أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 2391

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ محمد كمال عباس - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد علي هاشم، فهمي عوض مسعد، جهدان حسين عبد الله ومحمود شوقي أحمد.

(436)
الطعن رقم 525 لسنة 46 القضائية

(1) دعوى "انقطاع سير الخصومة". وكالة.
استمرار الوصي في تمثيله للقاصر في الخصومة بعد بلوغه سن الرشد. أثره. تحول نيابة الموصي من نيابة قانونية إلى نيابة اتفاقية.
(2) دعوى "القضايا الخاصة بالقصر" "تدخل النيابة العامة في الدعوى". بطلان "البطلان النسبي".
البطلان المترتب على إغفال قلم كتاب المحكمة إخبار النيابة بالقضايا الخاصة بالقصر. نسبي مقرر لمصلحة القاصر. وجوب التمسك به أمام محكمة الموضوع. إغفال ذلك. أثره. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) إثبات "إجراءات الإثبات". محكمة الموضوع.
طلب استجواب الخصم. من سلطة محكمة الموضوع. عدم التزامها بإجابته متى وجدت في الدعوى من العناصر ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(4) محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع" "سلطتها في تقدير الأدلة".
تحصيل فهم الواقع في الدعوى. من سلطة قاضي الموضوع. حسبه بيان الحقيقة التي اقتنع بها وأقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. عدم التزامه بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها استقلالاً.
1 - مفاد نص المادة 130 - 1 من قانون المرافعات وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه لذاته انقطاع سير الخصومة، أما بلوغ سن الرشد فإنه لا يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة - إنما يحصل هذا الانقطاع بسبب ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر، ولما كان الطاعنان الثانية والثالث قد بلغا سن الرشد أثناء سير الدعوى ولم ينبهاهما أو والدتهما الطاعنة الأولى التي كانت وصية عليهما - المحكمة إلى التغيير الذي طرأ على حالتهما وتركا والدتهما تحضر عنهما بعد البلوغ إلى أن صدر الحكم في الاستئناف فإن حضور والدتهما يكون في هذه الحالة بقبولهما ورضائهما فتظل صفتها قائمة في تمثيلها في الخصومة بعد بلوغهما سن الرشد، وبالتالي ينتج هذا التمثيل كل آثاره القانونية ويكون الحكم الصادر في الدعوى كما لو كان القاصران قد حضرا بنفسيهما الخصومة بعد بلوغهما ولا ينقطع سير الخصومة في هذه الحالة لأنه إنما ينقطع بزوال صفة النائب في تمثيل الأصيل وهي لم تزل هنا بل تغيرت فقط فبعد أن كانت نيابة والدتهما عنهما قانونية أصبحت اتفاقية.
2 - إذ كان هدف الشارع من تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر إنما هو رعاية مصلحتهم وعلى ذلك فإن البطلان المترتب على إغفال قلم كتاب المحكمة إخبار النيابة بهذه القضايا يكون بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة القصر، ومن ثم يتعين عليهم التمسك به أمام محكمة الموضوع فإن فاتهم ذلك فلا يجوز لهم التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض لأن عدم تمسكهم به أمام محكمة الموضوع يعتبر تنازلاً منهم عن حقهم فيه.
3 - إذ كان من حق الخصم أن يطلب استجواب خصمه إلا أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة هذا الطلب لأنه من الرخص المخولة فلها أن تلتفت عنه إن وجدت في الدعوى من العناصر ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة لاتخاذ هذا الإجراء، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على الأسباب السائغة التي أوردها فإنه يكون قد قضى ضمناً برفض طلب الاستجواب لتوافر العناصر الكافية لتكوين رأيه.
4 - لقاضي الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، فلا عليه بعد إن لم يتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة الأولى كانت قد أقامت الدعوى رقم 5934 لسنة 1971 مدني شمال القاهرة الابتدائية عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها الطاعنين الثانية والثالث قبل المطعون ضدهم بطلب الحكم برد وبطلان السند المؤرخ 1 - 5 - 1968 المقدم في الدعوى رقم 11265 لسنة 1968 مستعجل القاهرة، وقالت شرحاً لها، أن المطعون ضدهما الثاني والثالثة استوقعاها على بياض مستغلين صلة الإخوة وزوراً إقراراً يتضمن أنها وزوجها المرحوم - ......... يقيمان في ضيافة المطعون ضدها الأولى في عين النزاع، وأن الأخيرة أقامت عليها دعوى الطرد المستعجلة مستندة إلى هذا الإقرار، وبتاريخ 28 - 12 - 1970 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق وبعد تنفيذ حكم الإثبات ادعت الطاعنة فرعياً بتزوير بعض عبارات محضر التحقيق بالتواطؤ بين أمين سر الجلسة والمطعون ضدهم بتاريخ 25 - 5 - 1972 حكمت المحكمة بعدم قبول الادعاء الفرعي بالتزوير وحددت جلسة لنظر الموضوع ثم حكمت بتاريخ 21 - 12 - 1972 برفض الدعوى استأنفت الطاعنة الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها هذا الحكم والحكم الصادر في 25 - 5 - 1972 بالاستئناف رقم 573 لسنة 90 قضائية القاهرة. وبتاريخ 28 - 3 - 1976 حكمت المحكمة بتأييد الحكمين المستأنفين. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة - أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان، ذلك أن الطاعنة الأولى أقامت الدعوى الابتدائية عن نفسها وبصفتها وصية على الطاعنين الثانية والثالث اللذين كانا قاصرين وإذ بلغا سن الرشد الأولى أثناء سير الدعوى الابتدائية والثاني أثناء سير الاستئناف وزالت الوصاية عنهما فإن الحكمين الابتدائي والاستئنافي يبطلان بالنسبة لهما لعدم تمثيلهما في الدعوى التي صدرا فيها تمثيلاً صحيحاً وهو بطلان مطلق.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان الثابت بالأوراق أن الطاعنة الثانية ولدت في 4 - 1 - 1950 وأن الطاعن الثالث ولد في 4 - 3 - 1953 مما مؤداه أنهما بلغا سن الرشد، الطاعنة الثانية قبل صدور الحكم الابتدائي في 21 - 12 - 1972، والطاعن الثالث قبل صدور الحكم المطعون فيه في 28 - 3 - 1976 إلا أنه لا يترتب على استمرار حضور والدتهما الطاعنة الأولى باعتبارها وصية عليهما بعد بلوغهما سن الرشد بطلان الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه، ذلك أن المادة 130/ 1 من قانون المرافعات تنص على أن "ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقده أهلية الخصومة أو بزوال صفة من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين"، ومفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه لذاته انقطاع سير الخصومة، أما بلوغ سن الرشد فإنه لا يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة - إنما يحصل هذا الانقطاع بسبب ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر، ولما كان الطاعنان الثانية والثالث قد بلغا سن الرشد أثناء سير الدعوى، ولم ينبهها هما أو والدتهما الطاعنة الأولى التي كانت وصية عليهما - المحكمة إلى التغيير الذي طرأ على حالتها وتركا والدتهما تحضر عنهما بعد البلوغ إلى أن صدر الحكم في الاستئناف فإن حضور والدتهما يكون في هذه الحالة بقبولهما ورضائهما فتظل صفتها قائمة في تمثيلهما في الخصومة بعد بلوغهما سن الرشد، وبالتالي ينتج هذا التمثيل كل أثاره القانونية ويكون الحكم الصادر في الدعوى كما لو كان القاصران قد حضرا بنفسيهما الخصومة بعد بلوغهما ولا ينقطع سير الخصومة في هذه الحالة لأنه إنما ينقطع بزوال صفة النائب في تمثيل الأصيل وهي لم تزل هنا بل تغيرت فقط فبعد أن كانت نيابة والدتهما عنهما قانونية أصبحت اتفاقية. لما كان ذلك وكان هذان الطاعنان لم يتمسكا أمام محكمة الموضوع بعدم صحة تمثيل والدتهما لهما بعد بلوغهما سن الرشد فلا سبيل إلى إثارة هذا الجدل لدى محكمة النقض لتعلقه بأمر موضوعي.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقولون أن المادة 92 من قانون المرافعات قد أوجبت على قلم الكتاب المحكمة إخبار النيابة العامة كتابة بمجرد قيد الدعوى في جميع الأحوال التي ينص فيها القانون على تدخل النيابة العامة ومنها القضايا الخاصة بالقصر. ولما كان قلم كتاب المحكمة الابتدائية والاستئنافية قد أغفلا إخبار النيابة وترتب على ذلك عدم تدخلها لعدم علمها بالدعوى فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن هدف الشارع من تدخل النيابة في القضايا الخاصة بالقصر إنما هو رعاية مصلحتهم وعلى ذلك فإن البطلان المترتب على إغفال قلم كتاب المحكمة إخبار النيابة بهذه القضايا يكون بطلاناً نسبياً مقرراً لمصلحة القصر، ومن ثم يتعين عليهم التمسك به أمام محكمة الموضوع فإن فاتهم ذلك فلا يجوز لهم التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض لأن عدم تمسكهم به أمام محكمة الموضوع يعتبر تنازلاً منهم عن حقهم فيه. ولما كان البين من أوراق الطعن أن القاصرين المشمولين بوصاية الطاعنة الأولى لم يثيرا هذا البطلان أمام أي من المحكمتين فإن إبداءهما له أمام محكمة النقض يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وفي بيان ذلك قال الطاعنون أنهم طلبوا إلى محكمة الاستئناف استجواب المطعون ضدها الأولى في بعض نقاط الدعوى. لكن المحكمة أغفلت هذا الطلب وقضت في موضوع الدعوى فخالفت بذلك القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كان من حق الخصم أن يطلب استجواب خصمه إلا أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة هذا الطلب لأنه من الرخص المخولة لها فلها أن تلتفت عنه إن وجدت في الدعوى من العناصر ما يكفي لتكوين عقيدتها بغير حاجة لاتخاذ هذا الإجراء، ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على الأسباب السائغة التي أوردها فإنه يكون قد قضى ضمناً برفض طلب الاستجواب لتوافر العناصر الكفاية لتكوين رأيه.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسببين الرابع والخامس القصور في التسبيب ذلك أنهم أدعوا بتزوير بعض عبارات محضر التحقيق الذي أجرته المحكمة الابتدائية بتاريخ 4 - 10 - 1971 وأعلنوا شواهده وحكمت المحكمة بعدم قبوله لاستبعادها العبارات المدعى بتزويرها رغم أنهم تمسكوا في صحيفة الاستئناف بطلب تحقيق الادعاء بالتزوير وبينوا أنه منتج في الدعوى وقدموا المستندات الدالة على سبق اقتراف المطعون ضده الثاني لأكثر من تزوير إضراراً بحقوق الطاعنين إلا أن الحكم المطعون فيه اعتنق أسباب الحكم الابتدائي وإذ لم يبين سبب اعتبار الادعاء بالتزوير غير منتج. فإنه يكون قد غفل عن الرد على دفاعهم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان لقاضي الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وبحسبه، أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، فلا عليه بعد إن لم يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه استند في قضائه بعدم قبول الادعاء بالتزوير الفرعي إلى أسباب الحكم الابتدائي التي أوردها بمدوناته من أن العبارات المدعى بتزويرها لم تأخذها في اعتبارها المحكمة الابتدائية سواءً في حكمها بتاريخ 25 - 5 - 1972 بعدم قبول الادعاء الفرعي بالتزوير. أو في حكمها بتاريخ 21 - 12 - 1972 برفض الدعوى لأنها غير منتجة في النزاع الأصلي، وإذ لم يدع الطاعنون بأن محكمة الموضوع عولت في قضائها على العبارات المدعى بتزويرها رغم استبعادها وكان ما استند إليه الحكم المطعون فيه يكفي لحمل قضائه بعدم قبول الادعاء بالتزوير الفرعي، فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.