أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 1973

جلسة 30 من يونيه سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم فوده - نائب رئيس المحكمة... وعضوية السادة المستشارين: منير عبد المجيد، محمد إبراهيم خليل، علي السعدني وعبد المنعم بركة.

(358)
الطعن 149 لسنة 48 القضائية

(1 - 3) تأمينات اجتماعية. تعويض. مسئولية "مسئولية تقصيرية".
(1) تنفيذ هيئة التأمينات الاجتماعية لالتزامها بشأن تأمين إصابات العمل. لا يخل بما يكون العامل أو ورثته من حق قبل المسئول عن الإصابة.
(2) مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة. لا محل لإعمال حكم المادة 42 ق 63 لسنة 1964 بشأن وجوب توافر الخطأ الجسيم من جانب رب العمل. مجال أعماله. عند بحث المسئولية الذاتية للأخير.
(3) جمع العامل بين حقه في التعويض عن إصابة العمل قبل هيئة التأمينات الاجتماعية وبين حقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار. جائز.
(4) محكمة الموضوع. دعوى "الدفاع في الدعوى".
عدم التزام محكمة الموضوع بلفت نظر الخصم إلى مقتضيات دفاعه.
(5) إثبات "الاستجواب".
طلب الخصم استجواب خصمه. عدم التزام المحكمة بإجابته متى وجدت في عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.
1 - مقتضى نص المادة 41 من القانون رقم 63 لسنة 1964 بشأن التأمينات الاجتماعية - وتقابلها المادة 66 من القانون الحالي رقم 79 لسنة 1975 - أن تنفيذ الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لالتزامها المنصوص عليه في الباب الرابع بشأن تأمين إصابات العمل لا يخل بما يكون للمؤمن له - العامل أو ورثته - من حق قبل الشخص المسئول عن الإصابة.
2 - إذ تنص المادة 174/ 1 من القانون المدني على أن المتبوع يكون مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حال تأدية وظيفته أو بسببها، وكانت مسئولية المتبوع عن تابعه ليست مسئولية ذاتية إنما هي في حكم مسئولية الكفيل المتضامن وكفالته ليس مصدرها العقد وإنما مصدرها القانون، فإنه لا جدوى من التحدي في هذه الحالة بنص المادة 42 من القانون رقم 63 لسنة 1964 والتي لا تجيز للمصاب فيما يتعلق بإصابات العمل أن يتمسك ضد الهيئة بأحكام أي قانون آخر ولا تجيز له ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ جسيم من جانبه، ذلك أن مجال تطبيق هذه المادة - وعلى ما جرى به قضاء الدائرة الجنائية بهذه المحكمة - هو عند بحث مسئولية رب العمل الذاتية.
3 - إذ يقتضي العامل حقه في التعويض عن إصابة العمل من الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في مقابل الاشتراكات التي قام بسدادها هو ورب العمل، بينما يتقاضى حقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار بسبب الخطأ الذي ارتكبه المسئول فليس ما يمنع من الجمع بين الحقين.
4 - محكمة الموضوع ليست ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه أو لفت نظره إلى مقتضيات هذا الدفاع.
5 - طلب الخصم استجواب خصمه، لا تلزم المحكمة بإجابته متى وجدت في عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما الأولى والثانية عن نفسها وبصفتها أقامت الدعوى رقم 1768 لسنة 1975 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد المؤسسة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي لهما مبلغ 12000 ج مناصفة بينهما والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ الحكم حتى السداد، وقالتا بياناً للدعوى أنه في 18 - 5 - 1966 كان مورثهما....... ضمن عمال خمسة عهد إليهم بإقامة إعلان لإحدى شركات الطيران فوق سطح العمارة رقم 9 ميدان التحرير بالقاهرة وأثناء قيامهم بالعمل سقطوا من أعلى العمارة بسبب تمايل الهيكل المعدني للإعلان وماتوا لفورهم، وقد تحرر عن الواقعة المحضر رقم 2949 سنة 1966 جنح قصر النيل وقضى في الجنحة بإدانة تابعي الطاعنة بحكم بات، ولما كان المطعون عليهما قد أصابتهما أضرار شخصية مادية وأدبية بفقد عائلهما فضلاً عن حقهما في التعويض الموروث عنه فقد أقامتا الدعوى بطلباتهما سالفة البيان، كما أقامت المطعون عليها الرابعة عن نفسها وبصفتها الدعوى رقم 1769 سنة 1975 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنة بمبلغ 12000 ج والفوائد تعويضاً عما أصابها من أضرار مادية وأدبية ناشئة عن وفاة مورثها في ذات الحادث، وأقامت المطعون عليها الرابعة عن نفسها وبصفتها الدعوى رقم 1770 سنة 1975 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنة بمبلغ 12000 جنيه والفوائد عن الأضرار المادية والأدبية من جراء الحادث المذكور، كما أقامت المطعون عليهما الخامسة والسادسة عن نفسهما وبصفتهما الدعوى رقم 2829 سنة 1975 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنة بأن تدفع لهما مناصفة مبلغ 12000 جنيه والفوائد تعويضاً عما أصابهما من أضرار مادية وأديبة عن الحادث، وأقامت المطعون عليهما السابعة والثامنة عن نفسها وبصفتهما الدعوى رقم 6793 سنة 1975 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنة بأن تدفع لهما مناصفة مبلغ 12000 جنيه والفوائد تعويضاً عما أصابهما من أضرار مادية وأدبية عن الحادث المذكور. وبتاريخ 9 - 3 - 1976 حكمت المحكمة في كل دعوى من الدعاوى المشار إليها بإلزام المؤسسة الطاعنة بأن تدفع مبلغ 3000 جنيهاً وفوائده بواقع 4% سنوياً من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً حتى السداد. استأنفت الطاعنة هذه الأحكام لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1726 سنة 93 ق مدني وبتاريخ 3 - 11 - 1977 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون عليهما الأولى والثانية مبلغ 2333.738 ج وإلى المطعون عليها الثالثة مبلغ 2229 جنيه وإلى المطعون عليها الرابعة مبلغ 2428.243 ج وإلى المطعون عليهما الخامسة والسادسة مبلغ 2368.163 ج وإلى المطعون عليهما السابعة والثامنة مبلغ 2679.300 جنيه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أسباب أربعة تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بحكم المادة 42 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 والتي تقضي بأنه لا يجوز للمصاب فيما يتعلق بإصابة العمل أن يتمسك ضد صاحب العمل بأحكام أي قانون آخر إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ جسيم من جانب الطاعنة والثابت أنه لم ينسب لها خطأ ما، وقد استبعدت النيابة العامة مديري الشركة من الاتهام ولم يحكم ضدهما بشيء في الدعوى الجنائية، ومن ثم لا يجوز الجمع بين التعويض الذي تؤديه الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية للورثة وبين التعويض الذي قضت به المحكمة بالتطبيق لأحكام المسئولية المدنية إذ أن التعويض تحكمه في هذه الحالة نصوص قانون التأمينات الاجتماعية وليس نصوص القانون المدني، وإذ قضى الحكم المطعون فيه للمطعون عليهم بالتعويض طبقاً لأحكام المسئولية المدنية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مقتضى نص المادة 41 من القانون رقم 63 لسنة 1964 بشأن التأمينات الاجتماعية المنطبقة على واقعة الدعوى - التي حدثت الواقعة في ظله - وتقابلها المادة 66 من القانون الحالي رقم 79 لسنة 1975 أن تنفيذ الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية بالتزامها المنصوص عليه في الباب الرابع بشأن تأمين إصابات العمل لا يخل بما يكون للمؤمن له - العامل أو ورثته - من حق قبل الشخص المسئول عن الإصابة، ولما كانت المادة 174/ 1 من القانون المدني قد نصت على أن المتبوع يكون مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه حالة تأدية وظيفته أو بسببها، وكانت مسئولية المتبوع عن تابعه ليست مسئولية ذاتية إنما هي في حكم مسئولية الكفيل المتضامن وكفالته ليس مصدرها العقد وإنما مصدرها القانون، فإنه لا يجدي الطاعنة التحدي في هذه الحالة بنص المادة 42 من القانون رقم 63 لسنة 1964 والتي لا تجيز للمصاب فيما يتعلق بإصابات العمل بأن يتمسك ضد الهيئة بأحكام أي قانون آخر ولا تجيز له ذلك أيضاً بالنسبة لصاحب العمل إلا إذا كانت الإصابة قد نشأت عن خطأ جسيم من جانبه، ذلك أن مجال تطبيق هذه المادة - وعلى ما جرى به قضاء الدائرة الجنائية بهذه المحكمة هو عند بحث مسئولية رب العمل الذاتية، ولما كان العامل يقتضي حقه في التعويض عن إصابة العمل من الهيئة المذكورة في مقابل الاشتراكات التي قام بسدادها هو رب العمل، بينما يتقاضى حقه في التعويض قبل المسئول عن الفعل الضار بسبب الخطأ الذي ارتكبه المسئول فليس ما يمنع من الجمع بين الحقين، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه التزم هذا النظر وأقام مسئولية الطاعنة المتبوعة عن أعمال تابعها غير المشروعة أخذاً بالحكم الجنائي الصادر بإدانة التابعين لها، وكانت مسئوليتها بنص المادة 174 من القانون المدني تقوم على خطأ مفترض من جانبها فرضاً لا يقبل إثبات العكس مرده سوء اختيارها لتابعيها وتقصيرها في رقابتهم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بحجية الحكم الجنائي في إثبات اشتراك المصابين في الخطأ الذي تسبب في وفاتهم مما كان يتعين على المحكمة أن تنقص التعويض بقدر هذا الخطأ إعمالاً لنص المادة 216 من القانون المدني وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع ولم يرد عليه ولم تكشف أسبابه عن أنه أدخله في تقدير التعويض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي - وأياً كان وجه الرأي فيه - غير مقبول ذلك أن الطاعنة لم تقدم رفق طعنها صورة رسمية من الحكم الصادر في الجنحة الذي تتمسك به حتى تستطيع هذه المحكمة التحقق من صحة ما تنعاه على الحكم المطعون فيه فإن النعي يكون عارياً من الدليل.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليهن الثالثة والرابعة والخامسة تزوجن بعد وفاة أزواجهن وقدمت المستندات المؤيدة لوقف هيئة التأمينات صرف معاشهن بسبب الزواج وطلبت من محكمة الاستئناف استجوابهن في هذه الواقعة لما لها من أثر في تقدير التعويض غير أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع مما يعيب حكمها بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لا يبين من الأوراق أن الطاعنة قدمت لمحكمة الموضوع ما يؤيد دفاعها الذي أبدته وكانت تلك المحكمة ليست ملزمة بتكليف الطاعنة بتقديم الدليل على دفاعها أو لفت نظرها إلى مقتضيات هذا الدفاع وكان لا يعيب الحكم عدم الرد على دفاع لم يقدم دليله، لما كان ذلك وكان طلب الخصم استجواب خصمه لا تلزم المحكمة بإجابته متى وجدت في عناصر الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الرابع التناقض بين منطوق الحكم وأسبابه، وفي بيانه تقول الطاعنة أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن التعويض لا يجوز أن يتعدى جبر الضرر، غير أن الحكم المطعون فيه وإن أخذ بهذا المبدأ في أسبابه بخصم ما اقتضته المطعون عليهن من تعويضات من مبلغ التعويض المحكوم به ابتدائياً إلا أنه أغفل خصم ما دفعته المؤسسة إلى ورثة كل من العمال المتوفين من تأمين خاص قدره خمسمائة جنيه مما يعيب الحكم المطعون فيه بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت من مطالعة أسباب الحكم المطعون فيه أنه أخذ بدفاع الطاعنة بخصم المبالغ التي اقتضها المطعون عليهن كتعويض من المبلغ المحكوم به ابتدائياً وعلى ضوء حافظتي المستندات التي قدمتها الطاعنة وقضى الحكم المطعون فيه بتعديل الحكم المستأنف وبتعديل المبالغ المحكوم بها أخذاً بما قدمته الطاعنة تدليلاً على سبق أدائها للمطعون عليهن من مبالغ، لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تقدم إلى محكمة الموضوع ما يدل على أدائها مبالغ أخرى غير تلك التي قامت المحكمة باستنزالها من التعويض، فإن ما تنعاه على الحكم المطعون فيه من تناقض يكون غير صحيح.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.