أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 19 - صـ 105

جلسة 24 من يناير سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني.

(17)
الطعن رقم 399 لسنة 31 القضائية

ضرائب. "الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية". "ربط الضريبة". "إجراءات ربط الضريبة". محررات. إثبات. "طرق الإثبات". "المحررات".
محررات بغير اللغة العربية. التفرقة بين المحررات الموجهة إلى وزارات الحكومة ومصالحها وتلك التي يكون للجهات الحكومية حق التفتيش والاطلاع عليها. التمكن من الاطلاع عليها وفحصها. عدم التمسك بتقديم ترجمة رسمية لها. لا وجه للتمسك ببطلانها.
مؤدى ما نصت عليه المواد 1/ 1 و2/ 1 و3 من القانون رقم 62 لسنة 1942 المعدل بالقانون رقم 132 لسنة 1946، أن المشرع فرق بين المحررات الموجهة إلى وزارات الحكومة ومصالحها وتلك التي يكون للجهات الحكومية حق التفتيش والاطلاع عليها بمقتضى القوانين واللوائح كما فرق في الجزاء المترتب على مخالفة أحكامه فيما يختص بتحرير هذين النوعين من المحررات بغير اللغة العربية واعتبر النوع الأول كأن لم يكن ورتب عقوبة جنائية على المخالفة بالنسبة للنوع الثاني ولكنه استثناها ولم يجردها من الأثر وأجاز لصاحب الشأن أن يطلب تقديم ترجمة رسمية لها فإذا لم يتمسك بذلك وتمكن من الاطلاع عليها وفحصها فلا وجه للتمسك ببطلانها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب مينا البصل - حددت أرباح يني مافرومانس عن نشاطه في تجارة البقالة في سنة 1947 بمبلغ 2450 ج بطريق التقدير واتخذت هذه الأرباح أساساً لربط الضريبة عليه في السنوات من سنة 1948 إلى سنة 1951 وأخطرته بربط الضريبة واعترض على هذا الربط استناداً إلى أنه يمسك دفاتر منتظمة ولا يخضع للربط الحكمي وأحيل النزاع إلى لجنة الطعن، وبتاريخ 18/ 11/ 1954 قررت اللجنة قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الربط الذي أجرته المأمورية عن تلك السنوات وطعنت مصلحة الضرائب في هذا القرار أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طالبة إلغاءه والقضاء بصحة الربط الحكمي الذي أجرته المأمورية وحكمت المحكمة برفض الطعن وبتأييد القرار المطعون فيه، وبعد أن تأيد هذا الحكم استئنافياً قامت مأمورية الضرائب بفحص دفاتر الممول وحساباته ورأت أنها غير منتظمة عادت واتخذت أرباح سنة 1947. أساساً لربط الضريبة عليه في سنوات النزاع وفي السنوات من سنة 1952 إلى سنة 1954 تطبيقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 240 لسنة 1952 والقانون رقم 587 لسنة 1954 بعد تعديله بالقانون رقم 206 لسنة 1955 وإذ اعترض الممول على هذا الربط وأحيلت أوجه الخلاف إلى لجنة الطعن وبتاريخ 18/ 9/ 1959 أصدرت اللجنة قرارها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه فقد أقام الدعوى رقم 989 سنة 1955 تجاري الإسكندرية الابتدائية بالطعن في هذا القرار طالباً إلغاءه والحكم (أولاً) بسقوط حق المصلحة في اقتضاء الضريبة المستحقة عن سنتي 1948 و1949 بالتقادم و(ثانياً) بعدم اتخاذ أرباح سنة 1947 أساساً لربط الضريبة عليه في سنوات النزاع. وبتاريخ 18/ 12/ 1957 حكمت المحكمة حضورياً وفي مادة تجارية بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع (أولاً) برفض الدفع المبدى من الطاعن بسقوط حق مصلحة الضرائب في اقتضاء الضريبة عن سنتي 1948 و1949 وبعدم سقوطها (ثانياً) برفض الطعن وتأييد القرار المطعون فيه وألزمت الطاعن بالمصروفات وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة. استأنف الممول هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 296 سنة 14 ق وبتاريخ 18/ 2/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع الخاص بالسنين من 1948 إلى 1951 برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف وألزم المستأنف المصروفات المناسبة لذلك وأربعمائة قرش أتعاباً للمحاماة لمصلحة الضرائب، وقبل الفصل في الموضوع الخاص بالسنين من 1952 إلى 1954 - بندب مكتب خبراء وزارة العدل بدائرة هذه المحكمة ليعهد إلى أحد خبرائه بفحص حسابات المستأنف ودفاتره عن هذه السنين وبيان ما إذا كانت منتظمة أم لا مع ذكر الأسانيد التي يستند عليها الخبير فيما يخلص إليه في هذا الشأن - وإن كانت منتظمة فعلى الخبير تحديد صافي الربح في كل سنة من هذه السنين على أساس هذه الحسابات - وعلى الخبير أيضاً سماع أقوال طرفي الخصومة والاطلاع على أوراق الدعوى وعلى ما قد يقدمه له الخصوم من الأوراق أو غير ذلك مما يرى لزوم الاطلاع عليه وله سماع من يرى سماعه من الشهود بغير حلف يمين وبعد أن باشر الخبير مأموريته وقدم تقريره عادت وبتاريخ 29/ 6/ 1961 فحكمت حضورياً وفي الموضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وتحديد حقيقة نشاط المستأنف عن السنوات من سنة 1952 إلى 1954 كما يلي خسارة عن سنة 1952 بلغت 3178 ج و818 م وخسارة عن سنة 1953 بلغت 1095 ج و843 م وخسارة عن سنة 1954 بلغت 2424 ج و447 م مع خصم هذه الخسائر مما قد ينتجه نشاط الممول من أرباح في السنوات التالية وألزمت مصلحة الضرائب بالمصاريف عن الدرجتين وبمبلغ 10 ج مقابل أتعاب المحاماة عنهما. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى باعتبار دفاتر المطعون عليه منتظمة وقدر أرباحه وخسائره طبقاً لهذه الدفاتر استناداً إلى ما جاء بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى وهو خطأ ومخالفة للقانون من وجوه (أولها) أنه يشترط لاعتبار الحسابات منتظمة أن تكون قيودها أمينة مطابقة لحقيقة الواقع وأن تتأكد مصلحة الضرائب من مراجعة هذه القيود على ما يحتفظ به الممول من مستندات تؤيدها وإذ كانت هذه القيود محررة بلغة أجنبية ودون أن تصحبها ترجمة باللغة العربية فإن المطعون عليه يكون قد حال بفعله بين المصلحة وبين التمكن من فحص حساباته وتقديرها والتعرف على حقيقة مطابقتها للواقع أو مناقشته فيما ورد بها وهو ما يترتب عليه أن تصبح هذه الدفاتر في حكم المعدومة ويعتبر المطعون عليه ممن لا يمسكون دفاتر على الإطلاق وتخضع أرباحه لنظام الربط الحكمي في سنوات النزاع، (وثانيها) أنه من المبادئ الأساسية المقررة في الدستور أن لغة البلاد الرسمية هي اللغة العربية كما أوجب القانون رقم 62 لسنة 1942 المعدل بالقانون رقم 132 لسنة 1946 استعمال اللغة العربية في علاقات الأفراد بالهيئات الحكومية ومصالحها إذ نصت المادة الثانية منه على أنه يجب أن تحرر باللغة العربية جميع السجلات والدفاتر والمحررات التي يكون لمندوبي الحكومة أو مجالس المديريات أو الهيئات البلدية حق التفتيش والاطلاع عليها بمقتضى القوانين واللوائح ورتبت المادة الثالثة من هذا القانون عقوبة جنائية على مخالفة أحكامه وهي نصوص آمرة متعلقة بالنظام العام وإذ خالفها المطعون عليه وحرر دفاتره وحساباته باللغتين الفرنسية واليونانية فإنها تكون غير مشروعة ومخالفة للقانون ولا يعتد بها في تقدير أرباحه (وثالثها) أنه طبقاً للمبادئ الأساسية في قانون المرافعات لا يجوز للمحكمة أن تبني حكمها إلا على الأقوال التي سمعتها والمستندات التي قدمت إليها أثناء المرافعة وأن يكون الطرف الآخر قد علم بها وفي مقدوره الاطلاع عليها ومناقشتها كما توجب تلك المبادئ أيضاً ألا يقضي القاضي بعلمه الشخصي وقد خالف الحكم هذه المبادئ وقضى بانتظام حسابات المطعون عليه في حين أنها محررة بلغة غير قانونية ولا تستطيع المصلحة فحصها ومناقشتها ومن ثم فإنه يكون قد أخذ بدليل لم يتمكن الطرف الآخر من الإدلاء بدفاعه في خصوصه ولا يغير من ذلك أن يكون قد اعتمد في قضائه على ما جاء في تقرير الخبير إذ أن هذا التقرير مؤسس على مستندات محررة بلغة أجنبية ومخالف لما أوجبته المادة 24 من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959 (ورابعها) أن الحكم المطعون فيه حدد أرباح وخسائر المطعون عليه في سنوات النزاع في حين أنه كان يتعين عليه إحالة الملف إلى المأمورية المختصة لتقوم هي بهذا التحديد وقد تجاوز بذلك طلبات المطعون عليه الواردة في صحيفة استئنافه وقضى له بأكثر منها.
وحيث إن هذا النعي مردود في الأوجه الثلاثة الأولى بأنه بالرجوع إلى القانون رقم 62 لسنة 1942 المعدل بالقانون رقم 132 لسنة 1946 يبين أنه نص في الفقرة الأولى من المادة منه على أنه "يجب أن يحرر باللغة العربية جميع ما يقدم إلى وزارات الحكومة ومصالحها ومجالس المديريات والهيئات البلدية من المخاطبات والعطاءات وغيرها من المحررات وما يلحق بها من الوثائق فإذا كانت هذه الوثائق محررة بلغة أجنبية وجب أن ترفق بها ترجمتها العربية ويترتب على عدم مراعاة هذا الحكم اعتبار تلك المحررات والوثائق كأن لم تكن" ونصت الفقرة الأولى من المادة الثانية على أنه "يجب أن تحرر باللغة العربية جميع السجلات والدفاتر والمحررات التي يكون لمندوبي الحكومة أو مجالس المديريات أو الهيئات البلدية حق التفتيش والاطلاع عليها بمقتضى القوانين أو اللوائح أو عقود الامتياز أو الاحتكار أو الرخص" ونصت المادة الثالثة على عقوبة جنائية على مخالفة أحكام المادة الثانية، ومؤدى هذه النصوص أن المشرع فرق بين المحررات الموجهة إلى وزارات الحكومة ومصالحها وتلك التي يكون للجهات الحكومية حق التفتيش والاطلاع عليها بمقتضى القوانين واللوائح كما فرق في الجزاء المترتب على مخالفة أحكامه فيما يختص بتحرير هذين النوعين من المحررات بغير اللغة العربية واعتبر النوع الأول كأن لم يكن ورتب عقوبة جنائية على المخالفة بالنسبة للنوع الثاني ولكنه استثناها ولم يجردها من الأثر وأجاز لصاحب الشأن أن يطلب تقديم ترجمة رسمية لها فإذا لم يتمسك بذلك وتمكن من الاطلاع عليها وفحصها فلا وجه للتمسك ببطلانها. إذ كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن مصلحة الضرائب قد اطلعت على دفاتر المطعون عليه وقامت بفحصها وانتهت من ذلك إلى أنها دفاتر غير نظامية ولم تطلب في أي مرحلة من مراحل الدعوى تكليف المطعون عليه بتقديم ترجمة رسمية لها فإن ما تنعاه على هذه الدفاتر يكون في غير محله، ومردود في (الوجه الرابع) (أولاً) بأنه يبين من بيانات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه بعد أن قدم الخبير تقريره طلب تحديد نشاطه بما انتهى إليه هذا التقرير مما ينتفي معه القول بأن الحكم تجاوز طلبات الخصم. (وثانياً) بأن المحكمة لم تقدر أرباح الممول ابتداء بل فصلت في الطعن الموجه إلى التقدير الذي أجرته المأمورية بعد تحقيق دفاع المطعون عليه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن المصلحة لم تقدم دفاعاً بعد أن قدم الخبير تقريره لترد به على هذا التقرير وهذا من الحكم قصور إذ الثابت من الأوراق أن الطاعنة قدمت مذكرة بدفاعها تمسكت فيها بأن المطعون عليه قام بقيد حساباته في الدفاتر باللغتين اليونانية والفرنسية وأنه لا يمسك دفاتر يومية ولا يوجد لديه دفتر خاص للجرد ولو تنبه الحكم إلى هذه المذكرة وعنى بفحصها وبما حوته من دفاع جوهري لتغير وجه الرأي في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وإن كان الحكم المطعون فيه أورد في أسبابه "أن مصلحة الضرائب على الرغم من اطلاع مأمورية الضرائب على ذلك التقرير لم تقدم دفاعاً على الرغم من أن التقرير مودع في 18/ 1/ 1961" وكانت المصلحة قد قدمت مذكرة بدفاعها ناقشت فيها تقرير الخبير إلا أن الحكم قد تناول كل ما جاء بالمذكرة من أوجه دفاع سبق أن أبدتها المصلحة ورددتها في المذكرة ولم تعقب عليه بجديد بقوله "إن الخبير قام بأداء المأمورية التي كلف بها وفحص دفاتر المستأنف وحساباته وتبين له وجود دفتر يومية وآخر أستاذ وثالث للصنف ورابع للمدينين وخامس لصور الخطابات المرسلة للعملاء وهو مطبوع بالضغط وأن جميع هذه الدفاتر مؤيدة بالمستندات من فواتير مشتروات محفوظة ومبوبة ومسلسلة وكاملة ومن فواتير المبيعات الآجلة في أول يناير سنة 1952 محفوظ صور منها في دفاتر بأرقام مسلسلة ومحررة باللغات العربية والفرنسية واليونانية وفواتير مبيعات النقدية من أول يناير سنة 1950 كسابقتها وأن الجرد يتم في نهاية كل سنة من واقع دفتر الصنف وتسعر البضاعة آخر المدة بعد الشراء وترصد في دفتر اليومية" وأنه "انتهى إلى القول أنه يرى أن تلك الدفاتر تعتبر منتظمة من وجهة النظر الضرائبية في سنوات الفحص ويمكن من واقعها تحديد نتيجة أعمال المنشأة" وهي أسباب كافية لحمله واجه بها الحكم المطعون فيه دفاع الطاعن الوارد بمذكرته مما يجعل النعي عليه بالقصور غير منتج.