أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 19 - صـ 68

جلسة 17 من يناير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

(11)
الطعن رقم 396 لسنة 31 القضائية

ضرائب. "الضريبة العامة على الإيراد". حق. "حق الانتفاع". ملكية. "الحقوق الناشئة عن حق الملكية". "حق الانتفاع".
احتفاظ البائع لنفسه بحق الانتفاع بالمبيع. وضع المشتري يده عليه. خضوع الإيراد الناتج منه للضريبة العامة المفروضة على البائع.
وضع يد المشتري على العقار المبيع لا يتعارض مع احتفاظ البائع لنفسه بحق الانتفاع بالأطيان المبيعة منه إذ له أن ينتفع به بنفسه أو أن يستغله بواسطة غيره ولو كان هذا الغير هو مشتري حق الرقبة. ومن ثم فإن الإيراد الناتج منه يدخل ضمن عناصر الضريبة العامة على إيراد البائع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمد محمد عبد القادر سمك لم يقدم لمصلحة الضرائب إقراراً بإيراده الكلي طبقاً لأحكام القانون رقم 99 لسنة 1949 - بفرض ضريبة عامة على الإيراد، ولكن المأمورية المختصة تلقت إخطاراً من مركز التجميع بالمصلحة يتضمن أنه مكلف باسمه أرضاً زراعية مساحتها 67 ف و10 ط و13 س كائنة بناحية الضهرية مركز إيتاي البارود فكتبت له بتاريخ 25/ 11/ 1955 تطالبه بتقديم إقراراته عن السنوات من 1949 إلى 1954 فأجابها بكتاب تاريخه 4/ 1/ 1956 بأنه لا يملك من الأطيان الزراعية سوى ما تضمنه إخطار مركز التجميع، وبتاريخ 9/ 7/ 1956 أبلغ المصلحة بأن أملاكه في سنة 1955 هي ذات أملاكه في السنة السابقة عليها، فقدرت المأمورية إيراده عن هذه الأطيان في كل من سنتي 1949 و1950 بمبلغ 1207 ج و700 م وفي كل من السنوات من 1951 إلى 1954 بمبلغ 1308 ج و504 م وأخطرته بعناصر التقدير على النموذج رقم 5 ثم أجرت تعديلات على هذه العناصر نزلت بصافي الإيراد في كل من سنتي 1949 و1950 إلى مبلغ 1073 ج و708 م وفي كل من السنوات من 1951 إلى 1954 إلى مبلغ 1112 ج و184 م وأحاطته بربط الضريبة على النموذج رقم 6 مكرر، فاعترض وعرض النزاع على اللجنة الداخلية بالمأمورية فقدرت صافي إيراده بعد خصم الأعباء العائلية في كل من سنتي 1949، 1950 بمبلغ 873 ج و708 م وفي كل من السنوات من 1951 إلى 1953 بمبلغ 875 ج و617 م وفي سنة 1954 بمبلغ 912 ج و184 م وأنه بعد ذلك وبتاريخ 24 من أكتوبر سنة 1956 علمت المأمورية أنه مكلف باسمه كذلك أطياناً زراعية أخرى مساحتها 93 ف و9 ط و10 س كائنة بناحية زبيدة مركز إيتاي البارود فأجرت تقديراً تكميلياً بمبلغ 1634 ج و20 م عن كل من سنتي 1949، 1950 وبمبلغ 1867 ج و452 م عن كل من السنوات من 1951 إلى 1954 واعترض الممول على كل من التقديرين الأصلي والتكميلي وأحيل الخلاف على لجنة الطعن، وإذ أصدرت اللجنة قرارها في 1/ 3/ 1958 بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتأييد المأمورية في جميع تقديراتها لإيرادات الممول الأصلية والتكميلية فقد أقام الدعوى رقم 41 سنة 1958 تجاري دمنهور الابتدائية ضد مصلحة الضرائب بالطعن في هذا القرار طالباً إلغاءه بكافة أجزائه والحكم (أصلياً) بسقوط حق مصلحة الضرائب في استيفاء ضريبة الإيراد العام عن كل من سنتي 1949، 1950 بالتقادم وإلغاء التقدير بكافة أجزائه عن السنوات من 1951 إلى 1954 واعتباره كأن لم يكن والحكم بعدم استحقاق ضريبة الإيراد العام عليه و(احتياطياً) بإلغاء التقدير بكامل أجزائه عن السنوات من 1949 إلى 1954 واعتباره كأن لم يكن والحكم بعدم استحقاق ضريبة الإيراد العام عليه مع إلزام المصلحة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وبرد ما قد يضطر إلى الوفاء به من ضريبة غير مستحقة عليه تنفيذاً لقرار اللجنة وطلبت المصلحة رفض الدعوى وتأييد القرار المطعون فيه، وبتاريخ 26/ 11/ 1959 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع (أولاً) بتعديل القرار المطعون فيه بالنسبة للربط التكميلي وتقدير صافي الإيراد العام للطاعن من أطيان ناحية زبيدة موضوع الربط التكميلي بمبلغ 1452 ج 641 م في كل من سنتي 1949 و1950 وبمبلغ 1383 ج 775 م في كل من السنوات من 1951 إلى 1953 وبمبلغ 1504 ج 694 م في سنة 1954 (ثانياً) بسقوط حق الحكومة في المطالبة بضريبة الإيراد العام عن سنة 1949 عن الربط الأصلي والتكميلي (ثالثاً) بتأييد القرار المطعون فيه فيما قضى به بشأن الربط الأصلي عن السنوات من 1950 إلى 1954، وألزمت المصلحة بالمصروفات المناسبة وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه فيما قضى به من سقوط حق الحكومة في المطالبة بضريبة الإيراد العام عن سنة 1949 عن الربطين الأصلي والتكميلي والحكم بعدم سقوط حق المصلحة في اقتضاء هذه الضريبة وتأييد قرار اللجنة المطعون فيه فيما ذهب إليه من تحديد وعاء الضريبة العامة على الإيراد في سنة 1949 مع إلزام المستأنف عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقيد هذا الاستئناف برقم 111 سنة 16 ق تجاري، كما استأنفه الممول طالباً تعديله والحكم له بطلباته الأصلية وقيد هذا الاستئناف برقم 70 سنة 17 ق تجاري - وضمت المحكمة الاستئنافين. وبتاريخ 29/ 6/ 1961 حكمت حضورياً. (أولاً) بقبول الاستئنافين شكلاً. (ثانياً) وفي موضوع الاستئناف الأصلي رقم 111 سنة 16 ق تجاري برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من سقوط حق مصلحة الضرائب في استيفاء ضريبة سنة 1949 بالتقادم مع إلزام المستأنفة بالمصاريف وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. (ثالثاً) وفي موضوع الاستئناف الفرعي رقم 70 سنة 17 ق تجاري بإلغاء الحكم المستأنف وإلغاء قرار لجنة الطعن الصادر بتاريخ 1/ 3/ 1958 وبعدم استحقاق ضريبة الإيراد العام على المستأنف فرعياً في السنوات من 1950 حتى 1954 مع إلزام المستأنف ضدها بالمصروفات وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة وطعنت المصلحة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم خضوع الإيراد الناتج من حق انتفاع المطعون عليه بالأطيان الكائنة بناحية زبيدة مركز إيتاي البارود للضريبة العامة على الإيراد الذي احتفظ به لنفسه في عقد البيع العرفي المؤرخ 19/ 4/ 1950 والمسجل في 19/ 3/ 1951 والصادر منه لأولاده، مستنداً في ذلك إلى أنه قد تصرف في ملكية هذه الأطيان تصرفاً كاملاً ولم يحتفظ لنفسه بحق الانتفاع بالمبيع وأن إقرار أولاده المشترين منه بوضع يدهم على العقار يفيد استيلاءهم على إيراده وأن ما نص عليه في عقد البيع من احتفاظ البائع بحق الانتفاع بالعين المبيعة لا يعدو أن يكون نافلة، وهذا من الحكم المطعون فيه مخالف للثابت في الأوراق وينطوي على فساد في الاستدلال وانحراف عن عبارة العقد الواضحة، إذ أن الثابت في عقد البيع أن المطعون عليه قد احتفظ لنفسه بحق الانتفاع بالأطيان المبيعة منه لأولاده - وهي الأطيان موضوع الربط التكميلي - كما أنه من المسلم به في الدعوى أن المطعون عليه قد عاد وبمقتضى عقد مسجل في 9/ 6/ 1957 فتنازل لأولاده عن هذا الحق وهو ما لا يتأتى معه القول بعدم سبق احتفاظه به، فضلاً عن أن إقرار أولاده في العقد بوضع يدهم على العين المبيعة لا يتعارض مع احتفاظه بحق الانتفاع بها. وقد أدى هذا الخطأ بالحكم المطعون فيه إلى مخالفة القانون إذ أن إيراد حق الانتفاع خاضع للضريبة العامة على الإيراد عملاً بالمادة السادسة من القانون رقم 99 لسنة 1949 معدلة بالقانونين 218 لسنة 1951، 212 لسنة 1953.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه بالرجوع إلى عقد البيع الابتدائي المؤرخ 19 من أبريل سنة 1950 الذي باع المطعون عليه إلى أولاده الأطيان المملوكة له والكائنة بناحية زبيدة مركز إيتاي البارود - وهي الأطيان موضوع الربط التكميلي - يبين أنه قد نص في البند الخامس منه على أن "يحتفظ البائع لنفسه بريع هذه الأطيان مدة حياته وقبل المشترون جميعهم هذا الشرط وتعهدوا للبائع بدفع الريع سنوياً من تاريخ هذا العقد على اعتبار أن الريع السنوي لهذه الأطيان قدره 700 ج مصري تدفع له في نهاية شهر ديسمبر من كل عام" ونص في البند السادس منه على أن "أقر المشترون أنهم وضعوا أيديهم على الأطيان المبيعة لهم بحسب حدودها ومعالمها المعروفة لهم بعد معاينتهم إياها والتحقق منها وأصبح لهم حق التصرف فيها باعتبارهم مالكين لها ويلزمهم دفع الضريبة المفروضة عليها من تاريخه" والمعنى الواضح من هذين النصين أن البائع قد احتفظ لنفسه بحق الانتفاع بالأطيان المبيعة منه، ذلك أن وضع يد المشترين على العقار المبيع لا يتعارض مع هذا الحق إذ لصاحبه أن ينتفع به بنفسه أو أن يستغله بواسطة غيره ولو كان هذا الغير هو مشتري حق الرقبة. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن إقرار المشتري بوضع يده على العقار المبيع يتعارض مع احتفاظ البائع بحق الانتفاع به ويمنعه من الحصول على إيراده، فإنه يكون قد انحرف عن المعنى الظاهر لعبارة العقد وخالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.