أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 32 - صـ 2414

جلسة 24 من ديسمبر سنة 1981

برئاسة السيد المستشار/ سليم عبد الله سليم - نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رابح لطفي جمعه، عبد المنعم رشدي عبد الحميد، محمد رأفت خفاجي، مصطفى النحاس عبد الخالق زعزوع.

(440)
الطعن رقم 487 لسنة 47 القضائية

استئناف "الحكم في الاستئناف". حكم "ما لا يعد قصور".
محكمة الاستئناف. وظيفتها. محكمة موضوع ينتقل إليها النزاع مرة ثانية بكافة عناصره الواقعية والقانونية لتقضي فيه بقضائها. حجب محكمة الاستئناف نفسها عن تمحيص وتقدير أدلة الدعوى اكتفاء بأن محكمة أول درجة قامت بذلك. خطأ وقصور.
وظيفة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني فحسب وإنما يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء، وإذ اقتصر الحكم المطعون فيه الرد على تعييب الحكم المستأنف في تقديره لأقوال الشهود وللمستندات المقدمة في الدعوى على مجرد القول بأن لقاضي الموضوع مطلق السلطان في تكوين عقيدته مما تنتظمه أوراق الدعوى ومستنداتها ومن قرائن الأحوال وأقوال الشهود ولا مطعن على قضائه في ذلك طالما بني على أسباب كافية، وأنه يبين من الحكم المستأنف أن المحكمة استخلصت قضاءها من أقوال شاهدي الإثبات التي رجحتها بما تضمنه المحضر الإداري 637 لسنة 1975 الوايلي مؤيداً لأقوالهم وعلى ذلك فإن الاستئناف يكون على غير أساس فإنه يكون بذلك قد جعل لمحكمة الدرجة الأولى أن تنفرد بتقدير أقوال الشهود وسائر الأدلة في الدعوى، ويكون قد حجب نفسه عن مواجهة موضوع النزاع وتخلى عن تقدير الدليل فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1576 سنة 1975 مدني كلي شمال القاهرة على الطاعنة بطلب الحكم بإخلائها من عين النزاع على سند من أن مورثهم كان يؤجرها لمن يدعى إبراهيم لطفي بموجب العقد المؤرخ 30 - 12 - 57 وإذ توفى المستأجر المذكور في 21 - 2 - 1975 اغتصبتها الطاعنة وتحرر عن هذه الواقعة محضر الشكوى 637 سنة 1975 إداري الوايلي. وبعد أن أحالت محكمة أول درجة الدعوى إلى التحقيق وسمعت أقوال الشهود إثباتاً ونفياً حكمت في 26 - 5 - 1976 بالإخلاء، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف 2760 س 93 ق القاهرة فحكمت المحكمة في 21 - 3 - 1977 برفضه وبتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور إذ عول في قضائه برفض الاستئناف على أن الحكم المستأنف أقيم على ما استخلصته، محكمة الدرجة الأولى من أقوال شهود المستأنف ضدهم وأن لقاضي الموضوع مطلق السلطان في تكوين عقيدته مما تضمنته أوراق الدعوى من مستندات وقرائن وأقوال الشهود ولا مطعن عليه في ذلك، دون أن يناقش الحكم المطعون فيه أقوال الشهود إثباتاً ونفياً ودون أن يكشف عن رأيه فيما أثارته المستأنفة الطاعنة - من تعييب للحكم المستأنف في إطراحه لمستنداتها وفي تقدير لأقوال الشهود، بل وجعل الدرجة الأولى السلطة الكاملة في تقدير الدليل دون رقابة من محكمة الاستئناف.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن وظيفة محكمة الاستئناف ليست مقصورة على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني فحسب، وإنما يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع النزاع في حدود طلبات المستأنف إلى محكمة الدرجة الثانية وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على السواء، وإذ اقتصر الحكم المطعون فيه في الرد على تعييب الحكم المستأنف في تقديره لأقوال الشهود وللمستندات المقدمة في الدعوى على مجرد القول بأن لقاضي الموضوع مطلق السلطان في تكوين عقيدته مما تنتظمه أوراق الدعوى ومستنداتها ومن قرائن الأحوال وأقوال الشهود ولا مطعن على قضائه في ذلك طالما بني على أسباب كافيه وأنه يبين من الحكم المستأنف أن المحكمة استخلصت قضاءها من أقوال شاهدي الإثبات التي رجحتها بما تضمنه المحضر الإداري 637 سنة 1975 الوايلي مؤيداً لأقوالهم وعلى ذلك فإن الاستئناف يكون على غير أساس - فإنه يكون بذلك قد جعل لمحكمة الدرجة الأولى أن تنفرد بتقدير أقوال الشهود وسائر الأدلة في الدعوى ويكون قد حجب نفسه عن مواجهة موضوع النزاع وتخلى عن تقدير الدليل فيه. ولا يغير من ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه من بعد حين قال "أن الحكم المستأنف قد أصاب وجه الحق في قضائه لهذه الأسباب ولتلك التي بني عليها وأنه يتعين لذلك رفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف"، ذلك أن إحالة الحكم المطعون فيه إلى أسباب الحكم المستأنف على هذا النحو لم تكن وليدة إعمال محكمة الاستئناف رقابتها على تقدير محكمة الدرجة الأولى لأقوال الشهود وللمستندات المقدمة في الدعوى لاعتناقها ذات ما انتهت إليه هذه المحكمة في هذا الخصوص، وإنما كانت وليدة يخليها عن هذه الرقابة وكف نفسها عن قول كلمتها في هذا التقدير، وإذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالخطأ والقصور بما يوجب نقضه.