أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 2156

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ حسن السنباطي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى قرطام، أحمد ضياء عبد الرازق، سعد حسين بدر ومحمد شعبان عبد القادر.

(392)
الطعن رقم 1013 لسنة 48 قضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه.
(2) دعوى "رفع الدعوى". أمر أداء "شروط استصداره".
رفع الدعاوى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة كأصل م 62 - 1 مرافعات. الاستثناء سلوك طريق أمر الأداء متى توافرت شروطه. م 201 مرافعات.
(3) أمر أداء "إجراءات استصداره". دفوع "الدفوع الشكلية. الدفع بعدم القبول". بطلان "البطلان في الإجراءات".
إجراءات استصدار أمر الأداء تتعلق بشكل الخصومة دون موضوع الحق أو شروط وجوده الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بالطريق العادي عن دين تتوافر فيه شروط أمر الأداء. دفع شكلي وليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه المادة 155 مرافعات.
(4) دفوع "الدفع بعدم القبول. الدفع الشكلي". دعوى "شروط قبول الدعوى". أمر أداء.
المقصود بالدفع بعدم القبول. المادة 115 مرافعات. الطعن بعدم توافر شروط سماع الدعوى، وهي الصفة والمصلحة والحق في رفعها. عدم انطباق تلك المادة على الدفع الشكلي، كالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها مباشرة للمحكمة بدين تتوافر فيه شروط استصدار أمر الأداء.
(5، 6) دفوع "الدفع بعدم القبول. الدفع الشكلي" أمر الأداء "شروط استصداره" استئناف "نطاق الاستئناف". بطلان "بطلان الأحكام". حكم "بطلان الحكم". نظام عام.
(5) الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها بالطريق العادي بدين يتوافر فيه شروط استصدار أمر الأداء. قضاء لا تستنفد به محكمة أول درجة ولايتها في نظر موضوع الدعوى. إلغاء هذا الحكم استئنافياً. وجوب إعادة الدعوى لمحكمة أول درجة لنظر موضوعها. تصدي محكمة الاستئناف للموضوع فيه تفويت لإحدى درجتي التقاضي. أثره. بطلان الحكم.
(6) مبدأ التقاضي على درجتين من المبادئ الأساسية للنظام القضائي. عدم جواز مخالفته أو النزول عنه.
1 - يشترط لقبول الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي ومن ثم فلا يكفي لقبول الطعن بالنقض أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه - بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها أو نازعة خصمه في طلباته هو.
2 - لما كان المشرع بعد أن أورد القاعدة العامة في رفع الدعاوى بما نص عليه في المادة 63/ 1 من قانون المرافعات من أن "ترفع الدعوى إلى المحكمة بناءً على طلب المدعي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك" قد أوجب استثناءاً من هذا الأصل على الدائن بدين من النقود إذا كان ثابتاً بالكتابة وحال الأداء ومعين المقدار أن يستصدر من القاضي المختص بناءً على عريضة تقدم إليه من الدائن أو وكيلة أمراً بأداء دينه وفق نص المواد 201 وما بعدها من قانون المرافعات فإن المشرع يكون بذلك قد حدد الوسيلة التي يتعين على الدائن أن يسلكها في المطالبة بدينة متى توافرت فيه الشروط التي يتطلبها القانون على النحو السالف بيانه وهي الالتجاء إلى القاضي لاستصدار أمر الأداء وذلك عن طريق اتباع الأوضاع والقواعد المبينة بالمواد 201 وما بعدها من قانون المرافعات.
3 - إجراءات استصدار أمر الأداء عند توافر الشروط التي يتطلبها القانون إجراءات تتعلق بشكل الخصومة ولا تتصل بموضوع الحق المدعى به أو بشروط وجوده، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها إلى المحكمة مباشرة للمطالبة بدين تتوافر فيه شروط استصدار أمر الأداء هو في حقيقته دفع ببطلان الإجراءات لعدم مراعاة الدائن القواعد التي فرضها القانون لاقتضاء دينه، وبالتالي يكون هذا الدفع موجهاً إلى إجراءات الخصومة وشكلها وكيفية توجيهها - وبهذه المثابة يكون من الدفوع الشكلية وليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه المادة 115/ 1 من قانون المرافعات.
4 - المقصود من الدفع بعدم القبول الذي تعينه المادة 115 مرافعات هو كما صرحت المذكرة الإيضاحية للمادة 142 من قانون المرافعات القديم المقابلة للمادة 115 من القانون الجديد - الدفع الذي يرمي إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى - وهي الصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوى باعتبارها حقاً مستقلاً عن ذات الحق الذي ترفع الدعوى بطلب تقريره كانعدام الحق في الدعوى أو سقوطه لسبق الصلح فيها أو لانقضاء المدة المحددة من القانون لرفعها - ونحو ذلك مما لا يختلط بالدفع المتعلق بشكل الإجراءات من جهة ولا بالدفع المتعلق بأصل الحق المتنازع عليه من جهة أخرى - فالمقصود إذن هو عدم القبول الموضوعي فلا تنطبق القاعدة الواردة في المادة 115 مرافعات على الدفع الشكلي الذي يتخذ اسم عدم القبول كما هو الحال في الدفع المطروح - لأن العبرة هي بحقيقة الدفع ومرماه وليس بالتسمية التي تطلق عليه.
5 - متى تقرر الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها إلى المحكمة مباشرة للمطالبة بدين تتوافر فيه شروط استصدار أمر بالأداء هو من الدفوع الشكلية وليس دفعاً بعدم القبول مما ورد ذكره في المادة 115/ 1 سالفة الذكر فإن محكمة أول درجة إذ قضت بعدم قبول الدعوى تأسيساً على مخالفة الدائن الإجراءات الشكلية التي فرضها المشرع لاقتضاء دينه لا تكون قد استنفذت ولايتها في نظر موضوع الدعوى - فإذا استؤنف حكمها وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم - فإنه يجب عليها في هذه الحالة أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها إذ هي لم تقل كلمتها فيه بعد - ولا تملك محكمة الاستئناف التصدي لهذا الموضوع لما يترتب على ذلك تفويت إحدى درجات التقاضي على الخصوم وإذ خالفت محكمة الاستئناف هذا النظر وتصدت لموضوع الدعوى وفصلت فيه فإن حكمها يكون مخالفاً للقانون - وباطلاً.
6 - مبدأ التقاضي على درجتين هو المبادئ الأساسية لنظام التقاضي التي لا يجوز للمحكمة مخالفتها ولا يجوز للخصوم النزول عنها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 2796 مدني كلي الإسكندرية بطلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا لها من تركة مورثهم المرحوم.... مبلغ 3656 جنيه وذلك في مواجهة المطعون ضدهم الثلاثة الأخر وقالت في بيان دعواها أنه كان لشقيقها مورث الطاعنين خزانة حديدية ببنك مصر فرع طلعت حرب الإسكندرية وبعد وفاته بتاريخ 12 - 11 - 1974 تم فتحها بمحضر رسمي مؤرخ 19 - 3 - 1975 بمعرفة مأمورية ضرائب تركات الإسكندرية ووجد بها إقرار محرر من المورث بتاريخ 1 - 1 - 1969 بمديونية لها بالمبلغ موضوع التداعي. وقد طلبت مصلحة الضرائب - المطعون ضدها الثانية - إلى محكمة أول درجة الحكم برفض الدعوى على سند من عدم اتباع الدائن أحكام المادة 35 من القانون رقم 142 سنة 1944 - بفرض رسم الأيلولة على التركة لعدم تقديمها الإقرار المنصوص عليه في تلك المادة - وبتاريخ 10 - 5 - 1977 قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن المطعون ضدها لم تسلك طريق استصدار أمر بأداء الدين المطالب به طبقاً لما تنص به المادة 201/ 1 من قانون المرافعات - استأنفت المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم 446 س 33 ق الإسكندرية - ومحكمة استئناف الإسكندرية حكمت في 9 - 3 - 1978 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يؤدوا للمطعون ضدها الأولى من تركة مورثهم مبلغ 3656 جنيه - طعن الطاعنون في ذلك الحكم بطريق النقض - وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين لرفعها على غير ذي صفة وأبدت رأيها في موضوع الطعن بنقض الحكم - وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن دفع النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأخيرة في محله ذلك أنه يشترط لقبوله الخصومة أمام القضاء قيام نزاع بين أطرافها على الحق موضوع التقاضي ومن ثم لا يكفي لقبول الطعن بالنقض مجرد أن يكون المطعون عليه طرفاً في الخصومة التي أصدرت الحكم المطعون فيه - بل يجب أيضاً أن يكون نازع خصمه أمامها أو نازعه خصمه في طلباته هو - وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين بصفاتهم ممثلين لمصلحة الضرائب وبنك مصر ونيابة الأحوال الشخصية وإن كانوا قد اختصموا أمام محكمة الاستئناف التي أصدرت الحكم المطعون فيه إلا أن المطعون ضدها الأولى لم توجه إليهم طلبات ما بعد أن قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني. لما كان ذلك فإنه لا يكون للطاعنين مصلحة في اختصامهم بتلك الصفات أمام محكمة النقض مما يوجب الحكم بعدم قبول الطعن الموجه إليهم بصفاتهم.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه - مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إن محكمة الاستئناف إذ ألغت حكم محكمة أول درجة القاضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني فإنه كان يتعين عليها أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها طالما أن هذه المحكمة لم تفصل فيه ولم تتعرض له غير أن محكمة الاستئناف تصدت لهذا الموضوع وفصلت فيه فتكون بذلك قد حرمت الطاعنين من حقهم في التقاضي على درجتين.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان المشرع بعد أن أورد القاعدة العامة في رفع الدعاوى بما نص عليه في المادة 63/ 1 من قانون المرافعات من أن "ترفع إلى المحكمة - بناءً على طلب المدعي بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك". قد أوجب استثناءً من هذا الأصل على الدائن بدين من النقود إذا كان ثابتاً بالكتابة وحال الأداء ومعين المقدار أن يستصدر من القاضي المختص بناءً على عريضة تقدم إليه من الدائن أو وكيله أو بأداء دينه وفق نص المواد 201 وما بعدها من قانون المرافعات. فإن المشرع يكون بذلك قد حدد الوسيلة التي يتعين على الدائن أن يسلكها في المطالبة بدينه متى توافرت فيه الشروط التي يتطلبها القانون على النحو السالف بيانه وهي الالتجاء إلى القاضي لاستصدار أمر لأداء وذلك عن طريق اتباع الأوضاع والقواعد المبينة بالمواد 201 وما بعدها من قانون المرافعات وهي إجراءات تتعلق بشكل خصومة ولا تتصل بموضوع الحق المدعى به أو بشروط وجوده، ومن ثم فإن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها إلى المحكمة مباشرة للمطالبة بدين تتوافر فيه شروط استصدار أمر بالأداء هو في حقيقته دفع ببطلان الإجراءات لعدم مراعاة الدائن القواعد التي فرضها القانون لاقتضاء دينه، وبالتالي يكون هذا الدفع موجهاً إلى إجراءات الخصومة وشكلها وكيفية توجيهها - وبهذه المثابة يكون من الدفوع الشكلية وليس دفعاً بعدم القبول مما نصت عليه المادة 115/ 1 من قانون المرافعات إذ المقصود بالدفع بعدم القبول الذي تعنيه هذه المادة هو كما صرحت المذكرة الإيضاحية للمادة - 142 من قانون المرافعات القديم المقابلة للمادة 115 من القانون الجديد - الدفع الذي يرمي إلى الطعن بعدم توافر الشروط اللازمة لسماع الدعوى وهي الصفة والمصلحة والحق في رفع الدعوى باعتبارها حقاً مستقلاً عن ذات الحق الذي ترفع الدعوى بطلب تقريره. كانعدام الحق في الدعوى أو سقوطه لسبق الصلح فيها أو لانقضاء المدة المحددة في القانون لرفعها - ونحو ذلك مما لا يختلط بالدفع المتعلق بشكل الإجراءات من جهة ولا بالدفع المتعلق بأصل الحق المتنازع عليه من جهة أخرى - فالمقصود إذن هو عدم القبول الموضوعي فلا تنطبق القاعدة الواردة في المادة 115 مرافعات على الدفع الشكلي الذي يتخذ اسم عدم القبول كما هو الحال في الدفع المطروح - لأن العبرة هي بحقيقة الدفع ومرماه وليس التسمية التي تطلق عليه. ومتى تقرر أن هذا الدفع من الدفوع الشكلية وليس دفعاً لعدم القبول مما ورد ذكره في المادة 115/ 1 سالفة الذكر فإن محكمة أول درجة إذ قضت بعدم قبول الدعوى تأسيساً على مخالفة الدائن الإجراءات الشكلية التي فرضها المشرع لاقتضاء دينه لا تكون قد استنفذت ولايتها في نظر موضوع الدعوى - فإذا استأنف حكمها وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم - فإنه يجب عليها في هذا الحال أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها إذ هي لم تقل كلمتها فيه بعد. ولا تملك محكمة الاستئناف التصدي لهذا الموضوع لما يترتب على ذلك من تفويت إحدى درجات التقاضي على الخصوم. وإذ خالفت محكمة الاستئناف هذا النظر وتصدت لموضوع الدعوى وفصلت فيه فإن حكمها يكون مخالفاً للقانون - وباطلاً - ولا يزيل هذا البطلان أن الطاعنين لم يتمسكوا أمامها بطلب إعادة القضية إلى محكمة أول درجة - ذلك أن مبدأ التقاضي على درجتين هو من المبادئ الأساسية لنظام التقاضي التي لا يجوز مخالفتها ولا يجوز للخصوم النزول عنها مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه لهذا السبب بغير حاجة بعد ذلك لبحث سائر أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإحالة الدعوى إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للفصل في موضوعها.