أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 775

جلسة 21 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد وليد الجارحي، محمد محمد طيطه، محمد بدر الدين توفيق وشكري جمعه حسين.

(123)
الطعن رقم 3683 لسنة 60 القضائية

(1، 2) إيجار، إيجار الأماكن، عقد الإيجار، حكم. تسبيب الحكم.
(1) الاتفاق على أجرة تقل عن الأجرة القانونية في عقود إيجار الأماكن. جائز. وجوب إعمال هذا الاتفاق طوال مدة الإيجار الأصلية المتفق عليها. الامتداد القانوني للعقد بعد ذلك. أثره. للمؤجر مطالبة المستأجر بالأجرة القانونية. الاتفاق على الأجرة الأقل من الأجرة القانونية مقابل تنازل المستأجر عن بعض حقوقه المخولة له قانوناً. وجوب التزام كل من المؤجر والمستأجر بالأجرة الأقل مدة العقد الاتفاقية والمدة التي امتد إليها بقوة القانون. علة ذلك.
(2) الاتفاق بين المؤجر والمستأجر على أجرة شهرية نهائية لا تتأثر بأية زيادة تقررها لجنة تحديد الأجرة مقابل تنازل الأخير عن شقة أخرى يستأجرها بالدور الأرضي بذات العقار التزم بتسليمها للمؤجر عند استلام العين المؤجرة المتفق على أجرتها. قضاء الحكم المطعون فيه بقصر إعمال الأجرة الاتفاقية على مدة العقد الاتفاقية دون المدة التي امتد إليها العقد بقوة القانون. خطأ.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أنه ليس هناك ما يمنع من الاتفاق في عقد الإيجار على أن يتقاضى المؤجر من المستأجر أجرة تقل عن الأجرة المحددة وفقاً لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية والتي تعتبر من النظام العام وأن هذا الاتفاق يقيد المؤجر بالأجرة المسماة فيه أخذاً بشريعة العقد ما دامت مدة الإيجار المتفق عليها لا زالت سارية فإذا انقضت هذه المدة واستمر المستأجر شاغلاً العين بناء على قواعد الامتداد القانوني للعقد فإنه يجوز للمؤجر اقتضاء الأجرة القانونية مستقبلاً لأن الامتداد القانوني يمد العقد بشروطه الاتفاقية إلا فيما يتعلق بأركان العقد التي ينظمها التشريع الاستثنائي بإيجار الأماكن كالمدة والأجرة فيمتد العقد إلى أجل غير مسمى بالأجرة التي يحددها القانون بغض النظر عن الأجرة المسماة لمدة العقد الاتفاقية إلا أنه إذا كان الاتفاق على أجرة أقل من الأجرة القانونية لم يكن مرجعه إرادة المؤجر المحضة بل كان وليد اتفاق تنازل بموجبه المستأجر عن بعض حقوقه التي خولها له القانون فإن مفاد ذلك أن هناك التزامات متبادلة ومتقابلة بين الطرفين بنعيه التزام كل منهما بما التزم به طوال قيام العلاقة الإيجارية سواء عن مدة العقد الاتفاقية أو المدة التي امتد إليها بقوة القانون لأن قصر الاتفاق بالنسبة للأجرة الأقل عن مدة العقد الاتفاقية دون المدة التي امتد إليها بقوة القانون فيه إهدار لحقوق المستأجر التي تنازل عنها للمؤجر بموجب الاتفاق مقابل التزام الأخير بقبول الأجرة الأقل إذ أن العقد شريعة المتعاقدين لا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق طرفيه أو لسبب بقوة القانون على ما يجرى به نص المادة 147 من القانون المدني.
2 - إذ كان الثابت بالأوراق أن الدفاع الذي تمسك به الطاعن أمام محكمة الموضوع والوارد بسبب النعي والمتمثل في إغفال الحكم المطعون فيه إنذار العرض المثبت لوفائه بالأجرة على سند من أن الأجرة الاتفاقية تسري لمدة شهر فقط دون المدة التي امتد إليها العقد بقوة القانون - له سنده من عقد الإيجار والاتفاق الملحق به بين الطعن والمطعون ضده الأول - المؤجر والمستأجر - والمؤرخين في (...) إذ ورد بالعقد والاتفاق أن الأجرة الشهرية أربعة جنيهات وإن هذا التقدير نهائي لا يجوز تعديله إلا باتفاق الطرفين ولا يتأثر بأي زيادة تقررها لجنة تحديد الأجرة وذلك مقابل تنازل الطاعن. المستأجر. عن شقة أخرى يستأجرها بالدور الأرضي بذات العقار أجرتها الشهرية مائة وخمسون قرشاً وهي التي التزم بتسليمها للمؤجر عند استلامه العين المؤجرة محل النزاع فإن الحكم المطعون فيه إذ قصر إعمال الأجرة الاتفاقية بين الطاعن والمطعون ضدهما بموجب عقد الإيجار محل النزاع والاتفاق الملحق به عن مدة العقد الاتفاقية دون المدة التي امتد إليها بقوة القانون يكون قد أخطأ في فهم الواقع في الدعوى وخالف شروط العقد المبرم بين الطرفين وجره ذلك للخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعن الدعوى رقم 7736 لسنة 1988 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين المؤجرة المبينة بالصحيفة وقالا بياناً لذلك إنه بموجب عقد مؤرخ 30/ 5/ 1979 استأجر الطاعن منهما شقة بالدور الثاني العلوي ومخزناً بالدور الأرضي بالعقار المملوك لهما وإذ امتنع عن سداد الأجرة التي تحددت بحكم نهائي بمبلغ تسعة جنيهات للشقة وثمانين قرشاً للمخزن اعتباراً من مايو سنة 1983 وحتى مارس سنة 1988 بالإضافة إلى فروق الأجرة منذ بداية التعاقد حتى مايو سنة 1983 وجملة ذلك 841 جـ رغم إنذاره رسمياً بالسداد فقد أقاما الدعوى. حكمت المحكمة بالإخلاء استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 2565 سنة 106 ق القاهرة وبتاريخ 13/ 6/ 1990 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وأمرت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم وحددت جلسة لنظر الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبجلسة المرافعة التزمت رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والخطأ في فهم الواقع وفساد الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بدفاع جوهري حاصله أنه اتفق مع المطعون ضدهما على أن يتخلى لهما عن الشقة التي يستأجرها منهما بالدور الأرضي بعقارهما والتي لا تتجاوز أجرتها جنيهان شهرياً ليقوما بتحويلها إلى محلات يؤجرانها بأجرة مرتفعة مقابل تأجيرهما له العين محل النزاع بذات العقار بأجرة شهرية محددة قدرها أربعة جنيهات حتى ولو كانت أجرتها القانونية تزيد عن ذلك. وفضلاً عن تمسكه بهذا الدفاع الجوهري فقد عرض على المطعون ضدهما - رسمياً وقبل إقفال باب المرافعة في الدعوى - الأجرة القانونية للعين المؤجرة حتى ديسمبر سنة 1990 شاملة رسم الإنذار والمصروفات وإذ لم يتفهم الحكم دفاعه وأغفل إنذار العرض المثبت لوفائه بالأجرة وقضى بتأييد الحكم الابتدائي بالإخلاء على سند من أن الأجرة الاتفاقية تسري لمدة شهر فقط دون المدة التي امتد إليها العقد بقوة القانون وأنه لم يقم بالوفاء بالأجرة القانونية كاملة قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد ذلك أنه ولئن كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة أنه ليس هناك ما يمنع من الاتفاق في عقد الإيجار على أن يتقاضى المؤجر من المستأجر أجرة تقل عن الأجرة المحددة وفقاً لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية والتي تعتبر من النظام العام وأن هذا الاتفاق يقيد المؤجر بالأجرة المسماة فيه أخذاً بشريعة العقد ما دامت مدة الإيجار المتفق عليها لا زالت سارية فإذا انقضت هذه المدة واستمر المستأجر شاغلاً العين بناء على قواعد الامتداد القانوني للعقد فإنه يجوز للمؤجر اقتضاء الأجرة القانونية مستقبلاً لأن الامتداد القانوني يمد العقد بشروطه الاتفاقية إلا فيما يتعلق بأركان العقد التي ينظمها التشريع الاستثنائي بإيجار الأماكن كالمدة والأجرة فيمتد العقد إلى أجل غير مسمى بالأجرة التي يحددها القانون بغض النظر عن الأجرة المسماة لمدة العقد الاتفاقية إلا أنه إذا كان الاتفاق على أجرة أقل من الأجرة القانونية لم يكن مرجعه إرادة المؤجر المحضة بل كان وليد اتفاق تنازل بموجبه المستأجر عن بعض حقوقه التي خولها له القانون فإن مفاد ذلك أن هناك التزامات متبادلة ومتقابلة بين الطرفين يتعين التزام كل منهما بما التزم به طوال قيام العلاقة الإيجارية سواء عن مدة العقد الاتفاقية أو المدة التي امتد إليها بقوة القانون لأن قصر الاتفاق بالنسبة للأجرة الأقل عن مدة الاتفاقية دون المدة التي امتد إليها بقوة القانون فيه إهدار لحقوق المستأجر التي تنازل عنها للمؤجر بموجب الاتفاق مقابل التزام الأخير بقبول الأجرة الأقل إذ أن العقد شريعة المتعاقدين لا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق طرفيه أو لسبب يقره القانون على ما يجرى به نص المادة 147 من القانون المدني. لما كان ذلك وكان الثابت بالأوراق أن الدفاع الذي تمسك به الطاعن أمام محكمة الموضوع - والوارد بسبب النعي - له سنده من عقد الإيجار والاتفاق المستحق به بين الطاعن والمطعون ضده الأول والمؤرخين في 30/ 5/ 1979 إذ ورد بالعقد والاتفاق أن الأجرة الشهرية أربعة جنيهات وأن هذا التقدير نهائي لا يجوز تعديله إلا باتفاق الطرفين ولا يتأثر بأي زيادة تقررها لجنة تحديد الأجرة وذلك مقابل تنازل الطاعن عن شقة أخرى يستأجرها بالدور الأرضي بذات العقار أجرتها الشهرية مائة وخمسون قرشاً وهي التي التزم بتسليمها للمؤجر عند استلامه العين المؤجرة محل النزاع فإن الحكم المطعون فيه إذ قصر إعمال الأجرة الاتفاقية بين الطاعن والمطعون ضدهما بموجب عقد الإيجار محل النزاع والاتفاق الملحق به عن مدة العقد الاتفاقية دون المدة التي امتد إليها بقوة القانون يكون قد أخطأ في فهم الواقع في الدعوى وخالف شروط العقد المبرم بين الطرفين وجره ذلك للخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. وإذ كان الثابت أن المطعون ضدهما قد كلفا الطاعن بالوفاء بالأجرة القانونية للعين محل النزاع وهي تزيد عن الأجرة الاتفاقية المستحقة - على ما سلف بيانه فإن التكليف بالوفاء يكون باطلاً ويكون الحكم الابتدائي إذ قضى بالإخلاء بناء على هذا التكليف يكون قد خالف القانون مما يتعين معه إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى.