أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1963

جلسة 27 من يونيه سنة 1981

برئاسة السيد الدكتور/ إبراهيم علي صالح وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر وصبحي زرق داود وعبد العزيز عبد العاطي إسماعيل ورابح لطفي جمعه.

(356)
الطعن رقم 2052 لسنة 50 القضائية

دعوى "قبول الدعوى". حكم "إعادة الدعوى للمرافعة".
قبول الدعوى شرطه. توافر مصلحة محققة حتى صدور الحكم فيها. تغيير المراكز القانونية للخصوم بما يؤدي إلى زوال المصلحة. أثره وجوب الاستجابة لطلب فتح باب المرافعة. مثال بشأن تكييف خاطئ لطالب فتح باب المرافعة.
لما كان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة القانونية في تحصيل فهم الواقع في الدعوى إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي تطبيقه من أحكام القانون وكان من المقرر أيضاً أن طلب إعادة الدعوى إلى المرافعة وإن كان أمره متروكاً لمحكمة الموضوع بحيث تستقل بتقدير مدى الجد فيه ويكون لها الحق في أن تستجيب له أو تقضي برفضه إلا أنها مع ذلك تلتزم إذا ما تناولته في حكمها بقضاء صريح أن تورد في أسبابه ما يبرر هذا القضاء ويكفي لحمله. وكان من المقرر كذلك أن لكل حق دعوى تحميه وكان النص في المادة الثالثة من قانون المرافعات على أنه لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون يدل على أن شرط قبول الدعوى هو وجود مصلحة لدى المدعي عند التجائه للقضاء للحصول على تقرير حقه أو لحمايته وأن تظل المصلحة متحققة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حتى صدور الحكم فيها، لما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنين قدما لمحكمة الاستئناف بعد قفل باب المرافعة في الدعوى وحجزها للحكم طلباً لإعادة الدعوى إلى المرافعة. وكان مؤدى هذا الطلب ودلالة عباراته الصريحة أن الطاعنين قد ابتغا به إعادة الدعوى إلى المرافعة لما ترتب على وفاة المحجوز عليه من تغيير في مراكز الخصوم بانقضاء حقه الشخصي في الإجارة وبالتالي حقه في طلب الإخلاء وهو ما يستتبع بدوره زوال المصلحة في الاستمرار في الخصومة الماثلة ويستوجب إعادتها للمرافعة حتى يتسنى طرح ما طرأ عليها بسبب الوفاة من تغيير في مراكز الخصوم وليناضلوا فيه وفي أيلولة الحق في امتداد الإجارة بعد الوفاة وبقوة القانون لمن كان مقيماً مع المتوفى وكان الحكم المطعون فيه وبالرغم من كل ما سلف قد تناول طلب فتح باب المرافعة على أنه طلب الحكم بانقطاع سير الخصومة وكيفه على هذا الفهم فإنه لا يكون قد فطن إلى مؤدى عبارته أو مرماه على نحو ما سلف بيانه وقد جره هذا الخطأ في فهم الواقع وفي تكييفه إلى الخطأ في تطبيق القانون إذ أنزل على حاصل ذلك التكييف الخاطئ الحكم المقرر بنص المادة 130 من قانون المرافعات من عدم انقطاع سير الخصومة إذا حدثت الوفاة بعد أن تهيأت الدعوى للحكم رغم كون هذا النص مقصوراً على حالة انقطاع سير الخصومة دون سواها وهو ما لا يتفق وصحيح الواقع في الدعوى الماثلة حسبما ورد في الطلب المقدم بإعادتها للمرافعة من أن وفاة المحجور عليه من شأنه حصول تغيير في مراكز الخصوم بل وفي كيان الخصومة ذاتها لما يترتب على الوفاة من انقضاء الحق الشخصي المطالب به للمتوفى وهو حق لا يورث عنه وهو ما يستتبع بالتالي انقضاء الخصومة الماثلة بحالتها..... مما لازمه إعادة الدعوى إلى المرافعة حتى لو كانت قد تهيأت للحكم وذلك لينفتح أمام الخصوم مجال طرح ما طرأ على الخصومة بسبب الوفاة من أثار وإبداء أقوالهم وطلباتهم بشأنها مما قد يكون من شأنه تغيير وجه الرأي في الدعوى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في فهم الواقع في الدعوى وفي تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى التعرض لباقي أساب الطعن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 6542 لسنة 1978 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعنين للحكم بإخلائهما من العين المبينة بصحيفة الدعوى وقالت بياناً لذلك أن والدها يستأجر شقة النزاع لسكنه وقد آوى معه فيها الطاعنين على سبيل الاستضافة، وإذ ألم به مرض خطير أقعده فقد استغل الطاعنان سوء حالته الصحية وظهرا بمظهر المستأجرين للشقة ولما كانت قد عينت قيمة على والدها بعد الحجز عليه فقد أقامت دعواها حفاظاً على أمواله، حكمت محكمة الدرجة الأولى بالإخلاء فاستأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 4598 لسنة 96 ق القاهرة. وأثناء نظر الاستئناف تدخلت فيه زوجة والد المطعون عليها طالبة قبولها خصماً منضماً للمستأنفين. وبتاريخ 29 - 6 - 1980 قضت محكمة الاستئناف بعدم قبول طلب التدخل وبتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع وفي تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان أنهما قدما لمحكمة الموضوع أثناء حجز الاستئناف للحكم لجلسة 29 - 6 - 1980 - طلباً بفتح باب المرافعة في الدعوى أوردا فيه أن والد المطعون عليها قد توفى بتاريخ 16 - 6 - 1980 كالثابت بالشهادة المرفقة بالطلب مما من شأنه تغيير المراكز القانونية للخصوم ذلك لأن الحق في طلب الإخلاء موضوع التداعي هو حق شخصي له ينقضي بوفاته ولا يورث عنه وينتقل حق الانتفاع بالعين وامتداد عقد إيجارها من بعده لمن كان مقيماً معه بها قبل وفاته طبقاً للمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وهو ما لا يتوافر للمطعون عليها لأنها تقيم بأمريكا إقامة مستقرة منذ سنة 1974 - الأمر الذي يقتضي فتح باب المرافعة في الدعوى لإثبات انقضاء الحق المطالب به، وبالتالي انقضاء الخصومة المقامة عنه وزوال صفة المطعون عليها في مباشرتها غير أن المحكمة إذ حصلت هذا الطلب فقد فهمته على أنه طلب الحكم بانقطاع سير الخصومة لوفاة المحجور عليه والد المطعون عليها وذهبت إلى الالتفات عنه بمقولة أن الدعوى تهيأت للحكم ومضت فعلاً إلى الفصل فيها وقد جرها هذا الخطأ في تحصيل فهم الواقع في الطلب إلى الخطأ في تطبيق القانون بقضائها في دعوى رغم انقضاء الحق المطلوب فيها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى إلا أنها تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي تطبيقه من أحكام القانون وكان من المقرر أيضاً أن طلب إعادة الدعوى إلى المرافعة وإن كان أمره متروكاً لمحكمة الموضوع بحيث تستقل بتقدير مدى الجد فيه ويكون لها الحق في أن تستجيب له أو تقضي برفضه إلا أنها تلتزم إذا ما تناولته في حكمها بقضاء صريح أن تورد في أسبابه ما يبرر هذا القضاء ويكفي لحمله. وكان من المقرر كذلك أن لكل حق دعوى تحميه وكان النص في المادة الثالثة من قانون المرافعات على أنه "لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون" يدل على أن شرط قبول الدعوى هو وجود مصلحة لدى المدعي عند التجائه للقضاء للحصول على تقرير - حقه أو لحمايته وأن تظل المصلحة متحققة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة حتى صدور الحكم فيها، لما كان ما تقدم وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنين قدما لمحكمة الاستئناف بعد قفل باب المرافعة في الدعوى وحجزها للحكم - طلباً لإعادة الدعوى إلى المرافعة للسبب الذي أوضحاه بقولهما "... أقامت السيدة........ المطعون عليها - بصفتها قيمة على والدها الدعوى رقم 6542 لسنة 1978 كلي جنوب القاهرة تدافع عن حق شخصي للمحجور عليه في شقة النزاع... وبما أن المحجور عليه قد توفى لرحمة الله بتاريخ 16 - 6 - 1980 وترتب على وفاته تغيير المراكز القانونية للخصوم لأن المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 لا تجعل حق إجارة المسكن حقاً يورث عن المستأجر ويؤول لوارثة حتماً بل اشترطت لذلك إقامة الزوجة أو الأولاد أو الوالدين مع المستأجر الأمر المنتفي في حالتنا لأن السيدة......... تقيم في فلوريدا ومتزوجة هناك منذ عام 1974 ولم تقم مع والدها بشقة النزاع كما هو ثابت بالشهادة الصادرة من إدارات الجوازات والجنسية والمقدمة بالاستئناف.... إنما أردنا أن نبين أن السيدة....... كانت تدافع عن مصلحة شخصية لمورثها وهذه المصلحة انقضت بوفاته ولا ينتقل حق الانتفاع بالشقة إلا لمن أقام مع المستأجر إقامة دائمة بالشروط التي أوضحتها المادة 29 وهذا الشرط لا يتوافر إلا للمستأنفين الطاعنين... لذا فإن تحقيق العدالة في هذه الخصومة يقتضي فتح باب المرافعة فيها"... وكان مؤدى هذا الطلب ودلالة عباراته الصريحة أن الطاعنين قد ابتغيا به إعادة الدعوى إلى المرافعة - لما ترتب على وفاة المحجور عليه من تغيير في مراكز الخصوم بانقضاء حقه الشخصي في الإجارة وبالتالي حقه في طلب الإخلاء وهو ما يستتبع بدوره زوال المصلحة في الاستمرار في الخصومة الماثلة ويستوجب إعادتها للمرافعة حتى يتسنى طرح ما طرأ عليها بسبب الوفاة من تغيير في مراكز الخصوم وليناضلوا فيه وفي أيلوية الحق في امتداد الإجارة بعد الوفاة - وبقوة القانون لمن كان مقيماً مع المتوفى وكان الحكم المطعون فيه وبالرغم من كل ما سلف قد تناول طلب فتح باب المرافعة وواجهه بقوله "...... وحيث إن المستأنفين قدما طلباً في 22 - 6 - 1980 بعد قفل باب المرافعة في الدعوى وبعد أن استكمل الخصوم دفاعهم فيها طلبا فيه فتح باب المرافعة في الاستئناف لوفاة المحجور عليه........ في 16 - 6 - 1980 وأرفقا بهذا الطلب شهادة وفاة وحيث إنه عن طلب المستأنفين الحكم بانقطاع سير الخصومة فمردود، ذلك لأنه وفقاً لأحكام المادة 130 مرافعات لا ينقطع سير الخصومة إذا حدث سبب الانقطاع بعد أن تكون قد تهيأت للحكم والثابت بالدعوى الماثلة أن وفاة المحجور عليه قد حدثت بعد قفل باب المرافعة في الدعوى وبعد أن استكمل الخصوم دفاعهم فيها..." فإن الحكم إذ حصل الطلب على أنه طلب الحكم بانقطاع سير الخصومة وكيفه على هذا الفهم فإنه لا يكون قد فطن إلى مؤدى عبارته أو مرماه على نحو ما سلف بيانه وقد جره هذا الخطأ في فهم الواقع وفي تكييفه إلى الخطأ في تطبيق القانون إذ أنزل على حاصل ذلك التكييف الخاطئ الحكم المقرر بنص المادة 130 من قانون المرافعات من عدم انقطاع سير الخصومة إذ حدثت الوفاة بعد أن تهيأت الدعوى للحكم رغم كون هذا النص مقصوراً على حالة انقطاع سير الخصومة دون سواها وهو ما لا يتفق وصحيح الواقع في الدعوى الماثلة حسبما ورد في الطلب المقدم بإعادتها للمرافعة من أن وفاة المحجور عليه من شأنه حصول تغيير في مراكز الخصوم بل وفي كيان الخصومة ذاتها لما يترتب على الوفاة من انقضاء الحق الشخصي المطالب به للمتوفى - وهو حق لا يورث عنه - وهو ما يستتبع بالتالي انقضاء الخصومة الماثلة بحالتها... مما لازمه إعادة الدعوى إلى المرافعة حتى لو كانت قد تهيأت للحكم وذلك لينفتح أمام الخصوم مجال طرح ما طرأ على الخصومة بسبب الوفاة من آثار وإبداء أقوالهم وطلباتهم بشأنها مما قد يكون من شأنه تغيير وجه الرأي في الدعوى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في فهم الواقع في الدعوى وفي تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى التعرض لباقي أسباب الطعن.