أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 740

جلسة 13 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة: وليم رزق بدوي وعضوية السادة المستشارين: طه الشريف، أحمد أبو الحجاج نائبي رئيس المحكمة، شكري العميري وعبد الصمد عبد العزيز.

(118)
الطعن رقم 1630 لسنة 58 القضائية

1 - تعويض. إصلاح زراعي. استيلاء.
الأراضي الزراعية المستولى عليها. منح صاحبها سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة وبفائدة قدرها 5% سنوياً من تاريخ الاستيلاء. استهلاك السندات. مناطه. استحقاق التعويض. شرطه. المادة الخامسة من القانون رقم 127 لسنة 1961.
2 - دستور، دستورية القوانين،. قانون. حكم.
الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم. م 49 ق 48 لسنة 1979. انسحاب هذا الأثر إلى الوقائع والعلاقات السابقة على صدوره إلا ما استقر من مراكز وحقوق بحكم حائز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم.
3 - نقض "أسباب النقض".
سبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - دعوى، الصفة، التمثيل القانوني، نيابة، نيابة قانونية.
تمثيل الدولة في التقاضي. فرع من النيابة القانونية عنها. بيان مداها ونطاقها. مناطه.
1 - النص في المادة الخامسة من القانون رقم 127 لسنة 1961 على أن يؤدى التعويض سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة وبفائدة قدرها 4% محسوبة من تاريخ الاستيلاء...... ويجوز للحكومة بعد عشر سنوات أن تستهلك هذه السندات كلياً أو جزئياً.... مؤداه أن هذه السندات تستهلك بعد مضي خمس عشرة سنة من تاريخ الاستيلاء إلا إذا رأت الحكومة استهلاكها بعد عشر سنوات وإذا لم تؤد الدولة لصاحب الأرض الزراعية المستولى عليها السندات الاسمية وفوائدها حتى انتهاء استهلاكها فإنه يكون مستحقاً للتعويض.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه ولئن كان يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم وفقاً لنص المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا، إلا أن عدم تطبيقه - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون - لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم.
3 - إذ كان الدفاع الوارد بوجه النعي هو سبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تمثيل الدولة في التقاضي هو فرع من النيابة القانونية عنها ويتعين في بيان مداها ونطاقها الرجوع إلى مصدرها وهو القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع أبان عنها الحكم الصادر من هذه المحكمة - بتاريخ 26/ 12/ 1990 بما يغني عن تكرار سردها. ومن ثم تحيل إليه في بيانها، وتوجز في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 6294 لسنة 1979 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعنين بصفتهم بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بتسليمه سندات اسمية على الدولة مقابل أرضه الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى للملكية التي استولت عليها الحكومة والفوائد القانونية. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره عدل المطعون ضده طلباته إلى طلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بالتعويض النقدي الموضح بتقرير الخبير والفوائد القانونية وقضت المحكمة بطلباته المعدلة. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 585 لسنة 103 ق القاهرة وبتاريخ 11/ 2/ 1988 حكمت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 26/ 12/ 1990 أصدرت هذه المحكمة حكمها المحال إليه بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعن الخامس بصفته - رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي - وبإعادة الطعن إلى المرافعة لجلسة 20/ 2/ 1991 وأمرت الطاعنين الأربعة الأول باختصام الطاعن الخامس بصفته.
وحيث إن الطاعنين الأربعة الأول قاموا باختصام الطاعن الخامس بصفته الذي قضي بعدم قبول الطعن بالنسبة له فإن الطعن يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون إن المطعون ضده لا يستحق تعويضاً عن الأرض الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى للملكية المستولى عليها وإنما يستحق سندات رسمية على الدولة بفائدة 4% سنوياً وفقاً لنص المادة الخامسة من القانون رقم 127 لسنة 1961 وأنه لا يجوز إجبار المدين على الوفاء بغير الشيء الأصلي محل الالتزام ولو كان مساوياً له في القيمة أو كانت له قيمة أعلى عملاً بنص المادة 341 من القانون المدني غير أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بالتعويض للمطعون ضده وهو ما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة الخامسة من القانون رقم 127 لسنة 1961 على أن يؤدى التعويض سندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة وبفائدة قدرها 4% سنوياً محسوبة من تاريخ الاستيلاء... ويجوز للحكومة بعد عشر سنوات أن تستهلك هذه السندات كلياً أو جزئياً..... مؤداه أن هذه السندات تستهلك بعد مضي خمس عشرة سنة من تاريخ الاستيلاء إلا إذا رأت الحكومة استهلاكها بعد عشر سنوات وإذا لم تؤد الدولة لصاحب الأرض الزراعية المستولى عليها السندات الاسمية وفوائدها حتى انتهاء استهلاكها فإنه يكون مستحقاً للتعويض. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن أرض المطعون ضده قد تم الاستيلاء عليها تنفيذاً للقانون رقم 127 لسنة 1961 بتاريخ 24/ 5/ 1962 وإذ لم تؤد إليه الدولة السندات الاسمية وفوائدها حتى تاريخ استهلاك هذه السندات بتاريخ 24/ 5/ 1977 فإن الشيء المستحق الوفاء به للمطعون ضده يكون التعويض المتمثل في قيمة استهلاك السندات المذكورة مع الفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً محسوبة من تاريخ الاستيلاء وإذ التزم الحكم المطعون فيه في قضائه هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون إن مؤدى نص المادة الخامسة من القانون رقم 127 لسنة 1961 أن التزام الدولة بأداء السندات الاسمية لصاحب الأرض الزراعية المستولى عليها طبقاً لهذا القانون مقترناً بأجل هو صدور قرار من وزير الخزانة ولما لم يصدر هذا القرار نتيجة صدور القرار بقانون رقم 104 لسنة 1961 الذي نص على أيلولة ملكية الأراضي المستولى عليها إلى الدولة دون مقابل فإن ميعاد استحقاق الالتزام لم يحل بعد، غير أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر بما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه قد صدر قرار وزير الخزانة رقم 21 لسنة 1963 ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 27/ 5/ 1963 وقد أشار القرار في ديباجته إلى قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 ونصت المادة الأولى منه على أن يقوم صندوق الإصلاح الزراعي بإصدار سندات التعويض المنصوص عليها في المادة الخامسة من القانون رقم 127 لسنة 1961 ونصت المادة الثانية على أن فئات السندات ملحقاً بها كوبونات الفوائد. ومن ثم يضحى النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون إن القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 وإن كان قد قضي بعدم دستوريته بتاريخ 25/ 6/ 1983 ونشر الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 7/ 7/ 1983 إلا أنه وفقاً لنص المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا - يمتنع تطبيق هذا القرار بقانون من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم الصادر بعدم دستوريته أما قبل هذا التاريخ فإنه يكون نافذاً ومرتباً لآثاره وعلى ذلك فإن المطعون ضده لا يكون مستحقاً للتعويض والفوائد في الفترة من تاريخ صدور القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 في 23/ 3/ 1964 وحتى نشر الحكم بعدم دستوريته، غير أن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وهو ما يعيبه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان يترتب على الحكم بعدم دستوريته نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم وفقاً لنص المادة 49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا، إلا أن عدم تطبيق النص - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون - لا ينصرف إلى المستقبل فحسب وإنما ينسحب على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعي الحقوق والمراكز التي تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضي أو بانقضاء مدة التقادم. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت بتاريخ 25/ 6/ 1983 في الدعوى رقم 3 لسنة 1 ق بعدم دستورية القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 بأيلولة ملكية الأراضي الزراعية التي تم الاستيلاء عليها طبقاً لأحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 127 لسنة 1961 إلى الدولة دون مقابل ونشر الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 7/ 7/ 1983 وقبل أن تستقر بعد مراكز الخصوم في الدعوى المطروحة بحكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضي فإن أثر الحكم بعدم دستورية القرار بقانون رقم 104 لسنة 1964 ينسحب عليها ويكون المطعون ضده مستحقاً للتعويض والفوائد القانونية في الفترة السابقة على تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون إن التعويض الذي تلزم الدولة بأدائه لصاحب الأرض المستولى عليها طبقاً لقانون الإصلاح الزراعي يؤدى بسندات اسمية عليها ولما كان البنك المركزي - دون باقي الطاعنين - هو المسئول عن إصدار هذه السندات فإن الحكم إذ قضى بإلزام الطاعنين بأداء التعويض للمطعون ضده عن أرضه الزراعية المستولى عليها يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان الدفاع الوارد بوجه النعي هو سبب قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ويضحى النعي بهذا الوجه غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه رفض الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعنين الأربعة الأول بصفتهم - لرفعها على غير ذي صفة تأسيساً على توافر صفتهم في الدعوى لقيامهم بتنفيذ القانونين رقمي 127 لسنة 1961، 104 لسنة 1964 في حين أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي هي الجهة القائمة على تنفيذ قانون الإصلاح الزراعي ويمثلها رئيس مجلس إدارتها أمام القضاء وأن المشرع في القانون رقم 127 لسنة 1961 قد ناط بوزير الخزانة (المالية) فقط بإصدار سندات التعويض وبفئاتها وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تمثيل الدولة في التقاضي هو فرع من النيابة القانونية عنها ويتعين في بيان مداها ونطاقها الرجوع إلى مصدرها وهو القانون. لما كان ذلك وكان النص في المادة الخامسة من القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل قانون الإصلاح الزراعي على أنه ".... ويصدر قرار من وزير الخزانة بكيفية إصدار هذه السندات وبفئاتها. والنص في المادة الثانية من القرار بقانون رقم 67 لسنة 1971 على أن تتولى وزارة الخزانة الاختصاصات الآتية: - 1 - إصدار سندات التعويض عن الأراضي وملحقاتها التي تم الاستيلاء عليها أو آلت ملكيتها إلى الدولة وتتولى الوزارة أداء ما يستحق عن تلك السندات من فوائد كما تختص بتقرير طريقة استهلاك السندات" مؤداه أن وزير الخزانة - المالية - هو صاحب الصفة في دعوى المطالبة بالسندات الاسمية أو بالتعويض عن الأرض المستولى عليها دون الطاعنين الأول والثاني والرابع بصفتهم وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يتعين نقضه جزئياً فيما انتهى إليه من قبول الدعوى بالنسبة للطاعنين المذكورين.
وحيث إن الموضوع - فيما نقض الحكم المطعون فيه جزئياً - صالح للفصل فيه فإن المحكمة تقضي في موضوع الاستئناف رقم 585 سنة 103 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الطاعنين الأول والثاني والرابع بصفتهم متضامنين التعويض والفوائد القانونية مع الطاعن الثالث ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي بصفته وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لهم.