أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 881

جلسة 10 من إبريل سنة 1991

برياسة السيد المستشار/ محمد أمين طموم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد جمال الدين شلقاني، صلاح محمود عويس نائبي رئيس المحكمة، محمد رشاد مبروك وفؤاد شلبي.

(141)
الطعن رقم 3252 لسنة 59 القضائية

(1) استئناف "الحكم في الاستئناف". بطلان "بطلان الأحكام".
- قضاء المحكمة الاستئنافية ببطلان الحكم المستأنف لعيب شابه دون أن يمتد إلى صحيفة الدعوى. أثره. وجوب الفصل في موضوع الدعوى دون إعادتها لمحكمة أول درجة.
(2) إيجار "إيجار الأماكن". "الإخلاء لإساءة استعمال العين المؤجرة" محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
- إخلاء المستأجر لاستعماله العين المؤجرة أو سماحه باستعمالها بطريقة ضارة بسلامة المبنى. م 18/ د ق 136 لسنة 1981. شرطه. ثبوت ذلك بحكم قضائي نهائي. لمحكمة الموضوع أن تستخلص من ذلك الحكم ما إذا كان فعل الإساءة في استعمال العين المؤجرة من شأنه الإضرار بسلامة المبنى من عدمه باعتباره من مسائل الواقع الخاضعة لتقدير قاضي الموضوع. شرطه. مثال بصدد حكم تعويض لاستعمال العين المؤجرة بطريقة ضارة بسلامة المبنى.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المحكمة الاستئنافية لا تملك عند القضاء ببطلان الحكم المستأنف لعيب فيه أو في الإجراءات المترتبة عليها أن تعيد الدعوى لمحكمة أول درجة التي فصلت في موضوعها لتنظر فيها، لأنها إذ فصلت في موضوع الدعوى تكون قد استنفذت ولايتها عليها، وإنما يتعين على المحكمة الاستئنافية في هذه الحالة - طالما أن العيب لم يمتد إلى صحيفة افتتاح الدعوى - نظر الدعوى بمعرفتها والفصل فيها.
2 - مفاد النص في المادة 18/ د من القانون رقم 136 لسنة 1981 - يدل على أن المشرع رغبة منه في تحقيق التوازن بين مصلحة كل من المؤجر والمستأجر ولحسن الانتفاع بالأماكن المؤجرة قد أجاز للأول طلب إخلاء المكان المؤجر إذا استعمله المستأجر أو سمح باستعماله بطريقة ضارة بسلامة المبنى واشترط لذلك أن يثبت ذلك الفعل بحكم قضائي نهائي ولمحكمة الموضوع أن تستخلص من أوراق الدعوى الصادر فيها ذلك الحكم، إذا كان فعل الإساءة في استعمال العين المؤجرة من شأنه الإضرار بسلامة المبنى من عدمه باعتبار أن ذلك من مسائل الواقع التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اجتزأ في التدليل على أن استعمال العين المؤجرة كان بطريقة ضارة بسلامة المبنى على قوله "الثابت من دعوى التعويض رقم (...) مدني ببندر المحلة الكبرى بين ذات الخصوم والتي بات فيها الحكم نهائياً أن المستأنف بصفته قد استعمل العين المؤجرة بطريقة ضارة بسلامة المبنى..." ومن ثم جاءت أسباب الحكم في خصوص ثبوت الإضرار بسلامة المبنى مجهلة في بيان مدى تأثير الاستعمال الضار على سلامة المبنى وهو ما يشوبه بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 2404 لسنة 1987 مدني طنطا الابتدائية "مأمورية المحلة الكبرى" ضد الطاعن بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 7/ 11/ 1971 وإخلاء العين المؤجرة والتسليم. وقال بياناً لذلك إنه بموجب ذلك العقد استأجر الطاعن منه الشقة محل النزاع لاستعمالها مقراً لجمعية الشبان المسلمين - غير أنه أحدث بها تلفيات جوهرية ضارة بسلامة المبنى فأقام الدعوى رقم 979 لسنة 1982 مدني بندر المحلة الكبرى الذي قضي فيها نهائياً بإلزام الطاعن بالتعويض عن تلك الأضرار، وبتاريخ 28/ 4/ 1988 أجابت المحكمة المطعون عليه إلى طلباته، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 884 لسنة 38 ق لدى محكمة استئناف طنطا التي حكمت بتاريخ 26/ 6/ 1985 ببطلان الحكم المستأنف وأجابت المطعون عليه إلى طلباته. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل سبب النعي المبدى من الطاعن بجلسة المرافعة - باعتبار أنه متعلق بالنظام العام - البطلان. إذ تصدى للفصل في الموضوع بعد أن خلص إلى بطلان الحكم المستأنف يكون قد فوت على الطاعن درجة من درجات التقاضي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المحكمة الاستئنافية لا تملك عند القضاء ببطلان الحكم المستأنف لعيب فيه أو في الإجراءات المترتبة عليها أن تعيد الدعوى لمحكمة أول درجة التي فصلت في موضوعها لتنظر فيها، لأنها إذ فصلت في موضوع الدعوى تكون قد استنفذت ولايتها عليها، وإنما يتعين على المحكمة الاستئنافية في هذه الحالة - طالما أن العيب لم يمتد إلى صحيفة افتتاح الدعوى نظر الدعوى بمعرفتها والفصل فيها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون خالف القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصحيفة الدعوى مخالفة القانون - وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بفسخ عقد الإيجار وإخلاء العين المؤجرة على ثبوت استعمال العين بطريقة ضارة بسلامة المبنى استناداً إلى الحكم الصادر في الدعوى رقم 979 لسنة 1982 مدني بندر المحلة الكبرى القاضي بإلزام الطاعن بالتعويض عن الأضرار الناجمة عن سوء الاستعمال، في حين أن الثابت من الحكم المشار إليه ومن تقرير الخبير الذي أحال إليه أن التلفيات التي لحقت بالعين ليست من شأنها الإضرار بسلامة المبنى.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن النص في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية... د- إذا ثبت بحكم قضائي نهائي أن المستأجر استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة مقلقة للراحة أو ضارة بسلامة المبنى..." يدل على أن المشرع رغبة منه في تحقيق التوازن بين مصلحة كل من المؤجر والمستأجر ولحسن الانتفاع بالأماكن المؤجرة قد أجاز للأول طلب إخلاء المكان المؤجر إذا استعمله المستأجر أو سمح باستعماله بطريقة ضارة بسلامة المبنى واشترط لذلك أن يثبت ذلك بالفعل بحكم قضائي نهائي ولمحكمة الموضوع أن تستخلص من أوراق الدعوى الصادر فيها ذلك الحكم، إذا كان فعل الإساءة في استعمال العين المؤجرة من شأنه الإضرار بسلامة المبنى من عدمه باعتبار أن ذلك من مسائل الواقع التي تخضع لتقدير قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اجتزأ في الدليل على أن استعمال العين المؤجرة كان بطريقة ضارة بسلامة المبنى على قوله "الثابت من الدعوى رقم 979 لسنة 1982 مدني بندر المحلة الكبرى المرددة بين ذات الخصوم والتي بات فيها الحكم نهائياً أن المستأنف بصفته قد استعمل العين المؤجرة بطريقة ضارة بسلامة المبنى..." ومن ثم جاءت أسباب الحكم في خصوص ثبوت الإضرار بسلامة المبنى مجهلة في بيان مدى تأثير الاستعمال الضار على سلامة المبنى وهو ما يشوبه بالقصور بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.