أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 19 - صـ 63

جلسة 16 من يناير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، ومحمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

(10)
الطعن رقم 99 لسنة 34 القضائية

عمل. تأمينات اجتماعية.
فرق المشرع بين حالة تخلف صاحب العمل أصلاً عن الاشتراك في هيئة التأمينات عن عماله كلهم أو بعضهم وبين حالة اشتراك رب العمل بإخطار هيئة التأمينات بعدد عماله وأجورهم الصحيحة ثم تأخره في توريد المبالغ المستحقة للهيئة في المواعيد التي رسمها القانون في حالة التأخير يلزم صاحب العمل بفوائد 6% عن المبالغ التي لم تورد في الميعاد، عدم التزامه بدفع مبالغ إضافية.
مؤدى نص المادتين 73 و76 من القانون 92 لسنة 1959 أن المشرع فرق بين حالة تخلف صاحب العمل أصلاً عن الاشتراك في هيئة التأمينات عن عماله كلهم أو بعضهم وبين حالة اشتراك رب العمل بإخطار هيئة التأمينات بعدد عماله وأجورهم الصحيحة ثم تأخره بعد ذلك في توريد المبالغ المستحقة للهيئة في المواعيد وبالأوضاع التي رسمها القانون، وخص المشرع كل حالة بحكمها. فنص على حالة التأخير في توريد الاشتراكات بالمادة 73 وجعل جزاءها إلزام صاحب العمل بفوائد 6% سنوياً عن المبالغ التي لم تورد في الميعاد القانوني، ولا يغير من ذلك ما نص عليه في صدد المادة 76 من وجوب مراعاة أحكام المادة 73 ذلك أنه لا يتأدى من هذه العبارة إلزام صاحب العمل في حالة التأخير عن توريد الاشتراكات طبقاً للمادة 73 بالجزاء المقرر بالمادة 76 وهو دفع مبالغ إضافية طالما أن المادة 73 قد استقلت بأحكامها الخاصة بالتأخير في توريد قيمة الاشتراكات بما في ذلك الجزاء الذي رتبه المشرع بها على التأخير وهو إلزام صاحب العمل بالفوائد بواقع 6% على النحو المتقدم، فإذا كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وانتهى إلى عدم استحقاق هيئة التأمينات للمبلغ الإضافي المنصوص عليه في المادة 76 باعتبار أن المطعون عليه لم يتخلف عن الاشتراك لدى الهيئة عن عماله فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 30/ 3/ 1963 أوقع مدير الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - الطاعن الأول - حجزاً إدارياً ضد المطعون عليه وفاءً لمبلغ 318 ج و918 م منه مبلغ 279 ج و549 م قال إنه يمثل الغرامة التي يلتزم بها باعتباره صاحب صيدلية لتأخره عن سداد الاشتراك لعماله بهيئة التأمينات طبقاً لأحكام القانون رقم 92 لسنة 1959 بشأن التأمينات الاجتماعية والباقي وقدره 39 ج و369 م يمثل تأمينات وفروق مكافآت والفوائد المستحقة عليها، فأقام المطعون عليه الدعوى رقم 163 لسنة 1963 كلي المنيا ضد مدير الهيئة العامة للتأمينات ووزارتي العمل والشئون الاجتماعية الطاعنين - يطلب الحكم (أولاً) وبصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بالحجز الإداري سالف البيان (وثانياً) بعدم استحقاق الطاعنين لمبلغ 318 ج و918 م عدله إلى مبلغ 279 ج و549 م. وفي 11/ 4/ 1963 حكمت المحكمة بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بالحجز الإداري الموقع بتاريخ 3/ 3/ 1963 وباعتباره كأن لم يكن بالنسبة لمبلغ 279 ج 549 م، ثم حكمت بجلسة 23/ 3/ 1963 بعدم استحقاق الطاعنين لهذا المبلغ. استأنف الطاعنون هذين الحكمين أمام محكمة استئناف القاهرة باستئنافين أحيلا إلى محكمة استئناف بني سويف حيث قيدا برقم 73 سنة 1 ق، 343 سنة 1 ق وضمت المحكمة الاستئنافين، ودفع الطاعنون بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى بالنسبة لطلب عدم الاعتداد بالحجز. وفي 15 ديسمبر 1963 حكمت المحكمة برفض الدفع، وفي الموضوع برفض الاستئنافين، وفي 12/ 3/ 1964 طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين، حاصل السبب الأول منهما خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم استحقاق الطاعنين لمبلغ 279 ج و549 م على تفسير خاطئ للمادتين 73 و76 من القانون رقم 92 لسنة 1959 بجعل المادة الأولى تنصرف إلى حالة التأخير في سداد الاشتراكات فتستحق الفائدة المنصوص عليها وقدرها 6%، وحدد مناط تطبيق المادة 76 - وهي التي تقضي بإلزام صاحب العمل بأداء مبلغ إضافي إلى الهيئة يوازي مقدار الاشتراكات المستحقة لها - بأنه هو التخلف عن الاشتراك أصلاً فإذا ما ثبت أن رب العمل قام بالاشتراك عن عماله ولكنه تأخر عن سداد بعض الاشتراكات فلا يفرض عليه المبلغ الإضافي المنصوص عليه في المادة 76. وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه مخالف للقانون لأن نص المادة 76 من العموم والإطلاق بحيث يشمل حالة التأخير عن سداد الاشتراك وغيرها من جميع صور المخالفات، ولأنه لو أراد المشرع قصر إنزال حكم المادة 76 على صاحب العمل المتخلف عن الاشتراك عن عماله لدى المؤسسة - كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه - لنص على هذا التخصيص صراحة. وما كان يجوز للحكم المطعون فيه أمام وضوح عبارة نص المادة 76 أن يخالف معناها الظاهر ويخصص مجال تطبيقها بدون مخصص بأن يجعل مجال انطباقها في حالة التخلف دون التأخير هذا بالإضافة إلى أن المادة 76 قد أوجبت مراعاة أحكام المادة 73. وانتهى الطاعنون إلى أن المادة 76 قد وضعت الجزاء العام لجميع حالات التخلف عن سداد الاشتراكات بجميع صورها ومنها التأخير، وأن المادة 73 وضعت لتقرير المبدأ العام في سريان الفائدة على كل مبلغ مستحق الأداء.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 73 من القانون رقم 92 لسنة 1959 الذي يحكم النزاع تنص على أنه "على صاحب العمل أن يورد الاشتراكات المقتطعة من أجور عماله وتلك التي يؤديها لحسابهم إلى الهيئة خلال الخمسة عشر يوماً الأولى من الشهر التالي - وتحتسب في حالات التأخير فوائد بسعر 6% سنوياً عن المدة من اليوم التالي لانتهاء الشهر الذي اقتطعت عنه هذه الاشتراكات حتى تاريخ أدائها" وتنص المادة 76 من ذات القانون على أنه "مع مراعاة أحكام المادة 73 يلزم صاحب العمل إذا تخلف عن سداد الاشتراكات المنصوص عليها في هذا القانون بالنسبة إلى المؤمن عليهم كلهم أو بعضهم بأداء مبلغ إضافي إلى الهيئة يوازي مقدار الاشتراكات المستحقة خلال مدة التخلف" ومؤدى هذين النصين أن المشرع فرق بين حالة تخلف صاحب العمل أصلاً عن الاشتراك في هيئة التأمينات عن عماله كلهم أو بعضهم وبين حالة اشتراك رب العمل بإخطار هيئة التأمينات بعدد عماله وأجورهم الصحيحة ثم تأخره بعد ذلك في توريد المبالغ المستحقة للهيئة في المواعيد وبالأوضاع التي رسمها القانون، وخص المشرع كل حالة بحكمها، فنص على حالة التأخير في توريد الاشتراكات بالمادة 73 وجعل جزاءها إلزام صاحب العمل بفوائد 6% سنوياً عن المبالغ التي لم تورد في الميعاد القانوني. ولا يغير من ذلك ما نص عليه في صدر المادة 76 من وجوب مراعاة أحكام المادة 73 ذلك أنه لا يتأدى من هذه العبارة إلزام صاحب العمل في حالة التأخير عن توريد الاشتراكات طبقاً للمادة 73 بالجزاء المقرر بالمادة 76 وهو دفع مبالغ إضافية طالما أن المادة 73 قد استقلت بأحكامها الخاصة بالتأخير في توريد قيمة الاشتراكات بما في ذلك الجزاء الذي رتبه المشرع بها على التأخير، وهو إلزام صاحب العمل بالفوائد بواقع 6% على النحو المتقدم. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وانتهى إلى عدم استحقاق هيئة التأمينات للمبلغ الإضافي المنصوص عليه في المادة 76 باعتبار أن المطعون عليه لم يتخلف عن الاشتراك لدى الهيئة عن عماله فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه لهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون إذ رفض الدفع بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر طلب عدم الاعتداد بالحجز الذي أوقعته هيئة التأمينات تأسيساً على أن نطاق اختصاص القضاء المستعجل بالفصل في هذا الطلب أن يكون الحجز فاقداً أحد أركانه الجوهرية، أما في غير هذه الحالة فإن القضاء المستعجل لا يختص بالقضاء في طلب عدم الاعتداد لمساس قضائه بالموضوع، وإذ كان الحجز الإداري الذي أوقعته الهيئة لم يعتوره ما يبطله فإن الحكم بعدم الاعتداد به يخرج عن اختصاص القضاء المستعجل.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أنه وقد تبين - على ما سلف في الرد على السبب الأول - أن الحكم المطعون فيه لم يخالف القانون فيما انتهى إليه من عدم أحقية الطاعنين للمبلغ السابق الحجز بمقتضاه، فإن الحجز الذي أوقعته هيئة التأمينات يصبح بذلك وارداً على غير محل.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.