أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 2024

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ عاصم المراغي وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم، علي عمرو وعزت حنوده.

(367)
الطعن رقم 926 لسنة 48 القضائية

(1) طعن. دعوى "المصلحة". رسوم "أمر تقدير الرسوم القضائية".
منازعة الطاعن في أمر تقدير الرسوم القضائية. سلوكه طريق المعارضة في قلم الكتاب وطريق الدعوى المبتدأة. القضاء بعدم قبول المعارضة وبرفض الدعوى موضوعاً. النعي على القضاء الأول. غير مقبول. علة ذلك.
(2) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم. ماهيتها. ما لم تفصل فيه المحكمة بالفعل لا يكون موضوعاً لحكم حاز قوة الأمر المقضي.
(3) حكم. رسوم "أمر تقدير الرسوم القضائية".
أمر تقدير الرسوم القضائية. ماهيته. حكم بالدين. أثر ذلك.
(4) حكم. طعن "نعي غير منتج".
التقريرات الزائدة عن حاجة الدعوى. النعي عليها غير منتج.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان النعي على الحكم المطعون فيه لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحتة ولا يعود على الطاعن منه أية فائدة فإن النعي يكون غير مقبول، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد أقام منازعته في أمر تقدير الرسوم القضائية بطريقين أحدهما هو طريق المعارضة في قلم الكتاب والثاني طريق الدعوى المبتدأة وقد أمرت المحكمة بضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وإذ كان موضوع هذه المنازعة قد طرح على محكمة الموضوع وقالت كلمتها فيها برفض الدعوى، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه الذي أيد قضاء محكمة أول درجة بعدم قبول المعارضة في أمر تقدير الرسوم القضائية لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة ولا يعود عليه أية فائدة وبالتالي غير مقبول.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين ولا تتوفر هذه الوحدة إلا أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً فتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعى به بالدعوى الثانية ويبنى على ذلك أن ما لم تفصل فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم حاز قوة الأمر المقضي.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن أمر تقدير الرسوم القضائية هو بمثابة حكم بالدين يصير نهائياً باستنفاد طرق الطعن فيه أو بفواتها.
4 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان التقرير محل النعي قد جاء زائداً عن حاجة الدعوى ويستقيم قضاء الحكم بدونه فإن النعي عليه وأياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن قلم كتاب محكمة شمال القاهرة الابتدائية استصدر من السيد رئيس المحكمة أمر تقدير الرسوم القضائية في الدعوى رقم 5392 سنة 1974 مدني كلي شمال القاهرة بمبلغ 2510 جنيه ضد الطاعن والمعلن هذا الأمر إلى الأخير بتاريخ 2 - 7 - 1977، ثم عاد قلم الكتاب المذكور واستصدر أمر تقدير رسوم قضائية تكميلية في الدعوى آنفة الذكر بمبلغ 23000.500 جنيه ضد الطاعن وأعلن إليه بتاريخ 18 - 8 - 1977 - وقد عارض الطاعن في أمر تقدير الرسوم الأخير بتقرير في قلم كتاب المحكمة، كما أقام الطاعن الدعوى رقم 6350 سنة 1977 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضده بصفته أودعت قلم كتاب المحكمة طلب فيها الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 23000.500 جنيه الصادر بها أمر التقدير سالف الذكر، وبعد أن أمرت محكمة شمال القاهرة الابتدائية بضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد قضت بجلسة 14 - 1 - 1978 أولاً: في الدعوى رقم 5392 سنة 1974 مدني كلي شمال القاهرة بعدم قبول المعارضة. ثانياً: في الدعوى رقم 6350 سنة 1977 مدني كلي شمال القاهرة برفضها. استأنف الطاعن هذين الحكمين بالاستئناف رقم 534 سنة 95 ق، ومحكمة استئناف القاهرة قضت بجلسة 28 - 3 - 1978 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد استئنافياً بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم قبول المعارضة في أمر تقدير الرسوم على سند من أن معارضة الطاعن مبناها المنازعة في أساس الالتزام الصادر بالرسم الصادر به ذلك الأمر وفي شخص الملتزم وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في هذا الصدد قد جانب الصواب لأن الطاعن لم يدع أن الملزم بالرسم الصادر به الأمر شخص آخر غيره أو أنه لا تستحق عليه ثمة رسوم، وإنما أسس معارضته على أنه وقد سبق لقلم الكتاب أن استصدر أمراً بتاريخ 5 - 6 - 1976 بتقدير الرسوم وأصبح هذا الأمر نهائياً بفوات مواعيد الطعن عليه، فإن أمر تقدير الرسوم الثاني الصادر في ذات الدعوى يكون قد صدر مجاوزاً لمقدار الرسم المستحق عليه قانوناً والذي حدد مقداره نهائياً بأمر التقدير الأول وحاز قوة الأمر المقضي - وإذ لم يحط قضاء محكمة الموضوع بدرجتيه بدفاع الطاعن وذهب إلى أن المعارضة متعلقة بأساس الالتزام بالرسم فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان النعي على الحكم المطعون فيه لا يحقق سوى مصلحة نظرية بحتة ولا يعود على الطاعن منه أية فائدة فإن النعي يكون غير مقبول، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن قد أقام منازعته في أمر تقدير الرسوم القضائية بطريقين أحدهما هو طريق المعارضة في قلم الكتاب والثاني طريق الدعوى المبتدأة وقد أمرت المحكمة بضم الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد، وإذ كان موضوع هذه المنازعة قد طرح على محكمة الموضوع وقالت كلمتها فيها برفض الدعوى، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه الذي أيد قضاء محكمة أول درجة بعدم قبول المعارضة في أمر التقدير الرسوم القضائية لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة ولا يعود عليه منه أية فائدة وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه كان قد أسس دعواه رقم 6350 سنة 1977 مدني كلي شمال القاهرة أمام قضاء الموضوع بدرجتيه بطلب براءة ذمته من مبلغ 23000.500 جنيه الصادر به أمر تقدير الرسوم المؤرخ 18 - 7 - 1977 على قاعدة قوة الأمر المقضي التي تتوافر شروطها في النزاع المعروض وذلك لسبق صدور أمر تقدير الرسوم بتاريخ 5 - 9 - 1976 في الدعوى رقم 5392 سنة 1974 مدني كلي شمال القاهرة وأصبح ذلك التقدير نهائياً، وأنه لا يجوز من بعد استصدار أمر جديد بحجة أنه باقي الرسم الصادر بشأنه الأمر السابق لمساس ذلك بقوة الأمر المقضي المنصوص عليها في المادة 101 من قانون الإثبات، ويضيف الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن تحديد الرسوم القضائية لا يتصور إلا أن يكون بأمر واحد وكان يتعين على قلم الكتاب عند استصداره أمر تقدير الرسم الأول أن يضمن طلب إصداره كل الرسم المستحق أما وأنه لم يفعل واستصدر أمر تقدير رسم بأقل من مقدار الرسم المقرر قانوناً وأصبح هذا الأمر نهائياً فليس له أن يستصدر أمراً جديداً بباقي الرسم الذي يدعيه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى أن أمر تقدير الرسوم القضائية الذي يصدر من القاضي أو رئيس المحكمة إنما يصدر بما له من سلطة ولائية دون أن يورد الأدلة القانونية التي تثبت صحة ما ذهب إليه، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه أغفل تمحيص دفاع الطاعن مكتفياً بالإحالة إلى الحكم الابتدائي وتأييده وكانت أسباب الحكم الابتدائي لا تصلح رداً على هذا الدفاع فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بسببيه في غير محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المنع من إعادة نظر النزاع في المسألة المقضي فيها يشترط فيه أن تكون المسالة واحدة في الدعويين ولا تتوفر هذه الوحدة إلا أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً فتكون هي بذاتها الأساس فيما يدعى به بالدعوى الثانية ويبنى على ذلك أن ما لم تفصل فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم حاز قوة الأمر المقضي - لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه قوله: "ومن حيث إنه بمطالعة المحكمة لأمر التقدير المعلن للمدعي "الطاعن" في 2 - 7 - 1977 - بمبلغ 2510 جنيه والذي يستند المدعى إليه في التمسك بمبدأ قوة الأمر المقضى به استبان منه الأمرين التاليين: أولاً: إنه جاء خلواً من ذكر أن المبلغ الوارد به هو كامل باقي الرسم المستحق على المدعي - ثانياً: أنه شمل عبارة أن مشموله بخلاف ما يستجد من رسوم يندرج تحت هذه العبارة باقي ما يستجد نتيجة لإجراء التسوية لباقي الرسم، وهو مشمول أمر التقدير الثاني المعلن إلى المدعي في 1 - 8 - 1977 بمبلغ 23000.500 ج المطلوب الحكم ببراءة ذمته منه.
وحيث إنه تأسيساً على ما تقدم فإنه لا يكون هناك مجال للتمسك من جانب المدعي بقاعدة قوة الأمر المقضى به التي يحتج بها لانتفاء شروط إعمالها والتمسك بها بالنسبة لباقي الرسم محل المطالبة الثانية" وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه في هذا الشأن هو تطبيق صحيح لشروط إعمال قاعدة حجية الأمر المقضي، وفيه الرد الكافي على دفاع الطاعن ومن ثم فإن النعي عليه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس. ولا ينال من ذلك ما استطرد إليه الحكم الاستئنافي بقوله: وحيث إن الحكم المستأنف أصاب محجة القانون في قضائه بعدم قبول المعارضة في الدعوى رقم 5392 سنة 1974 لأسبابه ولما تقدم بيانه وفي رفض دعوى براءة الذمة الرقيمة 6350 سنة 1977 لما بسطه من مقومات تضيف إليها هذه المحكمة أن حجية أو قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى الأحكام كصريح نص المادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 سنة 1968 وليس أمر تقدير الرسوم من قبيل الأحكام لأن الحكم يصدر من جهة قضائية وإذا كان أمر التقرير يصدر من رئيس المحكمة أو القاضي فليس ذلك سوى أمر ولائي ومثل هذه الأوامر لا تحوز حجية وإذا اعتوره نقص أو خطأ حسابي فليس ثمة ما يمنع في القانون من تدارك هذا النقص أو تصحيح ذلك الخطأ وليس لمن صدر ضده هذا الأمر أن يحتج بقوة الأمر المقضي لعدم وجود قضاء أو فصل في خصومه. ذلك أنه وإن كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن أمر تقدير الرسوم القضائية هو بمثابة حكم بالدين يصير نهائياً باستنفاذ طرق الطعن فيه أو بفواتها، وكان من المقرر أيضاً أنه إذا كان التقرير محل النعي قد جاء زائداً عن حاجة الدعوى ويستقيم قضاء الحكم بدونه فإن النعي عليه وأياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج - لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم الاستئنافي في صدد أمر تقدير الرسوم ووصفه بأنه أمر ولائي هو تزيد عن حاجة الدعوى ويستقيم قضاء الحكم بدونه، ومن ثم فإن النعي عليه - وأياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.