أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 762

جلسة 14 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: نائب رئيس المحكمة عبد المنصف أحمد هاشم وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد شهاوي.

(121)
الطعن رقم 756 لسنة 51 القضائية

(1) نقض "السبب المفتقر للدليل".
التزام الطاعن بتقديم الدليل على ما يتمسك به من أوجه الطعن في المواعيد المحددة قانوناً. تخلف ذلك. أثره.
(2) إثبات، طرق الإثبات: الكتابة. صورية، إثبات الصورية. "بيع" "عقد البيع".
عقد البيع الصادر من المورث. لا يجوز لأحد ورثته إثبات صوريته بغير الكاتبة. اقتصار الإثبات بالبينة في حالة الاحتيال على القانون على من كان الاحتيال موجهاً ضد مصلحته.
(3) بطلان، بطلان التصرفات، بيع، بطلان البيع، عقد، بطلان العقد، نقض، السبب غير المنتج.
بطلان العقد لانعدام محله. أثره. عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإذ لم يقدم الطاعنون رفق صحيفة الطعن صورة رسمية من الحكم الصادر في الاستئناف رقم 276 لسنة 14 ق طنطا - بعد أن تم سحب الصورة السابق تقديمها إلى محكمة الموضوع حتى يكون للمحكمة التحقق من صحة ما ينعونه على الحكم فيه بمخالفته الثابت في هذا الحكم، ومن ثم فإن نعيهم في هذا الشأن يكون عارياً من الدليل وبالتالي غير مقبول.
2 - أجازة إثبات العقد المستتر فيما بين عاقديه أو خلفهما العام بالبينة في حالة الاحتيال على القانون مقصور - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على من كان الاحتيال موجهاً ضد مصلحته، وإذن فمتى كان عقد البيع الظاهر الصادر من المورث ثابتاً بالكتابة فلا يجوز لأحد ورثته أن يثبت بغير الكتابة أن هذا العقد صوري، وأنه قصد به الاحتيال على الغير، لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يستندوا في طعنهم بصورية عقد البيع الصادر من مورثهم والثابت بالكتابة إلى وقوع احتيال على حقوقهم، وإنما تمسكوا بأنه حرر بالتواطؤ بين مورثهم والمطعون ضده بقصد اغتيال حقوق زوجة الأخير، فإنه لا يجوز لهم إثبات الصورية المدعاة بغير الكتابة.
3 - إذا كان الثابت من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه، أنه انتهى إلى القضاء بفسخ عقد البيع محل النزاع وإلزام الطاعنين من تركة مورثهم بأن يدفعوا للمطعون ضده ما قبضه من ثمن في هذا البيع وكان بطلان العقد لانعدام محله يترتب عليه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فيسترد كل ما أعطاه وهو ما يستوي في هذا الأثر المترتب على الفسخ، ومن ثم فإن النعي ببطلان العقد محل النزاع - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج وبالتالي غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 4463 سنة 76 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد البيع المؤرخ 12 من إبريل سنة 1961 وإلزام الطاعنين بأن يدفعوا له من تركة مورثهم مبلغ عشرين ألف جنيه، وقال بياناً لدعواه إنه اشترى من مورث الطاعنين بموجب هذا العقد أرضاً زراعية مساحتها س 13 ط و43 ف موضحة بالصحيفة لقاء ثمن مقداره عشرون ألف جنيه دفع له وقت تحرير العقد وقد تعهد المورث بتقديم مستندات الملكية حتى يمكن إعداد عقد البيع النهائي والتوقيع عليه لكونه تخلف عن تنفيذ هذا الالتزام دون وجه حق، ولما كان قد أنذر الطاعنين بتنفيذ ما التزم به مورثهم ولم يجد ذلك نفعاً فقد أقام الدعوى بطلبيه سالفي البيان، وبتاريخ 26 من فبراير سنة 1977 قضت المحكمة بفسخ العقد وبإلزام الطاعنين بأن يدفعوا للمطعون ضده من تركة مورثهم مبلغ 20000 جنيه. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1640 سنة 94 قضائية، وبتاريخ 20/ 1/ 1981 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت له جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم 267 سنة 61 مدني طنطا الابتدائية الصادر بين نفس الخصوم قد فصل في موضوع العقد سند النزاع الراهن وانتهى إلى أنه عقد باطل لم يدفع فيه ثمن وأنه تحرر بطريق التواطؤ بقصد اغتيال أموال الغير ولهذا الحكم حجية كاملة فيما قضى به، غير أن الحكم المطعون فيه رفض إعمال هذه الحجية تأسيساً على أن الحكم رقم 276 سنة 14 ق استئناف طنطا قضى ببطلان الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 267 سنة 1961 المشار إليه، وعلى أن ما جاء بالحكم الاستئنافي متعلقاً بالعقد مثار النزاع الراهن كان تزيداً وأن موضوع هذا العقد لم يطرح على المحكمة لبحثه، في حين أن هذا العقد قد ارتبط بالعقد محل الدعوى رقم 267 سنة 61 مدني طنطا واستئنافها رقم 276 سنة 14 ق طنطا، وأن الحكم الأخير بعد أن قضى ببطلان الحكم المستأنف لعدم تلاوة تقرير التلخيص قضى بذات ما قضى به هذا الحكم وتناولت أسبابه هذين العقدين فتكون حائرة لقوة الشيء المحكوم فيه بين نفس الخصوم ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإذ لم يقدم الطاعنون رفق صحيفة الطعن صورة رسمية من الحكم الصادر في الاستئناف رقم 267 سنة 14 ق طنطا - بعد أن تم سحب الصورة السابق تقديمها إلى محكمة الموضوع حتى يكون للمحكمة التحقق من صحة ما ينعونه على الحكم المطعون فيه بمخالفته الثابت في هذا الحكم، ومن ثم فإن نعيهم في هذا الشأن يكون عارياً من الدليل وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثاني وبالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بصورية عقد البيع محل النزاع صورية مطلقة وأنه حرر بالتواطؤ بين المطعون ضده ومورثهم لاغتيال أموال زوجة الأول واستدلوا على ذلك بما تضمنته مدونات الحكم 900 سنة 92 ق استئناف القاهرة من أن المطعون ضده حكم عليه بالحبس مع الشغل ستة شهور لاشتراكه مع مورث الطاعنين في تزوير العقد الأول سند البائع إلى الطاعن، وما انتهى إليه الحكم رقم 276 سنة 14 ق استئناف طنطا من أن المطعون ضده ومورث الطاعنين قد أخفقا في دعواهم ضد زوجة المطعون ضده المالكة للعقار المبيع وهو ما يفيد عدم مشروعية السبب الذي قام عليه العقد سالف الذكر ويجيز لهم إثبات صوريته بكافة طرق الإثبات بما فيها البينة والقرائن، غير أن الحكم المطعون فيه لم يجز للطاعنين إثبات صورية العقد المذكور بغير الكتابة والتفت عن دلالة القرائن سالفة الذكر وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن أجازة إثبات العقد المستتر فيما بين عاقديه أو خلفهما العام بالتبعية في حالة الاحتيال على القانون مقصورة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على من كان الاحتيال موجهاً ضد مصلحته، وإذن فمتى كان عقد البيع الظاهر الصادر من المورث ثابتاً بالكتابة فلا يجوز لأحد ورثته أن يثبت بغير الكتابة أن هذا العقد صوري، وأنه قصد به الاحتيال على الغير، لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يستندوا في طعنهم بصورية عقد البيع الصادر من مورثهم والثابت بالكتابة إلى وقوع احتيال على حقوقهم، وإنما تمسكوا بأنه حرر بالتواطؤ بين مورثهم والمطعون ضده بقصد اغتيال حقوق زوجة الأخير، فإنه لا يجوز لهم إثبات الصورية المدعاة بغير الكتابة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الثالث أن المطعون ضده اشترك في تزوير العقد الصادر لمورث الطاعنين - البائع في العقد الثاني - للاستيلاء على أموال زوجته وحكم عليه بحكم جنائي نهائي مما يثبت منه أنه كان يعلم بأن هذا العقد سند مدعاة لا محل له ويصبح معه عقد المطعون ضده باطلاً لانعدام محله ولا ينتج أثراً، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بالعقد المذكور ورتب عليه آثاره كعقد صحيح مستكمل الأركان فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن الثابت من الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه أنه انتهى إلى القضاء بفسخ عقد البيع محل النزاع وإلزام الطاعنين من تركة مورثهم بأن يدفعوا للمطعون ضده ما قبضه من ثمن في هذا البيع وكان بطلان العقد لانعدام محله يترتب عليه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد فيسترد كل ما أعطاه وهو ما يستوي في هذا الأثر المترتب على الفسخ، ومن ثم فإن النعي ببطلان العقد محل النزاع - أياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج. وبالتالي غير مقبول.
ولما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.