أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 793

جلسة 24 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: نائب رئيس المحكمة جرجس اسحق وعضوية السادة المستشارين: محمد فتحي الجمهودي، عبد الحميد الشافعي نائبي رئيس المحكمة ومحمود رضا الخضيري وإبراهيم الطويلة.

(126)
الطعن رقم 90 لسنة 58 القضائية

تحكيم. حكم، تسبيب حكم المحكمين، بطلان.
1 - إعفاء حكم المحكمين من إتباع إجراءات المرافعات ليس من شأنه عدم إتباع الأحكام الخاصة بالتحكيم الواردة بذات القانون. وجوب اشتمال الحكم على ملخص لأقوال الخصوم ومستنداتهم. م 507 مرافعات. إغفال ذلك. أثره. بطلان حكم المحكمين. ضم أوراق الدعوى للحكم لا أثر له.
2 - جواز الالتجاء لدعوى بطلان حكم المحكمين م 512/ 4 مرافعات. شرطه. وقوع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر فيه.
1 - المشرع وإن لم يشأ أن يتضمن حكم المحكمين جميع البيانات التي يجب أن يشتمل عليها حكم القاضي، إلا أنه أوجب إتباع الأحكام الخاصة بالتحكيم الواردة في الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات ومنها حكم المادة 507 التي توجب اشتمال الحكم بوجه خاص على ملخص أقوال الخصوم ومستنداتهم، وقد استهدف المشرع من إيجاب إثبات ذلك بحكم المحكمين توفير الرقابة على عملهم والتحقق من حسن استيعابهم لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب الحكم الصادر فيه وذلك رعاية لصالح الخصوم وهي على هذا النحو بيانات لازمة وجوهرية يترتب على إغفالها عدم تحقق الغاية التي من أجلها أوجب المشرع إثباتها بالحكم بما يؤدي إلى البطلان. ولا ينال من ذلك أن أوراق القضية قد أودعت مع الحكم بقلم كتاب المحكمة لأن الحكم يجب أن يكون دالاً بذاته على استكمال شروط صحته بحيث لا يقبل تكملة ما نقص فيه من البيانات الجوهرية بأي طريق آخر.
2 - يجوز طلب بطلان حكم المحكمين وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 512 من قانون المرافعات إذ وقع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 149 لسنة 1986 مدني شمال سيناء الابتدائية ضد المطعون عليه بطلب الحكم ببطلان حكم المحكمين رقم 5/ 1986 كلي شمال سيناء وقال بياناً لذلك إنه بموجب مشارطة تحكيم مؤرخة 15/ 11/ 1985 اتفق مع والده المطعون عليه على إنهاء ما بينهما من نزاع حول ملكية بعض العقارات والمنقولات بطريق التحكيم، وقد صدر حكم المحكمين الذي قضى بتثبيت ملكية المطعون عليه للعقارات والسيارات والمعدات المبينة بالحكم، وإذ لم يتضمن الحكم في مدوناته البيانات التي أوجبها القانون ولم يشتمل على بيان أقوال الخصوم ومستنداتهم وأسباب الحكم بالمخالفة لما يوجبه القانون - أقام الدعوى. بتاريخ 29/ 4/ 1987 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية بالاستئناف رقم 270/ 12 ق وبتاريخ 3/ 1/ 1988 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان حكم المحكمين لعدم اشتماله على ملخص لأقوال الخصوم ومستنداتهم إعمالاً لحكم المادة 507 من قانون المرافعات إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم المستأنف تأسيساً على أن الأسباب التي استند إليها في استئنافه لا يترتب عليها - حكم المحكمين بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 506 من قانون المرافعات على أن "يصدر المحكمون حكمهم غير مقيدين بإجراءات المرافعات عدا ما نص عليه في هذا الباب ويكون حكمهم على مقتضى قواعد القانون ما لم يكونوا مفوضين بالصلح" يدل على أن المشرع وإن لم يشأ أن يتضمن حكم المحكمين جميع البيانات التي يجب أن يشتمل عليها حكم القاضي، إلا أنه أوجب إتباع الأحكام الخاصة بالتحكيم الواردة في الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات ومنها حكم المادة 507 التي توجب اشتمال الحكم بوجه خاص على ملخص أقوال الخصوم ومستنداتهم، وقد استهدف المشرع من إيجاب إثبات ذلك بحكم المحكمين توفير الرقابة على عملهم والتحقق من حسن استيعابهم لوقائع النزاع ودفاع طرفيه والوقوف على أسباب الحكم الصادر فيه وذلك رعاية لصالح الخصوم، وهي على هذا النحو بيانات لازمة وجوهرية يترتب على إغفالها عدم تحقق الغاية التي من أجلها أوجب المشرع إثباتها بالحكم بما يؤدي إلى البطلان ولا ينال من ذلك أن تكون أوراق القضية قد أودعت مع الحكم بقلم كتاب المحكمة لأن الحكم يجب أن يكون دالاً بذاته على استكمال شروط صحته بحيث لا يقبل تكملة ما نقص فيه من البيانات الجوهرية بأي طريق آخر. لما كان ذلك وكان يجوز طلب بطلان حكم المحكمين وفقاً للفقرة الأخيرة من المادة 512 من قانون المرافعات إذا وقع بطلان في الحكم أو في الإجراءات أثر في الحكم، وكان البين من الأوراق أن حكم المحكمين موضوع التداعي لم يتضمن ملخصاً لأقوال الخصوم أو مستنداتهم التي قضى استناداً إليها بملكية المطعون عليه للعقارات والسيارات والمعدات المبينة بالحكم مجتزئاً القول بأن هيئة التحكيم سمعت أقوال الخصوم وناقشتهم شفاهة واطلعت على مستنداتهم التي ثبت منها ملكية المطعون عليه لأعيان النزاع دون بيان لملخص هذه الأقوال والمستندات أو بيان الأدلة التي استند إليها وكيف أنها تقيد الملكية وبما لا يكفي لتحقيق الغرض الذي من أجله أوجب المشرع إثبات هذه البيانات بحكم المحكمين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم المستأنف فيما انتهى إليه برفض الدعوى تأسيساً على أن الأسباب التي استند إليها الطاعن لا تندرج ضمن الأسباب المنصوص عليها في المادة 512 من قانون المرافعات فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم.