أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 674

جلسة 6 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة/ حسين علي حسين وعضوية السادة المستشارين: ريمون فهيم نائب رئيس المحكمة، عبد الناصر السباعي، إبراهيم شعبان ومحمد إسماعيل غزالي.

(107)
الطعن رقم 709 لسنة 53 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء" الإخلاء لعدم سداد الأجرة "التكليف بالوفاء".
إخلاء المستأجر لعدم الوفاء بالأجرة. شرطه. سبق تكليفه بالوفاء بها. خلو الدعوى منه أو وقوعه باطلاً. أثره. عدم قبول الدعوى. سواء تم ذلك بدعوى مبتدأة أو بطلب عارض. علة ذلك. النص الصريح القاطع في دلالته. عدم جواز الخروج عليه بدعوى تأويله أو تفسيره.
النص في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير في الأجرة فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى ولو لم يتمسك المدعى عليه بذلك لتعلقه بالنظام العام. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أقامت دعواها ابتداء بطلب إخلاء المطعون ضده الثاني من عين النزاع لاستئجاره تلك العين من الباطن وأثناء سير الدعوى أضافت سبباً آخر لطلب الإخلاء وهو عدم وفاء المطعون ضده الثاني لأجرة عين النزاع دون أن يشفع هذا الطلب الأخير بما يفيد سبق تكليفها للمطعون ضده الثاني بالوفاء بهذه الأجرة ومقدارها. ومن ثم يكون تخلف شرطاً أساسياً لقبول هذا الطلب وفقاً لما نصت عليه المادة المذكورة، ولا يجدي الطاعنة - أمام صراحة نص هذه المادة - القول بأن شرط التكليف بالوفاء لا يكون إلا عند قيام المؤجر برفع دعوى مبتدأة بالإخلاء، ذلك أن صياغة المادة المشار إليها جاءت عامة مطلقة في وجوب توافر هذا الشرط قبل طلب الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة، سواء تم ذلك بدعوى مبتدأة أو في صورة طلب عارض، والقول بغير ذلك يعتبر تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص، وهو ما لا يجوز، لأنه متى كان النص صريحاً وقاطعاً في الدلالة على المراد منه، فلا محل للخروج عليه بدعوى تأويله أو تفسيره.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الثاني أقام على الطاعنة والمطعون ضده الأول الدعوى رقم 1621 لسنة 1980 أمام محكمة الجيزة الابتدائية طالباً الحكم بإثبات العلاقة الإيجارية المحرر عنها عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1978، وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد الإيجار المذكور استأجر من المطعون ضده الأول - زوج الطاعنة - الشقة محل النزاع بصفته المالك الظاهر للعقار الكائن به هذه الشقة لقاء أجرة شهرية مقدارها 7 جنيه وبعد أن أقام بالعين واستقر بها تعرضت له الطاعنة في حيازته لها فأقام الدعوى. كما أقامت الطاعنة على المطعون ضدهما الدعوى رقم 1771 لسنة 1980 أمام ذات المحكمة طالبة الحكم - بعد التعديل - بإخلائهما من شقة النزاع تأسيساً على أنها المالكة للعقار وأنها قامت بتأجير الشقة لزوجها المطعون ضده الأول - بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1976 فقام بتأجيرها من الباطن إلى المطعون ضده الثاني دون إذن منها فضلاً عن تأخر المطعون ضده الثاني في الوفاء بالأجرة، وبعد أن قررت المحكمة ضم الدعويين قضت بإحالتهما إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده الثاني أنه يشغل عين النزاع منذ بدء عقده ويقوم بسداد أجرتها وأن الطاعنة تتعرض له في حيازتها، وبعد أن استمعت إلى أقوال شاهدي المطعون ضده الثاني قضت بتاريخ 23/ 2/ 1982 في الدعوى الأولى بإثبات ونفاذ العلاقة الإيجارية المحرر عنها العقد المؤرخ 1/ 2/ 1978، وفي الدعوى الثانية برفضها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2800 لسنة 99 ق القاهرة، وبتاريخ 29/ 1/ 1983 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة أول درجة وبصحيفة الاستئناف بطلب إخلاء المطعون ضده الثاني لعدم الوفاء بأجرة العين محل النزاع، إلا أن الحكم الابتدائي لم يعرض لهذا السبب، كما قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبوله لعدم سبق الدعوى بتكليف المطعون ضده الثاني بالوفاء مخالفاً بذلك نص المادة 18/ ب من القانون رقم 136 لسنة 1981 التي قصدت سبق التكليف بالوفاء عند قيام المؤجر برفع دعوى مبتدأة وليس في صورة دفع أو دفاع أبدي أثناء سير الدعوى، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أنه لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: ( أ )........ (ب) إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول دون مظروف أو بإعلان على يد محضر.... يدل وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخير فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً تعين الحكم بعدم قبول الدعوى ولو لم يتمسك المدعى عليه بذلك لتعلقه بالنظام العام. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة قد أقامت دعواها ابتداء بطلب إخلاء المطعون ضده الثاني من عين النزاع لاستئجاره تلك العين من الباطن وأثناء سير الدعوى أضافت سبباً آخر لطلب الإخلاء وهو عدم وفاء المطعون ضده الثاني لأجرة عين النزاع دون أن يشفع هذا الطلب الأخير بما يفيد سبق تكليفها للمطعون ضده الثاني بالوفاء بهذه الأجرة ومقدارها. ومن ثم يكون قد تخلف شرطاً أساسياً لقبول هذا الطلب وفقاً لما نصت عليه المادة المذكورة، ولا يجدي الطاعنة - أمام صراحة نص هذه المادة - القول بأن شرط التكليف بالوفاء لا يكون إلا عند قيام المؤجر برفع دعوى مبتدأة بالإخلاء، ذلك أن صياغة المادة المشار إليها جاءت عامة مطلقة في وجوب توافر هذا الشرط قبل طلب الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة، سواء تم ذلك بدعوى مبتدأة أو في صورة طلب عارض، والقول بغير ذلك يعتبر تقييداً لمطلق النص وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص، وهو ما لا يجوز، لأنه متى كان النص صريحاً وقاطعاً في الدلالة على المراد منه، فلا محل للخروج عليه بدعوى تأويله أو تفسيره، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون، ولا على الحكم إن لم يعرض بالرد على دفاع الطاعنة بعدم الوفاء بالأجرة طالما أنه قد خلص صحيحاً إلى عدم قبول الدعوى ويكون - النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.