أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 537

جلسة 21 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنصف أحمد هاشم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة وعبد العال السمان.

(88)
الطعن رقم 1496 لسنة 55 القضائية

(1) بيع "دعوى صحة التعاقد"، دعوى "دعوى صحة التعاقد".
بطلان دعوى صحة التعاقد. شرطها. أن يكون من شأن البيع نقل الملكية. نطاقها. اتساعه لإثارة جميع أسباب بطلان العقد.
(2) ملكية "حظر تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء "بطلان. نظام عام.
حظر تملك غير المصريين للعقارات المبنية أو الأراضي الفضاء. المادتان 1، 4 ق 81 لسنة 1976. سريانه على كل تصرف ولو كان في صورة بيع عرفي أو أي سبب آخر غير الميراث. بطلان التصرف المخالف بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام. الاستثناء. الحالات الواردة بالمادة الثانية من ذات القانون.
(3) نقض "أسباب الطعن: السبب غير المنتج".
النعي الذي لا يحقق سوى مصلحة نظرية للطاعن. غير منتج.
1 - دعوى صحة ونفاذ عقد البيع - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام مقام العقد المسجل في نقل الملكية، ولا يجاب المشتري إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية وتسجيل الحكم الذي يصدر له في الدعوى ممكنين، وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع ويتحقق من استيفائه للشروط اللازمة لانعقاده وصحته ثم يفصل في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته، ومن ثم فإن تلك الدعوى تتسع لأن يثار فيها كل أسباب بطلان العقد إذ من شأن هذا البطلان لو صح أن يحول دون الحكم بصحة العقد.
2 - إذ كان القانون رقم 81 لسنة 1976 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء بعد أن حظر في مادته الأولى اكتساب ملكية العقارات أو الأراضي الفضاء في جمهورية مصر العربية على غير المصريين سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين أياً كان سببه عدا الميراث، استثنى من هذا الحظر في المادة الثانية منه أن تكون ملكية العقار لحكومة أجنبية لاتخاذه مقراً لبعثتها الدبلوماسية أو القنصلية أو لسكنى رئيس البعثة بشرط المعاملة بالمثل أو كانت لإحدى الهيئات أو المنظمات الدولية، وكانت الحالات التي يوافق عليها مجلس الوزراء، والتي يتوافر فيها شروط معينة، ورتب في المادة الرابعة منه البطلان جزاءاً لكل تصرف يتم بالمخالفة لأحكامه ومنع شهره وأجاز لكل ذي شأن وللنيابة العامة طلب الحكم بهذا البطلان وأوجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، مما مفاده أن المشرع حظر تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء ما لم تتوافر إحدى الحالات الواردة في المادة الثانية، كما حظر كل تصرف - ولو كان في صورة بيع عرفي أو أي سبب آخر عدا الميراث من شأنه أن يؤدي إلى نقل الملكية إليهم بالمخالفة لأحكام هذا القانون، واعتبره باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام استجابة لمنطق الأمور الذي يقتضي عندما تكون الغاية ممنوعة أن تكون كل وسيلة تساهم في تحقيقها هي الأخرى ممنوعة.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النعي الذي لا يحقق سوى مصلحة نظرية للطاعن، غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول أقام الدعوى رقم 3638 لسنة 1981 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 27/ 8/ 1974 وقال بياناً لها أنه اشترى بمقتضى هذا العقد من الطاعن قطعة الأرض المبينة بالصحيفة بثمن مقداره خمسة جنيهات للمتر الواحد، وأنه بتاريخ 12/ 9/ 1975 تم الاتفاق بينهما على أن يقوم الطاعن ببيع تلك القطعة إلى شركة أمريكية خلال ثلاثة سنوات، وإذ انقضى هذا الميعاد دون تنفيذ الاتفاق، ولتقاعس الطاعن عن التصديق على عقد البيع لدى مصلحة الشهر العقاري أقام دعواه بطلبه سالف البيان، تدخل المطعون ضده الأخير في الدعوى وطلب قبوله خصماً ثالثاً فيها والحكم برفضها وبصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 26/ 6/ 1978 الصادر إليه من الطاعن وإلزامه مع مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول بتسليمه قطعة الأرض محل عقد البيع المشار إليه وبتاريخ الخامس من إبريل سنة 1983 قضت المحكمة في الدعوى الفرعية بقبول تدخل المطعون ضده الأخير خصماً ثالثاً في الدعوى وببطلان عقد البيع المؤرخ 26/ 6/ 1978 وباستجواب خصوم الدعوى الأصلية، ثم قضت فيها بتاريخ 29 من يونيه سنة 1983 بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 17/ 8/ 1974، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 909 لسنة 39 قضائية، واستأنفه المطعون ضده الأخير بالاستئناف رقم 948 سنة 39 ق وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئناف الأول إلى الثاني حكمت بتاريخ 27 من مارس سنة 1985 في الاستئناف رقم 909 لسنة 39 قضائية بعدم جواز الاستئناف بالنسبة لما قضى به الحكم المستأنف في الدعوى الفرعية بتاريخ 5/ 4/ 1983 وبرفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك وفي الاستئناف رقم 948 لسنة 39 قضائية بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بأولها وبالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن مفاد أحكام القانون رقم 81 لسنة 56 أنه فيما عدا الميراث فإن الأجنبي لا يكتسب ملكية العقارات في مصر، وإذ كان عقد البيع الابتدائي المؤرخ 26/ 6/ 1978 تصرف لا ينقل الملكية ولا يعد سبباً من أسباب كسبها ولا ينشئ غير التزامات شخصية وأن موافقة مجلس الوزراء على البيع لا يمكن تحقيقها عملاً إلا إذا قدم هذا العقد وأن الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان عقد البيع موضوع النزاع تأسيساً على أن البطلان يلحق أي تعاقد مع أجنبي ولو كان حقيقياً ولا يؤدي إلى كسب الملكية لمخالفته لأحكام القانون رقم 81 لسنة 1976 يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن دعوى صحة ونفاذ عقد البيع - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - تستلزم أن يكون من شأن البيع موضوع التعاقد نقل الملكية حتى إذا ما سجل الحكم قام مقام العقد المسجل في نقل الملكية، ولا يجاب المشتري إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية وتسجيل الحكم الذي يصدر له في الدعوى ممكنين، وهذا يقتضي أن يفصل القاضي في أمر صحة البيع ويتحقق من استيفائه للشروط اللازمة لانعقاده وصحته ثم يفصل في أمر امتناع البائع عن تنفيذ التزاماته، ومن ثم فإن تلك الدعوى تتسع لأن يثار فيها كل أسباب بطلان العقد إذ من شأن هذا البطلان لو صح أن يحول دون الحكم بصحة العقد، لما كان ذلك وكان القانون رقم 81 لسنة 1976 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء بعد أن حظر في مادته الأولى اكتساب ملكية العقارات أو الأراضي الفضاء في جمهورية مصر العربية على غير المصريين سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين أياً كان سببه عدا الميراث، استثنى من هذا الحظر في المادة الثانية منه أن تكون ملكية العقار لحكومة أجنبية لاتخاذه مقراً لبعثتها الدبلوماسية أو القنصلية أو لسكنى رئيس البعثة بشرط المعاملة بالمثل أو كانت لإحدى الهيئات أو المنظمات الدولية، وكذلك الحالات التي يوافق عليها مجلس الوزراء، والتي يتوافر فيها شروط معينة، ورتب في المادة الرابعة منه البطلان جزاءاً لكل تصرف يتم بالمخالفة لأحكامه ومنع شهره وأجاز لكل ذي شأن وللنيابة العامة طلب الحكم بهذا البطلان وأوجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، مما مفاده أن المشرع حظر تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء ما لم تتوافر إحدى الحالات الواردة في المادة الثانية، كما حظر كل تصرف - ولو كان في صورة بيع عرفي - أو أي سبب آخر عدا الميراث من شأنه أن يؤدي إلى نقل الملكية إليهم بالمخالفة لأحكام هذا القانون، واعتبره باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام استجابة لمنطق الأمور الذي يقتضي عندما تكون الغاية ممنوعة أن تكون كل وسيلة تساهم في تحقيقها هي الأخرى ممنوعة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض طلب المطعون ضده الأخير صحة ونفاذ عقد البيع الصادر إليه من الطاعن لعدم صدور موافقة من مجلس الوزراء باستثنائه من حظر تملك العقارات المبنية والأراضي الفضاء على غير المصريين فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن النزاع المطروح على المحكمة لم يكن مستهدفاً منه الحصول على حكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 26/ 6/ 1978 الصادر منه إلى المطعون ضده الأخير وإنما كان يدور حول أثره هذا العقد على عقد البيع الصادر منه بتاريخ 27/ 8/ 1974 إلى مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول، وإذ قضى الحكم المطعون فيه ببطلان العقد الأول يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت بالأوراق أن المطعون ضده الأخير قد تدخل أمام محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية هجومياً وطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 26/ 6/ 1978 وبتاريخ الخامس من إبريل سنة 1983 قضت المحكمة ببطلان هذا العقد، فاستأنف هذا القضاء بالاستئناف رقم 948 لسنة 39 قضائية طالباً إلغاء الحكم المستأنف والحكم بصحة ونفاذ العقد سالف الذكر، ومن ثم كان مفروضاً على محكمة الموضوع بدرجتيها طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 26/ 1/ 1978 وإذ عرضت المحكمة لهذا الطلب وقضت فيه فإن النعي على قضائها بأن هذا الطلب لم يكن معروضاً عليها يكون غير صحيح.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم كيف الاتفاق المؤرخ 12/ 9/ 1975 بأنه عقد وكالة، في حين أن العقد الأصلي المؤرخ 27/ 8/ 1974 يعتبر مفسوخاً بالبيع الذي تم للشركة الأجنبية بتاريخ 26/ 6/ 1978 ومن ثم زال التزامه بنقل الملكية إلى مورث المطعون ضدهم الخمسة الأول ولازم ذلك أنه لا يجوز أن يقضى له بصحة ونفاذ هذا العقد الذي زال وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وقضى بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 27/ 8/ 1974 يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لما هو مقرر في قضاء المحكمة أن النعي الذي لا يحقق سوى مصلحة نظرية للطاعن غير منتج، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى بطلان عقد البيع المؤرخ 26/ 6/ 1978 الصادر من الطاعن إلى الشركة الأجنبية، فإن عقد البيع المؤرخ 27/ 8/ 1974 الصادر منه إلى مورث المطعون ضدهم الخمسة الأولى يبقى صحيحاً منتجاً لآثاره ويضحى النعي بشأن تكيف الاتفاق المؤرخ 12/ 3/ 1975 أياً كان وجه الرأي فيه غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.