أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 732

جلسة 13 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة: وليم رزق بدوي وعضوية السادة المستشارين: طه الشريف، أحمد أبو الحجاج نائبي رئيس المحكمة، شكري العميري وعبد الصمد عبد العزيز.

(117)
الطعن رقم 613 لسنة 54 القضائية

1 - ملكية، ملكية الأجانب للعقارات، قانون. عقد.
عدم الاعتداد بالتصرفات الصادرة لغير المصريين عن العقارات المبنية والأراضي الفضاء التي لم يكن قد تم شهرها قبل العمل بأحكام القانون رقم 81 لسنة 1976 - مؤداه. سريان القانون المذكور العبرة فيه بجنسية المتصرف إليه وقت التعاقد.
2 - شفعة. بيع. عقد.
البيع المقصور على أشخاص معينين. ماهيته.
القضاء بالشفعة فيه يتنافى مع طبيعة العقد وفيه تفويت للأغراض المنشودة منه. علة ذلك.
3 - استئناف. حكم. تأييد المحكمة الاستئنافية الحكم الابتدائي للنتيجة الصحيحة التي انتهى إليها للأسباب الواردة به ولأسباب جديدة أنشأتها لنفسها مفاده.
1 - مفاد نصوص المواد الأولى والرابعة والخامسة من القانون رقم 81 لسنة 1976 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء أن الأصل في حكم هذا القانون هو عدم الاعتداد بالتصرفات الصادرة لغير المصريين عن تلك العقارات ولم يكن قد تم شهرها قبل العمل بأحكامه أما التصرفات التي عقدها المتمتعون بالجنسية فلا يلحقها هذا الحظر وتظل سارية بما ترتبه من حقوق والتزامات أي أن العبرة بجنسية المتصرف إليه وقت التعاقد فإن كان أجنبياً سرت عليه أحكام القانون سالف البيان.
2 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان البيع مقصوراً على أشخاص معينين فلا يمكن حصوله لغيرهم مهما ألحت عليهم الحاجة إلى شراء العقار المبيع ومهما زايدوا على ثمنه ويعتبر البيع في هذه الأحوال متراوحاً بين البيع والهبة والصلح لأن تقدير الثمن تراعى فيه اعتبارات تتعلق بشخصية المشتري وكل ذلك لا يمكن تقديره فالقضاء بالشفعة في مثل هذه الأحوال يتنافى مع طبيعة العقد وفيه تفويت للأغراض المنشودة منه لأن الثمن المسمى بالعقد لا يمثل حقيقة قيمة العين المبيعة وقت البيع.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن تأييد المحكمة الاستئنافية الحكم الابتدائي للنتيجة الصحيحة التي انتهت إليها للأسباب الواردة به ولأسباب جديدة أنشأتها لنفسها مفاده أنها أخذت من أسبابه ما لا يتعارض منها مع أسبابها ولا مع النتيجة الصحيحة التي أيدتها وأنها أطرحت ما عداه ولو لم تفصح عن ذلك أو تخطئ الحكم الابتدائي في أسباب المخالفة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 11132 لسنة 1980 مدني كلي شمال القاهرة على المطعون ضدهما بطلب الحكم بأحقيته في أخذ العقار المبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بالشفعة وقال بياناً لذلك إنه بعقد بيع مسجل برقم 5036 لسنة 1980 شمال القاهرة باع المطعون ضده الأول للمطعون ضده الثاني أرض النزاع لقاء ثمن قدره 3794.910 مليمجـ وإذا كان يمتلك قطعة أرض تجاورها بعقد مسجل برقم 8096 لسنة 76 توثيق القاهرة فيحق له أخذها بالشفعة وقد اتخذ كافة الإجراءات التي يتطلبها القانون لذلك. ومن ثم أقام الدعوى بطلباته. قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 5993 لسنة 99 ق. القاهرة وبتاريخ 7/ 1/ 1984 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك ببطلان عقد البيع الابتدائي المؤرخ 25/ 3/ 1953 الصادر من المطعون ضده الأول إلى زوجة المطعون ضده الثاني لأنها كانت أجنبية وقت صدور القانون رقم 81 لسنة 1976 الصادر بحظر تملك غير المصريين للعقارات والأراضي الفضاء ولم يتوافر في شأن هذا العقد أي شرط من شروط الاعتداد به عملاً بنص المادة الخامسة من القانون سالف الذكر. ومن ثم فلا يجوز أن يكون محلاً لحوالة من المشترية إلى زوجها المطعون ضده الثاني إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعتد بهذا الدفاع استناداً إلى أن العقد ثابت التاريخ بموجب الدعوى رقم 266 لسنة 1962 مدني كلي القاهرة المقامة من المطعون ضده الأول على زوجة المطعون ضده الثاني بطلب سداد باقي الثمن أو فسخ العقد واعتد بحوالة الحق مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون رقم 81 لسنة 1976 بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء بعد أن نص في المادة الأولى منه على حظر تملك غير المصريين لتلك العقارات وفي المادة الرابعة على بطلان التصرفات التي تتم بالمخالفة لأحكامه نص في المادة الخامسة على أن تبقى التصرفات التي تم شهرها قبل العمل به صحيحة ومنتجة لآثارها أما التصرفات التي لم يتم شهرها فلا يعتد بها ولا يجوز شهرها إلا إذا كانت قد قدمت بشأنها طلبات شهر إلى المأمورية المختصة أو أقيمت عنها دعاوى صحة تعاقد أو استخرجت بشأنها تراخيص بناء من الجهات المختصة وذلك كله قبل 21/ 12/ 1975. مما مفاده أن الأصل في حكم هذا القانون هو عدم الاعتداد بالتصرفات الصادرة لغير المصريين عن تلك العقارات سالفة البيان ولم يكن قد تم شهرها قبل العمل بأحكامه أما التصرفات التي عقدها المتمتعون بالجنسية المصرية فلا يلحقها هذا الحظر وتظل سارية بما ترتبه من حقوق والتزامات أي أن العبرة بجنسية المتصرف إليه وقت التعاقد، فإن كان أجنبياً سرت عليه أحكام القانون سالف البيان. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه بعدم سريان الحظر الوارد بالقانون 81 لسنة 1976 على زوجة المطعون ضده الثاني على سند من أنها كانت مصرية وقت إبرام العقد المؤرخ 25/ 3/ 1953 مع المطعون ضده الأول وأن هذا العقد وإن لم يكن من شأنه نقل الملكية إليها لعدم تسجيله إلا أنه يرتب لها حقوقاً شخصية قبل المتعاقد معها المطعون ضده الأول يجوز أن يكون محلاً لحوالة الحق عملاً بالمادة 305 من القانون المدني فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ولا يعيبه ما تردى إليه من تقريرات قانونية زائدة بشأن ثبوت تاريخه بدعوى المطالبة بباقي الثمن. إذا لم يكن لازماً لقضاء الحكم ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بسبب الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن العقد المشفوع فيه ليس من البيوع التي تجوز فيها الشفعة مخالفاً بذلك ما نصت عليه المادة 939 من القانون المدني والتي حددت البيوع التي لا يجوز فيها ذلك. واعتبر أن العقد المشفوع فيه من بينها باعتبار أن المطعون ضده الثاني حل محل زوجته المشترية بالعقد الابتدائي المؤرخ 25/ 3/ 1953 لذات القطعة وسدد باقي الثمن للمطعون ضده الأول وكيف ذلك العقد على أنه ليس عقد بيع صرف وإنما روعيت فيه اعتبارات خاصة بالمشتري مع أنه قد لحقه البطلان ولا يفيد قيام حقها في حوالة منها لدى المطعون ضده الأول لصالح زوجها المطعون ضده الثاني مع أنها لم توف كامل الثمن إذ أن كل ما سددته منه مبلغ ألف جنيه مما يتعارض القول معه بالتماثل بين الثمن الوارد به والعقد المشفوع فيه بما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان البيع مقصوراً على أشخاص معينين فلا يمكن حصوله بغيرهم مهما ألحت عليهم الحاجة إلى شراء العقار المبيع ومهما زايدوا على ثمنه ويعتبر البيع في هذه الأحوال متراوحاً بين البيع والهبة والصلح لأن تقدير الثمن تراعى فيه اعتبارات تتعلق بشخصية المشتري وكل ذلك لا يمكن تقديره بثمن فالقضاء بالشفعة في مثل هذه الأحوال يتنافى مع طبيعة العقد وفيه تفويت للأغراض المنشودة منه لأن الثمن المسمى بالعقد لا يمثل حقيقة قيمة العين المبيعة وقت البيع. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه بعدم جواز الأخذ بالشفعة في عقد البيع المشفوع فيه على سند من أنه عقد بيع روعيت فيه اعتبارات خاصة بالمشتري من أهمها أن تنازل الزوجة عن حقها في أرض النزاع مشروطاً بأن يكون المتصرف فيها لزوجها المطعون ضده الثاني ويؤكده أن الثمن الوارد به هو بذاته الثمن المثبت بالعقد المؤرخ 25/ 3/ 1953 مع أن سعر المتر من أرض النزاع وقت تحرير العقد المشفوع فيه يفوق ثمنه وقت تحرير العقد الأول بأكثر من مائة ضعف وما كان البيع ليتم بهذا السعر لولا الاعتبارات سالفة البيان وهي أسباب سائغة تكفي لحمل قضاءه وتتفق مع النظر القانوني الصحيح ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بسبب الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي قضى برفض الدعوى على سند من أن العقار المشفوع به قد آلت ملكيته إلى البائع له بالعقد المسجل 5143 لسنة 1968 الصدر إليه من الجمعية التعاونية المصرية لبناء مساكن ضباط القوات المسلحة التي تملكته بالعقد الصادر لها من المطعون ضده الأول بالعقد المسجل 6310 لسنة 1963 ونص في قائمة الاشتراطات الملحقة والمسجلة معه على تنازل الجمعية عن حقها في الشفعة للعقار المشفوع فيه ورتب على ذلك انتقال التنازل عن الحق في الشفعة إلى الخلف الخاص مع أنه عقد ملكية لم يتضمن هذا الشرط فضلاً عن عدم علمه اليقيني به إلا أن الحكم المطعون فيه اعتمد أسباب الحكم الابتدائي والتي لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها لم يورد أسباب جديدة لقضائه بما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تأييد المحكمة الاستئنافية الحكم الابتدائي للنتيجة الصحيحة التي انتهت إليها للأسباب الواردة به ولأسباب جديدة أنشأتها لنفسه مفاده أنها أخذت من أسبابه ما لا يتعارض منها مع أسبابها ولا مع النتيجة الصحيحة التي أيدتها وأنها أطرحت ما عداه ولو لم تفصح عن ذلك أو تخطئ الحكم الابتدائي في أسباب المخالفة. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أقام قضاءه على أسباب جديدة أنشأها وهي أسباب سائغة تكفي لحمله وأردف القول بأن الحكم المستأنف إذ انتهى إلى رفض الدعوى يكون قد صادف صحيح القانون مما يتعين معه تأييده لما تضمنه من أسباب لا تتعارض مع ما سلف من أسباب مما مفاده أنه لم يكن بحاجة إلى تعييب هذا الحكم فيما تردى فيه من أسباب مخالفة ولا عليه إن لم يخطئ تلك الأسباب على فرض مخالفتها للقانون ويضحى النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.