أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 875

جلسة 4 من إبريل سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنصف أحمد هاشم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد شهاوي.

(140)
الطعن رقم 1165 لسنة 55 القضائية

(1، 2) أحوال شخصية "ولاية على المال". أهلية. بيع. وكالة.
(1) نيابة الوصي. ماهيتها. مباشرة الوصي تصرفات معينة بغير إذن المحكمة بالمخالفة للمادة 39 من المرسوم بقانون 119 لسنة 1952. اعتباره متجاوزاً حدود نيابته القانونية عن القاصر. مؤدى ذلك. عدم انصراف أثر التصرف إلى القاصر.
(2) بيع عقار القاصر. الأصل عدم وجوب بيعه بالمزايدة. الاستثناء. اشتراط محكمة الولاية على المال ذلك. مخالفة الوصي ذلك. اعتباره متجاوزاً حدود نيابته. أثره. عدم انصراف أثر التصرف إلى القاصر.
(3) ملكية. "أسباب كسب الملكية". "التقادم المكسب". "التقادم الخمسي" تقادم "التقادم المكسب". "التقادم الخمسي".
(3) تملك العقار بالتقادم الخمسي. شرطه. وضع اليد مدة خمس سنوات متتالية بحسن نية وسبب صحيح مسجل صادر من غير مالك. م 969 مدني.
1 - نيابة الوصي عن القاصر هي نيابة قانونية ينبغي أن يباشرها - وفقاً لما تقضي به المادة 118 من القانون المدني - في الحدود التي رسمها القانون، ولما كان النص في المادة 39 من الرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بشأن الولاية على المال قد حظر على الوصي مباشرة تصرفات معينة إلا بإذن المحكمة، من بينها جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو التبعية أو نقله أو تغييره أو زواله، وكذلك جميع التصرفات المقررة لحق من هذه الحقوق، فإنه ينبني على ذلك أن الوصي إذا باشر تصرفاً من هذه التصرفات دون إذن من المحكمة يكون متجاوزاً حدود نيابته ويفقد بالتالي في إبرامه لهذا التصرف صفة النيابة فلا تنصرف آثاره إلى القاصر، ويكون له بعد بلوغه سن الرشد التمسك ببطلانه.
2 - لئن كان قانون المرافعات لا يوجب بيع عقار القاصر بطريق المزايدة ولا يرتب البطلان جزاء عدم إتباعه كما وأن قانون الولاية على المال رقم 119 لسنة 1952 لم يشر إلى إتباع إجراء بيع عقار القاصر بالمزايدة الواردة في المواد من 459 وحتى 463 من قانون المرافعات، إلا أنه متى اشترطت محكمة الولاية على المال عند الإذن ببيع مال القاصر أن يتم عن طريق المزايدة تعين إتباعه وفقاً لتلك الإجراءات، وإلا عد التصرف الذي باشره الوصي على خلافه متجاوزاً حدود نيابته فلا ينصرف أثره إلى القاصر.
3 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن شرط تملك العقار بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 969 من القانون المدني هو وضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن نية ومستندة في ذات الوقت إلى سبب صحيح وهو العقد الصادر من غير مالك بشرط أن يكون مسجلاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولين أقاما الدعوى رقم 8538 لسنة 1979 مدني طنطا الابتدائية بطلب الحكم بعدم نفاذ التصرف الحاصل بالعقد المؤرخ 11 يوليو سنة 1973، وقالا بياناً لذلك أنهما فوجئا بعد بلوغهما سن الرشد بأن المطعون ضدها الثالثة - إبان وصايتها عليهما - قد قامت بموجب ذلك العقد ببيع نصيبهما في عقار آل إليهما بالميراث عن والدهما إلى الطاعن دون تصريح من محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال، وإذ كان لهما التمسك بعدم نفاذ هذا التصرف في حقهما فقد أقاما الدعوى بطلبهما سالف البيان، وبتاريخ 10 يونيه سنة 1981 حكمت المحكمة بعدم نفاذ التصرف موضوع النزاع، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 589 لسنة 31 قضائية. وفي 11 فبراير سنة 1985 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، ورأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب الأول والثالث والرابع والسادس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم قضى ببطلان التصرف موضوع النزاع وبعدم نفاذه في حق المطعون ضدهما الأولين على سند من أنه تم بغير إتباع طريق البيع بالمزاد الذي اشترطته محكمة الولاية على المال عند الإذن به، في حين أن هذا البيع تم صحيحاً بعد موافقة تلك المحكمة عليه والإذن به، وأن قانوني المرافعات والولاية على المال لا يتطلبان أن يتم بيع مال القاصر عن هذا الطريق ولا يرتبان البطلان جزاء لمخالفته، كما وأن العدول اللاحق من المحكمة ليس من شأنه أن يؤثر على صحة البيع الذي تم نفاذاً للإذن السابق الذي تأكد من الإقرار المؤرخ 19/ 8/ 1973 الصادر من المطعون ضدها الثالثة الوصية عند تنازلها عن رخصة مكان إيواء السيارات الكائن أسفل العقار المبيع، ومن عدم اعتراض المطعون ضدهما الأولين على هذا البيع خلال الثلاث سنوات اللاحقة على بلوغهما سن الرشد، وأنه متى تم البيع صحيحاً على نحو ما سلف بيانه فلا يكون لهما سوى رفع دعوى تكملة الثمن للعين وليس دعوى عدم نفاذ التصرف وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد في قضائه بعدول محكمة الولاية على المال عن البيع استجابة لرغبة المطعون ضدها الثالثة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في جملته غير سديد ذلك بأن نيابة الوصي عن القاصر هي نيابة قانونية ينبغي أن يباشرها - وفقاً لما تقضي به المادة 118 من القانون المدني - في الحدود التي رسمها القانون، ولما كان النص في المادة 39 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 بشأن الولاية على المال قد حظر على الوصي مباشرة تصرفات معينة إلا بإذن المحكمة، من بينها جميع التصرفات التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو التبعية أو نقله أو تغييره أو زواله، وكذلك جميع التصرفات المقررة لحق من هذه الحقوق، فإنه ينبني على ذلك أن الوصي إذا باشر تصرفاً من هذه التصرفات دون إذن من المحكمة يكون متجاوزاً حدود نيابته ويفقد بالتالي في إبرامه لهذا التصرف صفة النيابة فلا تنصرف آثاره إلى القاصر، ويكون له بعد بلوغه سن الرشد التمسك ببطلانه، وهذا ولئن كان قانون المرافعات لا يوجب بيع عقار القاصر بطريق المزايدة ولا يترتب البطلان جزاء عدم إتباعه كما وأن قانون الولاية على المال رقم 119 سنة 1952 لم يشر إلى إتباع إجراءات بيع عقار القاصر بالمزايدة، الواردة في المواد من 459 وحتى 463 من قانون المرافعات، إلا أنه متى اشترطت محكمة الولاية على المال عند الإذن ببيع مال القاصر أن يتم عن طريق المزايدة تعين إتباعه وفقاً لتلك الإجراءات وإلا عد التصرف الذي باشره الوصي على خلافه متجاوزاً حدود نيابته فلا ينصرف أثره إلى القاصر لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم نفاذ التصرف الصادر من المطعون ضدها الثالثة بصفتها وصية على المطعون ضدهما الأولين ببيع الحصة المملوكة لهما بالميراث عن والدهما في عقار النزاع إلى الطاعن لإجرائه من غير طريق المزايدة الذي اشترطته محكمة الولاية على المال عند الإذن به، بعد أن أقاما داعوهما قبل مضي ثلاث سنوات على بلوغها سن الرشد، فإنه يكون قد صادف صحيح القانون فيما انتهى إليه، لما كان ما تقدم وكان لا صحة لما ادعاه الطاعن من أن الحكم استند في قضائه إلى عدول محكمة الولاية على المال عن الإذن بالبيع بناء على ادعاء المطعون ضدها الثالثة غشاً ذلك ومن ثم فإن النعي بهذه الأسباب يكون برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه كان يتعين على محكمة الاستئناف وقد تخلفت المطعون ضدها الثالثة عن حضور الجلسة المحددة للاستجواب أن تحيل الدعوى إلى التحقيق لإثبات عناصرها وفقاً لما تقضي به المادة 113 من قانون الإثبات وإذ قضت المحكمة في الدعوى دون اتخاذ هذا الإجراء فإن حكمها يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك بأن الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يتمسك إثر عدول المحكمة عن حكم الاستجواب بطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق إعمالاً لنص المادة 113 من قانون الإثبات ومن ثم فليس له من بعد أن يعيب على المحكمة عدم اتخاذها ذلك الإجراء من تلقاء نفسها بعد أن جعل المشرع هذا الحق خاضع لمطلق تقديرها ويضحى النعي بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الخامس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم أسس قضاءه برفض ما تمسك به من اكتسابه ملكية الحصة المبيعة بالتقادم الخمسي على سند من تخلف حسن النية لديه رغم توافرها من الأدلة والقرائن التي ساقها وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن شرط تملك العقار بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 969 من القانون المدني هو وضع اليد عليه مدة خمس سنوات متتالية متى كانت الحيازة مقترنة بحسن نية ومستندة في ذات الوقت إلى سبب صحيح وهو العقد الصادر من غير مالك بشرط أن يكون مسجلاً، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن يستند في تملكه الحصة المبيعة بالتقادم الخمسي إلى العقد العرفي الصادر من المطعون ضدها الثالثة له والمؤرخ 11 يوليو سنة 1973 وهو ما لا يتحقق به أحد الشروط التي تتطلبها المادة 969 على ما سلف بيانه، فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.