أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 2195

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد/ المستشار محمد كمال عباس - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد علي هاشم، فهمي عوض مسعد، جهدان حسين عبد الله ومحمود شوقي أحمد.

(399)
الطعن رقم 849 لسنة 46 القضائية

(1) حكم. "تسبيب الحكم".
(1) كفاية إشارة الحكم إلى المستندات التي اعتمد عليها. إغفال ذكر نصوصها. لا عيب.
(2) إيجار "إيجار الأماكن" "الإيواء".
الإيواء أو الاستضافة. ماهيته. شرطه. مثال في إيجار.
(3، 4) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع" "سلطتها في تقدير الأدلة".
(3) عدم التزام محكمة الموضوع بإيراد كل حجج الخصوم والرد عليها استقلالاً.
(4) أوراق الدعوى. كفايتها في تكوين عقيدة المحكمة. عدم التزامها بضم أوراق أخرى استجابة لطلب أحد الخصوم.
1 - لا يعيب الحكم إغفال ذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها ما دامت مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم بل يكفي مجرد الإشارة إليها.
2 - المقصود من الإيواء أو الاستضافة أن يستنزل المستأجر ضيوفاً تربطه بهم صلة قرابة أو صداقة متينة لمدة قصيرة أو طويلة، وذلك بصفة عارضة واستجابة لظروف طارئة شريطة أن يظل المستأجر محتفظاً بالعين المؤجرة دون أن يتخلى عنها.
3 - إذ كان الذي استخلصته محكمة الموضوع، في حدود سلطتها التقديرية - له أصل ثابت في الأوراق - ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإنها لا تكون ملزمة بأن تورد كل الحجج التي يدلي بها الخصوم وتفصيلات دفاعهم وترد عليها استقلالاً لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها التعليل الضمني المسقط لكل حجة تخالفها.
4 - إذ كانت الأوراق المقدمة في الدعوى كافية لتكوين عقيدة المحكمة، فلا حرج عليها إذ هي لم تأمر بضم أوراق أخرى استجابة لطلب أحد الخصوم فضلاً عن أن طلب الطاعن باستخراج شهادة من إدارة الهجرة والجوازات تضمنته مذكرته المقدمة خلال فترة حجز الدعوى للحكم والتي لم يقدم دليلاً على أنها قدمت في الميعاد الذي حددته المحكمة، فلا عليها إن هي التفتت عنها وعن الطلب الوارد بها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 5509 سنة 1972 القاهرة الابتدائية على الطاعن طالبة الحكم بإخلائه من العين المبينة بصحيفة الدعوى وذلك في مواجهة المطعون ضدها الثانية، وقالت شرحاً لذلك أنها تستأجر منها هذه العين واضطرتها الظروف للسفر للخارج وبقى زوجها الذي استضاف الطاعن - وهو ابن عمه - بالشقة، ثم لحق بها زوجها، فبقى الطاعن بها لحراسة منقولاتها والمحافظة عليها، إلا أنه انتهز فرصة غيابهما واغتصب العين. بتاريخ 24 - 3 - 1973 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بالمنطوق، وبعد سماع الشهود عادت فحكمت بتاريخ 14 - 12 - 1974 بالإخلاء استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 462 سنة 92 ق القاهرة. بتاريخ 12 - 6 - 1976 حكمت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية، وأبدت الرأي برفضه بالنسبة للمطعون ضدها الأولى.
ومن حيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثانية أن الطاعن لو يوجه لها ثمة طلبات، وأنه لم يقض لها أو عليها بشيء.
ومن حيث أن هذا الدفع صحيح ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يكفي في من يختصم أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن يكون قد حكم له أو عليه بشيء، وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الطاعن اختصم المطعون ضدها الثانية ليصدر الحكم في مواجهتها، ولم يحكم لها أو عليها بشيء، فإن الطعن يكون غير مقبول بالنسبة لها.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضدها الأولى.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول أن محكمة الاستئناف إذ قررت تأجيل الدعوى للحكم. صرحت بتقديم مذكرات في أجل حددته، فقدم مذكرة في هذا الأجل أبدى فيها دفاعاً جديداً هو أن المطعون ضدها الأولى كانت قد تنازلت له عن العين موضوع النزاع وأرفق بها حافظة مستندات تأييداً لهذا الدفاع فضلاً عن المستندات المؤيدة له المقدمة للمحكمة الابتدائية إلا أن محكمة الاستئناف أغفلت الإشارة إلى هذا الدفاع والمستندات المؤيدة له ولم ترد عليه مع أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى.
ومن حيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه يبين من الأوراق أن الاستئناف كان منظوراً بجلسة 5 - 5 - 1976 وفيها قررت المحكمة حجزه للحكم لجلسة 12 - 6 - 1976 وصرحت بتقديم مذكرات في عشرة أيام مناصفة تبدأ بالطاعن ولم تصرح المحكمة بتقديم مستندات. وقد قام هذا الأخير بإعلان مذكرته لخصمه بتاريخ 10 - 5 - 1976، ولم يقدم ما يدل على أنه أودع هذه المذكرة في الميعاد المحدد فإنه لا على المحكمة إن هي التفتت عن الدفاع الوارد بها وكذلك عن المستندات المقدمة بغير تصريح بعد حجز الدعوى للحكم ويكون النعي على غير أساس.
ومن حيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون وذلك من أربعة أوجه (الأول) أن الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه - أقام قضاءه على اطمئنان المحكمة لأقوال شاهدتي المطعون ضدها الأولى التي عززتها المستندات المقدمة منها، دون أن يورد مضمون هذه المستندات التي استخلص منها تأييدها لأقوال الشاهدتين، كما لم يفصح عن مضمون الخطابات التي استخلص منها إقرار الطاعن بأنه مجرد ضيف بشقة النزاع، فجاء مشوباً بالغموض والإبهام والقصور في التسبيب (الثاني) أن الطاعن تمسك في مجال نفي معنى الاستضافة بدلالة أمرين، هما طول مدة إقامته التي استطالت لما يزيد على أربعة عشر عاماً، وقيامه منفرداً بسداد الأجرة بعد مغادرة المطعون ضدها الأولى وزوجها للبلاد راكناً في إثبات ذلك إلى إيصالات سداد الأجرة وإنذارات العرض، وإذ كانت الاستضافة تقوم على معنى التأقيت فلا يتصور أن تستطيل أربعة عشرة عاماً فضلاً عن أن الضيف لا يتحمل الأجرة منفرداً، ورغم أن هذا دفاع جوهري إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض له بالرد أو التنفيذ فجاء مشوباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع (الثالث) أخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون إذ اعتبر أن إقامة الطاعن كانت على سبيل الاستضافة في حين أن مناط الضيافة إقامة المستأجر الأصلي المضيف فإن انقطعت إقامته واستمر الضيف في العين، انقلبت إلى ترك، والحكم قد قرر أن إقامة الطاعن لم تبدأ إلا بعد مغادرة المطعون ضدها الأولى البلاد بما مؤداه تركها العين له. (الرابع) أن الطاعن تمسك في مذكرته المقدمة في فترة حجز الاستئناف للحكم بطلب التصريح له باستخراج شهادة من مصلحة الهجرة والجوازات تفيد أن المطعون ضدها الأولى غادرت البلاد نهائياً بما يكذب شاهدتيها فيما قررتاه من أنها طالبته قبل رفع الدعوى بإخلاء الشقة وبما يؤكد من جهة أخرى معنى تخليها عن الشقة له ورغم أن هذا الطلب جوهري إلا أن الحكم لم يشر إليه ولا إلى المذكرة بما يصمه بالقصور والإخلال بحق الدفاع.
ومن حيث إن الوجه الأول مردود بأنه لا يعيب الحكم إغفال ذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها ما دامت مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم بما يكفي مجرد الإشارة إليها. وإذ كان ذلك وكان الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه - قد أورد في مدوناته أن المطعون ضدها الأولى قدمت حافظة مستندات بجلسة 9 - 11 - 1974 انطوت على خطاب مؤرخ 27 - 11 - 1968 منسوب صدوره للطاعن مرسل منه إلى عمه - زوجها - يتضمن اعترافاً ضمنياً بأن إقامته بالشقة موضوع النزاع على سبيل التسامح، ثم أورد في أسبابه أن حاصل شهادة شاهدتي المطعون عليها الأولى أن الطاعن لم يكن يساكن هذه المستأجرة الأصلية من بدء الإيجار وقد غادرت البلاد في سنة 1963 ولحق بها زوجها في سنة 1965 وقبيل رحيله بفترة وجيزة استضاف الطاعن، وخلصت المحكمة إلى أنها تطمئن إلى أقوال هاتين الشاهدتين التي عززتها المستندات المقدمة من المطعون ضدها الأولى، فإن المحكمة تكون قد بينت المستند الذي ساند في اطمئنانها إلى شهادة الشاهدتين بعد أن أشارت إلى مضمونه، فيكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
ومن حيث إن هذا النعي بالوجه الثاني والثالث مردود بأن المقصود من الإيواء أو - الاستضافة أن يستنزل المستأجر ضيوفاً تربطه بهم قرابة أو صداقة متينة لمدة قصيرة أو طويلة، وذلك بصفة عارضة واستجابة لظروف طارئة شريطة أن يظل المستأجر محتفظاً بالعين المؤجرة دون أن يتخلى عنها، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في أسبابه على أنه "أما ما يدعيه المستأنف "الطاعن" من أنه أقام مع المستأنف ضدها الأولى وزوجها منذ عام 1961 بشقة النزاع استئجاراً منهما وأنه كان يدفع أربعة جنيهات من قيمة الأجرة..... فإنه فضلاً عن عدم قيام الدليل عليه، فإن الثابت من أقوال شاهدتي المستأنف ضدها الأولى "المطعون عليها الأولى" أمام محكمة أول درجة - والتي تطمئن إليها هذه المحكمة بدورها - أن المستأنف لم يكن يساكن المستأنف ضدها من بدء سريان الإيجار وأنه لم يقم بشقة النزاع إلا على سبيل الاستضافة من قبل زوجها قبل سفر هذا الأخير... وليقوم على حراسة منقولات الشقة إبان سفر الزوجين، ويؤيد ذلك ما ورد في الخطابات المقدمة من المستأنف ضدها والتي كان يوجهها لها ولزوجها ويؤكد فيها أنه مجرد ضيف على الشقة ويقوم بحراسة منقولاتها..." وكان هذا الذي استخلصته محكمة الموضوع، في حدود سلطتها التقديرية - له أصل ثابت في الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإنها لا تكون ملزمة بان تورد كل الحجج التي يدلي بها الخصوم وتفصيلات دفاعهم وترد عليها استقلالاً لأن في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها. التعليل الضمني المسقط لكل حجة تخالفها، ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
ومن حيث إن النعي بالوجه الرابع مردود ذلك بأنه متى كانت الأوراق المقدمة في الدعوى كافية لتكوين عقيدة المحكمة، فلا حرج عليها إن هي لم تأمر بضم أوراق أخرى استجابة لطلب أحد الخصوم، فضلاً عن أن طلب الطاعن باستخراج شهادة من إدارة الهجرة والجوازات تضمنته مذكرته المقدمة خلال فترة حجز الدعوى للحكم والتي لم يقدم دليلاً على أنها قدمت في الميعاد الذي حددته المحكمة، فلا عليها - وحسبما جاء في الرد على السبب الأول - إن هي التفتت عنها وعن الطلب الوارد بها.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.