أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 2152

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ حسن السنباطي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى قرطام، أحمد ضياء عبد الرازق، سعد حسين بدر ومحمد سعيد عبد القادر.

(391)
الطعن رقم 1301 لسنة 48 قضائية

(1) حكم "التناقض في الحكم".
التناقض في الحكم. ماهيته.
(2) نقل "مسئولية الناقل الجوي". مسئولية. تعويض.
مسئولية الناقل الجوي عن التعويض كاملاً غير محدود. اتفاقية فارسوفيا المعدلة ببروتوكول لاهاي. شرطه.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا تناقضت أسباب الحكم بحيث أعجزت محكمة النقض عن تعرف موافقته لحكم القانون أو مخالفته له تعين نقضه.
2 - المستفاد من نصوص المواد 17، 20، 22 من اتفاقية فارسوفيا أن الناقل الجوي يكون مسئولاً عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة أو إصابة أي راكب إذا كانت الحادثة التي تولد عنها الضرر قد وقعت على متن الطائرة أو أثناء عمليات الصعود أو الهبوط، وقد حددت المادة 22 من الاتفاقية مسئولية الناقل قبل كل راكب بمبلغ 25 ألف فرنك فرنسي، ثم عدلك بالمادة 11 من بروتوكول لاهاي الساري من 1 - 8 - 1961 برفع الحد الأقصى للتعويض الذي يلتزم به الناقل الجوي من كل راكب إلى مبلغ 250 ألف فرنك فرنسي، وكانت المادة 13 عن البروتوكول سالف البيان المعدلة للمادة 25 من اتفاقية فارسوفيا قد نصت على أن لا تسري الحدود المنصوص عليها في المادة 22 متى قام الدليل على أن الضرر قد نشأ عن فعل أو امتناع من جانب الناقل أو أحد تابعيه وذلك إما بقصد إحداث ضرر وإما يرعونه مقرونة بإدراك أن ضرراً قد يترتب عليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة الأولى ومورث باقي الطاعنين أقاما الدعوى رقم 1962 لسنة 1974 مدني كلي جنوب القاهرة على المطعون عليها الأولى بطلب إلزامها بأن تؤدي لهما مبلغ خمسين ألف جنيه وقالا بياناً لها أن ابنهما...... كان ضمن ركاب إحدى طائراتها التي أقلعت من طرابلس للقاهرة في يوم 21 - 2 - 1973 وقد انحرف قائدها عن مسارها المرسوم فدخل سيناء المحتلة واعترضته طائرات السلاح الجوي الإسرائيلي وأجبرته على الهبوط بيد أنه ما لبث أن هرب بالطائرة قبل أن تتم هبوطها فلاحقته الطائرات الحربية الإسرائيلية وإذ أصر على الطيران أطلقت عليه نيرانها فاحترقت الطائرة بركابها وأنهما يقدران التعويض عن الضرر الذي لحق بهما من جراء فقد نجلهما بالمبلغ المطالب به. أقامت المطعون عليها الأولى دعوى ضمان فرعية ضد المطعون عليها الثانية طالبة الحكم عليها بما عسى أن يحكم به ضدها، وفي 17 - 1 - 1976 ندبت المحكمة خبيراً لأداء المهمة المبينة بمنطوق حكمها، وبعد أن قدم تقريره قضت في 21 - 6 - 1977 في الدعوى الأصلية بإلزام المطعون عليها الأولى بأن تدفع للطاعنة الأولى ومورث باقي الطاعنين مبلغ 300 ألف فرنك وفي الدعوى الفرعية بعدم اختصاصها بنظرها، استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 2013 لسنة 94 ق وفي 9 - 5 - 1978 قضت المحكمة في الدعوى الأصلية بتعديل التعويض إلى مبلغ 200 ألف فرنك وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك وفي الدعوى الفرعية بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليها الثانية وبنقض الحكم بالنسبة للمطعون عليها الأولى.
عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة أن الطعن يتعلق بالحكم بالصادر في الدعوى الأصلية دون الدعوى الفرعية ومن ثم فلا محل لاختصام المطعون عليها الثانية فيه.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه لما كانت أسباب الطعن قد انصبت على الحكم الصادر في الدعوى الأصلية والتي لم تكن المطعون عليها الثانية خصماً فيها دون الدعوى الفرعية التي اختصمت فيها فإنه يكون غير مقبول بالنسبة لها.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون عليها الأولى.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه التناقض، وفي بيان ذلك يقولون إنه أيد ما ذهب إليه الحكم الابتدائي من أن مسئولية المطعون عليها الأولى هي مسئولية غير محددة لا تتقيد فيها المحكمة بالحد الأقصى للتعويض المقرر في حالة المسئولية المحدودة وهو 250 ألف فرنك فرنسي، ومع ذلك فقد نزل مبلغ التعويض المقضي به من محكمة أول درجة وهو 300 ألف فرنك إلى مبلغ 200 ألف فرنك، الأمر الذي يعيبه بالتناقض.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا تناقضت أسباب الحكم بحيث أعجزت محكمة النقض عن تعرف موافقته لحكم القانون أو مخالفته له تعين نقضه، ولما كان المستفاد من نصوص المواد 17، 20، 22 من اتفاقية فارسوفيا أن الناقل الجوي يكون مسئولاً عن الضرر الذي يقع في حالة وفاة أو إصابة أي راكب إذا كانت الحادثة التي تولد عنها الضرر قد وقعت على متن الطائرة أو أثناء عمليات الصعود أو الهبوط، وقد حددت المادة 22 من الاتفاقية مسئولية الناقل قبل كل راكب بمبلغ 125 ألف فرنك فرنسي، ثم عدلت بالمادة 11 من بروتوكول لاهاي الساري من 1 - 8 - 1961 برفع الحد الأقصى الذي يلتزم به الناقل الجوي عن كل راكب إلى مبلغ 250 ألف فرنك فرنسي، وكانت المادة 13 من البروتوكول سالف البيان المعدل للمادة 25 من اتفاقية فارسوفيا قد نصت على أن "لا تسري الحدود المنصوص عليها في المادة 22 متى قام الدليل على أن الضرر قد نشأ عن فعل أو امتناع من جانب الناقل أو أحد تابعيه وذلك إما بقصد إحداث ضرر وإما برعونة مقرونة بادراك أن ضرراً قد يترتب عليها..." لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي - الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه - قد أقام قضاءه بإلزام المطعون عليها الأولى بأن تؤدي للطاعنة الأولى. ومورث باقي الطاعنين مبلغ 300 ألف فرنك على ما أورده من "أن المحكمة ترى عن بصر وبصيرة أن مسئولية الخطوط الجوية الليبية (الناقل) هي مسئولية غير محدودة ومن ثم فلا محل للالتزام بالحد الأقصى للمسئولية المحدودة في تقدير التعويض إذ يضحى هذا الحد الأقصى حداً أدنى للتعويض عن المسئولية غير المحدودة... وحيث أن طلبات المدعين بالتعويض تجاوزت ما حددته الاتفاقية من تعويض في حالة الخطأ العادي، وكان الخطأ على ما انتهت إليه هذه المحكمة هو عدم الاكتراث مع العلم بأن ضرراً ما من المحتمل أن يحدث فإن هذه المحكمة لا تتقيد بالحد الأقصى للتعويض في المسئولية المحددة كما وضعته اتفاقية فارسوفيا وتسترد حريتها في التقدير واضعة في حساباتها القواعد العامة في تقدير التعويض فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتنق هذه الأسباب وعمد مع ذلك إلى تعديل مبلغ التعويض المقضي به ابتدائياً إلى مبلغ 200 ألف فرنك فرنسي الذي - يقل عما اعتبره الحكم الابتدائي حداً أدنى للتعويض في حالة المسئولية غير المحددة يكون قد شابه التناقض بما يستوجب نقضه جزئياً فيما قضى به بالنسبة للدعوى الأصلية دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع غير صالح للفصل فيه ومن ثم يتعين أن يكون مع النقض الإحالة...