أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 2044

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد فارق راتب - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد المرسي فتح الله، عبد المنعم أحمد بركة، مرزوق فكري عبد الله وجرجس أسحق عبد السيد.

(370)
الطعن رقم 1180 لسنة 48 ق

(1) دعوى "دعوى مدنية". تقادم "تقادم مسقط". حكم "نهائية الحكم الجنائي".
الدعوى المدنية. وقف تقادمها مدة المحاكمة الجنائية. صيرورة الحكم الجنائي نهائياً. أثره عوده سريان تقادم الدعوى المدنية.
(2) دعوى. "ادعاء مدني". تعويض. التماس إعادة النظر. حكم "نهائية الحكم الجنائي".
الادعاء بالحقوق المدنية. عدم جوازه أمام المحاكم العسكرية. ق 25 لسنة 66. التماس إعادة النظر في أحكام هذه المحاكم. أثره. عدم صيرورتها نهائية إلا في اليوم التالي للفصل في الالتماس.
(3) تعويض "عناصر التعويض".
عناصر التعويض. شمولها ما كان للمضرور من رجحان كسب فوته عليه العمل غير المشروع.
(4) تعويض "المسئول عن التعويض".
التعويض المستحق لأفراد القوات المسلحة عند الوفاة أو العجز الكلي أو الجزئي أو بسبب العمليات الحربية. ق 116 لسنة 1964 لا يحول دون مطالبة المضرور بحقه في التعويض الكامل الجابر للضرر استناداً إلى المسئولية التقصيرية. عدم جواز الجمع بين التعويضين.
1 - مؤدى نص المادة 172 من القانون المدني أنه إذا كان العمل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية. فإذا انفصلت الدعوى المدنية عن الدعوى الجنائية - بحكم القانون أو باختيار المضرور - فإن سريان التقادم بالنسبة للمضرور يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية فإذا انفصلت الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي فيها بإدانة الجاني أو عند انتهاء المحاكمة الجنائية بسبب آخر فإنه يترتب على ذلك عودة سريان تقادم دعوى التعويض المدنية بمدتها الأصلية وهي ثلاث سنوات على أساس أن رفع الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعاً قانونياً في معنى المادة 382 - 1 من القانون المدني يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض.
2 - المادة 45 من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 تمنع الادعاء بالحقوق المدنية أمام المحاكم العسكرية ومن ثم فإن سريان التقادم الثلاثي المسقط لدعواهم لا يبدأ إلا من تاريخ الحكم النهائي في الجنحة المذكورة بإدانة الجاني. لما كان ذلك وكان التماس إعادة النظر في أحكام المحاكم العسكرية يعرض على سلطة أعلى من السلطة التي صدقت على الحكم بديلاً عن الضمانات التي كفلها القانون العام عن طريق الطعن بالنقض في أحكام المحاكم العادية كما أشارت إلى ذلك المذكرة الإيضاحية لقانون الأحكام العسكرية المشار إليه وكان الحكم الصادر في الدعوى الجنائية لم يصبح نهائياً تنقضي به الدعوى الجنائية باستيفاء طرق الطعن فيه إلا من تاريخ رفض السلطة العسكرية المختصة الطعن المرفوع عنه الالتماس فإن سريان التقادم لا يبدأ إلا من اليوم التالي لهذا التاريخ على ما سلف بيانه.
3 - لا يمنع من أن يدخل في عناصر التعويض ما كان للمضرور من رجحان كسب فوته عليه العمل غير المشروع ذلك أنه إذا كانت الفرصة أملاً محتملاً فإن تفويتها أمر محقق يجب التعويض عنه.
4 - القانون 116 لسنة 1964 - المنطبق على واقعة الدعوى - تضمن القواعد التي تنظم المعاشات والمكافآت والتأمين والتعويض لأفراد القوات المسلحة عند الوفاة أو العجز الكلي أو الجزئي أو بسبب العمليات الحربية. فعقد الفصل الثاني من الباب الثاني لبيانه أنواع المعاشات والمكافآت. ثم فصل في الباب الرابع أحكام التأمين والتأمين الإضافي وتعويض المصابين بسبب الخدمة بإصابات لا تمنعهم من البقاء فيها وحدد في المادة 65 مقدار التأمين الإضافي الذي يدفع للورثة الشرعيين إذا كانت الوفاة ناشئة عن حادث طيران أو بسبب العمليات الحربية أو إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 31 أو كانت الوفاة بسبب الخدمة وهي أحكام يقتصر تطبيقها على الحالات المنصوص عليها في هذا القانون ولا تتعداها إلى التعويض المستحق طبقاً لأحكام القانون العام فلا تحول دون مطالبة المضرور بحقه في التعويض الكامل الجابر للضرر الذي لحقه إذ أن هذا الحق يظل على ذلك قائماً وفقاً لأحكام القانون المدني إذا كان سبب الضرر الخطأ التقصيري. إلا أنه لا يصح للمضرور أن يجمع بين التعويضين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 187 لسنة 1977 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد وزير الدفاع بصفته - الطاعن - بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 12000 جنيه والفوائد تعويضاً عن الأضرار الشخصية والمورثة. وقالوا بياناً لذلك أن الجندي........ - تابع الطاعن - قاد بتاريخ 27 - 10 - 1970 سيارة للقوات المسلحة وتسبب في وفاة مورثهم المرحوم......، وحرر عن ذلك محضر الجنحة رقم 327 لسنة 1972 عسكرية الإسماعيلية التي قضى فيها بتاريخ 30 - 9 - 73 بإدانته، وتصدق على هذا الحكم بتاريخ 25 - 11 - 1973 ثم قدم المحكوم عليه التماساً بإعادة النظر وبتاريخ 19 - 1 - 1974 رفضت السلطة العسكرية المختصة هذا الالتماس. ومن ثم يكون الطاعن باعتباره متبوعاً للجندي مرتكب الحادث مسئولاً عن تعويضهم عن الأضرار المادية والأدبية بقيمة المبلغ المطلوب الحكم به. دفع الطاعن بسقوط الحق في إقامة الدعوى عملاً بالمادة 172 من القانون المدني. وفي 26 - 4 - 1977 حكمت المحكمة برفض الدفع بالسقوط وإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون عليهم مبلغ 600 جنيه تعويضاً عن الضرر الموروث ومبلغ 900 جنيه للمطعون عليها الأولى ومبلغ 750 لكل من المطعون عليهما الثاني والثالث تعويضاً عن الأضرار الشخصية استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2663 لسنة 94 ق القاهرة وفي 27 - 4 - 1978 حكمت محكمة استئناف القاهرة بتعديل التعويض المقضى به للمطعون عليهما الثاني والثالث وتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع بالتقادم الثلاثي على أساس أن سريان التقادم بالنسبة لدعوى المضرور أمام المحكمة المدنية يقف حتى يفصل في الدعوى الجنائية بحكم نهائي بات، وأن الحكم الجنائي في الجنحة رقم 327 لسنة 1972 عسكرية الإسماعيلية لم يصبح كذلك إلا برفض التماس إعادة النظر في 19 - 1 - 1974 في حين أن التقادم لا يوقف طبقاً للمادة 382 من القانون المدني إلا إذا وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً، ولما كانت محاكمة تابع الطاعن أمام المحاكمة الجنائية لا تعد مانعاً يتعذر معه على المطعون عليهم أن يطالبوا بحقوقهم أمام المحكمة الجنائية فلا محل للقول بوقف التقادم - بالنسبة لدعواهم، وأنه بفرض التسليم بأن التقادم المقرر لمصلحة التابع والمتبوع يوقف طوال مدة محاكمة أولهما جنائياً فإنه يعود إلى السريان فور صدور حكم نهائي في الدعوى الجنائية أو بانتهاء المحاكمة لسبب آخر، وإذ كان الحكم الجنائي الصادر بإدانة تابع الطاعن أصبح نهائياً بالتصديق عليه في 25 - 11 - 73 فإن دعوى المطعون عليهم إذ رفعت بتاريخ 8 - 1 - 1977 تكون قد رفعت بعد انقضاء الثلاث سنوات المنصوص عليها في المادة 172 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 172 من القانون المدني إذ تنص على أنه (1) تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمسة عشر سنة من يوم وقوع العمل غير المشرع (2) على أنه إذا كانت هذه الدعوى ناشئة عن جريمة وكانت الدعوى الجنائية لم تسقط بعد انقضاء المواعيد المذكورة في الفقرة السابقة فإن الدعوى التعويض لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية. وكان مؤدى ذلك أنه إذا كان العمل الضار يستتبع قيام دعوى جنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية. فإذا انفصلت الدعوى المدنية عن الدعوى الجنائية - بحكم القانون أو باختيار المضرور - فإن سريان التقادم بالنسبة للمضرور يقف طوال المدة التي تدوم فيها المحاكمة الجنائية فإذا انفصلت الدعوى الجنائية بصدور حكم نهائي فيها بإدانة الجاني أو عند انتهاء المحاكمة الجنائية بسبب آخر فإنه يترتب على ذلك عودة سريان تقادم دعوى التعويض المدنية بمدتها الأصلية وهى ثلاث سنوات على أساس أن رفع الدعوى الجنائية يكون في هذه الحالة مانعاً قانونياً في معنى المادة 382 فقرة أولى من القانون المدني يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض. لما كان ذلك وإذ كانت المادة 49 من قانون الأحكام العسكرية رقم 125 سنة 1966 - تمنع الادعاء بالحقوق المدنية أمام المحاكم العسكرية، فإن دعوى المطعون عليهم وهي ناشئة عن الجنحة رقم 327 لسنة 1972 عسكرية الإسماعيلية لا يبدأ عليها سريان التقادم الثلاثي المسقط إلا من تاريخ الحكم النهائي في الجنحة المذكورة بإدانة الجاني. لما كان ذلك وكان التماس إعادة النظر في أحكام المحاكم العسكرية يعرض على سلطة أعلى من السلطة التي صدقت على الحكم بديلاً عن الضمانات التي كفلها القانون العام عن طريق الطعن بالنقض في أحكام المحاكم العادية كما أشارت إلى ذلك المذكرة الإيضاحية لقانون الأحكام العسكرية المشار إليه وكان الحكم الصادر في الدعوى الجنائية بتاريخ 30 - 4 - 1973 لم يصبح نهائياً تنقضي به الدعوى الجنائية باستنفاد طرق الطعن فيه إلا من 19 - 1 - 1974 تاريخ رفض السلطة العسكرية المختصة الطعن المرفوع عنه بالالتماس فإن سريان التقادم لا يبدأ إلا من اليوم التالي لهذا التاريخ على ما سلف بيانه. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في القانون ذلك أنه قضى للمطعون عليها الأولى بتعويض عن الضرر المادي رغم خلو الأوراق مما يثبت أن المتوفى كان يعولها حال حياته مستنداً في ذلك إلى أن نفقة الأم على ابنها واجبة شرعاً في حين أنها لا تجب إلا إذا كانت الأم فقيرة والابن ذا مال يزيد عن حاجته ولم يتحقق الحكم من توافر هذه الشروط مما يعيبه بالقصور والخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن القانون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يمنع من أن يدخل في عناصر التعويض ما كان للمضرور من رجحان كسب قوته عليه العمل غير المشروع ذلك أنه إذا كانت الفرصة أملاً محتملاً فإن تفويتها أمر محقق يجب التعويض عنه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتعويض المطعون عليها الأولى عما أصابها من ضرر مادي بوفاة ابنها المجني عليه على ما ورد بمدوناته من أنها باعتبارها والدة المتوفى وقد فقدت بموته عائلها والقائم برعاية شئونها وأحد الملتزمين شرعاً وقانوناً بنفقتها... فإنه يكون قد احتسب في الكسب الفائت عليها أملها في أن تستظل برعاية ابنها لها في شيخوختها وضياع هذه الفرصة عليها بموته ويكون النعي عليه بهذا السبب غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أن محكمة الموضوع أجازت الجمع بين ما صرفه المطعون عليهم من تأمين وتأمين إضافي ومعاش للمطعون عليها الأولى باعتباره جابراً لكامل الضرر طبقاً للقانون رقم 116 لسنة 1964 وبين التعويض المقرر طبقاً لأحكام القانون المدني رغم عدم جواز الجمع بينهما قانوناً.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن القانون رقم 116 لسنة 1964 المنطبق على واقعة الدعوى تضمن القواعد التي تنظم المعاشات المكافآت والتأمين والتعويض لأفراد القوات المسلحة عند الوفاة أو العجز الكلي أو الجزئي بسبب العمليات الحربية، فعقد الفصل الثاني من الباب الثاني لبيان أنواع المعاشات والمكافآت ثم فصل في الباب الرابع أحكام التأمين والتأمين الإضافي وتعويض المصابين بسبب الخدمة بإصابات لا تمنعهم من البقاء فيها، وحدد في المادة 65 مقدار التأمين الإضافي الذي يدفع للورثة الشرعيين إذا كانت الوفاة ناشئة عن حادث طيران أو بسبب العمليات الحربية أو إحدى الحالات المنصوص عليها في المادة 31 أو كانت الوفاة بسبب الخدمة، وهي أحكام يقتصر تطبيقها على الحالات المنصوص عليها في هذا القانون ولا تتعداها إلى التعويض المستحق طبقاً لأحكام القانون العام فلا تحول دون مطالبة المضرور بحقه في التعويض الكامل الجابر للضرر الذي لحقه، إذ أن هذا الحق يظل مع ذلك قائماً وفقاً لأحكام القانون المدني إذا كان سبب الضرر الخطأ التقصيري إلا أنه لا يصح للمضرور أن يجمع بين التعويضين، ولما كان المطعون عليهم قد أقاموا دعواهم بطلب التعويض تأسيساً على قواعد المسئولية التقصيرية وهو أساس مغاير لذلك الذي نص عليه القانون 116 لسنة 1964، وكان الثابت من كتاب إدارة التأمين والمعاشات للقوات المسلحة المؤرخ 24 - 4 - 1977 والمقدم لمحكمة الموضوع أن المبالغ المنصرفة إلى المستحقين عن المرحوم....... هي 120 جنيه تأمين و100 جنيه تأمين إضافي و18 جنيه مكافأة الخدمة الإلزامية وأن المعاش المقرر للمطعون عليها الأولى مبلغ 2 جنيه و500 مليم بخلاف غلاء المعيشة وزيادة الـ 10% المقررة بالقانون رقم 7 لسنة 1977، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قدر التعويض الموروث بمبلغ 600 جنيه يتقاسمونه حسب الفريضة الشرعية والتعويض المادي والأدبي للمطعون عليها الأولى مبلغ 900 جنيه كما قدر التعويض الأدبي لكل من المطعون عليهما الثاني والثالث مبلغ 375 جنيه مراعياً في ذلك المبالغ السابق صرفها لهم سالفة الذكر ومن ثم فهم لم يجمعوا تعويضين. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.