعوى طلبين يختلف أحدهما عن الآخر موضوعاً وسبباً - حتى إذا اتحد خصوماً - فإن هذين الطلبين يعتبران دعويان مستقليان جمعتهما بصحيفة واحدة والقضاء برفض أحدهما أو قبوله لا يعني بطريق اللزوم رفض أو قبول الآخر لا يغير من ذلك أن يكون السبب في كليهما متماثلاً. وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأول ركن في طلب إزالة مباني العين محل النزاع إلى غصب الطاعن للحيز الذي أقيمت عليه تلك المباني بينما ركن في طلب طرد الطاعن من تلك العين إلى إنه يحوزها بموجب عقد إيجار صادر من غير ذي صفة فإن الدعوى تكون قد تضمنت خصومتين مستقلتين جمعتهما صحيفة واحدة وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض طلب الإزالة تأسيساً على أن الذي أقام مباني العين محل النزاع هو أحد ملاك العقار - المطعون عليه الثالث - بينما قضى بطرد الطاعن من تلك العين استناداً إلى أنه يضع اليد عليها بدون سند لما خلص إليه من عدم نفاذ عقد الإيجار الصادر له بعد تاريخ فرض الحراسة على العقار. ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.