أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 2052

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمود عثمان درويش - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد صبري أسعد، محمد إبراهيم خليل، عبد المنصف هاشم وأحمد شلبي.

(371)
الطعن رقم 388 لسنة 48 القضائية

(1، 2) عقد "فسخ العقد: الشرط الصريح الفاسخ". بيع "التزامات المشتري". محكمة الموضوع "تفسير العقد".
1 - الشرط الفاسخ الصريح. عدم اشتراط القانون ألفاظاً معينة له. وجوب أن تكون صيغته قاطعة في الدلالة على وقوع الفسخ.
2 - الاتفاق على أن يكون العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون تنبيه أو إنذار عند تخلف المشتري عن سداد باقي الثمن في الميعاد. أثره. سلب القاضي سلطته التقديرية في صدد الفسخ. حسبه أن يتحقق من توافر شروطه (مثال بشأن عقد البيع).
3 - حكم "تسبيب الحكم".
إحالة الحكم الاستئنافي إلى أسباب الحكم الابتدائي. مقصود بها الإحالة على ما لا يتناقض مع أسبابه الخاصة.
4 - حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. بيع.
التصريح بإيداع باقي الثمن خزانة المحكمة. لا يعتبر فصلاً في الخصومة - عدم اكتسابه حجية الأمر المقضي.
(5) بيع "التزامات المشتري" "حق الحبس". محكمة الموضوع "تقدير الدليل".
حق المشتري في حبس الثمن. مناطه. وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من تحت يده م 457/ 2 مدني. تقدير جدية هذا السبب من سلطة قاضي الموضوع بلا رقابة من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
1 - لا يشترط القانون ألفاظاً معينة للشرط الفاسخ الصريح الذي يسلب المحكمة كل سلطة في تقدير أسباب الفسخ، وكل ما يلزم فيه أن تكون صيغته قاطعة في الدلالة على وقوع الفسخ حتماً ومن تلقاء نفسه بمجرد حصول المخالفة الوجبة له.
2 - الاتفاق على أن يكون عقد البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار عند تخلف المشتري عن سداد أي سقط من أقساط باقي الثمن في ميعاده من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ، وحسبه أن يتحقق من توافر شروطه.
3 - الحكم المطعون فيه لم يشبه أي تناقص لأن إحالته على أسباب الحكم الابتدائي مقصود فيها الإحالة على ما لا يتناقض مع أسبابه الخاصة.
4 - تصريح محكمة الموضوع للطاعنين بإيداع باقي الثمن خزانة المحكمة لا يعتبر فصلاً في الخصومة مما تستنفد به المحكمة ولايتها، ويحوز حجية الأمر المقضي.
5 - مفاد نص المادة 457/ 2 من القانون المدني أن المشرع أجاز للمشتري الحق في حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من يده وتقدير جدية السبب الذي يولد الخشية في نفس المشتري من نزع المبيع من يده هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية...
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها عن نفسها وبصفتها أقامت الدعوى رقم 925 سنة 1975 مدني المنيا الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 22 - 2 - 1972 وتسليم الأطيان المبيعة وأحقيتها لقيمة العربون المدفوع وقدره 50 جنيه، وقالت بياناً للدعوى أنها باعت إلى الطاعنين بموجب هذا العقد أطياناً مساحتها 12 ط 5 ف لقاء ثمن مقداره 1200 جنيه، دفع منه مبلغ خمسون جنيهاً بمجلس العقد، واتفق على أن يقوموا بدفع مبلغ 710 جنيه قيمة الضرائب عقارية ومستحقات للجمعية التعاونية الزراعية على أن يسددوا الباقي وقدره 440 جنيه على قسطين متساويين في مايو وأكتوبر سنة 1972، وإذ لم يقم الطاعنون بتنفيذ هذا الالتزام أقامت المطعون عليها الدعوى بطلباتها سالفة البيان وبتاريخ 28 - 3 - 1976 حكمت المحكمة للمطعون عليها بطلباتها المذكورة، استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف بالاستئناف رقم 129 سنة 12 ق مدني مأمورية المنيا طالبين إلغاءه وبتاريخ 28 - 12 - 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقص، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من خمسة وجوه يتحصل الأول والثاني والرابع منهما في أن الحكم أقام قضاءه بفسخ عقد البيع آنف الذكر على أن البند الثالث من العقد إذ نص على أن الطاعنين المشترين "إذ تأخروا" يعتبر هذا العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه بدون تنبيه أو إنذار فقد دل على أن المتعاقدين قد اتفقوا على الشرط الفاسخ الصريح مما مقتضاه وجوب القضاء بالفسخ عند التحقيق من وقوع المخالفة، ويعتبر الحكم بالفسخ مقرراً له وليس منشئاً، في حين أن هذا الإنفاق لا يعدو أن يكون ترديداً للشرط الفسخ الضمني لخلوه من النص على اعتبار العقد مفسوخاً دون حاجة إلى صدور حكم بالفسخ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه ناقض ما قرره حكم محكمة أول درجة في أسبابه من أن الحكم يعتبر في هذه الحالة منشئاً للفسخ وليس مقرراً له، فأفاد بذلك المطعون عليها من الاستئناف المرفوع منهم، كما ناقض الحكم أيضاً ما سبق أن قررته محكمة الاستئناف - بهيئة مغايرة - من التصريح للطاعنين بإيداع باقي الثمن خزانة المحكمة مما يعتبر قضائه باعتبار الشرط الذي تضمنه عقد البيع شرطاً فاسخاً ضمنياً، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي بهذه الوجوه مردود، ذلك أن القانون لا يشترط ألفاظاً معينة للشرط الفاسخ الصريح الذي يسلب المحكمة كل سلطة في تقدير أسباب الفسخ وكل ما يلزم فيه أن تكون صيغته قاطعة في الدلالة على وقوع الفسخ حتماً ومن تلقاء نفسه بمجرد حصول المخالفة الموجبة له، فالاتفاق على أن يكون عقد البيع مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى تنبيه أو إنذار عند تخلف المشتري عن سداد أي قسط من أقساط باقي الثمن في ميعاده من شأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يسلب القاضي كل سلطة تقديرية في صدد الفسخ، وحسبه أن يتحقق من توافر شروطه، ولما كانت محكمة الاستئناف قد التزمت هذا النظر وخلصت من عبارات البند الثالث من عقد البيع السالف الذكر بأن "يعتبر هذا العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه بدون تنبيه أو إنذار" أن نية المتعاقدين قد اتجهت عند تحرير العقد إلى اعتباره مفسوخاً من تلقاء نفسه بمجرد حلول ميعاد التنفيذ وعدم قيام الطاعنين بالوفاء بباقي الثمن دون حاجة إلى إنذار أو حكم بالفسخ، وأن الحكم في هذه الحالة يعتبر مقرراً للفسخ لا منشئاً له، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يشبه أي تناقض لأن إحالته على أسباب الحكم الابتدائي مقصود بها الإحالة. على ما لا يتناقض مع أسبابه الخاصة، وقد أيد الحكم الابتدائي القاضي بفسخ عقد البيع فلم يسوى مركز الطاعنين باستئنافهم، وكان تصريح محكمة الموضوع بإيداع باقي الثمن خزانة المحكمة لا يعتبر فصلاً في الخصومة مما تستنفذ به المحكمة ولايتها ويحوز حجية الأمر المقضي، لما كان ما تقدم فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه خالف ما ورد بالإنذار المعلن من المطعون عليها بتاريخ 30 - 4 - 1975 بعد انقضاء الميعاد المحدد لسداد باقي الثمن، ومطالبتها لهم بالسداد خلال أسبوع وإلا رفعت الدعوى ضدهم، وقد أقامتها وطلبت الحكم بالفسخ مما يدل على أن الشرط الوارد بعقد البيع آنف الذكر ليس شرطاً فاسخاً صريحاً، هذا إلى أن الإنذار المذكور يدل على تنازلها عن الشرط الفاسخ الصريح لو جاز القول بتوافره.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لأنه دفاع يخالطه واقع ولم يقدم الطاعنون ما يدل على أنهم تمسكوا به أمام محكمة الموضوع، فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن العقار المبيع محمل من قبل شرائهم له بدين الأموال الأميرية ودين لبنك التنمية الزراعي بما يزيد على المبلغ الباقي من ثمن العقار مما يثير تخوفهم من نزعه من يدهم ويجيز لهم حبس باقي الثمن عملاً بالمادة 457 من القانون المدني، ومع ذلك فقد قاموا بدفع مبلغ 100 جنيه قيمة أموال أميرية ومبلغ 600.584 جنيه لبنك التنمية، وأودعوا مبلغ 450 جنيه خزانة المحكمة غير أن الحكم المطعون فيه قضى بالفسخ رغم ذلك فشابه الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مفاد نص المادة 457/ 2 من القانون المدني أن المشرع أجاز للمشتري الحق في حبس الثمن إذا تبين له وجود سبب جدي يخشى معه نزع المبيع من يده، وتقدير جدية السبب الذي يولد الخشية في نفس المشتري من نزع المبيع من يده هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور التي تستقل بها محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك. وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على "أن زعم المستأنفين (الطاعنين) عن خشيهم نزع المبيع من تحت يدهم نتيجة ديون الضرائب وبنك التنمية الزراعي هو مجرد زعم باطل قصدوا منه تبرير تخلفهم عن سداد باقي الثمن وتبرر دفاعهم في حق حبس باقي الثمن ذلك أنهم لم يحاولوا أن يسددوا هذه الديون أو جزء منها في الوقت المتفق عليه في عقد البيع، وبالرغم من أن البائعة خصصت لهم مبلغ 710 جنيه من الثمن لسداد هذه الديون في الحال وبالرغم من إنذارهم رسمياً بسدادها فإنهم لم يبدءوا في السداد إلا في 28 - 9 - 1977 ثم في 1 - 10 - 1977.... بعد أكثر من خمس سنوات ونصف من عقد البيع واستلامهم الأرض المبيعة وهذا يقطع أن ثمة خطر جدي لم يكن يهدد المبيع ولو كان المستأنفون جادون في تخوفهم لبادروا إلى سداد مبلغ 710 جنيه المتفق على سدادها كديون وهي أسباب موضوعية لها سندها من الأوراق وتكفي لحمل قضاء الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون بشأن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من عدم جدية أسباب تخوفهم لا يعدو أن يكون في حقيقته جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة وهو ما لا يجوز أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.