أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 2092

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود الباجوري - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، محمود حسن رمضان، جلال الدين أنسي، واصل علاء الدين.

(380)
الطعن رقم 19 لسنة 49 القضائية "أحوال شخصية"

(1) إثبات "البينة. الشهادة بالتسامع". أحوال شخصية.
الشهادة بالتسامع. جوازها في النسب استثناء. شروطها.
(2) حكم "حجية الحكم". خلف. إرث.
الحكم الصادر ضد المورث. حجيته على الوارث. شرطها. أن يكون الحق الذي يدعيه قد تلقاه عن المورث.
(3) وقف "النظر عليه". "وكالة ناظر الوقف عن المستحقين". وكالة. حكم "حجية الحكم".
الحكم الصادر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً له، ماساً باستحقاق مستحقين غير ماثلين في الخصومة. لا يعتبر حجة عليهم.
1 - إذ كان الأصل في الشهادة الإحاطة والتيقن، وكان فقهاء الحنفية وإن أجازوا الشهادة بالتسامع في مسائل منها ما هو بإجماع كالنسب، إلا أنهم لم يجيزوا للشاهد أن يشهد تسامعاً إلا إذا كان ما يشهد به أمراً متواتراً سمعه من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ويشتهر ويستفيض وتتواتر به الأخبار ويقع في قلبه صدقه أو يخبره به - بدون استشهاد - رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول فيصبح له نوع من العلم الميسر في حق المشهود به، وأن الشاهد إذا فسر للقاضي ردت شهادته ولا تقبل في جميع المواضع التي يجوز للشاهد أن يشهد فيها بالتسامع.
2 - إنه وإن كان الأصل أن تكون للحكم حجية الأمر المقضي قبل خلفاء كل من طرفيه، إلا أنه يتعين لمحاجة الوارث بالحكم الصادر ضد مورثه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون الحق الذي يدعيه قد تلقاه عن هذا المورث، فلا يكون الحكم الصادر في مواجهة المورث حجة على من يخلفه من وارث أو مشتر إذا استند هذا الخلف إلى سبب آخر غير التلقي من المورث.
3 - متى كان المقرر أن الحكم الصادر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً للوقف، ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة - لا يلزمهم ولا يعتبر حجة عليهم وكان المطعون عليهم عدا الأول لم يمثلوا بأشخاصهم في الدعوى المرفوعة ضد المطعون عليه الأول بصفته ناظراً على الوقف فإن الحكم الصادر فيها لا يكون حجة عليهم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 274 لسنة 1975 أحوال "نفس" أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم ببطلان إعلام الوراثة الصادر من محكمة السيدة زينب بتاريخ 27 - 4 - 1965 في المادة رقم 587 لسنة 1964 وراثات، وقالت بياناً لها أن المرحومة......... مورثة المطعون عليهما الثاني والثالث "استصدرت إعلام الوراثة سالف الذكر بإثبات وفاة........ المستحق في وقف المرحومين....... وزوجته....... سنة 1981 وانحصار إرثه في زوجته....... وابنه منها...... ثم وفاة...... وانحصار إرثها في ابنها ثم وفاة الأخير سنة 1932 وانحصار إرثه في ابنه...... ثم وفاة...... وانحصار إرثه في بنتيه و...... ثم وفاة....... سنة 1958 وانحصار إرثها في ابنتها....... وشقيقتها....... "المطعون عليها الرابعة" في حين أن المرحومة....... توفيت عقيماً سنة 1911 على ما هو ثابت بالحكم الصادر من محكمة مصر الشرعية في الدعوى رقم 151 لسنة 24 - 1952، وآل استحقاقها في الوقف إلى.......، وإذ توفيت الأخيرة سنة 1952 وآل استحقاقها إليها فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد إجرائه قضت بتاريخ 1 - 5 - 1978 برفض الدعوى.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 115 لسنة 95 أحوال شخصية القاهرة وبتاريخ 22 - 1 - 1979 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم لم يأخذ بشهادة شاهديها تأسيساً على أنهما لم يكونا بالغين وقت وفاة المشهود بوراثتها وأن شهادتهما سماعية ولم يتوافر فيها التواتر والاشتهار، في حين أنه يكفي شرعاً لقبول الشهادة أن يكون الشاهد بالغاً وقت أدائها ولو كان صبياً وقت حدوث الواقعة المشهود بها، وأن شهادة التسامع هي مما يقبل شرعاً كطريق من طرق الإثبات في دعاوى النسب هذا إلى أن الشاهدين وإن لم يذكرا تواتر ما شهدا به فقد كان يتعين على المحكمة إعمالاً لنص المادة 176 من لائحة المحاكم الشرعية سؤالهما عنه، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الأصل في الشهادة الإحاطة والتيقن وكان فقهاء الحنفية وإن أجازوا الشهادة بالتسامع في مسائل منها ما هو بإجماع كالنسب إلا أنهم لم يجيزوا للشاهد أن يشهد تسامعاً إلا إذا كان ما يشهد به أمراً متواتراً سمعه من جماعة لا يتصور تواطؤهم على الكذب ويشتهر ويستفيض وتتواتر به الأخبار ويقع من قلبه صدقه، أو يخبره به - بدون استشهاد - رجلان عدلان أو رجل وامرأتان عدول فيصبح له نوع من العلم الميسر في حق المشهود به، وأن الشاهد إذا فسر للقاضي ردت شهادته ولا تقبل في جميع المواضع التي يجوز للشاهد أن يشهد فيها بالتسامع. وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أن الشاهد الأول للطاعنة ذهب إلى أنه علم بوفاة المتوفاة عقيماً نقلاً عن والده، وأن الثاني أسند علمه بذلك إلى أنه كان يشاهدها من صغره تقيم بمنزل.......، وكان تحديد أولهما مصدر تسامع ما شهد به بهذا النحو - لا يتوافر به التواتر الذي لا يصح بغيره شرعاً اعتبار أقواله تسامعاً، فضلاً عن أنه ينبئ عن معنى التفسير ويكشف عن المصدر الذي استقى منه شهادته، وكان ما أورده الشاهد الثاني مصدراً لعلمه بعقم المتوفاة وهو رؤيته لها تقيم بمنزل........ لا يستقيم به التدليل على إحاطته بالمشهود به على سبيل اليقين القطع، فإن الحكم إذ رد شهادتهما ولم يعول عليها لا يكون قد خالف القانون، لما كان ما تقدم وكان الشاهدان فسروا شهادتهما بما جعلها غير مقبولة وبالتالي تنتفي كل جدوى من مطالبتهما ببيان ما أغفلاه من شهادتهما فإن النعي بعدم سؤال القاضي لهما عن مدى تواتر الواقعة المشهود بها يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت بحجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 151 لسنة 24 مصر الشرعية ودلالته على وفاة المرحومة........ عقيماً، إلا أن الحكم أطرح تلك الحجية بدعوى أن المطعون عليهم لم يكونوا طرفاً فيه، في حين أن هذا الحكم صدر في دعوى مقامة من المرحوم...... مورث المطعون عليهم ولصالحه ضد وزارة الأوقاف باستحقاقه ثلث حصة في الوقف لوفاتها عقيماً، فيكون حجة عليهم باعتبارهم خلفاً عاماً للمذكور، وممثلين فيه كمستحقين في الوقف - بوزارة الأوقاف، هذا إلى أن ما ورد بالإشهاد محل التداعي، يناقض الثابت بأوراق رسمية إذ جاء به أن المرحوم....... توفى سنة 1918 بينما الثابت في المادة 694 لسنة 1940 وراثات الجمالية أنه توفى سنة 1940 وأنه كان على قيد الحياة طبقاً للثابت في الحكم رقم 151 لسنة 24 مصر الشرعية والمعلن عنه في 30 - 12 - 1925، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أنه وإن كان الأصل أن تكون للحكم حجية الأمر المقضي قبل خلفاء كل من طرفيه، إلا أنه يتعين لمحاجة الوارث بالحكم الصادر ضد مورثه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون الحق الذين يدعيه قد تلقاه عن هذا المورث، فلا يكون الحكم الصادر في مواجهة المورث حجة على من يخلفه من وارث أو مشتر إذا استند هذا الخلف إلى سبب آخر غير التلقي من المورث. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق، أن النزاع بين الطرفين يدور حول انتقال استحقاق... في الوقف طبقاً لشرط الواقف تبعاً لثبوت وفاتها عقيماً أو عن ذرية، فإن دعوى المطعون عليهم عدا الأول بأيلولة هذا الاستحقاق إليهم بصفتهم من ذريتها تكون عن حق آل إليهم بسبب غير التلقي عن مورثهم.......، ومن ثم لا يحاجوا بالحكم 151 لسنة 1924 رغم أن المورث المذكور أحد أطرافه، ولما كان المقرر أن الحكم الصادر ضد ناظر الوقف بصفته ممثلاً للوقف، ماساً باستحقاق مستحقين لم يمثلوا بأشخاصهم في الخصومة - لا يلزمهم ولا يعتبر حجة عليهم فإن المطعون عليهم عدا الأول إذ لم يمثلوا بأشخاصهم في الدعوى سالفة البيان والمرفوعة ضد المطعون عليه الأول بصفته ناظراً على الوقف فإن الحكم الصادر فيها لا يكون حجة عليهم. لما كان ما سلف وكانت الطاعنة لا تدعي التلقي عن المرحوم......... فإنه لا تكون لها مصلحة في التحدي بعدم صحة ما أثبت بإعلام الوراثة موضوع الدعوى بشأن تحديد تاريخ وفاته ويكون النعي غير منتج في هذا الخصوص.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.