أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 2179

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ د. عبد الرحمن عياد - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد الحميد المنفلوطي، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه ومحمد ماضي أبو الليل.

(396)
الطعن رقم 538 لسنة 47 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن بالنقض. وجوب أن يكون للطاعن مصلحة في اختصام من يختصمه.
(2) إيجار الأماكن. عقد بطلان.
عقد الإيجار الباطل لانعدام محله لا يرتب أي أثر.
(3) إيجار "إيجار الأماكن". عقد. بطلان.
عقد الإيجار من الباطن. انقضائه بانقضاء عقد الإيجار الأصلي. لا يغير من ذلك عدم علم المستأجر من الباطن بسبب انقضاء العقد الأخير.
1 - المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن تكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر طلباته، وإذ كان الطعن قد ورد على ما قضى به الحكم المطعون فيه في الدعوى الأصلية وكانت المطعون عليها الثانية ليست طرفاً في هذه الدعوى وبالتالي لم تنازع الطاعن في طلباته الموجهة له فيها، فلا تكون للطاعن مصلحة في اختصامها في الطعن ويكون الطعن بالنسبة لها غير مقبول.
2 - عقد الإيجار كسائر العقود يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لانعدام محله، علم بذلك المتعاقدان أم لم يعلما، ومن ثم لا يترتب عليه أي أثر.
3 - عقد الإيجار من الباطن يرد على حق المستأجر الأصلي في الانتفاع بالعين المؤجرة، مما مفاده انقضاء هذا العقد حتماً بانقضاء عقد الإيجار الأصلي ولو كان قائماً بحسب الشروط التي اشتمل عليها، لا يغير من ذلك على المستأجر من الباطن أو عدم علمه بسبب انقضاء عقد الإيجار الأصلي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 558 سنة 1972 مدني كلي القاهرة ضد الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بمبلغ 13600 جنيه وقال بياناً للدعوى أنه يستأجر الملهى الليلي بفندق الكونتننتال من شركة مصر للفنادق المالكة له ثم أجره من باطنه للطاعن بتاريخ 16 - 7 - 1966 بأجرة شهرية قدرها 400 جنيه وسلمه إليه بتاريخ 17 - 12 - 1966 على يد محضر تنفيذاً لعقار الإيجار ولحكم صادر في الدعوى رقم 1032 سنة 1966 مستعجل القاهرة، وإذ تعرضت الشركة المالكة للطاعن في حقه في حيازة العين المؤجرة فقد استصدر الطاعن ضدها في مواجهته الحكم رقم 4886 سنة 1967 مدني كلي جنوب القاهرة بتمكينه من هذه العين، وتأيد ذلك الحكم في الاستئناف رقم 606/ 678 سنة 86 ق، غير أن الطاعن استجاب لتعرض الشركة المالكة ولم ينفذ هذا الحكم، ولما كان هذا لا يعفيه من سداد أجرة العين المؤجرة فقد أقام الدعوى يطالبه بها اعتباراً من 1 - 3 - 1969 الشهر التالي لصدور حكم التمكين وحتى 31 - 12 - 1971 أقام الطاعن دعوى فرعية ضد الشركة المذكورة - المطعون عليها الثانية - للحكم عليها بما عسى أن يحكم به عليه في الدعوى الأصلية، وبتاريخ 31 - 12 - 1974 حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه الأول مبلغ 13600 جنيه - الأجرة عن المدة من 1 - 3 - 1969 حتى 31 - 12 - 1971 وفي الدعوى الفرعية بإحالتها إلى التحقيق لإثبات عناصرها. استأنف الطاعن هذا الحكم فيما قضى به في الدعوى الأصلية بالاستئناف رقم 318 سنة 92 ق، وبتاريخ 21 - 2 - 1977 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليها الثانية وبنقض الحكم فيما عدا ذلك، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة أن الحكم المطعون فيه صدر في الدعوى الأصلية وإذ لم تكن المطعون عليها الثانية طرفاً في هذه الدعوى فلا تكون للطاعن مصلحة في اختصامها في الطعن.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن تكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته، وإذ كان الطعن قد ورد على ما قضى به الحكم المطعون فيه في الدعوى الأصلية وكانت المطعون عليها الثانية ليست طرفاً في هذه الدعوى وبالتالي لم تنازع الطاعن في الطلبات الموجهة له فيها فلا تكون للطاعن مصلحة في اختصامها في الطعن ويكون الطعن بالنسبة لها غير مقبول.
وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه لم ينتفع بالعين المؤجرة، إذ أن الشركة المالكة "المطعون عليها الثانية" بعد أن أزالت أثر الحريق الذي وقع بتاريخ 28 - 5 - 1966 - وقبل تحرير عقد إيجار الطاعن في 16 - 8 - 1966 - أدمجت العين المؤجرة في مرافق الفندق ولم تعد هذه العين قائمة في الطبيعة كملهى مما ترتب عليه استحالة تنفيذ عقد الإيجار لانعدام محله، هذا فضلاً عن أن عقد إيجار المستأجر الأصلي "المطعون عليه الأول" قد انتهى اعتباراً من 31 - 5 - 1970 طبقاً لما قضى به الحكم الصادر في الدعوى رقم 1344 سنة 1971 مدني كلي القاهرة والذي تأيد استئنافياً وإذ كان الحكم المطعون فيه رغم ذلك اعتبر عقد إيجار الطاعن قائماً وألزمه بدفع الأجرة عن المدة من 1 - 3 - 1969 حتى 31 - 12 - 1971 فإنه يكون قد خالف القانون علاوة على ما شابه من قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن عقد الإيجار كسائر العقود يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً لانعدام محله، علم بذلك المتعاقدان أم لم يعلما، ومن ثم لا يترتب عليه أي أثر. كما أن عقد الإيجار من الباطن إنما يرد على حق المستأجر الأصلي في الانتفاع بالعين المؤجرة، بما مفاده انقضاء هذا العقد حتماً بانقضاء عقد الإيجار الأصلي ولو كان قائماً بحسب الشروط التي اشتمل عليها، لا يغير من ذلك على المستأجر من الباطن أو عدم علمه بسبب انقضاء عقد الإيجار الأصلي. لما كان ذلك وكان الطاعن قد دفع أمام محكمة الموضوع بأنه وقت استئجاره كانت العين المؤجرة قد هلكت بما يعني بطلان عقده وعدم التزامه بدفع الأجرة الواردة فيه، وكان الحكم المطعون فيه لم يواجه هذا الدفاع الجوهري إلا بقوله أن الطاعن قد عاين العين المؤجرة وقبلها بحالتها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون خطأ جره إلى عدم تمحيص دفاع الطاعن المشار إليه لأن قبول الطاعن استئجار العين بحالتها مع ادعائه لاحقاً بهلاكها واستحالة الانتفاع بها لا يمنع من بطلان عقد استئجاره ولو صح دفاعه، كما أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ لم يلتزم بحجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 1344 سنة 1971 مدني كلي القاهرة والذي قضى لصالح الشركة المالكة - المطعون عليها الثانية - ضد الطاعن والمطعون عليه الأول بإنهاء عقد الإيجار الأصلي الصادر للأخير اعتباراً من 31 - 5 - 1970 مما كان يترتب عليه حتماً انتهاء عقد الإيجار من الباطن في هذا التاريخ على الأقل، إلا أن الحكم المطعون فيه ألزم الطاعن بالأجرة حتى 31 - 12 - 1971.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. وإذ كان الثابت من الحكم الصادر من محكمة النقض بتاريخ 12 - 3 - 1975 في الطعن رقم 614 سنة 39 قضائية المرفوع من الشركة المالكة - المطعون عليها الثانية - ضد الطاعن والمطعون عليه الأول أن هذا الحكم قد قضى بانفساخ عقد الإيجار الأصلي منذ وقع الحريق في 28 - 5 - 1966 وكان عقد الإيجار من الباطن الصادر للطاعن قد أبرم في 16/ 8/ 66 فإنه يكون قد ورد على غير محل فوقع باطلاً لا يرتب أي أثر. وبالتالي لا يكون الطاعن ملزماً بدفع الأجرة الواردة فيه، ويتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به على الطاعن ورفض الدعوى.