أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 782

جلسة 21 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: نائب رئيس المحكمة عبد المنصف أحمد هاشم وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة وعبد العال السمان.

(124)
الطعنان رقما 3562، 3551 لسنة 56 القضائية

(1) وقف. حيازة - ملكية، التقادم المكسب. تقادم. التقادم المكسب.
وضع اليد على أرض الوقف بسبب التحكير. مؤقت. أثره. تغيير صفة الحيازة بفعل الغير أو بفعل من المستحكر يتضمن إنكاراً لحق المالك. أثره.
(2) تسجيل.
نقل ملكية العقار للمشتري بالتسجيل. شرطه. أن يكون البائع مالكاً للعقار.
(3) دعوى، الدفاع في الدعوى، حكم، تسبيب الحكم: ما يعد قصوراً. محكمة الموضوع، مدى التزامها بالرد على دفاع الخصوم.
محكمة الموضوع. التزامها بالرد على الطلبات وأوجه الدفاع الجازمة التي قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وضع اليد على أرض الوقف بسبب التحكير وضع يد مؤقت مانع من كسب الملكية بالتقادم مهما طالت مدته، ولا يستطيع المستحكر هو وورثته من بعده أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته، ولا الأصل الذي تقوم عليه هذه الحيازة، ولا يجوز له أن يكسب الملكية بالتقادم إلا إذا تغيرت صفة حيازته إما بفعل الغير أو بفعل منه يعتبر معارضة لحق المالك، وفي هذه الحالة الأخيرة يجب أن يقترن تغيير نيته بفعل إيجابي ظاهر يجابه به حق المالك بالإنكار الساطع والمعارضة الفعلية ويدل دلالة جازمة على أنه مزمع إنكار الملكية على صاحبها والاستئثار بها دونه.
2 - المقرر أن مجرد تسجيل مشتري العقار عقده لا يكفي وحده لنقل ملكية المبيع له، إذ يشترط أن يكون البائع مالكاً لذلك العقار حتى تنتقل ملكيته إلى المشتري.
3 - كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه في أسباب حكمها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
حيث - إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهم تحت بند أولاً أقاموا الدعوى رقم 1080 لسنة 1976 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم في مواجهة المطعون ضدهم من الرابع إلى الثامن في الطعن رقم 3501 لسنة 59 قضائية بكف منازعة الطاعنين في هذا الطعن لهم في الأرض المبينة بالصحيفة، وقالوا بياناً لها إن ملكية هذه الأرض البالغ مساحتها 20 فدان آلت إلى أسلافهم بعقدي البيع المسجلين برقمي 35943 بتاريخ 9/ 6/ 1905، 3905 بتاريخ 5/ 4/ 1917 بمحكمة إسكندرية المختلطة وبوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وأن الطاعنين قد نازعوهم في ملكيتهم فأقاموا الدعوى بطلبهم السابق بيانه، تدخل المطعون ضدهما الثاني والثالثة في الدعوى وطلب الحكم برفضها استناداً إلى شرائهما جزءاً من أرض النزاع من الطاعن الأول بصفته، ندبت المحكمة خبير، ثم لجنة مكونة من ثلاثة خبراء، وبعد أن أودعت تقريرها قضت بتاريخ 24 من يونيه سنة 1987 برفض الدعوى، استأنف المطعون ضدهم تحت بند أولاً هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 1144 لسنة 43 قضائية، وبتاريخ 21 من يونيه سنة 1989 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبكف منازعة الطاعنين للمطعون ضدهم تحت بند أولاً في ملكيتهم لعين النزاع، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 3551 لسنة 59 قضائية وطعن المطعون ضدهما الثالث والرابعة في ذات الحكم بطرق النقض بالطعن رقم 3562 لسنة 59 قضائية، وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة ورأت أنهما جديران بالنظر حددت جلسة لنظرهما وفيها قررت المحكمة ضم الطعن الأخير إلى الطعن الأول ليصدر فيهما حكم واحد.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في الطعن رقم 3551 لسنة 59 قضائية على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع في الدعوى والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بملكية وزارة الأوقاف لأرض النزاع واستدلوا على ثبوت ملكيتها وانتفاء ملكية المطعون ضدهم تحت بند أولاً لتلك الأرض بدخولها ضمن حجة التحكير الصادرة من وقف أغا القسطنطيني سنة 1119 هجرية إلى وقف النجار الذي قام بتأجيرها إلى أفراد من عائلة سردينه، فيكون وضع يد الآخرين عليها بسبب التحكير وهو ما يمنع تملكهم لها بوضع اليد، وبأن عقدي البيع المسجلين سند المطعون ضدهم المذكورين لا يصلحان لنقل الملكية إليهم لعدم ملكية البائع لمورثهم الأرض محل هذين العقدين سالفي الذكر، غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع الجوهري بالبحث واستظهار وجه الخلاف بين وقف أغا القسطنطيني الخيري الذي آلت ملكية أعيانه لوزارة الأوقاف ووقف النجار الأهلي الذي يمثله ناظره وأقام قضاءه على اكتساب المطعون ضدهم المذكورين ملكية أرض النزاع بالعقدين المسجلين رقمي 35143 سنة 1905، 13905 سنة 1917 وبوضع اليد المدة الطويلة بعد أن خلط بين الوقفين ونسب إلى الطاعنين ادعاءهم على خلاف الحقيقة أن وزارة الأوقاف تستند في ادعاء ملكيتها لأرض النزاع على دخولها ضمن أعيان وقف النجار الذي آلت ملكيته إليها، كما أنه لم يعني ببحث ما إذا كانت ملكية أرض النزاع محل عقدي البيع المسجلين سند المطعون ضدهم قد انتقلت إلى البائع لمورثهم فيكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن وضع اليد على أرض الوقف بسبب التحكير وضع يد مؤقت مانع من كسب الملكية بالتقادم مهما طالت مدته، ولا يستطيع المستحكر هو وورثته من بعده أن يغير بنفسه لنفسه سبب حيازته، ولا الأصل الذي تقوم عليه هذه الحيازة، ولا يجوز له أن يكسب الملكية بالتقادم إلا إذا تغيرت صفة حيازته إما بفعل الغير أو بفعل منه يعتبر معارضة لحق المالك وفي هذه الحالة الأخيرة يجب أن يقترن بتغيير نيته بفعل إيجابي ظاهر يجابه به حق المالك بالإنكار الساطع والمعارضة الفعلية ويدل دلالة جازمة على أنه مزمع إنكار الملكية على صاحبها والاستئثار بها دونه، ومن المقرر كذلك أن مجرد تسجيل مشتري العقار عقده لا يكفي وحده لنقل ملكية المبيع له، إذ يشترط أن يكون البائع مالكاً لذلك العقار حتى تنتقل ملكيته إلى المشتري، وأن كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغير وجه الرأي في الدعوى - يجب على محكمة الموضوع أن تجيب عليه في أسباب حكمها، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن منازعة الطاعنين في ملكية الأرض موضوع النزاع تقوم على أساس أنها تدخل ضمن أعيان وقف أغا القسطنطيني الخيري الذي آلت ملكيتها إلى وزارة الأوقاف، ولم تدع الأخيرة تمثيلها لوقف النجار الأهلي أو أن تلك الأطيان تدخل ضمن أعيان هذا الوقف، واستدلت في معرض إثبات ملكيتها لها بكتابي الوقف الصادرين بتاريخ 15 من شعبان، 15 من شوال سنة 1027 هجرية بتعيين عثمان سماره القسطنطيني ناظراً على وقف جده، وبحجة الوقف الصادرة سنة 1119 هجرية، وبحجة الوقف الصادر بتاريخ 20 من شعبان سنة 1138 هجرية، كما تمسكت بعدم ملكية البائع لمورثي المطعون ضدهم الثمانية الأول للأطيان الوارد عليها عقدي البيع المسجلين سنة 1905، سنة 1917، وبأنه لا يجوز لهم تملكها بوضع اليد المدة الطويلة على خلاف سند حيازتهم لها بالإيجار من وقف النجار المحتكر لها من وقف أغا القسطنطيني فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه على أن أساس منازعة الطاعنين في ملكية أرض النزاع هو دخولها ضمن أعيان وقف النجار التي آلت إلى وزارة الأوقاف، وحجب نفسه بذلك عن بحث دفاع الطاعنين بأن تلك الأرض تدخل ضمن أعيان وقف أغا القسطنطيني الخيري، وعدم ملكية البائع لمورثي المطعون ضدهم للأطيان محل عقدي البيع المسجلين سند ملكيتهم، وعدم جواز تملكهم أرض النزاع على خلاف سند أسلافهم بالإيجار من وقف النجار الأهلي المحتكر لها من وقف القسطنطيني فإنه يكون معيباً بالخطأ في فهم الواقع ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن المحكمة قد انتهت إلى نقض الحكم في الطعن السابق فإن ذلك يؤدي حتماً إلى نقضه بالنسبة للطاعنين في الطعن 3562 لسنة 59 قضائية إذ هما خصمان منضمان لهيئة الأوقاف ويتحدان مع مركزها في الخصومة دون ما حاجة لبحث أسباب هذا الطعن.