أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 19 - صـ 73

جلسة 17 من يناير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

(12)
الطعن رقم 398 لسنة 31 القضائية

ضرائب. "ضريبة الإيراد العام". "إجراءات ربط الضريبة". نظام عام.
ضريبة الإيراد العام. إجراءات الربط. تعلقها بالنظام العام. عدم جواز مخالفتها أو التنازل عنها. التفرقة بين الممولين الذين تقدموا بإقراراتهم والذين لم يتقدموا بها. عدم جواز اتباع الإجراءات المخصصة للأولين على الآخرين.
مؤدى ما نصت عليه المواد 12 و16 و19، 20 من القانون رقم 99 لسنة 1949 أن المشرع فرق بين إجراءات ربط ضريبة الإيراد العام التي تتبع بالنسبة للممولين الذين يتقدمون بإقراراتهم في الميعاد، وبين تلك التي يجب مراعاتها في خصوص الممولين الذين لم يتقدموا بإقراراتهم، وأنه لذلك لا يسوغ اتباع الإجراءات المخصصة للطائفة الأولى على أرباب الطائفة الثانية، ذلك أن التشريعات الخاصة بتنظيم إجراءات معينة لربط الضريبة من القواعد القانونية الآمرة المتعلقة بالنظام العام، فلا يجوز مخالفتها أو التنازل عنها، وهي إجراءات ومواعيد حتمية ألزم المشرع مصلحة الضرائب بالتزامها وقدر وجهاً من المصلحة في اتباعها ورتب البطلان على مخالفتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب دكرنس - بعد أن تبين لها أن عبد الرحمن محمد مصطفى حال لم يقدم إقرارات بإيراده في السنوات من 1951 إلى 1954 - قدرت صافي هذا الإيراد عن سنة 1951 بمبلغ 2401 ج و90 م وعن كل من السنوات من 1952 إلى 1954 بمبلغ 2322 ج و190 م وأخطرته بعناصر الربط على النموذج "رقم 5 ضريبة عامة" في 11/ 12/ 1956 ثم بالنموذج "رقم 6 مكرر" بربط الضريبة في 11/ 4/ 1957، وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن ودفع ببطلان إجراءات الإعلان وبتاريخ 5/ 3/ 1958 أصدرت اللجنة قراراها بقبول الطعن شكلاً وبقبول الدفع ببطلان إجراءات الإعلان فقد أقامت مصلحة الضرائب الدعوى رقم 134 سنة 1958 المنصورة الابتدائية ضد الممول بالطعن في هذا القرار طالبة إلغاءه والحكم باعتبار صافي إيراد الممول الخاضع للضريبة طبقاً لتقديراتها. وبتاريخ 13/ 1/ 1960 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المطعون فيه وألزمت مصلحة الضرائب بالمصاريف وبمبلغ 100 قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت المصلحة هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وقيد هذا الاستئناف برقم 91 سنة 12 ق. وبتاريخ 26/ 6/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت مصلحة الضرائب بالمصروفات عن الدرجتين وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان إجراءات ربط الضريبة على الإيراد العام بالنسبة للمطعون عليه في سنتي النزاع مستنداً في ذلك إلى عدم التزام مصلحة الضرائب للإجراءات المنصوص عليها في المادة 20 من القانون رقم 99 لسنة 1949 التي توجب ربط الضريبة بطريق التقدير على المطعون عليه الذي لم يقدم إقراراً بإيراده، ويرسل إليه التنبيه بصدور الورد على النموذج رقم "8 ضريبة عامة" - وفقاً لنص المادة التاسعة من اللائحة التنفيذية للقانون - متضمناً الضريبة المربوطة عليه ووجوب أدائها بكتاب موصى عليه بعلم الوصول وله أن يطعن في التقدير أمام اللجنة، وأن المصلحة قد خالفت هذه القواعد حين أخطرت المطعون عليه بعناصر الربط على النموذج رقم (5) ثم على النموذج رقم (6 مكرر) أسوة بمن تقدموا بإقراراتهم في الميعاد، وأن قوانين الضرائب تنظيمية تتعلق بالنظام العام وواجبه الاتباع ولا يجوز مخالفتها، ولا يجدي التحدي بانتفاء الضرر لأنه مفروض في مثل هذه القواعد كما أنه لا عبرة بعدم وجود نص بالبطلان لتعلق الأمر بالنظام العام - وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون - لأن علة البطلان منتفية، ولأن القانون إذا كان قد أجاز ربط الضريبة فوراً على الممولين الذين لم يتقدموا بإقراراتهم، إلا أنه ليس لهم أن يتضرروا إذا عاملتهم المصلحة معاملة أفضل وأكثر رعاية بأن سوت بينهم وبين من التزم أحكام القانون، ولم تفوت الطاعنة على المطعون عليه فرصة الاتفاق، ولم تحرمه من مرحلة من مراحل التقدير.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة 12 من القانون رقم 99 لسنة 1949 على أنه "يجب على الممول الذي يزيد إيراده على حد الإعفاء الموضح في المادة الرابعة أن يقدم إقراراً سنوياً بإيراده الكلي..." وفي المادة 16 على أنه "تقدم الإقرارات في خلال الثلاثة الشهور الأولى من كل سنة..." وفي المادة 19 على أنه "لمصلحة الضرائب الحق في تصحيح الإقرار ويتعين عليها في هذه الحالة أن تخطر الممول بكتاب موصى عليه مع علم الوصول بالعناصر التي ترى جعلها أساساً لربط الضريبة عليه..." وأن يكون الإخطار على "النموذج رقم 5" طبقاً للمادة السادسة من اللائحة التنفيذية للقانون. وفي المادة 20 من القانون المشار إليه على أنه "إذا لم يوافق الممول على التصحيحات التي أجرتها مصلحة الضرائب أو لم تقتنع المصلحة بملاحظاته... تربط الضريبة وفقاً لتقدير المصلحة ويخطر الممول بهذا الربط بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم وصول" على النموذج "رقم 6 مكرر" إعمالاً لنص المادة السادسة من اللائحة - التي تحكم واقعة الدعوى - كما تنص المادة 20 سالفة الذكر على أنه "إذا لم يقدم الممول إقراراً في الميعاد المعين في المادة 16 تصبح الضريبة واجبة الأداء طبقاً لتقدير المصلحة ويرسل إلى الممول تنبيه بصدور الورد متضمناً أيضاً الضريبة المربوطة عليه ووجوب أدائها بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول" ويحرر الورد والتنبيه بصدوره على النموذج "رقم 8" وفقاً للمادة التاسعة من اللائحة التنفيذية للقانون. ومؤدى هذه النصوص مجتمعة أن المشرع فرق بين إجراءات ربط ضريبة الإيراد العام التي تتبع بالنسبة للممولين الذين يتقدمون بإقراراتهم في الميعاد، وبين تلك التي يجب مراعاتها في خصوص الممولين الذين لم يتقدموا بإقراراتهم، وأنه لذلك لا يسوغ اتباع الإجراءات المخصصة للطائفة الأولى على أرباب الطائفة الثانية، ذلك أن التشريعات الخاصة بتنظيم إجراءات معينة لربط الضريبة من القواعد القانونية الآمرة المتعلقة بالنظام العام، فلا يجوز مخالفتها أو التنازل عنها، وهي إجراءات ومواعيد حتمية ألزم المشرع مصلحة الضرائب بالتزامها وقدّر وجهاً من المصلحة في اتباعها ورتب البطلان على مخالفتها. وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وقضى ببطلان إجراءات الربط، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.