أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 42 - صـ 886

جلسة 11 من إبريل سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ د. عبد المنعم أحمد بركه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ريمون فهيم إسكندر، محمد ممتاز متولي، د. عبد القادر عثمان وحسين حسني دياب.

(142)
الطعن رقم 1929 لسنة 52 القضائية

(1، 2) عقد "تفسير العقد" "محكمة الموضوع". "سلطتها في تفسير العقود".
1 - وضوح عبارة العقد. أثره. عدم جواز خضوعها لقواعد التفسير للحصول على معنى آخر. المقصود بالوضوح.
2 - التزام محكمة الموضوع في تفسير العقود بالأخذ بما تفيده عباراتها بأكملها وفي مجموعها.
(3) إيجار "فسخ عقد الإيجار". عقد "فسخ العقد". "العقد المستمر".
3 - العقود المستمرة كالإيجار. القضاء بفسخها بعد البدء في تنفيذها. ليس له أثر رجعي. اعتبارها مفسوخة من وقت الحكم النهائي بالفسخ لا قبله. عدم تنفيذ المؤجر لعقد الإيجار وتقاعسه عن تسليم العين المؤجرة. أثره. وجوب فسخ العقد بمجرد طلب المستأجر. حق الأخير في استرداد ما دفعه لحساب الأجرة.
1 - المقرر وفقاً للمادة 150 من القانون المدني أنه متى كانت عبارات العقد واضحة في إفادة المعنى المقصود منها فإنه لا يجوز إخضاعها لقواعد التفسير للحصول على معنى آخر باعتباره هو مقصود العاقدين والمقصود بالوضوح في هذا المقام وضوح الإرادة لا اللفظ.
2 - لا يجوز لمحكمة الموضوع - وهي تعالج تفسير المحررات أن تعتد بما تفيده عبارة معينة دون غيرها من عبارات المحرر بل يجب عليها أن تأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفي مجموعها.
3 - مفاد نص المادة 160 من القانون المدني على توافر الأثر الرجعي للفسخ، إلا أن المقرر بالنسبة لعقد الإيجار هو من عقود المدة فإنه يستعصى بطبيعته على فكرة الأثر الرجعي، لأن الأمر فيه مقصود لذاته باعتباره أحد عناصر المحل الذي ينعقد عليه والتقابل بين الالتزامين فيه يتم على دفعات بحيث لا يمكن الرجوع فيما نفذ منه فإذا فسخ عقد الإيجار بعد البدء في تنفيذه فإن آثار العقد التي أنتجها قبل الفسخ تظل قائمة عملياً، ويكون المقابل المستحق عن هذه المدة له صفة الأجرة لا التعويض، ولا يعد العقد مفسوخاً إلا من وقت الحكم النهائي الصادر بالفسخ لا قبله، إلا أن الأمر يختلف إذا كان عقد الإيجار لم يتم تنفيذه ولم يتسلم المستأجر العين المؤجرة فإن تقاعس المؤجر عن تنفيذ التزامه بتسليم العين المؤجرة يوجب فسخ العقد متى طلب المستأجر ذلك ويرد الطرفان إلى الحالة التي كانا عليها عند التعاقد وللمستأجر أن يسترد ما دفعه لحساب الأجرة التي سوف تستحق عليه عند تنفيذ العقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين تقدموا بطلب إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بإلزام المطعون ضده بأداء مبلغ (21250 ج)، وقالوا بياناً لطلبهم أن المطعون ضده استأجر منهم فندق "لاتوبيل" لاستغلاله لمدة عشر سنوات تبدأ من 15 نوفمبر سنة 1976 بإيجار سنوي قدره (25000 ج) تدفع مقدماً، وقام بدفع مبلغ (10000 ج) من أجرة السنة الأولى ووعد بسداد الباقي خلال شهر من تاريخ التعاقد وقد حل ميعاد استحقاقه، كما التزم بدفع تأمين قدره (25000 ج) تدفع على أقساط وقد حل القسط الأول منه وقدره (6250 ج) وإذ رفض القاضي إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر موضوعه وقيدت الدعوى برقم 281 لسنة 1977 مدني جنوب القاهرة. حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعنين مبلغ (21250 ج) أقام المطعون ضده على الطاعنين الدعوى رقم 142 لسنة 1978 أمام ذات المحكمة بطلب بفسخ العقد المؤرخ 19/ 11/ 1976 وإلزامهم برد مبلغ (10000 ج) وقد أجابته المحكمة لطلباته. استأنف المطعون ضده الحكم الأول بالاستئناف رقم 284 لسنة 95 ق القاهرة والذي قيد بعد ذلك برقم 1604 لسنة 98 ق واستأنف الطاعنون الحكم الثاني بالاستئناف رقم 5640 لسنة 98 ق القاهرة وبعد ضم الاستئنافين قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 29/ 4/ 1982 في استئناف المطعون ضده بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى وفي استئناف الطاعنين برفضه وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، ينعى الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن عبارات عقد الإيجار المؤرخ 9/ 11/ 1976 واضحة لا تحتاج إلى تفسير إذ التزم المطعون ضده بسداد أقساط التأمين وباقي الإيجار كما ثبت أنه عاين الفندق وسدد جزءاً من الأجرة وهو ما يدل على أن العين المؤجرة قد تم تسليمها، فإذا جاء الحكم المطعون فيه وقضى بفسخ العقد استناداً إلى إنذار المطعون ضده للطاعنين رغم إخلاله هو بالتزامه بالتنفيذ طبقاً للإنذار الموجه إليه منهم وجعل لهذا الفسخ أثراً رجعياً رغم أن العقد من العقود الزمنية فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر وفقاً للمادة 150 من القانون المدني أنه متى كانت عبارات العقد واضحة في إفادة المعنى المقصود منها فإنه لا يجوز إخضاعها لقواعد التفسير للحصول على معنى آخر باعتباره هو مقصود العاقدين والمقصود بالوضوح في هذا المقام وضوح الإرادة لا اللفظ كما أنه لا يجوز للمحكمة وهي تعالج تفسير المحررات أن تعتمد بما تفيده عبارة معينة دون غيرها من عبارات المحرر بل يجب عليها أن تأخذ بما تفيده العبارات بأكملها وفي مجموعها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى بمدوناته إلى أنه "بالاطلاع على عقد الإيجار - المسمى عقد استغلال - المؤرخ في 9/ 11/ 1976 والمبرم بين الطرفين أنه قد نص بالبند 13 منه على أن يتم تسليم الفندق إلى المستأجر - المطعون ضده - بموجب محضر تسليم يرفق بالعقد المذكور ويعتبر جزءاً لا يتجزأ منه" كما نص في البند الثالث منه على أن يبدأ تنفيذه من 15/ 11/ 1976 إلا أن المؤجرين تقاعسوا عن تقديم محضر التسليم المذكور أو إثبات قيامهم بتسليم الفندق محل الإيجار إلى المستأجر تسليماً فعلياً أو حكمياً بوضعه تحت تصرفه ولا يغير من ذلك أن يكون قد أثبت بالبند الثالث عشر بالعقد أن المستأجر قد قام بمعاينته ووجده صالحاً للوفاء بالغرض المؤجر من أجله إذ أن ذلك لا يعتبر تسليماً له ما دام لم ينص على ذلك صراحة بالعقد بل الواضح أن التسليم قد علق على تحرير محضر مستقل خاص به... فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أعمال العقد الواضحة الدلالة على إرادة الطرفين فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون وإذ كانت المادة 160 من القانون المدني تنص على أن "إذا فسخ العقد أعيد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها في العقد فإن ذلك يدل على توافر الأثر الرجعي للفسخ، إلا أن المقرر بالنسبة لعقد الإيجار وهو من عقود المدة فإنه يستعصى بطبيعته على فكرة الأثر الرجعي، لأن الزمن فيه مقصود لذاته باعتباره أحد عناصر المحل الذي ينعقد عليه، والتقابل بين الالتزامين فيه يتم على دفعات بحيث لا يمكن الرجوع فيما نفذ منه فإذا فسخ عقد الإيجار بعد البدء في تنفيذه فإن آثار العقد التي أنتجها قبل الفسخ تظل قائمة عملياً، ويكون المقابل المستحق عن هذه المدة له صفة الأجرة لا التعويض، ولا يعد العقد مفسوخاً إلا من وقت الحكم النهائي الصادر بالفسخ لا قبله، إلا أن الأمر يختلف إذا كان عقد الإيجار لم يتم تنفيذه ولم يتسلم المستأجر العين المؤجرة فإن تقاعس المؤجر عن تنفيذ التزامه بتسليم العين المؤجرة يوجب فسخ العقد متى طلب المستأجر ذلك ويرد الطرفان إلى الحالة التي كانا عليها عند التعاقد وللمستأجر أن يسترد ما دفعه لحساب الأجرة التي سوف تستحق عليه عند تنفيذ العقد، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا الأمر فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ولا محل لما قرره الطاعنون بحقهم في استيفاء ما دفع من أجرة إذ أن مناط استحقاقها هو انتفاع المطعون ضده بالعين المؤجرة وهو ما لم يتم تنفيذه وإذ انتهى الحكم إلى أن احتفاظ الطاعنين بالأجرة المدفوعة لا سند له من القانون لعدم تنفيذ العقد فإن إعماله الأثر الرجعي لفسخ عقد الإيجار موضوع النزاع في تلك الخصوصية يكون صحيحاً ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.