أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 805

جلسة 25 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد المستشار: محمد فؤاد بدر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الحميد سند، كمال نافع نائبي رئيس المحكمة، يحيى عارف وأحمد الحديدي.

(128)
الطعن رقم 1117 لسنة 56 القضائية

إيجار "إيجار الأماكن"، إقامة المستأجر مبنى مكون من أكثر من ثلاث وحدات".
إقامة المستأجر مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات في تاريخ لاحق لاستئجاره - تخييره - بين تركه الوحدة السكنية التي يستأجرها أو توفير مكان ملائم للمالك أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بما لا يجاوز مثلي أجرة الوحدة التي استأجرها - م 22/ 2 ق 136 لسنة 1981. مناطه. أن تكون الوحدة البديلة نظيره للعين المؤجرة له في مواصفاتها. علة ذلك.
النص في المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 يدل على أن المشرع أوجب على المستأجر إذا أقام بناء يمتلكه يتكون من أكثر من ثلاث وحدات أن يعيد العين المؤجرة إلى مالكها إذا رغب في ذلك أو توفير مكاناً ملائماً له أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه بما لا يجاوز مثلي الأجرة المستحقة له عن الوحدة التي يستأجرها منه إذا أراد الاحتفاظ بالعين التي يستأجرها، وأنه إذا رغب المستأجر في استعمال حقه في هذا الاختيار وتقديم العين البديلة عن العين المؤجرة له فإنه يتعين أن تكون هذه العين نظيرة للعين المؤجرة في مواصفاتها باعتبارها مسكناً دون اشتراط التطابق بينهما، وأن تقرير حق المستأجر في الاختيار بين الاحتفاظ بالعين المؤجرة أو تقديم غيرها في عقاره الذي بناه يقتضي ذلك التناظر في تكوين الاثنتين مع الاعتبار بما يكون له من عوامل أخرى معنوية نشأت عنده نتيجة سكنى العين المؤجرة ردحاً من الزمن، يدل على ذلك أن المشرع استهدف بتقرير ذلك النص على ما يبين من تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب تحقيق العدالة بين طرفي العلاقة الإيجارية، وأنه أورد النص ضمن المجموعة الخامسة من مواد القانون التي استهدف بها على ما يبين من العنوان الذي وضعه بها مبيناً لمقصوده من تقريرها وهو في شأن تحقيق التوازن التي قدمها المطعون ضده ملائمة رغم ما بينها وبين العين المؤجرة من التفاوت مع أن هذا الاعتبار تخلف لدى المطعون ضده بعد أن صار مالكاً لعقار من أكثر من ثلاث وحدات مما لا يقوم به قصد المشرع من تقرير نص المادة 22/ 2 آنفة الذكر من التوازن بين الطرفين فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 6018 لسنة 1981 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم إما بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1967 وإلزام المطعون ضده الأول بتسليم العين المؤجرة أو توفير شقة ملائمة ومماثلة لسكن كريمته بالعقار الذي أقامه الأخير بما لا يجاوز مثلي أجرة العين المؤجرة، وقال بياناً لذلك إن المطعون ضده الأول استأجر منه بموجب ذلك العقد شقة بملكه الكائن بشارع هنووابور المياه بالإسكندرية وأن المذكور أقام عقاراً بشارع منشأ يتكون من 12 طابقاً يشتمل على 48 وحدة سكنية وطلب منه إخلاء العين المؤجرة أو توفير وحدة ملائمة لسكن ابنته في العقار المملوك له إلا أنه رفض فأقام الدعوى بطلباته، وبجلسة 24/ 11/ 1982 حكمت المحكمة بفسخ عقد الإيجار وإخلاء المطعون ضده الأول شقة النزاع والتسليم، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 604 لسنة 38 ق الإسكندرية، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وتدخل المطعون ضده الثاني منضماً للأول في طلباته، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 18/ 2/ 1986 بإلغاء الحكم المستأنف وبملائمة الشقة رقم 902 التي وفرها المطعون ضده الأول لابنة الطاعن في العقار المملوك له بشارع منشأ وألزم المطعون ضده الأول بتحرير عقد إيجار عنها بأجرة شهرية قدرها 20 جنيهاً، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه يشترط في المكان الذي يجب على المستأجر أن يوفره في مبناه الجديد للمؤجر أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية وفقاً لنص المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 أن يكون ملائماً وتتحقق تلك الملائمة إذا كان وافياً بالغرض الذي يمكن أن يحققه المؤجر من الانتفاع بالعين المؤجرة لو أنه استردها من المستأجر وأن يكون متقارباً من حيث المساحة والمستوى مع العين المؤجرة وإلا قامت الحكمة من إيراد هذا النص وهو تحقيق التوازن في العلاقات الإيجارية بتخفيف بعض القيود التي فرضها قانون إيجار الأماكن على المؤجر لحساب المستأجر، وإذ انتهى الحكم إلى ملاءمة الشقة رقم 902 من عقار المطعون ضده الأول والتي تتكون من أربع حجرات لسكنى ابنة الطاعن بحسبانها وحدة حديثة التشييد من الإسكان الفاخر ورغم أنها لا تتلاءم مع مساحة العين المؤجرة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 22/ 2 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن، وإذا أقام المستأجر مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات في تاريخ لاحق لاستئجاره يكون بالخيار بين الاحتفاظ بسكنه الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه بما لا يجاوز مثلي الأجرة المستحقة عن الوحدة التي يستأجرها، يدل على أن المشرع أوجب على المستأجر إذا أقام بناء يمتلكه يتكون من أكثر من ثلاث وحدات أن يعيد العين المؤجرة إلى مالكها إذا رغب في ذلك أو يوفر مكاناً ملائماً له أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه بما لا يجاوز مثلي الأجرة المستحقة له عن الوحدة التي يستأجرها إذا أراد الاحتفاظ بالعين التي يستأجرها، وأنه إذا رغب المستأجر في استعمال حقه في هذا الاختيار وتقديم العين البديلة عن العين المؤجرة له فإنه يتعين أن تكون هذه العين نظيرة للعين المؤجرة في مواصفاتها باعتبارها مسكناً دون اشتراط التطابق بينهما، وأن تقرير حق المستأجر في الاختيار بين الاحتفاظ بالعين المؤجرة أو تقديم غيرها في عقاره الذي بناه يقتضي ذلك التناظر في تكوين الاثنتين مع الاعتبار بما يكون له من عوامل أخرى معنوية نشأت عنه نتيجة سكنى العين المؤجرة ردحاً من الزمن، يدل على ذلك أن المشرع استهدف بتقرير ذلك النص على ما يبين من تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب تحقيق العدالة بين طرفي العلاقة الإيجارية، وأنه أورد النص ضمن المجموعة الخاصة من مواد القانون التي استهدف بها على ما يبين من العنوان الذي وضعه لها مبيناً لمقصوده من تقريرها وهو في شأن تحقيق التوازن في العلاقات الإيجارية، وأن التوازن يقتضي التقارب بين العين المؤجرة وبديلتها في كل ما هو داخل في مواصفاتها كبناء سكن، ولما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين في مدوناته أن العين المؤجرة للمطعون ضده في عقار الطاعن تتكون من عشر حجرات وردهة وثلاث دهاليز وثلاثة حمامات ومطبخين مساحتها 655.5 متراً مربعاً وملحق بها حجرتين على السطح وجراج بالحديقة وأن العقار الذي بناه المطعون ضده الأول مقام على مساحة 535.73 متراً مربعاً ويتكون من بدروم وطابق أرضي وعشر طوابق علوية كل طابق منها مكون من ثلاث شقق اثنتان منها تتكون كل واحدة من خمس حجرات والثالثة من أربع حجرات وطابق فوق العشرة عبارة عن فيلا تحتوي على سبع حجرات وثلاثة حمامات ومطبخ، ذهب إلى أن الشقة رقم 902 من هذا البناء المكونة من أربع حجرات والتي قدمها المطعون ضده بدلاً من التي يسكنها تعد ملائمة لسكنى ابنة الطاعن وأطرح ما ارتآه الخبير المنتدب من أن هذه الشقة وحدها غير ملائمة ويلزم لتكون كذلك إضافة أخرى إليها أسوة بما فعله الطاعن بالنسبة لأبنائه وما توافر لشقة النزاع من المواصفات حسبما أثبت الحكم في مدوناته على أنها... مكان ملائم في مثل هذا الوقت من الزمان الذي اشتدت فيه أزمة الإسكان واستحكمت إذ ليست الملائمة أن يوفر المستأنف (المطعون ضده الأول) - لابنة المستأنف عليه - الطاعن - شقتين من تسع غرف ومنافعها أسوة بأبنائه هو لأن الأخيرين قد احتجز كل منهم شقتين في عقار يملكونه وهم أحرار فيما يملكون استعمالاً واستغلالاً كما أن الملائمة ليست بإعطاء مكان لابنة المستأنف عليه - الطاعن - يعادل في مسطحه المكان الذي يستأجره المستأنف - المطعون ضده الأول - بملك المستأنف عليه حيث هناك فارق في توقيت تشييد كل من المكانين وشتان بين تكاليف بناء كل منهما.. بما مؤداه أنه اعتد في تقدير الملائمة بين الوحدتين على عنصر التكلفة وحدها كما اعتبر أزمة الإسكان مبرراً لاعتبار العين التي قدمها المطعون ضده ملائمة رغم ما بينها وبين العين المؤجرة من التفاوت مع أن هذا الاعتبار تخلف لدى المطعون ضده بعد أن صار مالكاً لعقار من أكثر من ثلاث وحدات بما لا يقوم به قصد المشرع من تقرير نص المادة 22/ 2 آنفة الذكر من إقامة التوازن بين الطرفين فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه دون حاجة للتصدي لباقي أسباب الطعن.
ولما كان الموضوع صالحاً للفصل فيه، ولما تقدم.