أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 2163

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ حسن السنباطي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: مصطفى قرطام، أحمد ضياء عبد الرازق، سعد حسين بدر ومحمد سعيد عبد القادر.

(393)
الطعن رقم 489 لسنة 48 قضائية

(1) بيع "صورية عقد البيع". خلف "الخلف الخاص". صورية "الصورية المطلقة". إثبات "إثبات الصورية". تسجيل.
الغير في معنى المادة 244 مدني. هو من يكسب حقاً بسبب يغاير التصرف الصوري. اعتبار المشتري من الغير بالنسبة لعقد البيع الصادر من البائع الصادر من البائع له إلى مشتر آخر. أثره. جواز إثباته صورية هذا العقد ولو كان مسجلاً بكافة الطرق.
(2) إثبات "شهادة الشهود". محكمة الموضوع "تقدير الدليل".
استخلاص الواقع من شهادة الشهود. هو مما يستقل به قاضي الموضوع متى كان استخلاصه سائغاً.
(3) صورية. محكمة الموضوع "تقدير الدليل". نقض.
تقدير كفاية أدلة الصورية. هو مما يستقل به قاضي الموضوع. المنازعة في ذلك جدل موضوعي في تقدير الدليل. تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
1 - الغير بالمعنى الذي تقصده المادة 244 من القانون المدني هو من يكسب حقاً بسبب يغاير التصرف الصوري - فيجوز لمن كسب من البائع حقاً على المبيع كمشتري ثان - أن يتمسك بصورية البيع الصادر من سلفه سورية مطلقة ليزيل جميع العوائق القائمة في سبيل تحقيق أثر عقده ولو كان العقد المطعون فيه مسجلاً، فالتسجيل ليس من شأنه أن يجعل العقد الصوري عقداً جدياً - كما أن التسجيل لا يكفي وحده لنقل الملكية بل يجب أن يرد على عقد جدي: فالمشتري بصفته دائناً للبائع في الالتزامات المترتبة على عقد البيع الصادر له يكون له أن يتمسك بالصورية أياً كان الباعث عليها، وهذا المشتري يعتبر من الغير في أحكام الصورية بالنسبة إلى التصرف الصوري الصادر من البائع إلى مشتر آخر وله وفقاً لصريح نص المادة 244 من القانون المدني أن يثبت صورية العقد الذي أخذ به بطرق الإثبات كافة وذلك على ما جرى به قضاء هذه المحكمة.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع استخلاص ما تراه من أقوال الشهود وإقامة قضائها على ما تستخلصه منها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت في الأوراق دون تعقب عليها في ذلك من محكمة النقض.
3 - لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قد دلل على الصورية بأدلة سائغة ومستمدة من أوراق الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك فإن ما تثيره الطاعنة بالسبب الثالث من أسباب طعنها لا يعدوا أن يكون مجادلة في تقدير الدليل مما لا رقابة لمحكمة النقض على محكمة الموضوع فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم الأربعة الأول أقاموا الدعوى رقم 3369 سنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة ضد المطعون ضدهما الأخيرين بطلب الحكم بإبطال عقد البيع الابتدائي المؤرخ 5 - 1 - 1970 الصادر من مورث الطاعنة والمطعون ضدهما الأخيرين إلى الطاعنة وإلغاء الحكم الصادر في الدعوى رقم 1146 لسنة 1970 مدني كلي جنوب القاهرة بصحة ونفاذ العقد واعتباره كأن لم يكن ثم تنازلوا عن الطلب الأخير... وقالوا بياناً للدعوى أنه بموجب العقد الابتدائي المؤرخ 31 - 7 - 1967 باع المرحوم....... - مورث المطعون ضدهما الأخيرين إلى المطعون ضدهما الأول والثاني حانوتاً مقابل ثمن قدره 1500 جنيه وبموجب عقد آخر بذات التاريخ باع إلى المطعون ضده الثالث ومورث المطعون ضدها الرابعة حانوتاً آخر مقابل ثمن مماثل - ثم تواطأ البائع مع زوجته الطاعنة وحرر لها عقداً مؤرخاً 5 - 1 - 1970 تضمن بيعه لها ذات الحانوتين محل عقدي البيع السابقين مقابل ثمن قدره 5000 جنيه، واستصدرت الطاعنة الحكم 1146 لسنة 1970 مدني كلي بصحة ونفاذ عقدها في 23 - 10 - 1970 ثم أقام المطعون ضدها الأربعة الأول الدعويين رقمي 397، 398 لسنة 1970 مدني الجمالية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقديهم وطلبت الطاعنة التدخل في كل من تلك الدعويين وقضى فيها بجلسة 28 - 9 - 1971 بعدم قبول تدخلها وبصحة ونفاذ العقدين - دفعت الطاعنة بعدم جواز نظر الدعوى رقم 3369 لسنة 1971 لسابقة الفصل فيها بصحة ونفاذ عقدها وأن عقدي المطعون ضدهم الأربعة الأول مصطنعان بالتواطؤ مع ورثة البائع - وقدم المطعون ضدهم الأربعة الأول إقراراً من المطعون ضدهما الأخيرين بعدم تصرف والدهما في الحانوتين حال حياته وعدم علمهما بالعقد المؤرخ 5 - 1 - 1970 وأنه لم يصدر من مورثهما - وفي 14 - 1 - 1971 حكمت محكمة أول درجة بعدم جواز نظر الدعوى السابق الفصل في الدعوى رقم 1146 لسنة 1970 مدني كلي القاهرة - استأنف المطعون ضدهم الأربعة الأول ذلك الحكم بالاستئناف رقم 4307 س 88 ق القاهرة ودفعوا بصورية عقد الطاعنة صورية مطلقة، وفي 7 - 4 - 1977 أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم الأربعة الأول دفعهم بالصورية المطلقة وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت في 23 - 1 - 1968 بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان العقد المؤرخ 5 - 1 - 1970 موضوع الحكم الصادر في الدعوى رقم 1146 لسنة 1970 مدني كلي القاهرة لصوريته صورية مطلقة. طعنت الطاعنة في ذلك الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن هذا الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون لمخالفة قاعدة حجية الشيء المحكوم فيه وخطئه في الإسناد إذ أقام قضاءه على أن المطعون ضدهم الأربعة الأول يعتبرون من الغير بالنسبة للحكم رقم 1146 لسنة 1970 مدني كلي القاهرة ضد البائع لهم فلا يحاجون به ولا يحول دونهم الطعن على عقد الطاعنة بالصورية المطلقة في حين أن حجية ذلك الحكم تمتد إلى المطعون ضدهم الأربعة الأول باعتبارهم خلفاً خاصاً للبائع لهم. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بقضائه بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الصورية المطلقة ثم بقضائه المستأنف فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد - ذلك أن الغير بالمعنى الذي تقصده المادة 244 من القانون المدني هو من يكسب حقه بسبب يغاير التصرف الصوري - فيجوز لمن كسب من البائع حقاً على المبيع كمشتري ثان - أن يتمسك بصورية البيع الصادر من سلفه صورية مطلقة ليزيل جميع العوائق القائمة في سبيل تحقيق أثر عقده ولو كان العقد المطعون فيه مسجلاً - فالتسجيل ليس من شأنه أن يجعل العقد الصوري عقداً جدياً كما أن التسجيل لا يكفي وحده لنقل الملكية بل يجب أن يرد على عقد جدي. فالمشتري بصفته دائناً للبائع في الالتزامات المترتبة على عقد البيع الصادر له يكون له أن يتمسك بالصورية أياً كان الباعث عليها، وهذا المشتري يعتبر من الغير في أحكام الصورية بالنسبة إلى التصرف الصوري الصادر من البائع إلى مشتر آخر وله وفقاً لصريح نص المادة 244 من القانون المدني أن يثبت صورية العقد الذي أضر به بطريق الإثبات كافة وذلك كله على ما جرى به قضاء هذه المحكمة. لما كان ذلك فإن البائع آنف الذكر لا يمثل المطعون ضدهم الأربعة الأول في الدعوى رقم 1146 لسنة 1970 مدني كلي القاهرة التي أقامتها الطاعنة بصحة عقدها ومن ثم لا يكون للحكم الصادر في تلك الدعوى حجية بالنسبة إلى هؤلاء المطعون ضدهم. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث من أسباب طعنها على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال إذ قضى بصورية عقدها حال أن الشهود الذين سمعتهم المحكمة نفوا علمهم بشيء عن عقدها وأن أقوالهم جميعاً لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وأن استناده إلى إقرار باقي الورثة بأن مورثهم لم يبع لها هو استناد خاطئ لأنها زوجة أبيهم والخصومة قائمة بينها وبينهم وأن عدم استلام العقار موضوع البيع لا يعني صورية العقد.
وحيث إن هذا النعي سديد. ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع استخلاص ما تراه من أقوال الشهود وإقامة قضائها على ما تستخلصه منها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت في الأوراق دون معقب عليها في ذلك من محكمة النقض - وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استعرض أقوال الشهود الطرفين بما لا يخرج عما جاء بأقوالهم في التحقيق وناقش القرائن التي ساقها المطعون ضدهم الأربعة الأول للتدليل على صورية عقد الطاعنة وانتهى إلى صورية عقدها المؤرخ 5 - 1 - 1970 صورية مطلقة من كون الطاعنة زوجة البائع ومن إقرار سائر ورثته بعدم علمهما بعقد البيع ومن أنه من غير المعقول أن تجازف هذه الزوجة بالشراء في تلك الظروف وتدفع لزوجها في مرضه الثمن كاملاً دون أن تواجه في العقد مسألة التسليم حال وجود البيع في حوزة المطعون ضدهم الأربعة الأول كمشترين منذ ذلك التاريخ على ما ثبت من التحقيق فضلاً عن إغفالها طلب التسليم في دعوى صحة عقدها أو اختصام المشترين السابقين في تلك الدعوى وعدم محاولتها تسلم المبيع منذ صدور العقد لها في حياة البائع ولا بعد وفاته ولا حتى بعد رفض تدخلها في الدعويين المرفوعتين من المشترين السابقين بصحة عقديهم هذا إلى ما ثبت من أقوال الشاهد الأول من شاهدي الطاعنة من عدم تحرير عقدها خلافاً لما ادعت وما شهد به شاهدا المطعون ضدهم الأربعة الأول من أن البائع امتنع عن التوقيع على العقدين النهائيين لهما بعد أن طلب منهما مبلغ مائة جنيه زيادة في كل من العقدين ولما رفض طلبه لوح بالبيع لزوجته وأصدر لها العقد موضوع النزاع وخلص الحكم المطعون فيه من ذلك إلى أن العقد الأخير إنما حرر من البائع محاولة منه للتهريب من بيعه الأول كيداً للمشترين السابقين ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد دلل على الصورية بأدلة سائغة مستمدة من أوراق الدعوى من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك فإن ما تثيره الطاعنة بالسبب الثالث من أسباب طعنها لا يعدوا أن يكون مجادلة في تقدير الدليل مما لا رقابة لمحكمة النقض على محكمة الموضوع فيه ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه لهذا السبب - على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته غير سديد ويتعين رفضه.